<%@ Language=JavaScript %> صباح علي الشاهر الإصلاح يبدأ من القمة

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

الإصلاح يبدأ من القمة

 

 

صباح علي الشاهر 

 

بلا مجاملة، وبلا لف ودوران، النظام السوري شأنه شأن كل الأنظمة الشمولية يعج بالإنتهازيين، والوصوليين، والمتسلقين، الذين ما صعدوا لأعلى المراتب نتيجة نضالاتهم، ولا نتيجة دفاعهم عن الشعب ومصالحه، وإنما مداهنة للحزب أو رجالات السلطة المتنفذين، ونفاقاً وتزلفاً، لقد كانت الأبواب مشرعة أمام هؤلاء، مُوصدة وبإحكام بوجه الوطنيين الحقيقين، والمخلصين بتجرد، ونكران ذات، الذين لا يقبلون بالخطأ ولا يسكتون عنه.

لم يكن الفساد الذي عمَّ جميع مفاصل الدولة، من أبسط شرطي، وأدنى موظف حتى أعلى المراتب، بمُستغرب وعجيب، وإنما المُستغرب والعجيب، هو كيف يمكن لقيادة تتربع على هرم هذا الخراب، أن تصمد أمام ضغوطات أنظمة الإرتداد والإرتهان العربية، وقوى العمالة والإستسلام ، ومن قبلهم ومن بعدهم ، معسكر أمريكا والغرب وإسرائيل، والمشايعين لهم .

إذا كان الذين هم في مركز القرار في سوريا قادرون على مواجهة التحدي، ربما بحكم قناعات إيدولوجية، أو بحكم إيمان متين بإنهم يتخذون الموقف الصحيح، فكيف لمرتشي وفاسد، ترعرع في ظل بيئة طاردة للنقاء، أن يقاوم تأثير المال الذي لم يخطر له على بال، وهو الذي كان لا يتوانى عن أخذ رشوة مقدرة ببضعة ليرات، من مُراجع فقير ومغلوب على أمره، ربما لا يملك قوت عياله، لكنه يضطر من أجل تمشية أمره، لدفع  ثمن قوت عياله لمرتش لا ضمير له؟

 كيف يمكن لهذا المُرتشي، مصاص دماء الفقراء، أن يدافع عن الفقراء، أو وطن الفقراء؟ . كيف يمكن لمثل هذا أن يقف في محور الممانعة والثبات والصبر، وكيف يمكن له أن يضحي من أجل إفشال مخططات أعداء الوطن والأمة؟ .. كيف يمكن  للفاسدين والمرتشين تحقيق النصر، أو حتى المساهمة في تحقيقه؟

إنهار النموذج الأول لبناء الإشتراكية، لأن الذين إدعوا أنهم بناة الإشتراكية لم يستطيعوا ، ولم يعملوا على بناء الفرد الإشتراكي، ظلت الإشتراكية بلا أب، ولا زوج، ولا أبناء، ولا حتى مُتبنين حقيقين لها، لذا فإنه عندما حلت اللحظة الحاسمة، تفرّق الذين إعتادوا على الصخب الثوري، وتُركت الإشتراكية نهباً لكواسر الرأسماليين والمافيات التي تولدّت من رحم الفساد الإدراي حكومياً كان أم حزبيّاً . نعوا الإشتراكية التي لم تكن موجودة أصلاً ، والتي وئدت في بدايات ولاداتها، وأصبح زعماء الإشتراكية في ما مضى، فرسان الرأسمالية الآن، وكما كانوا قادة في الزمن الماضي أصبحوا أيضاً قادة في العهد الجديد. لقد كانوا فاسدين مُفسدين، ولم يتغيروا لكنهم غيروا البردعة .

لو كان في ما يُسمى البلدان الإشتراكية إشتراكيون حقيقيون، بالكم والكيف الذي يؤهل لحماية المنجز الإشتراكي، لما كان بإمكان أحد هدم الإشتراكية، مع وجود حماتها الحقيقين ، لأن الإشتراكية ليست نظاماً لمصلحة أفراد أو جماعات أو أقلية ما، وإنما هي نظام لمصلحة الأغلبية الساحقة من الشعب، فمن  بمقدوره تغييب مصلحة الأغلبية الساحقة، أو الوقوف في وجهها؟

وفيما يتعلق بالمثال السوري، من المعروف أن سوريا، ومنذ عقود، قبل حافظ الأسد حتى، إعتمدت على موقف إستراتيجي واضح، خصوصاً فيما يتعلق بالعروبة، أو الوحدة، أو الموقف من إسرائيل، والتبعية للغرب وأمريكا، وهذا الموقف تمثل فيما بعد بما يُعرف بمحور المقاومة والممانعة والصمود، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوّة هل عملت السلطات السورية عبر كل تلك العقود على بناء الفرد السوري، وعلى الأخص النخب الحزبية، والإدارية، على نحو يتماشى مع هذه الأهداف، أم أنها أكتفت بالتأييد اللفظي، وتركت الحبل على الغارب، بالنسبة للفاسدين والمرتشين، الذين وجدوا في ولائهم اللفظي للنظام عاصماً لهم من المساءلة، ولم تكتف بهذا بل شجعت على قيام المسؤولين الكبار، الحزبيين والإداريين ، بإقامة علاقات مُتشعبه مع بيوتات المال والثروة، وهي جميعها رجعية ، ومعادية بالتمام للمثل والأهداف التي يسعى لها النظام السوري، أو يدعي أنه يسعى لها.

تصوروا معي موظف أو حزبي فاسد ومرتشٍ، يُترك كي يعقد علاقات مع حيتان المال، الذين يبعثرون المال ذات اليمين وذات الشمال دونما مبالاة، والذي عرف عنهم أنهم يشترون - حسب إعتقادهم- كل شيء بالمال، ثم تمتد هذه العلاقات إلى علاقات بزنس، وبالنسبة لبعض الكبار الكبار نسب ومصاهره، تصوروا مالذي يؤول إليه أمر هؤلاء عندما تأتي اللحظة التي عليهم أن يختاروا فيها بين نظام لم يوالوه سوى لفظاً، وحنفيات تدر عليهم البترودولار ؟

قادة كبار في الحزب والدولة في سوريا، يمنحون المقاومة بضعة جمل حماسيّة، وبعضهم بضعة أبيات من الشعر، لكنهم يرتبطون بحبال الود والمصالح، مع أشد أعداء المقاومة، والنهج المقاوم، لا بل أن بعضهم صديق لإسرائيل، لا يخفي صداقته هذه بل يجاهر بها علناً ، ويعادي جهراً وعلانية كل حلفاء سوريا.

كان بعض المُعلقين يشير إلى ظاهرة عجيبة، غير معهودة في الحالات الشبيهه بالحالة التي يمر بها الوطن السوري، ألا وهي قلّة عدد المنشقين العسكريين، والدبلوماسيين، والإداريين، وتفسيراً لهذه الظاهرة يؤكد أن الجسم الإدراي، والعسكري، والحزبي، والدبلوماسي موالٍ بالتمام للسلطة، فهل الأمر هكذا حقاً؟

إن تفسير هذه الظاهره على هذا النحو يشير إلى أن جسم السلطة كله مقاوم وممانع، وبمعنى آخر ثوري، فإ        ذا كان الأمر هكذا فلماذا كل هذا الفساد في كل مفاصل السلطة والحكم في سوريا؟

أيكون الثوري، والمقاوم، والممانع فاسداً؟ أم أن هذا الفاسد والمرتشي، لا ممانع ولا مقاوم ، ولا ثوري، وإنما هو وصولي، إنتهازي، منافق، بيّاع كلام، وهتّاف بحضرة الحاكم، على إستعداد لبيع كل شيء من أجل الأخضر الفتان؟

ليس الغريب أن ينشق المنشقون عن النظام السوري، وإنما الغريب أن لا ينشق أحد بعد أن وصل الصدام إلى خواتمه، أو على الأقل إلى المرحلة التي يستبان فيها الأقوى من الأقل قوّة، فكل الدلائل تُشير إلى أن الصراع سيستمر لفترة أطول، مع تأكيد عدم قدرة المعارضة على الحسم لصالحها، ولكن الدمار سيستمر، فهل تتنبه السلطة إلى ضرورة البدء بالإصلاح ، وأول الإصلاح وأهمه، متابعة الفاسدين والمرتشين، والذين تسببوا أساساً في ما يحدث الآن في سوريا .

ليس من المجدي التخلص من الفاسدين والمرتشين فقط، وإنما كشف فسادهم أمام الناس، وليس من المعقول أن يقتنع الناس بتقديم شرطي فاسد، رغم أن الشعب، ربما بأغلبيته الساحقه، يعرف جيداً أن سلك الشرطة أصبح مرتعاً للفاسدين والمرتشين، ولا تقديم بضعة موظفين صغار كي يكونوا كبش فداء، فالفساد يُعشش في الرأس .. في القمة .. قمة الهرم المهيمنة والمسيطرة وإمتداداتها، قبل أن يصبح هؤلاء ثوار بعد إنتقالهم من المركب الذي كنزوا فيه إلى المركب الذي سيواصلون فيه الإكتناز ، فتضيع فرصة الإصلاح ومحاسبة الفساد ، لا عبر السلطة الحالية، وإنما حتى عبر تلك التي تأتي على أنقاضها.

 

 

07.08.2012

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا