<%@ Language=JavaScript %> صباح علي الشاهر  قضية لا يُراد فهمها

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

قضية لا يُراد فهمها

 

 

صباح علي الشاهر

  

إلى ما قبل سنوات قليلة، تعد على أصابع اليد الواحدة، كانت المنطقة رهينة بيد إسرائيل. كان لإسرائيل اليد الطولى التي تمكنها من الضرب أنّى تشاء، وبالكيفيّة التي تشاء، دون خشية من رد رادع، أو مؤلم. تستطيع بكل سهولة ويسر إرسال جنودها إلى أي بقعة على إمتداد الأرض العربية، لتغتال من تشاء ممن لا تريد بقاءهم على قيد الحياة، فعلت هذا في لبنان حيث إغتالت القادة الفلسطيينين، حيث دخل عملاؤها ونفذوا المهمة، ثم عادوا من حيث أتوا، وكررت هذا لمرات عديدة في عملية إغتيال لقادة بارزين لبنانيين معادين لها، ومنهم قادة كبار في المقاومة اللبنانية، وعلى رأسهم (عباس الموسوي) زعيم حزب الله، وقائد المقاومة الإسلامية في لبنان، وهبط جنودها في أرض تونس ليقوموا بأغتيال واحد من أبرز القادة الثوريين الفلسطينيين مع مجموعة من رفاقه دون أن تحرّك تونس ساكناً، إذ إكتفت حكومتها بمجرد الإدانة التي لم تكن قادرة على أكثر منها، وطاردت الثوار الفلسطينين والعلماء العرب في أسقاع الدنيا، ودكت طائراتها حتى مدارس الإطفال في مصر، كما فعلت في بحر البقر، ودمرت مفاعل تموز النووي العراقي، وما ظُن أنه مفاعل نووي سوري، وخاضت حروب إفتعلتها من أجل القضاء كلياً على أية قوّة عسكرية عربية ، يمكن أن تشكل تهديداً لها، وأحتلت لبنان، ودنست  أقدام جنودها عاصمته بيروت، وفي كل حرب خاضتها ضد جيوشنا العربية التقليدية، كانت تعيد هذه الجيوش إلى نقطة الصفر تقريباً، وبالأخص في المجال الجوي، مما يجعل هذا البلد العربي أو ذاك يشد الأحزمة على البطون، من أجل الوصول إلى  توازن عسكري لم يكن سوى مجرد حلم بعيد المنال، وفق الظروف والمعطيات التي كانت قائمة، وعبر جيوش تقليدية كانت وما زالت لقمة سائغة لجيش العدو المسنود من أقوى دولة في العالم، والمدعوم بأحدث الأسلحة وأمضاها، وأشدها فتكاً ودماراً، وهي تعد دائماً آخر ما تتفتق عنه عبقرية التصنيع العسكري الأمريكي والغربي، بإزاء أسلحة قديمة، مصيرها الإندحار الحتمي أمام أي مواجهة محتملة، مع الترسانة الجهنميّة لجيش العدو الإسرائيلي، وكنا نخضع لخديعة كبرى حيث كنا نقايض أموالنا التي كنا بحاجة لها في تحقيق تنميتنا الوطنيّة والقوميّة التي كانت وما زالت مؤجله، مقابل حيازة سلاح من الإجيال المُحاله على المعاش، أو تلك الحديثة شكلياً، المنزوعة من أفضل ما تتمتع به من تقنيات، توفر لها التفوق، والتي ستكون مجرد طعم سهل لأسلحة العدو عند أي منازلة، وبالنتيجة ستكون هزيمة جيوشنا مؤكدة، وسيتم تكريس الإحباط  لدى المواطن العربي، وعلى نحو متواصل، ووصوله إلى قناعة مفادها أنه من المستحيل هزيمة الجيش الذي لا يُقهر، وبالتالي فإنه لابد من التفاهم مع العدو، عبر الإقرار له بحقه في التواجد على الأرض التي إغتصبها، وهذا يعني التنكر لحق الفلسطينين، الذين سيُصار حتما إلى تسوية قضيتهم بما لا يتعارض مع وجود الكيان الإسرائيلي القوي والمُتنفذ، وربما القائد في المنطقة. تلكم هي القضية التي أريد لنا الإقرار بها من ألفها إلى يائها بإختصار، وأي مسعى للتمويه على هذه الحقيقة الواضحة، والشديدة الوضوح، إذا لم يكن قاصراً، أو مُغلباً لما هو ثانوي على ما هو رئيسي، فهو لا يمكن أن يكون بريئاً على أي نحو، ووفق إي منظار. أرادوا تأبيد هذا الواقع المُخلّق، بما يتسم به من إفتراء فاضح،  والتصرف وفقه فكراً وممارسة، ومن يحاول التغريد خارج السرب فمصيره معلوم وليس بمجهول.   

بإختصار، وبتبسيط ما بعده تبسيط، كنا إلى ما قبل بضعة سنوات، حكاماً ومحكومين،  رهينة بيد إسرائيل، رهينة رخيصة لا فادٍ لها، ولا من هو سائل عنها، تلكم حقيقة لا مراء فيها، إستغلها المُتعبون، واليائسون من إتمام المشوار حتى نهايته من أهل القضية قبل مناصريها، وجعلوها ذريعة ومبرراً لا للبحث عن إيجاد حلول ومسالك ثوريّة أو عملية، أو إبتداع طرائق غير معهودة،  وإنما للنزول من قطار التحرير، ودخول دهاليز المساومات المعتمة، التي لا تؤدي لشيء إلا إلى المزيد من التيه وضياع الحقوق، وهذا ما كان، وهذا ما حدث، وانتظر البعض قراءة الفاتحة على أنبل قضية عربية وإسلامية وإنسانيّة قبل مواراتها التراب، ولم يكن أمام ثوارنا من طريق إلا طريق الإنتظار الذي هو في المحصلة النهاية موت للقضية، ولكن ليس موتاً مُعلناً، وإنما موتاً بالتقادم والتآكل، والولوج في دهاليز النسيان، بإنتظار جودو الذي هو والمستحيل سيان.

اليوم، يا سادة!، إختلف الأمر، إجتُرِحت المُعجزة، ولا يهم من إجترح المُعجزة، وإنما المهم كيفيّة التصرف بمقتضاها، بما يغيّر منطق المعادلة التي كنا وما زلنا ضحاياها. اليوم ياسادة  باتت إسرائيل هي الرهينة بيد المنطقة، لا العكس. أصبحنا ولأول مرّة نحن من يهدد، وغيرنا من يخاف.

لم نعد نخشى على إسطولنا الجوي، ولا طائراتنا التي تُدك كل مرّة وهي رابضة في مرابضها، ولا نخشى على أساطيلنا البحرية التي لم يُقيّض لها يوماً ما رغم المليارات التي أنفقت أن تكون ذات شأن أو أهميّة، حتى ولا لوجستيّة.

عقل عربي مُقاوم، تمعّن في الأمور من كل جانب، وأولها الطبيعة الجغرافية. نظر إلى هذا الكيان شديد الضآلة قياسا إلى الكيان العربي الممتد من المحيط إلى الخليج، فوجد أنه لا يحتاج إلى إنفاق المليارات على تسليح تقليدي، ولا إلى جيوش جرارة لتحقيق التوازن، ومن ثم الإنتقال إلى التفوق، بعد عمر طويل، وإنما يحتاج إلى سلاح من نمط خاص، ليس هو بالمعجز، ولا الباهض الثمن، ويحتاج إلى تنظيم حديدي، بالغ السرية، عصي على الإختراق، ومقاومين من نمط  خاص، وقيادة لا تخاف، ولا تهادن، ويكون الكيان الغاصب كله تحت رحمة هذه القوى التي لا تراها على الأرض إلا يوم تنهض لدك العدو، الذي ليس له عمقاً يمكن أن يحتمي به، والذي حشر نفسه في رقعة جغرافية في متناول صواريخ بسيطة ، ليست حتى متوسطة المدى.

عقل مقاوم ومبدع، أثبت لنا بالدليل والبرهان، ضآلة عدونا الذي حسبناه لا يُقهر. نعم هو لا يقهر إذا كانت أنظمتنا على ما هي عليه، وقادتنا يرتعشون وهم جالسون على كراسيهم كلما إحتد السيد الأمريكي أو الغربي، أو أشار بإصبعة متذمراً، وهو أوهن من بيوت العنكبوت إذا كانت لدينا قيادات مقاومة بالجوهر لا بالمظهر، ولدينا قدرة على معرفة عدونا بنقاط قوته وضعفه، مثلما لدينا القدرة والمرونة على تغيير تكتيكاتنا، ليس بين وقت وآخر، وإنما في كل لحظة، وكلما كنا خصماً مجهول، كلما كان عدونا أكثر رعباً وخشيّة .

نزالنا مع عدونا لا يحتاج كل هذا الإنفاق، الذي هو مفسدة ما بعدها مفسدة، ولنتذكر جميعاً فضائح صفقات الإسلحة، من صفقة اليمامة حتى أحدث الفضائح المليارديرية، فعدونا في حقيقته ليس بهذا الحجم، ولا بهذا الإقتدار إلا بالنسبة لجيش كجيش  نوري السعيد أو فارق الملك، أو بحسابات قوم مهزومين ومأزومين.

 مقاومة أخرى في الجولان على نمط المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان، وأخرى في غزة، وهي حاصلة فعلاً، ونتمنى أن لا يصيبها الوهن، ولتتفرغ الأمة بعد هذا إلى بناء تنميتها المُستدامة التي لابد منها كي تكون أمة لها موقعها تحت الشمس، فإن فكر العدو بمغامرة فإنه سوف لن ينهزم فقط ، بل سيخسر وجوده في أرض العرب، وهذا عزّ الطلب.

قد نخسر بعض المنشآت، وربما تكون الخسارة ثقيلة، لكن العدو سيخسر كل شيء، فإسرائيل كما هو معروف لا تتحمل هزيمة، فأية هزيمة ستكون بمثابة الضربة القاضية التي يغادر بعدها الملاكم حلبة اللعب مهزوماً إلى غير رجعة.

هذه الحقيقة تفهمها إسرائيل، ويفهمها من هم وراءها، ويتصرفون على هديها دونما قفز على معطياتها، فلماذا لا نريد نحن إدراكها؟

لماذا نتجاهل مصادر قوتنا، ونرتعب حتى الموت من مصادر قوة عدونا الإفتراضيّة؟

بعد إنكفاء إسرائيل أمام المقاومة في لبنان وغزة، من أصبح رهينة من في واقع اليوم؟

لم تعد المنطقة رهينة إسرائيل، بل باتت إسرائيل رهينة المنطقة، وعلى هدي هذه الحقيقة فليتصرف العرب، وإلا ضاعت الفرصة علينا جميعاً، وتأبد ذلنا وعارنا، وأصبحنا خارج الزمن.     

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا