<%@ Language=JavaScript %> سمير كرم عندمـا تُهـزم أميركـا فـي سوريـا!

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

عندمـا تُهـزم أميركـا فـي سوريـا !

 

 

سمير كرم

 

تلوح في افق الأحداث، التي فجرها الغرب في سوريا، بل التي أقام من أجلها نظاماً استراتيجياً جديداً في المنطقة، بوادر انتصار لسوريا وهزيمة لأميركا ونظامها الجديد في المنطقة.

وتبدو اميركا اكثر ارتباكاً وحيرة من اي وقت مضى في مواجهة هذا الوضع غير المألوف، منذ بدأت دعمها الجديد للمنظمات الدينية التي اعتادت على تسميتها بالمنظمات الارهابية. فقد انتصرت اميركا بانتصار هذه المنظمات في تونس وليبيا ومصر واليمن، ولكنها واجهت انتكاسة استراتيجية وسياسية في سوريا حيث يهمها ان تحقق انتصاراً يفوق في اهميته لها ولخططها كل الانتصارات السابقة. ذلك ان انتصار اميركيا في سوريا كان من شأنه ان يفتح الابواب لهيمنة اميركية كاملة على المنطقة العربية والشرق الاوسط، وكان من شأنه ان يفتح الممرات المغلقة بوجهها في طريق مهاجمة إيران، وبالتالي انهيار كل مقاومة قومية وإقليمية للنفوذ الاستراتيجي والسياسي والاقتصادي على المنطقة والإقليم.

لم يكن ثمة مانع امام الولايات المتحدة ـ ومعها الاتحاد الاوروبي وتركيا وحلف شمال الاطلـسي ـ لأن تفتح عهداً جــديداً من الحــرب البــاردة شبيه بالبدايات القديمة للحرب الباردة التي اعقـبت الحرب العالمية الثانية، وذلك عندما كان التحالف السوفياتي ـ الصيــني لا يزال قائــما. لقد اظهرت الولايات المتحــدة منذ بداية الصــراع على سوريا استـعدادا غير مسبوق، لأن تعيد صراع الحرب الباردة مع روسيــا والـصين، عن طريق الضغط على البلدين غير الغربيين، للرضوخ للخطط الاميركية الاطلسية الرامية الى استخدام مجلس الامن اداة لإخضاع العالم للنظام الجديد القائم على تحالف غير مألوف بين الغرب ـ والأطلسي أداته العسكرية الاكبر ـ والتنظيمات الارهابية مثل «القـاعدة» و«الجهاد الاسلامي» والتنظيمات شبه الارهابية. وأول وأكبر هذه التنظيــمات هو تنظيم «الاخوان المسلمين» بأجنحته الدولية الشاسـعة المنتــشرة في العالم ابتداءً من مصر، حيث كان التأسيس الاول، الى باقي الأقــطار العربية وامتداداً الى أندونيسيا وماليزيا وجنوب الفيلبين، وإن اختلفت الاسماء بين هذه البلدان. ويشمل هذا ايضا التنظيمات الاخوانية المسلحة في بلدان آسيا الوسطى وخاصة اوزبكستان وقرغيزستان قريبا من الاراضي الايرانية وقريبا ايضا من الاراضي الروسية وغير بعيد عن اراضي الصين.

وصحيح ان الحرب بين الغرب بزعامة اميركا على روسيا والصين بقيت حرباً باردة، ولكن لا يزال من الضروري مراقبة احداث هذا الصراع بعد نتيجة المواجهة في سوريا. فهل يصل الامر الى حدود حرب حقيقية تدافع فيها روسيا والصين عن مصالحهما الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية في منطقة الشرق الاوسط ضد خطط الغرب وأهدافه لتأسيس قواعد في صورة نظم حاكمة عربية وإسلامية تعمل على إغلاق البحر الابيض المتوسط والبحر الاحمر والخليج بوجه العبور الروسي والصيني؟

لعل اشد الاخطار لحدوث مثل هذا التحول في المواجهة بين الغرب بزعامة اميركا والشرق، اذا جاز القول تعبيراً عن روسيا والصين وايران والقوى التي تبدي استعداداً لمقاومة الهيمنة الغربية، يتمثل في اثارة اميركا وأوروبا وإسرائيل مشكلة الاسلحة الكيماوية السورية. لقد اعتبرت اميركا وإسرائيل ان هذه الاسلحة توفر الذريعة الكافية لتدخل اميركي او اسرائيلي ضد سوريا. وظلت التهديدات الاميركية ـ الاسرائيلية تتردد حتى عندما اعلنت سوريا تعهدا واضحا وقاطعا بأن مثل هذه الاسلحة لن تستخدم الا في حالة تعرض سوريا لهجمات عدوانية خارجية.

يتضح بشكل جلي ان اميركا وقعت في خطأ التقدير في ما يتعلق بإمكان إضافة سوريا الى جدول البلدان التي سقطت ضحية للتنظيمات الارهابية. مع ذلك لا بد من القول صراحة ان اميركا بقيت واعية بصعوبة التدخل في سوريا عسكرياً، فيما يتجاوز حدود التمويل والتسليح للجماعات والتنظيمات الارهابية. لقد ابقت اميركا على ادوار السعـودية وقطر والامارات في تمويل الصراع داخل سوريا لمصلحة التنظيمات الارهابية، الامر الذي ساعد على اطالة زمن هذا الصراع. وفي الوقت نفسه فإن الشكوك في مدى جدية اميركا بالنسبة لهذا الصراع في سوريا بالذات قد راودت السعوديين ومساعديهم الخليجيين. بل إن هذه الشكوك راودت اسرائيل التي اعتبرت دائماً ان الصراع على سوريا وداخل سوريا هو مسألة وجود بالنسبة اليها بالنظر الى اعتبار الصراع في سوريا مسألة يمـكن اعتبارها من المنظور الاسرائيلي الرسمي فرصة مواتية لمهاجمة ايران. وفي هــذا الصدد فإن اسرائيل فشلت في الحصول على نتائج من اي نــوع من وراء إطلاق حملة اتهامات زائفة ضد ايران بأنها تشارك في الصراع السوري بمقاتلين من الحرس الثوري الايراني او من المقاومة اللبنانية ممثلة في حزب الله.

مع هذا كله فانه لا يمكن الادّعاء أن اميركا، وفي ذيلها اسرائيل، قد خرجتا خاويتي الوفاض تماما من الصراع السوري بعد كل الدلائل الواضحة على ان سوريا تملك فرصة اعلى كثيرا للانتصار في هذا الصراع، وأن اميركا وبالتالي اسرائيل لقيتا هزيمة. لقد كسبتا ولاء وضمانات النظم التي استولت على الحكم في ليبيا وفي مصر وفي تونس واليمن والسودان بشطريه، بأن لا عداء تجاه اسرائيل، وبالتالي فلا نيات معادية عسكرية او سياسية من جانب هذه النظم التي اقامتها تنظيمات ذات طابع ديني متطرف. وتجيء هذه الالتزامات والتطمينات نتيجة للسلام مع اسرائيل الذي اقامته دول عربية وإسلامية لها ثقلها الاقتصادي والسياسي في المنطقة مثل السعودية وتركيا وقطر والامارات. هذا اذا لم نشر الى الوزن الروحي الذي تتمتع به السعودية في العالم الاسلامي ككل.

وبالنسبة للموقف الاميركي فان الكاتب الاميركي بول كريغ روبرتس يقول في مقال نشر له في موقع «كاونتربنش» (27-29 تموز/يوليو 2012) ان (الرئيس الاميركي باراك ) «اوباما لم يقل لماذا تستميت حكومته من اجل إسقاط الحكومة السورية». ويجيب على ذلك السؤال بأن «الاول بين الدوافع هو التخلص من القاعدة البحرية الروسية وبالتالي حرمان روسيا من قاعدتها البحرية الوحيدة في البحر الأبيض المتوسط. وثمة دافع ثان هو إزالة سوريا كمصدر اسلحة ودعم لـ«حزب الله» من اجل ان تتمكن اسرائيل من ان تنجح في محاولاتها لاحتلال جنوب لبنان والاستيلاء على مصادره المائية. وقد ألحق مقاتلو «حزب الله» الهزيمة مرتين بمحاولات اسرائيل العسكرية لغزو الجنوب اللبناني واحتلاله. وثمة دافع ثالث هو تدمير وحدة سوريا بصراع ديني على النحو الذي دمرت به واشنطن ليبيا والعراق، وترك سوريا للفصائل المتحاربة من اجل تمزيق البلد وبالتالي إزالة عقبة اخرى امام هيمنة واشنطن».

ولا يكتفي الكاتب الاميركي بهذا التحليل الدقيق لأهداف واشنطن في الصراع السوري. انه يضيف إشارة بالغة الأهمية الى الغطاء الاخلاقي الذي تقدمه واشنطن لاستخدامها العنف في إسقاط حكومات اخرى، اذ تتحدث عن «جلب الحرية والديموقراطية وعن اسقاط دكتاتوريات فظة وحماية حقوق المرأة».

والامر الذي لا شك فيه ان الادارة الاميركية وأجهزتها المخابراتية قد انغمست في التفكير وفي الإعداد للخطوات التي يتعين عليها اتخاذها عندما تنجح القوى التي تحارب باسمها داخل سوريا في تحقيق الانتصار على الحكومة السورية. ولكنها لم تفكر ـ او بالاحرى هي اخفت عن العالم، التفكير في ما يمكن ان تفعله حينما ينتهي الصراع السوري الى انتصار النظام على معارضيه، على الرغم من كل ما يحظون به من دعم في صورة اسلحة ومقاتلين واموال من مصادر تدعم الخطة الاميركية. فهناك دائما افكار اميركية بشأن ما يحدث بعد إسقاط النظام السوري، ولا شيء عما يحدث بعد انتصار النظام السوري (...)

هذا هو الموقف الحرج الذي تواجهه ادارة اوباما الآن بعد ان اصـبح بادياً لكل مراقب خارجي او داخلي ان سوريا تحقق انتصاراً على خصومها وبالتالي على الولايات المتحدة والسعودية وقطر والامـارات ...الخ. وربما يحق لنا ان نعتبر ان النظم العربية - الاسلامية التي بذلت اقصـى جهــودها من اجل إنجاح خطط واشنــطن في ســوريا كانت اكثر واقعية في نظرتها الى نتائج هذا الصراع. فهي من ناحــية لم تكف عن مطالبة اميركا بالتدخل المباشر في سوريا عسكرياً على النحو الذي تم في السيناريو الليبي باستخدام قوات حلف شمال الاطلسي، تدعمهـا قوات «عربية» من قطر والامارات. وهي من ناحيــة اخــرى، توقــعت ان يطول الصراع السوري زمنياً. فضلاً عن توقعها ان تربط اسرائيل حربها ضد سوريا و«حـزب الله» بما تهدد به الدولة الصهيونية باستمرار من توجــيه ضربات جوية واسعة النطاق ضد ايران مستهدفة منشآتها النووية. ولم يعد خافياً ان المملكة السعودية تعتبر ان ايران هي مصدر ازعاج لها اكثر خطورة من اي مصدر آخر، وبالتالي انها تفضل ان تتولى اسرائيل الشأن الايـراني عسكرياً اذا كان التدخل في الصراع السوري مستبعداً، وبصرف النظر عن الاسباب. ولكن هذا لا يمنع السعودية من اعطاء كل المبررات للولايات المتحدة لمواصلة الصراع السوري عن طريق توفير المقاتلين من اي بلد كان واستمرار امدادهم بالمال وبالأسلحة.

ما تعنيه هذه الهزيمة لاسرائيل فإنه يتمثل في استمرار النخبة الحاكمة الاسرائيلية في تحريض الجانـب الاميركي على أداء دور اكثر هجومية لحماية اسرائيل وباقي الحلفاء العرب وأنظمتهم. ولهذا فإن اول التوقعات من سلوك اسرائيل ازاء مثل هذا التطور في الصراع السوري سيظهر في صورة اشتداد حدة التحريض الاسرائيلي للولايات المتحدة على مهاجمة ايران. وهو ما ثبت حتى الان ان اسرائيل لا تملك القرار بشأنه وتترك القرار للولايات المتحدة. مع ذلك فان اسرائيل تستغل فترة الاشهر الثلاثة الباقية على موعد انتخابات الرئاسة الاميركية في الثلاثاء الاول من شهر تشرين الثاني / نوفمبر القادم لممارسة اقصى ما يمكنها من ضغط انتخابي على المرشحين في هذه الانتخابات اوباما الديموقراطي ورومني الجمهوري. والاخير قد ابدى اقصى درجات الاستعداد لإظهار ولائه لإسرائيل، ولكن اوباما لم يترك الساحة الاسرائيلية خالية لمنافسه.

ستكون هزيمة اميركا في الصراع السوري جزءاً أساسياً في حملة انتخابات الرئاسة الاميركية بمضمونها الاميركي والاسرائيلي على حد سواء طوال الاشهر الباقية على موعدها. يتقدم على كل الموضوعات في هذه الحملة ما اذا كانت اميركا واسرائيل تستطيعان الرد على هذه الهزيمة بهجمة عسكرية على ايران.

*كاتب سياسي ـ مصر/ السفير 3/8/2012

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

«حـروب الظـل» الأميركيـة

نبيل نايلي

«إننا نخوض صراع أجيال... في المستقبل المنظور سيكون لزاما على الولايات المتحدة الأميركية أن تتعامل مع أنواع مختلفة من التطرّف ومصادر تهديد متنوّعة. ولكي تتولّى القيام بعمليات ناجحة بمختلف أنحاء المعمورة، على قواتنا السرّية الخاصة أن تتأقلم».

(الأدميرال وليام ماك رافين،

قائد قوات العمليات الخاصة التابعة للبحرية الأميركية)

 

لم يكد الأسبوع ينقضي عن إعلان وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا، Leon Panetta، عن إنشاء ما سُمّي بـ«الجهاز الدفاعي السرّي، Defense Clandestine Service»، الجهاز الاستخباراتي الجديد الذي سيعمل على «إعادة تنظيم العمل والتنسيق بين الهياكل والمراكز الاستخباراتية الأميركية وتعزيز جهودها»، حتى كُشف النقاب عن مشروع مخطّط جديد، يهدف إلى توسيع مجال ونفوذ ومسارح وحدات العمليات السرّية الأميركية، Special operations units.

وزارة الدفاع الأميركية، التي باتت تعمل وفق مقاربات استراتيجية جديدة، تستهدف التصدّي لما يسمّيه استراتيجيوها «الأهداف الاستراتيجية الكبرى» بعيدا عن «الاعتبارات التكتيكية للعراق وأفغانستان»، وتعمل على تعزيز جهود الاستخبارات العسكرية خارج مسارح الحروب، والتنسيق مع وحدات القوات الخاصة تحاول جاهدة التأقلم مع مسارح الحروب غير المتوازية، Asymmetric warfare، والحروب الخاطفة الاستباقية.

تقرير صحيفة لوس أنجلس تايمز، The Los Angeles Times، التي تمكنت من الإطلاع على وثائق تابعة لوزراة الدفاع الأميركية، كشف أنّ الأدميرال وليام ماك رافين، William McRaven، القائد الأعلى لقوات العمليات الخاصة، Special Operations Command، التابعة للبحرية الأميركية، تقدّم رسميا بطلب قصد المصادقة على مشروع خطة تهدف إلى المد في صلاحيات فرق العمليات الخاصة والتوسيع في مجالاتها لتطال مختلف المسارح بمختلف أنحاء العالم من أجل «التصدّي للتهديدات المتنامية» التي قد تضرّ بأمن ومصالح الولايات المتحدة الأميركية.

ماك رافين الساعي إلى الحصول على جملة من الصلاحيات والسلطات الجديدة والراغب بتشكيل وحدات عملياتية خاصة عابرة للقارات، عالية التدريب، سريعة الحركة، سرّية الانتشار، ما يجعلها بحق «القوة الأنسب، Force of Choice»، كما يوصّفها، هو ذاته من يقوم بإدارة قيادة العمليات الخاصة المُتكتم عليها والمشرفة على ما لا يقل عن 60 ألفاً بين عسكري ومدني. فمن «أكثر كفاءة من القائد وصاحب الخبرة الطويلة والتجربة الغنية والمختصّ بحروب المغاوير الخاطفة، على تحديد المسرح الأمثل والانتشار الأفضل؟»، كما يسأل بإعجاب أحد مساعدي الأدميرال.

وليام ماك رافين، لمن لا يعرفه، هو من طينة «الجنود المثقفين» من أمثال دافيد بترايوس، David Petraeus، صاحب رسالة دكتوراه، نُشرت في كتاب سنة 1995، تمحور موضوعها حول حرب العمليات الخاصة، النظرية والتطبيق. وقد خلُص في أطروحته مؤكدا على 6 عناصر ضرورية لخوض الحروب الخاطفة التي تتولاّها فرقة مغاوير أو ما يسمّيها بفرق النخبة الخاصة، نسردها تباعاً: المفاجأة، السرعة، السريّة، السلاسة، الغاية أو الهدف، والإعادة. وكان أن أضاف لها الدقة، عنصراً جديداً، إبان إعداده لعملية مهاجمة وتصفية أسامة بن لادن بباكستان، في مايو 2011. يومها تولى قيادة العملية التي نفذتها قرقة، DEVGRU ، كما أشرف على إعداد وتطوير مجموعة من الخطط بغية الحصول على صلاحيات تخوّل له تشكيل وحدات أو فرق عمليات خاصة ستتصدى لما يسمّيه «التهديدات المتنامية» في المستقبل المنظور.

تتناغم خطط الأدميرال ماك رافين ومقاربة الاستراتيجية العسكرية الجديدة التي أوصت بخفض الموازنة من جهة مع التركيز والعمل على ترفيع عدد القوات الأميركية غرب المحيط الهادي للجم واحتواء التنين الصيني مع توسيع مجالات وحدود ونفوذ فرق العمليات الخاصة. ليس جزافا أن تصنف، صحيفة «لوس أنجلس تايمز»، مشروع الأدميرال، كــــ«أوّل مخطّط علني» يُفعّل ويتبنى الخطوط العريضة التي ركزت عليها الوثيقة التأسيسية التي أعلن عنها الرئيس الأميركي أوباما. مع أنّ مسؤولي إدارة أوباما ما انفكوا يؤكدون على توصّلهم إلى «دحر وانحسار» التنظيمات والجماعات المسلّحة التي تشكّل مبرّر الوجود وهدف القوات التي يعتزم ماك رافين تشكيلها ونشرها وتوسيع مجال حركتها، إلاّ أنّ مقاربته للمناخ الجيو ستراتيجي ونظرته لطبيعة وحجم مصادر الخطر ورؤيته للأسلوب الأمثل لخوض الحروب غير المتوازية، Asymmetric warfare، تجعل من مشروعه صدى لتوصيات المراجعة الاستراتيجية، أو ما أُصطلح على تسميته بالاستراتيجية الدفاعية الأميركية الجديدة. الوثيقة الرسمية التي وردت في 8 صفحات، وحملت العنوان التالي: «تعزيز قيادة الولايات المتحدة للعالم: أولويات دفاع القرن الواحد والعشرين، Sustaining U.S. Global Leadership: Priorities for 21st Century Defense «.لعلّنا لا نبالغ إذا اعتبرنا أنّ تلك الاستراتيجية نقطة مفصلية في تاريخ العسكرية الأميركية، ليس لأنها تتكيّف مع واقع جيو- استراتيجي متقلّب، وتستجيب للتحوّلات الجوهرية في طبيعة الحروب ومسرحها وأدواتها، وتستأنس بخارطة تهديدات تتوالد داخل مناخ أمني وفضاء سيبيري محفوفين بالخطر، فحسب، بل لأنها تقطع مع الحروب التقليدية الثقيلة وما كان يُعرف ببناء الأمم، Nation Building، ومكافحة التمرّد، -Counter Insurgency، لتؤسّس لحروب ما يسمّيه، وزير الدفاع ليون بانيتا بالـ«تحوّل التاريخي إلى المستقبل»، أو «الحروب الذكية، Smart Wars».

يعلّل الأدميرال، كما يرد بإحدى الوثائق التي يجري تداولها بوزارة الدفاع الأميركية، بقوله: «إننا نخوض صراع أجيال! إنّ الولايات المتحدة ستجد نفسها مُلزمة بمجابهة مصادر مخاطر مختلفة ومصادر تهديد ظاهرة وكامنة للأمن القومي والمصالح الحيوية، ممّا يُحتم عليها أن تعجّل بتأهيل وإعداد قواتها الخاصة تحسّباً».

لعلّ أخطر ما ورد بخطة المشروع دعوته لخلق ما يسمّيه «مراكز تنسيق، Coordinating Centers»، ستتولّى الإشراف والتنسيق مع السفارات الأميركية والحكومات «الصديقة» ومختلف فروع وكالات الاستخبارات من أجل «رصد وتحديد والتعامل مع الأهداف»! لسائل أن يسأل، بعد فظائع عمليات التصفية الاستباقية، والسجون العائمة، ومراكز «المناولة» للتعذيب، Black Sites، وفي ظلّ رئاسة حامل لجائزة نوبل «للسلام»، بأي عقلية يفكر رجالات العسكرية الأميركية؟

ألا تكفي فضائح الاستخدام غير القانوني لهجمات الطائرات من دون طيار؟ استراتيجية الدفاع التي هلّل لها بعضهم، هي التي تفتح الأبواب على مصراعيها على «حروب الظلّ، Covert Warfare» التي كانت تُشنّ في تكتم وسرّية وتنفّذها جماعات مرتزقة أو عملاء الطابور الخامس، يُشرّع لها اليوم بتعلّة ما تشير له إحدى المذكرات غير الموقّعة والمصاحبة للوثائق، جاء فيها: «إن الجماعات والتنظيمات المارقة، Non-State Actors، التي تنشط داخل ساحات ما تبقّى من الدول الفاشلة، Failed States، كتنظيم «القاعدة»، ستشكل تهديداً متنامياً للأمن القومي، خصوصاً وهي التي تقيم قواعدها خارج مناطق السيطرة السيادية وتذوب داخل النسيج المجتمعي، مما يجعلها خطرة وقادرة على توظيف هشاشتنا».

لئن لم تكشف وثائق مشروع وليام ماك رافين عن وجهة محدّدة ومسارح معيّنة لعمليات القوات الخاصة، إلاّ أنّ تقرير دافيد كلاود، David Cloud، ينقل عمّن يسمّيهم «ضباطاً ومسؤولين مطّلعين على الوثائق وعلى دراية بما يقود تفكير استراتيجيي البنتاغون»، ترجيحهم أنّ المسارح المحتملة هي «مناطق الفوضى» و«بقايا الدول الفاشلة في الشرق الأوسط مثل اليمن وأجزاء من شمال أفريقيا، مروراً بالصومال إلى نيجيريا فالمغرب العربي، بالإضافة إلى آسيا وأميركا اللاتينية».

باعتماد ذات المقاربة واستئناساً بها، يمكن إضافة ليبيا ومجال حركة ما يسمّى بـ«تنظيم قاعدة المغرب الإسلامي» وكلّ ما سيفرزه هذا التشظّي الذي يعصف بما تبقّى من الدول القطرية. وإذا علمنا أنّ هذه فرق قوات العمليات الخاصة تنشط وتتدرّب وتُنفّذ خططها في أكثر من 71 دولة، من دون احتساب باقي الدول التي لا تعلم بعد بالاختراق، يمكن أن نتصوّر بسهولة ما سيحدث من مضاعفات، إذا نجح ماك رافين في إقناع الجنرال مارتن دمبسي، Martin Dempsey، باعتماد الخطة وتبنيها.

في حال إقرار المشروع، فإنّ قوات العمليات الخاصة ستُمنح مجالات حركة أوسع وسلطات إضافية تجعلها قادرة على نقل ونشر وحداتها الخاصة من مكان إلى آخر، بل والإشراف على تدريب وحدات عسكرية أجنبية أينما قرّر عسكريو الولايات المتحدة الأميركية أنّ هناك «شبكات إرهابية» أو فقط ما اعتبروه «تهديداً للأمن القومي»!

حتى الآن لم يعترض أحد، حليفاً كان أو من صُنّف مارقاً، Rogue، بما في ذلك من انتهكت سياداتهم الوطنية واستبيحت مجالاتهم الجوية واغتيل مواطنوهم من دون محاكمة عادلة، وفي امتهان موصوف للقانون الدولي وقانون ومعاهدات الحروب! فقط بعض مسؤولي البنتاغون والخبراء العسكريين من خارج المؤسسة العسكرية الأميركية من يقرعون جرس الإنذار، محذرين من مغبّة منح صلاحيات وسلطات أوسع تخرج عن السلّم الطبيعي للقيادة، Chain of Command، يُنذر بحصول تجاوزات.

من خوصصة الحروب إلى ضمّ مرتزقة الشركات «الأمنية» الخاصة داخل مسارح القوات النظامية، إلى إنشاء ما سُمّي بـ«الجهاز الدفاعي السرّي، Defense Clandestine Service»، فتشكيل قوات العمليات الخاصة التي ستعمل خارج منظومة سلسلة القيادة وفي مسارح بعضها مستعر والآخر قابل للانفجار، بمجرّد تعارض مصالح الإمبراطورية ومصالح القوى الصاعدة، يحاول استراتيجيو العسكرية الأميركية «التأقلم» و«الاستفادة من دروس» العشر العجاف! إلاّ أنّ مشروع الأدميرال يُغيّب أو يتجاهل ردة فعل باقي القوى ويُنذر بتعجيل المواجهات المؤجّلة!

في زمن تراجع الإمبراطورية المترنحة، صاحبة الدين العام ذي الرقم الفلكي البالغ: 15,033 تريليون دولار، حسب تقديرات وزارة الخزانة الأميركية، بفعل تمدّدها الاستراتيجي والعسكري العالي الكلفة، يظلّ السؤال الجوهري الملحّ، هو ما مدى قدرة وإمكانية الولايات المتحدة الأميركية على التكيّف العاجل لتكون حاضرة بأكثر من ساحة، وأن تقيم التوازن الضروري على مسارح متحرّكة وأن تحافظ في ذات الوقت على دفة القيادة؟ هل يكفي تحذير هيلاري كلينتون وهي تصرّح: «ما سيحدث في آسيا خلال السنوات المقبلة سيترك أثراً كبيراً على مستقبل بلادنا. لا يمكننا أن نجلس على الهامش ونترك آخرين يحدّدون مستقبلنا نيابة عنا»؟

إذا كانت السيدة هيلاري لا تسمح بأن يُحدّد مستقبل بلادها بدلا عنها، فحريّ بنا نحن، ومنطقتنا هي صاحبة النصيب الأوفر من بؤر التوتر التي ساهمت وتساهم في زرعها، إدارات الولايات المتحدة المتعاقبة، أن نتصدّى لهذه الحرب المعلنة، قبل أن تجتاحنا جحافل قوات عملياتهم الخاصة. من ينتابه بعض من الشك، فليطّلع على البرامج التدريبية التي فضحتها مجلة «وايرد، wired « الأميركية كاشفة عروضاً لكلية القيادة والأركان المشتركة وتقارير تبيّن خطة «للحرب الشاملة» على المسلمين، في وقت يُقال لنا إن رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، دمبسي يستهجن بعضها ويأمر بإزالة بعضها الآخر. نذكر منها على سبيل الحصر، البرنامج المسمّى: «وجهات نظر حول الإسلام والتشدد الإسلامي»، الذي يُدرّسه منذ 2004، العقيد ماثيو دولي، Michael A. Dooley، موصياً ضباطه «أنّ الولايات المتحدة في حالة حرب مع الإسلام»، مدرجاً فرضيات «تدمير المدن المقدسة للمسلمين مثل مكة والمدينة من خلال هجمات نووية أو بقصف مكثف على غرار ما تعرضت له مدينة دريسدن الألمانية إبان الحرب العالمية الثانية، ما دامت معاهدات جنيف الخاصة بالصراعات المسلّحة لم تعد صالحة للتطبيق في وقتنا الحالي!»، هذه تعاليم الجيش النظامي، فما بالك بأشباح لا نراها؟

باحث في الفكر الاستراتيجي الأميركي، جامعة باريس./ السفير 3/8/2012

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

«هآرتس»: بريطانيا تحاول التقريب بين تركيا وإسرائيل

حلمي موسى

تحاول الحكومة البريطانية برئاسة ديفيد كاميرون في الأسابيع الأخيرة إصلاح العلاقة بين إسرائيل وتركيا، عبر نقل رسائل بين رئيس حكومتي الدولتين بنيامين نتنياهو ورجب طيب اردوغان.

ونقلت صحيفة «هآرتس» أمس عن مصدر إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن بريطانيا لم تقع بعد على الصيغة الأنسب لتجسير الهوة بين الطرفين بشأن الاعتذار الذي تصر عليه تركيا من إسرائيل لقتلها المواطنين الأتراك في سفينة «مرمرة» قبل عامين. ورفضت السفارة البريطانية في تل أبيب التعقيب على النبأ، كما فعل الشيء ذاته ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية.

وأشارت «هآرتس» إلى أن بريطانيا والولايات المتحدة بذلتا منذ نشوء الأزمة بين إسرائيل وتركيا قبل عامين، جهودا كبيرة في محاولة لإعادة العلاقة بينهما إلى طبيعتها، أو على الأقل منع المزيد من تدهورها. وذكرت أن هذه الجهود، وخصوصا البريطانية، تعاظمت في الشهور الأخيرة على خلفية الحرب في سوريا وعجز الغرب عن استبدال الرئيس السوري بشار الأسد. وأوضحت أن هذه المساعي تبذل بالتنسيق مع الإدارة الأميركية.

وترى الحكومة البريطانية، مثل الإدارة الأميركية، أن الأزمة السورية تخلق مصلحة مشتركة لتركيا وإسرائيل لإنهاء الأزمة. ويزعمون في واشنطن ولندن أن ترميم العلاقات الإسرائيلية ـ التركية سيقود إلى استئناف التنسيق الأمني السياسي بين الجارتين الأهم لسوريا، ما سيساعد في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي في عهد ما بعد الأسد.

وتبين «هآرتس» أن كاميرون اتصل، في 22 تموز الماضي، بنتنياهو. وفي حينه تم الإعلان عن أن الاتصال مرتبط بالعملية ضد السياح الإسرائيليين في بلغاريا، وفي الاستعدادات لافتتاح اولمبياد لندن. ولكن الصحيفة تقول إنه أثيرت في المكالمة العلاقات التركية ـ الإسرائيلية. وأطلع كاميرون رئيس الحكومة الإسرائيلية على لقائه الوشيك مع اردوغان أثناء افتتاح الألعاب الأولمبية في لندن. وسأل كاميرون نتنياهو إن كان معنيا بإيصال رسالة لأردوغان، ويبدو أنه تسلم هكذا رسالة تتعلق بصيغة محتملة لحل الأزمة.

وفي 27 تموز التقى كاميرون وأردوغان في مقر الحكومة في لندن. وأشار البيان المشترك، عن اللقاء، إلى أن الطرفين بحثا الوضع في سوريا. كما أثير الموضوع السوري في المؤتمر الصحافي الذي عقداه، ولم تذكر العلاقات مع إسرائيل في البيان، لكنها كانت حاضرة في المباحثات.

ويذكر مصدر إسرائيلي رفيع المستوى أن المسعى البريطاني لم يحقق اختراقا حتى الآن، ولكن المحاولات مستمرة. ويؤكد هذا المصدر أن اردوغان لا يزال يصر على اعتذار إسرائيلي صريح عن قتل النشطاء الأتراك على «مرمرة» ودفع تعويضات لعائلات القتلى والجرحى. ويرفض نتنياهو حتى الآن تقديم اعتذار، أساسا بسبب رفض وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان ونائب رئيس الحكومة موشيه يعلون. ويرى يعلون وليبرمان أن مصالح إسرائيل وتركيا ليست متماثلة بالضرورة في سوريا، لأن الأتراك يريدون حكما إخوانيا إسلاميا في دمشق قريب من حزب العدالة والتنمية التركي.

ويضغط وزير الدفاع إيهود باراك ووزير شؤون الاستخبارات دان ميريدور على نتنياهو لإنهاء الأزمة مع تركيا. ويريان أنه على خلفية الأزمة في سوريا والمنطقة، ثمة حاجة أمنية لإسرائيل لترميم العلاقات مع أنقرة. ويرى كبار القادة في الجيش والاستخبارات وجوب إنهاء هذه الأزمة.

وبعد يوم من مكالمة كاميرون الهاتفية، التقى نتنياهو بمجموعة من الصحافيين الأتراك في مكتبه. وجلبت وزارة الخارجية الإسرائيلية الصحافيين الأتراك ونظمت لهم لقاءات مع القيادة الإسرائيلية. وتحدث نتنياهو مطولا مع الأتراك حول العلاقات التاريخية بين الدولتين، وأن «إسرائيل وتركيا هما دولتان مستقرتان، وأنا أؤمن بالمصالح المشتركة بينهما».

وقال أحد كبار مساعدي نتنياهو للصحافيين الأتراك إن رئيس الحكومة «لا يزال يبحث عن الصيغة السحرية» التي لا تسيء لكرامة أي من الطرفين، موضحا أن إسرائيل منفتحة على أية اقتراحات لتجسير الخلاف.

السفير 3/8/2012

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا