<%@ Language=JavaScript %> رمزي العبيدي فرقة ناجي عطا الله بين خيال المؤلف وحقيقة المجتمع البائس

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

فرقة ناجي عطا الله

 

بين خيال المؤلف وحقيقة المجتمع البائس

 

 

رمزي العبيدي

كاتب وناقد عراقي مقيم بدمشق

 

أرجو أولاً ، ثمَّ أرجو ثانياً مِن كلِّ مَن يقرأ مقالتي هذه أنْ يعيد قراءتها أكثرَ من مرَّة ، ويفكِّر ألفَ ألفَ مرَّة - أعني مليون مرَّة - قبل أنْ يكتب تعليقاً عليها بالمدح والتهليل أو بالذمِّ والتقريع ؛ أريد ممَّن يقرأها أنْ يقرأها بعقله لا بعواطفه على طريقتنا نحنُ العرب أهل الكَرَب أهل ..... و ..... [1] ! .

لسْتُ خائناً ولا عميلاً ، ولا تنطبق عليَّ أيَّة تهمةٍ من تلك التهم الجاهزة أو المجهَّزة من قِبَل أجهزة أمن ومخابرات حكوماتنا العربية المتخلِّفة ، ولسْتُ مرتزقاً منها ، فلمْ أقبضْ عن كتابتها فلساً أو ( سنتاً ) واحداً ، ويا ليتَني قبضْتُ – مِن أين أقبض يا حسرة ! - لكنْتُ أخرجتها بأفضل من هذه الصورة التي سوف تطالعكم في أسطاري التالية ؛ فقد أخذَتْ منِّي من الوقت والجهد ما أخذَتْ ، كتبتها على دفعاتٍ ومراحل في ليالٍ سودٍ ، كلُّ ليلةٍ منها أتتْ بعد يوم عملٍ طويلٍ وشاقٍ كي أكسبَ قوتَ يومي وأطعم عِيالي ! ، فالكتابة هـذه الأيَّام – كما تعلمونَ - لا تطعم خبزاً ، إلا إذا باع الكاتب معها ضميره لواحدٍ أو مجموعةٍ من الطغاة والمجرمينَ المتسلطينَ على رقاب الناس ، وما أكثرهم في عالمنا العربي ! ؛ أو باعه للإسلام وتجَّاره المتاجرينَ بناسه ، وما أكثرهم حولنا ! ؛ بئسَتْ - عندي - كلتا البيعتينِ .     

لا أريدُ بأكتوبتِي هذه عن مسلسل : ( فرقة ناجي عطا الله ) أنْ أتحوَّل من ناقدٍ أدبي إلى ناقدٍ فنِّي ، فللفنِّ نقاده المتخصِّصونَ به وفيه ، وأنا للأسف لسْتُ منهم ، مع احترامي وتقديري له ، وكذا لكلِّ واحدٍ منهم ، فكلُّهم على عيني ورأسي ، وما ملاحظاتِي التي ستأتي داخلة ضمن اختصاصهم إلا من قبيل الاجتهاد أو المصادفة المحضة ! ؛ وما أكتبُ اليوم عن هذا العمل الفني إلا لأنَّني أؤمن – كما قلتُ لكم قبلاً في مناسباتٍ سابقةٍ - بأنَّ الأدبَ هــو الحياة ، إضافة إلى أنَّ الفنَّ التمثيلي بالذات يعتمد حتماً على نصوص هي من الأدب .

         وقبل كلِّ شيءٍ لا بُدَّ لي من توجيه التحيَّة الكبيرة إلى الزعيم عادل إمام ، زعيم الفنِّ العربي وزعيم الفنانينَ العرب ، وإلى كلِّ مَن ساهم معه في إنجاح هذا المسلسل الجديد في موضعه وغير المسبوق في فكرته ، من ممثلينَ وغيرهم ، ولا أنسى كذلك أنْ أحيي الأستاذينِ ، مؤلِّفه : يوسف معاطي ، ومخرجه : رامي إمام .

كما أرجو أنْ يكونَ معلوماً لدى الجميع أنَّ نقدي لـ ( ناجي عطا الله ) ، ليس نقداً لشخص الفنان الكبير عادل إمام أو شخصيَّته التي أجلُّها وأُكْبِرُها وأحترمها ويروقني فكرها ، بلْ هو نقدٌ للدور الذي لعبه الفنان عادل إمام كممثل ؛ أي نقدٌ - اجتماعيٌ قد يقترب أحياناً من النقد الفنِّي أو يبتعد عنه في أحايين أخرى ، لا نقدٌ شخصيٌ – لـ ( ناجي عطا الله ) الذي خلقه الكاتب على ورقه ، ومثله الزعيم أمَامَ عدسة آلة تصوير ابنه رامي ، فلسْتُ من الذين يفترونَ على الناس ويلقونَ حجارتهم عليهم ؛ وبمعنى آخر : إنَّ نقدي متركِّز لـ ( ناجي عطا الله ) بكونه إنساناً داخل ورق المؤلِّف فقط ، وهو بالتالي ليس نقداً لشخص كاتب المسلسل أيضاً ، بلْ لِمَا سرده في أحداثه ؛ إذنْ : أردْتُ نقداً للمجتمع الذي كُتِب عنه ، وللإنسان الذي يعيش فيه يهودياً كان أم مسلماً ، ومعه نقد للصراع العربي الإسرائيلي ، وما ترتَّبَ عليه من خرابٍ ودم ، وكوارثَ ومثبِّطاتٍ طالما عانينا من منها في حياتنا هذه البائسة اللعينة ! ، قلتُ : عانينا ما عانينا منها بلا ذنب ولا جريرة ، سوى أنَّ سوء حظِّنا العاثر جعلنا نُخلَق ثمَّ نُولَدُ في هذا المكان بالذات من العالم الواسع ! .

لا أنكر أنَّ للأستاذ يوسف معاطي قدراتٍ إبداعيَّة كبيرة ، معها مكنة من السرد والحَبك ، كما أنَّ له خيالاً واسعاً لا أستطيع - أنا شخصياً - أنْ أخفي إعجابي به ، لأنَّه جعل المسلسل يروقني وأستحسنه حتَّى قبل أنْ أشاهده أو أتفرَّج عليه عبر الفضائيات التي عرضته ، قلتُ : راقنِي هذا المسلسل واستحسنته منذ أنْ بدأتْ الإعلانات تظهر عنه على شاشاتها قبل شهر أو شهر ونصف تقريباً من بثِّه فيها ؛ وليس هذا من باب التسرُّع الأعمى أو التعجُّل العقيم غير المبرَّر ، ولا من باب حبِّي الذي لا أنكره لتمثيل عادل إمام وهوسِي بأدائه وعشقي لموهبته ! ، فأنا أحفظ معظم نصوص أدواره في أغلب أفلامه ! ، وليس عندي اعتراض على أدائه التمثيلي في هذا المسلسل لأنَّه أبدع وبدَّع كالعادة ، وغطَّى على عيوب كثير من الممثلينَ الذينَ اشتركوا معه في تمثيل أدوار شخصيات هذا العمل الفني ، خصوصاً غير المصريينَ منهم ، وليس هذا بالجديد عليه ولا علينا نحن المشاهدينَ والمتابعينَ لأعماله الفنيَّة الراقية والجميلة ؛ لكنَّه من باب نظرةٍ فاحصة ودقيقةٍ لفكر هذا الكاتب المبدع - الذي ليسَ شرطاً أنَّ أتَّفقَ معه في رأيه حتَّى يروقني فكره أو يعجبني أداؤه وأسلوبه الكتابي - تجلَّتْ من خلال التدقيق الموضوعي والمتأنِّي في القصَّة التي كتبها من حيث الجدَّة والسبق ، ومعهما براعته في اختيار عنوانها ؛ فعَن الجدَّة والسبق ، أقول : إنَّ المسلسل جديد في قصَّته وغير مسبوق في فكرته أو موضوعه ، فلمْ أسمعْ عن أنَّ لأيِّ عربي أو مسلمٍ هذه الدرجة من الذكاء أو الفطنة التي تجعله يفكِّر مجرَّد التفكير في اختراق النظام الأمني لأيَّة مؤسَّسة مؤمَّنة أو محميَّة داخل حدود الدولة الإسرائيلية الحديثة والمتطورة بعكس دولنا العربية التي مازالتْ تعيش في القرون الغابرة ! ، كمصرف ( ليوؤمي ) أو غيره ، حتَّى لو عاش حياته كلَّها داخل أراضيها ! ، وحتَّى لو كانتْ درجة ذكائه بدرجة ذكاء الدكتور أحمد زويل نفسه ، والأسباب معروفة ، ولا حاجة لذكرها أو التعليق عليها ، فالطفرة العلمية واضحة بينهم وبيننا ! ؛ أمَّا البراعة في اختيار عنوانه ، فأعني بها : الاختيار الموفَّق لاسم الشخصية التي تدور حولها الأحداث أو تدور بها ، فاسمُ ( ناجي عطا الله ) - كلُّه أي بجميعه وجملته – منسجم وموسيقيٌ ، أو فيه شيء كثير من الانسجام الموسيقى ، وجزأيه اللذينِ يتكون منهما : ( ناجي - عطا الله ) ، مستخدمان في غالبيَّة الدول العربية ، ومألوفان لكلِّ مَن يتكلَّم لغتها ؛ ناهيك عن فضولٍ ولَّدَهُ هذا الاسم عندي وعند غيري ، وفي نفسِي كما في نفس غيري ، مع ترقبٍ لأفعال تلك الفرقة التي يقودها هذا الزعيم الـ ( عطا الله ) ! .

         ليسَتْ هذه المرَّة الأولى التي ينتج فيها رأس المال المصري عملاً فنياً يعترضُ على سياسة إسرائيل كدولة ، أو ينتقد يهوديَّتها كديانة ، فقد كانَ ذلك قبلاً في عدَّة مناسبات ، كانَ آخرها على ما أظنُّ فيلم : ( أولاد العم ) لكريم عبد العزيز ومنى زكي وشريف منير ؛ وقد نسيَ القائمونَ على إنتاج هذا العمل الفني أنْ يشكروها ! ، كما نسي غيرهم أيضاً ، لأنَّها لمْ تستفزَّ ولمْ ولنْ يصدر عنها أيَّة ردَّة فعل رسميَّة تجاههم ، فهي - على ما يبدو لي - تؤمنُ بحريَّة التعبير والرأي ، وقد تعلمَّتْ ذلك من العالم المتحضِّر الذي اختارَتْ التحالف معه ، واختار المتسلطونَ على رقابنا من الأغبياء والمتخلفينَ ومن تبعهم من أشباههم في عالمينا : العربي والإسلامي ، معاداته بلا مبرِّر وسببٍ مقنع سوى شعاراتٍ فارغة وأكاذيب مُزيَّفة ، يعتقدونَ أنَّها ستبيقيهم ملتصقينَ بكراسيهم ، أو ستساعدهم على ذلك إلى حدٍ ما ! ؛ لمْ نصدِّقها يوماً ، ولمْ نؤمن بها نحنُ المثقفينَ ، ولمْ تعد اليوم مقبولة حتى عند بسطاء الناس وأقلِّهم تعليماً ، لأنَّهم عرفوهم على حقيقتهم ، وملُّوا كذبهم ، وشبعُوا من هرطقاتهم وتزييفاتهم ؛ ولمْ يعودوا يحتمَّلونَ تشويههم لواقعنا ، وتدميرهم لحياتنا ، وكسرهم لنفوسنا .

         وهنا أسألكم تظرُّفاً وتندُّرا لأنَّني أعرف الجواب مسبقاً ، ومع ذلك أستحلفكم بربِّكم أنْ تخبِّرونِي : هلْ سيسكتُ الإسلاميونَ إذا قام فريق تمثيلي يهودي بتصوير عمل فنِّي ينتقدَ الإسلام كدين ، أو يعترض على سياسة إحدى دوله ، كما سكتَ اليهود في مناسباتٍ كثيرة ؟! ؛ هذا سؤالٌ مهمٌ وخطيرٌ وحسَّاسٌ ، أتمنَّى أنْ يكون عند أحدكم جوابٌ منطقيٌ عنه يختلف عن جوابي الذي هو : بالتأكيد لا .... وبالتأكيد لا ، أ تعرفونَ لماذا ؟ ، لأنَّهم مرضى نفسيونَ ، ولأنَّ دولهم دولٌ متخلِّفة ، لا تفصل الدينَ عن الحياة ، بلْ تتمادى في إدخاله بالسياسة ، وتشكِّل له أحزاباً فيما يعرف عند الباحثينَ بـ : ( الإسلام السياسي ) ، وتبالغ وتشتطُّ في سلوكها الأهوج وتصرُّفاتها الحمقاء ، لتصل إلى تكفير الآخر ، ثمَّ تضع لهذا المُكَفَّر عقوبة قاسية هي القتل وإنهاء الحياة ؛ وما جاءَها هذا التخلف والتدنِّي إلا من تعاليم الإسلام وخزعبلاته ، ووصاياه الدمويَّة ، وترَّهات معمَّميه ، لعنهم الربُّ وأبعد عنَّا شِرَّتهم وأجارنا من بطشهم ؛ قال أبو الطيب المتنبي ( 303 – 354 ه / 915 – 954 م ) عنهم وعن أمَّتهم المزعومة في معرض هجائه لكافور الإخشيدي الحبشي :

سَادَاتُ كُلِّ أُنَاسٍ مِن نُفُوسِهِم       

 

 

وَسَادَةُ المُسلِمينَ الأَعبدُ القَزَمُ

 

أَ غَايَةُ الدينِ أَنْ تُحفُوا شَوارِبَكُم

 

 

يَا أُمَّةً ضَحِكَتْ مِن جَهلِهَا الأُمَمُ

 

 

         ليس من حقِّ أيِّ إنسان أنْ يصدر حكماً أو قراراً بإنهاء حياة إنسان آخر مثله ، مهما كانَ منصبه ووظيفته ، ومهما كانتْ الأسباب ، أو تحت أيَّة ذريعةٍ ، أو بالرجوع إلى تعاليم أيِّ دين ، كـما ليسَ من حقِّه أنْ يمتهنَ إنسانيَّته بأيَّة طريقة ، أو يهينَ كرامته بأيَّة وسيلةٍ كانتْ ، هذه هي الإنسانية التي أعرفها بغير مفهومها الإسلامي ! ؛ وهنا لا بُدَّ لِي من أذكِّر بشاعر العربية التركي المستعرب حسن حسني باشا الطويراني ( 1267 – 1315 ه / 1850 – 1897 م ) ، الذي هجام الإسلاميينَ مباشرة فنالَ منهم بقوله :

إِنِّي أَقُولُ وَحَقٌّ مَا أَقُولُ لَهُم

 

 

لكِنَّهم جَهلُوا تَحقِيقَ مَا فَهِمُوا

 

مِنِّي سَمَاعاً عِبَادَ الله واعتَبِرُوا

 

 

يَا أُمَّةً ضَحِكَتْ مِن جَهلِهَا الأُمَمُ

 

 

أقول بعد هذا الاستطراد : لمْ يصلْ ما كتبه المؤلِّف في روايته هذه إلى درجة الكمال ، ولم أقلْ : إنَّني لا أجد ما يُنقَد في كتابته لأنقده ، أو أنَّني عاجز عن ذلك ، فهو كغيره من الكُتَّاب العرب منحازٌ لقوميَّتهِ وأبنائها كلِّهم ، ثمَّ لأبناء جلدته منهم ، وهذا الكلام ليس جزافاً ولا رمياً للرجل بالباطل ، بلْ هو حقيقة ملموسة سأبيِّنها في التالي من نفس هذه الأكتوبة ، لكنَّه يبقى أفضل عندي بكثير من نظرائه وأقرانه ، لأنَّه حاولَ – أقول : حاولَ ، وأتمنَّى أنْ تركِّزوا على قولي : حاولَ – في سردِهِ أنْ يظهر لنا عن المجتمعينِ : العربي الإسلامي ، والإسرائيلي اليهودي ، كما هما ، وعن الناس الذينَ يعيشونَ فيهما كما هم في حقيقتهم .

وقد نجح إلى حدٍ كبير جداً - مع بعض الإخفاقات في بعض المواضع التي سأبيِّنها أيضاً - في تصوير واقع مجتمعنا العربي البائس ودينه الإسلامي المتخلِّف من دون أنْ يقصد تشويهما ، لأنَّهما مشوَّهان أصلاً ، فبمجرَّد أنْ كتب عنهما بموضوعيَّة - نوعاً ما - كما فعل ، برز هذا التشوُّه وبانَ ! .

ولمْ ينجحْ مع المجتمع الإسرائيلي الذي أرادَ أنْ هو يشوِّهه بإظهاره لعيوبه دون ميِّزاته ، وهنا يكمنُ الانحياز الذي اتَّهمْتُهُ ولازلْتُ أَتَّهمُهُ به ، بأنْ عرضَ الإنسان اليهودي مقامراً ومحبّاً للقمار مدمناً عليه في شخصـية الخبير الإلكتروني بالأنظمة الأمنيَّة ( رافي دافيدوفيتش ) [ مثَّل دوره الفنان التونسي القدير : تميم عبده ] ، لذا لمْ يكنْ مستغرباً عند المؤلِّف أو في خياله أنْ يبيع هذا المقامر اليهودي النظام الأمني المحكم لمصرف ( ليوؤمي ) الذي يعمل فيه لـلمسلم غير الملتزم بتعاليم دينه ( ناجي عطا الله ) – فالرشوة والسرقة وغيرهما حرام كما يقول المسلمونَ ، والشعوب الإسلامية مشهورة بهما وبغيرهما من الموبقات والمفاسد ! - ذلك كي يسدِّد ديونه التي تورَّط بها نتيجة خساراته المتكرِّرة على طاولاتِ قمارٍ نصِبَتْ خارج حدود بلدهِ إسرائيل ! ، أو داخلها تحديداً في بيت المصري المسلم ( ناجي عطا الله ) ! ، وهو بذا – أي ( دافيدوفيتش ) - خان بلده ، أو هكذا أراد أنْ يقول لنا المؤلِّف مستخفاً بعقولنا ومستهيناً بطريقة تفكيرنا ؛ وكذا أرادَ أنْ يؤكِّد لنا أنَّ المواطن الإسرائيلي مستعدٌ لأنْ يرتشِي ويخونَ بلده التي ليس لها حسب فرضيات البعض – ربَّما يكون المؤلِّف منهم - أحقيَّة في الوجود على الخارطة العالميَّة ، ذلك في شخصيَّة ( عوفاديا السمَّاك ) [ مثَّل دوره ببراعة وتميُّز الفنان : بطرس غالي ] ، والذي أتى بأناسٍ سلَّموا أنفسهم طواعية لـ (  ناجي عطا الله ) ليأخذهم إلى ميلشيات حزب الله اللبناني مقابل المال ، أي قبلوا الرشوة وخانوا بلدهم حالهم كحال سابقهم اليهودي الأوَّل ؛ ولم يفتْه أنْ يصوِّر لنا المرأة اليهودية الخائنة لزوجها الذي يحبُّها في شخصيَّة زوجة ( رافي دافيدوفيتش ) ، وهي : ( آيلت ) [ مثَّلت دورها الفنانة : فريدة الجريدي ] ، وناقضَتْ هذه الشخصية شخصيَّة يهوديَّة أخرى ، هي : ( هَنِي ألدن ) أو ( نضال ) [ مثَّلت دورها الفنانة الجميلة صاحبة نظرة العشق الرائعة : سناء يوسف ] ، يهودية من أصل سويسري قتل اليهود أباه - الذي يمكن أنْ يكون مسلماً على الأرجح لأنَّ ( الكابتن حسام المصري ) [ مثَّل دوره الفنان : أحمد صلاح السعدني ] ارتبط بها وتزوجها ، أو مسيحياً في الأقل ، وبالمناسبة أذكِّر بأنَّ دين المسلمين يسمح للرجل منهم أنْ يتزوج من غير المسلمة ، ولا يسمح للمرأة بذلك ، انظروا إلى هذه الازدواجيَّة التي سأرجئ التعليق عليها إلى مناسبةٍ قادمة - فكرهتم ، لذا فمن الطبيعي عند المؤلف أيضاً أنْ تخون دولتهم التي هي مجبرة – لا أدري لماذا ! - على أنْ تكون واحدة من مواطنيها ، هكذا أرادها وصوَّرها في أكتوبته ، وأنوِّه لمَن لا يعرف بأنَّ اليهودي هو مَن كانتْ أمه يهوديَّة وليسَ أبوه ؛ وبذلك تكون هذه البنت المسكينة يهودية عند اليهود ! ، ومسلمة عند المسلمينَ ! ، وحالتها أمَرُّ وألعنُ من حالتي أنا أخوكم رمزي العبيدي ، فقد فُرِضَ عليَّ الإسلام اللعين دين أبي منذ أنْ خلقني الربُّ كائناً في بطن أمِّي ، وهذه المسكينة فرضَ عليها مثلي دينُ أبيها ! ، كما فرضَ عليها معه دينُ أمها ! ، كان الربُّ في عونها .

وعن هذا كلِّه أقول : إنَّ كامرة المخرج رامي إمام عاندَتْ ثمَّ فنَّدَتْ فرضيَّات الأستاذ يوسف معاطي المتعلِّقة باليهود وإسرائيل ، وما ترتَّب عليها من نظريات ابتعدَتْ في غالبيَّتها عن المنطق ، بما عرضته من صور – حقيقية أو افتراضية ، لا فرق – للعاصمة الإسرائيلية ( تل أبيب ) ظاهرٌ فيها التطور العمراني والطفرة الحضارية في البناء والرقي في نظافة الشوارع ، بلْ وحتى نظافة البشر أنفسهم ورفاهيَّة عيشهم ؛ وفي رأيي غير المتواضع : إنَّ المجتمع الذي يصل إلى هذه الدرجة من الرقي الحضاري في البناء والتعمير لا بُدَّ أنْ يكون قد وصل قبله إلى درجة تفوقها من الرقيِّ في التفكير والسلوك ، وبذا يكون أغلب أفراده بعيدينَ كلَّ البعد عن الفساد المالي والإداري ، وإلا ما استطاعوا أنْ يبنوا ويعمِّروا ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر أقول : لو كان الإسرائيليونَ يخونونَ بلدهم بالصورة التي قدَّمها المسلسل أو تمناها المؤلِّف في سطوره لانتهَتْ دولتهم من زمان ، وأتمنى لجميع العرب فرداً فرداً – صادقاً ومن كلِّ قلبي – أنْ يحبَّ كلُّ واحد منهم بلده كما يحبُّ الإسرائيليونَ بلادهم ، فيبنيها مثلهم ، فالحبُّ يا أصدقائي الكرام يجب أنْ يكون بالفعل الملموس لا بالقول الفارغ ؛ ولا تعليق عندي عن الخيانة الزوجية أو خيانة الزوجة اليهودية لزوجها اليهودي لأنَّ أكبر نسبة فساد وشذوذ جنسي تجده عند أبناء ديار المسلمينَ المقدَّسة في نجدٍ والحجاز - أو ما تعرف اليوم بالمملكة العربية السعودية - وفيها ، ولا داعي للتذكير بفضائح أمراء ( آل سعود ) في أوربا ولندن ، ولكن من الطريف والمهمِّ أنْ أروي لكم ما رأته عينِي وسمعته أذنِي : فأنتَ عندما تمشي ليلاً في دمشق ، تحديداً في منطقة الحجاز مقابل البريد وقرب محطة القطار ، فإنَّه حتماً سيلاقيك بعض الشباب السعودي خاصة أو غيرهم من الخليجيين : ( الإماراتي ، العماني ، الكويتي ، البحريني ، القطري ) ، يعني جماعة دول النفط التي تعطي لمواطنيها العاطلينَ عن العمل معاشات بطالة ، قلتُ : حتماً سيلتقي بك هؤلاء الشباب فيسألونك عن ( ملهى الكروان ) الواقع في تلك المنطقة ، متى أو في أي ساعة سيفتح أبوابه ؟ ، وإذا مشيْتَ بامتداد منطقة الحجاز وتجاوزْتَ مبنى محافظة دمشق ، لتصل إلى تمثال ( يوسف العظمة ) في ساحته الواقعة بين شارع ( 29 ) أيار وشارع المحافظة ، فستُسأل منهم نفس السؤال ، ولكن هذه المرَّة عن ( ملهى ليالي الشرق ، أو ملهى الماسة ، أو نايت كلوب الوسيم ) الواقعة كلها في وبالقرب من التمثال ذاك ؛ ولا تقل لي أنَّ فساد الشباب السعودي والخليجي عامة هو خارج بلدانهم كما يتبجحونَ هم علينا ! ، فأنا أسألك ماذا سيفعل هذا الواحد من الشباب الفاسد المفسد عندما يعود إلى بلده وفي رأسه كلُّ الحماقات التي ارتكبها مع الغانيات في النوادي والحانات ؟! ، ودعوني أخبركم لكم شيئاً ممَّا أعرفه عن طريقة تفكير بعض الشباب المتأسلمينَ في دول الخليج الفارسي ، من الذين فرضَ الإسلام عليهم بسبب البيئة ، قلتُ : نتيجة للكبت والحرمان الذين يعانون منهما في بلدانهم هم يؤمنون ويصدقونَ بما يلي من ترهات وخزعبلات ، وهي : الخمرة عند الشباب السعوديين والخليجيينَ حرام لكنَّ الحشيش والمخدِّرات حلال ، لأنَّ قرآن إسلامهم هم لمْ يحرِّمها ، فمن جاءهم به لمْ يكنْ يعرف عنها شيئاً لأنَّها تكنْ موجودة قي زمانه ! ؛ الخمرة حرام في بلدانهم وحلال في دمشق أو غير بلدانهم ! ، الخمرة حرام في الشارقة الإماراتية وحلال في دبي الإماراتية أيضاً لأجل خاطر الأجانب ! ، الجنس حلال في كل مكان وفي أي وقت ! ؛ شباب تافه بسبب دين متخلف أ ليس كذلك ؟ ؛ وبالمناسبة فالشيء بالشيء يذكر كما يقولون : إنَّ الخليج الذي يمسونه بدعة وافتراءً بالخليج العربي ، هو في الحقيقة الخليج الفارسي أو خليج بلاد فارس ، كما جاءَتْ تسميته في المصادر والخرائط الجغرافية القديمة ! .        

والمسلسل يقدِّم لك ( ناجي بك عطا الله ) كونه ملحقاً إدارياً في السفارة المصرية بالعاصمة الإسرائيليَّة ( تل أبيب ) ، يقول عنه كبيرها - السفير المصري [ مثَّل دوره الفنان : سيف عبد الرحمن ] - للملحق الإعلامي المنقول حديثاً لها بمعيَّته ، واسمه : ( جمال عبد الناصر ) [ مثَّل دوره ببراعة الفنان : ياسر علي ماهر ] ، بعد أنْ سأله هذا الأخير عنه : إنَّه – أي ( ناجي عطا الله ) - كان ضابطاً كبيراً في الجيش المصري ، عُيِّنَ بعد تقاعده منه في وزارة الخارجية المصرية وفي سلكها الدبلوماسي تحديداً ! ، وألحقَ بسفارة بلاده في الدولة العبريَّة ؛ انتبهوا هنا وتأمَّلوا ثمَّ فكِّروا واسألوا أنفسكم أولاً : لِمَ يعيَّن ضابط كبير الرتبة والسنِّ بمنصب رفيع في وزارة الخارجية بعد تقاعده ؟! ، هلْ خلتْ مِصرُ المحروسة من كفاءاتها ، ليؤتى بعسكري في وظيفة مدنيَّة ؟! ؛ نعم أصدقائي : هذا هو حكم العسكر ، حكم الأغبياء والمتخلفينَ المتسلطينَ على رقاب الناس بلداننا العربية التي مازال أغلبها يُصنَّف ضمن بلدان العالم الثالث البعيد عن التنمية والتطوير ، لأنَّ أنظمتها الحاكمة واقعة تحت سيطرة المحسوبيَّات والعلاقات الشخصية والروابط الأسريَّة ، وبعيدة كلَّ البعد عن المعايير العلميَّة في اختيار الإنسان المناسب في المكان المناسب .

         ويعرضه رجلاً ظريفاً خفيف الدَّم يجيد اللغة العبريَّة ويتكلَّمها بطلاقة وأريحيَّة ، ويروي مستخدماً إيَّاها لأصدقائه الإسرائيليينَ نوادرَ ومُلَحاً عن بخل اليهود نظرائهم من أبناء قومهم ، وهم يتقبَّلونها ويضحكونَ عليها ؛ وهنا أسألكم مستحلفاً لكم بربِّكم أيضاً : هلْ يتقبَّل أيُّ واحدٍ من المسلمينَ أنْ يأتيه يهوديٌ ليلقي عليه نوادرَ ومُلَحاً عن غباءِ المسلمينَ وتعصُّبهم ؟! ؛ وهل المسلمونَ كرماء حتى يعيِّروا اليهود ببخلهم ؟! .

         يجسِّد المسلسل في شخصية ( ناجي بك عطا الله ) الازدواجيَّة التي تعاني منها شخصية الإنسان العربي عامة والمسلم خاصة ، بأنْ يظهره منافقاً يوقع بين اليهود بذريعة أنَّه يسايرهم أو يمشِّي أموره معهم ، والمسايرة غير النفاق والفتنة والإيقاع بين الناس كما هو معلوم ! ، ثمَّ يستضيفهم في بيته ليلعبوا القمار ، فيفرض عليهم عشرة في المائة كعمولة على لعبهم في أرض بيته ، وقد أطلق  بنفسه على هذه الأموال التي يقبضها منهم أو أسماها بـ : (Parking  ) ، ورأيناه يقدِّم لهم مشروباً روحياً فاخراً هو : ( الويسكي ) الذي يحرِّمه دينه الإسلامي ! ؛ وكان يقرضهم أمولاً بالرِّبا الذي يحرِّمه دينه الإسلامي كذلك ، فارضاً عليهم النسبة التي يختارها مستغلاً عوزهم وحاجتهم لأمواله تلك ؛ وفي حلقةٍ تاليةٍ لحلقاتٍ قبلها بعد ذلك من المسلسل ، يطلبُ أنْ يصلِّي بعد ( الشيخ حسن ) الإسلامي خبير المتفجرات والمفرقعات ومصمِّم القنابل ! ، [ مثَّل دوره الفنان : محمود البزاوي ] ، في مزارع ( شبعا ) بعد سرقة مصرف ( ليوؤمي ) في أيَّامٍ من شهر رمضان المبارك عند المسلمينَ أو هكذا يزعمونَ ! ، ولمْ يخبرنا المسلسل هلْ كانَ الجماعة صائمينَ يوم نفذوا عمليَّة السرقة الحلال من اليهود والحرام من غيرهم ! ، كما تقول فلسفة شيخ الإسلام ( حسن ) الذي أضاف [ واواً ] - لا أدري من أينَ أتى بها - إلى بداية الآية ( 160 ) من سورة ( آل عمران ) ، بعد أنْ قرأها منقوصة حين انفعل ووافق على الاشتراك في عملية السرقة التي يرفضها دينه المزعوم بعد أنْ عرف أنَّها لمصرف إسرائيلي ، فقال : (( و إن ينصركم الله فلا غالب لكم )) ، قلْتُ : أضاف واواً ولم يكمل الآية ، وهذه من أخطاء المخرج وزلاته الكثيرة في هذا العمل ! ، والتي سأعرِّج عليها بعد قليل .

         وتظهر هذه الازدواجية واضحة عند المؤلِّف عندما ينتقد المسلسل الديانة اليهودية ويعيبها ، لأنَّها تحرِّم على أتباعها من اليهود أكلَ ما ليس له قشور أو بزعنفةٍ واحدة ممَّا يخرج من البحر ، ساخراً من الاثنينِ من خلال تصرُّفات ( ناجي عطا الله ) وأفعاله ، ربَّما لأنَّ اليهودية كديانة لم تبيِّن سبب هذا التحريم ؛ ونسيَ أنْ ينتقد المسلمينَ ويعيبهم لأنَّهم لا يأكلونَ لحمَ الخنزير ! ، وهو يعرف جيداً أنَّ الإسلام كاليهودية لمْ يبيِّن سبب التحريم أيضاً ؛ وكـذا هو يصوِّر اليهود قتلة وسفاحينَ مجرمينَ من خلال حديث الملحق الإعلامي بالسفارة المصرية في العاصمة الإسرائيليَّة ( تل أبيب ) - المسمى باسم مركَّب هو : ( جمال عبد الناصر ) ، لأنَّه مولود يوم 23 / يوليو / 1952م ! - عنهم ، وانفعالاته تجاههم ، وتعابير وجهه الحزين على عيشته بينهم ! ، فهو يكرههم كرهاً عظيماً ! ؛ ونسي كالعادة أنْ يصوِّر المسلمينَ مثلهم بجرائم إرهابهم الحاقد على كلِّ العالم بناسه وأديانهم ؛ ولا تقلْ لي إنَّ الإسلام ليس موضوعنا هنا ، بلْ هو موضوعنا هنا وهناك وفي كلِّ آن لأنَّه سبب البلاء والخراب .

إنَّ إنتاج أيِّ عمل فنِّي كمثل هذا المسلسل أو غيره هو بلا شك من أجل الربح المادِّي ، وبالتأكيد : ليس من أجل سواد عيون المشاهد أو المتلقي ، وليس في هذا عيب أو نقيصة ، لكن كيفَ ستربح والإسلاميونَ يحيطونَ بك ويحكمونَ مِصرَك ويكتمونَ على أنفاسكَ فيها ؟! ، هـا كيف ؟ ، قلْ لي بربِّك ! ؛ ليسَ أمامك إلا أنْ تخرجه بهذه الطريقة التي فيها استغباءٌ للإسلاميينَ وأفكارهم ؛ فإذا كانتْ المشكلة الرئيسية هي العداوة بين الأديان ، فالإسلام هو الأكثر عداوة ووحشيَّة فيها ، ومشكلة الكراهيَّة موجودة عند المسلمينَ قبل أنْ تكونَ عند غيرهم ، لدرجةٍ أعمتهم أنْ ينظروا إلى عيوبهم وتخلُّفهم عن باقي الأمم ، وما كراهيَّة العاملينَ بالسفارة المصرية في عاصمة الدولة العبريَّة ( تل أبيب ) ، للإسرائيليينَ وحقدهم عليهم وهم يعيشون معهم ، لا لشيءٍ سوى لأنَّهم يهود إلا دليلٌ على ذلك ، تجسَّد ذلك في شخصيتي : الملحق الإعلامي المنهوَّه به قبلاً وسائقه أو سائق السفارة [ مثَّل دوره الفنان : ؟ ] الذي هو نفسه سائقٌ لــ ( ناجي عطا الله ) أيضاً .

ومن حقِّكَ أنْ تسألنِي أين يكمُنُ هذا الاستغباء لهم ؟ ، وهنا أقولُ لك : لقد نجح الأستاذ يوسف معاطي ومعه الزعيم عادل إمام والقائمونَ على إنتاج هذا المسلسل ، في أنْ يستغلُّوا كراهية الأخوان المجرمين المفسدينَ في مصر وغيرهم من الإسلاميينَ فيها وفي غيرها لليهود ، ويوجِّهوهم إلى الصراع العربي الإسرائيلي ، فيشغلوهم به وبالقضية الفلسطينية المزعومة ، وما ذلك إلا ليتَّقوا شِرَّتهم ويتجنَّبوا أذاهم من جهة ، ويجعلوهم يوافقونَ على عرض المسلسل في القنوات المصرية الرسمية - التي أصبحَتْ مع الأسف تابعة لهم اليوم - ولا يوقفونَ عرضه فيها أبداً ؛ وكانَ الإسلاميونَ قبلَ سنوات قريبة أو ليسَتْ بعيدة كثيراً عن يومنا هذا ، قد أوقفوا بالتهديد والوعيد بالويل والثبور عرض مسلسل أنتجه تلفزيون قطر ، بعد أنْ عرضَتْ منه فضائيَّة شيوخ السعودية ( MBC1 ) التي تمجِّد جلالة الملك - المعروف بخادم الحرمينِ - دائماً ، حلقتينِ أو ثلاثة على ما أتذكَّر ، وكان عنوانه : ( الطريق إلى كابول ) .

إنَّ مسلسل ( فرقة ناجي عطا الله ) في حقيقته وجوهره ينتقد حقيقة المجتمع العربي البائس ، وينتقد معه الإسلام بترَّهاته وخزعبلاته وبطائفتيه الرئيسيَّتينِ : السنة والشيعة ، من خلال ما استطرد إليه من الأحداث الواقعيَّة التي حدثتْ بالذي كانَ بلدي وهو العراق ، وقلتُ : الذي كانَ بلدي ، لأنَّني تركته للإسلاميينَ منذ العام 2006م ، وأقسمْتُ أنْ لا أعود إليه إلا مرغماً ، ودعوْتُ ربِّي - الذي يدَّعي المسلمونَ أنَّه ربُّهم وربُّ الناس جميعاً - أنْ يهلكني وأولادي ولا يكتبَ عليَّ العودة له ، فقد لعنته لأنَّ أرضه مبتلاة بهم وبطائفيَّتهم ، لكنَّني لمْ ولنْ أكره ناسه الطيِّبينَ المساكينَ المبتلينَ بشلَّة من الديَّانينَ يكتمونَ على أنفاسهم فيه ؛ نعم : لقد عشْتُ في العراق مضطراً لأنَّني ولدْتُ فيه رغماً عنِّي أو بغير إرادتي ، ولكن بعد أنْ استفحل فيه الإسلاميونَ اليوم ، لسْتُ مضطراً لأنْ أكملَ ما بقي لي من الأيَّام والسنين على أرضه ، فأرضُ الربِّ واسعة كما هو معلوم ، ولا أريد لأولادي أنْ يعانوا مثلما عانيْتُ ، أو يتعذَّبوا مثلما تعذبْتُ وأنا أسكنه ، أو يتعدَّى عليهم فيه شرطيٌ تافه مثل الذي تعدَّى عليَّ فيه ، وكانتْ جريمتي الكبرى أنَّ صوت بابَ داري أفزعه وحركتها أرعبته وأنا أفتحها لأذهب إلى عملي في صبيحة ذلك اليوم الأسود الذي لمْ أكنْ أدري فيه أنَّ دوريته مرابطة أمامها ! ؛ لذا نجوْتُ بأولادي وبنفسي قبلهم من جحيمه ، فلا أريد خيره وأتركه لمَن يريده ، وأنا إنسانٌ حرٌ ، ولا شأنَ لأحدٍ بي .

قرأتُ في الأيام الماضية على صفحات مختلفة من موقع التواصل الاجتماعي ( الفيس بوك ) والذي يقع على أو في الشبكة العنكبوتية – الانترنت - هجمة شرسة على الممثلينَ العراقيينَ الذين اشتركوا في هذا المسلسل وخاصة الفنان الكبير بهجت الجبوري ومعه الصديقينِ الرائعينِ القديرينِ : مهدي الحسيني وسلام زهرة ؛ بدعوى أنَّ الدراما العربية تسيءُ للعراق وللعراقيين ! ؛ والغريب أنَّ أغلب مَن شنَّ هذه الحملة الشعواء هم من العراقيينَ المغتربينَ خارجه في أصقاع الأرض ، ولا بُدَّ لي أنْ أسألهم : إذا كنتم تحبُّون العراق كلَّ هذا الحبِّ - الذي سمح لكم أنْ تتطاولوا على قامةٍ رائعةٍ من قاماته ، وهو الفنان الكبير بهجت الجبوري أو أيِّ واحدٍ من زملائه الممثلينَ – لماذا تركتموه ؟ ، ولماذا لا تعودونَ إليه وتتركونَ دول الغرب الذي يكفِّره دينكم الإسلامي الملعون ؟ ، أ نسيتم أنَّكم تركتم العراق - مثلي أو لنفس أسبابي - بسبب الإسلام والإسلاميينَ ؟ ، لماذا تغالطونَ أنفسكم ؟ ، أ نسيتم ؟ ، يبدو أنَّ النسيان أصبح اليوم عادة من عاداتكم التي تحبونها وتفضِّلونها على غيرها من العادات ، ويحبُّها ويعشقها ويفضِّلها الإسلاميونَ مثلكم ! ، أ بهجت الجبوري وزملاؤه الممثلونَ هم الذينَ خرَّبوا العراق باشتراكهم بمسلسل ( فرقة ناجي عطا الله ) أم السمكة فاسدة من رأسها بإسلامكم وتأسلمكم أيُّها الأغبياء المتخلفون ؟ ! ؛ أمَّا مَن ارتكبوا نفس هذه الحماقة من عراقيي الداخل فالكثرة منهم من أتباع الأحزاب الدينية الإسلامية المتخلِّفة التي تحكم العراق اليوم ، وبقيَّتهم من الذينَ لا يدرونَ ماذا يقولونَ ! ، فهم إمَّعاتٌ تردِّد ما تسمع ! ؛ واعلموا أيضاً  أنَّ العراقيينَ - مع احترامي للطيبينَ منهم - أساؤوا لأنفسهم قبل أنْ يُسِيءَ أحدٌ إليهم ! .

لمْ يفلحْ القائمونَ على إنتاج هذا المسلسل في اختيار مخرج مناسب له ، وربَّما كانَ هذا الاختيار غير الموفق للمخرج رامي إمام مجاملة لوالده الفنان الكبير عادل إمام ، فالمجاملة هي من العادات السيِّئة المترسِّخة في مجتمعاتنا العربية المتأسلمة كما تعلمونَ ؛ وقد غطى الزعيم عادل إمام على عيوب الإخراج أو عيوب المخرج - الذي هو ابنه - في الإخراج ، كتغطيته على عيوب بعض الممثلينَ كما قلنا قبلاً ، ذلك أنَّ تركيز اهتمام المشاهد العربي انصبَّ على الزعيم عادل إمام في كلِّ مشهدٍ ظهر فيه ، وترقَّبه في كلِّ مشهدٍ لمْ يشترك به منتظراً إطلالته في التالي من المشاهد ، هذا ما حصل معي أنا شخصياً ؛ لكنَّني شاهدْتُ كلَّ حلقةٍ من حلقات هذا المسلسل أربع مرَّات ، على أربع فضائياتٍ مختلفة ، وكررْتُ مشاهدة بعض الحلقات على موقع ( يوتيوب ) الإلكتروني ، ولمْ أتخلَّص من لهفتي وراء حركة الزعيم عادل إمام ، وأنا المختصُّ والمتجهِّر للكتابة عمَّا سطَّره المؤلِّف ، فكيف بالمشاهد العادي ؟ ، أعانه الربُّ ! ؛ وما تحيَّتي لهذا المخرج الشاب في بداية مقالتي هذه إلا من باب تقديري لِمَا بذله من جهد محاولاً به تكرار نجاحه السابق الذي حققه في السنة الماضية مع الفنانة التونسية - المتمصرنة على يد الأستاذة المخرجة الكبيرة والإنسانة الراقية إيناس الدغيدي - هند صبري في مسلسل : ( عاوزا أتكوز ) .

وكلامنا السابق لا يعني البتَّة أنَّ المخرج رامي إمام هو إنسان عائشٌ في جلباب أبيه أو معتمدٌ عليه ، بلْ هو متمكنٌ تخصُّصه مبدعٌ في مهنته ، وهو شخصٌ ناجح ومتفوِّق على أقرانه ونظرائه في هذه المهنة الشاقة ، ممَّن هم من جيله أو في مثل سنِّه ، وقد نجح قبلاً بمجهوده الشخصي وإبداعه الذاتي نجاحاً كبيراً مع والده الكبير عادل إمام في فيلم ( حسن ومرقص ) ، ونجح من دونه في مناسباتٍ كثيرة ، ولسْتُ مبالغاً لو قلتُ لكم : إنَّه نجح في كلِّها وجمعيها ، لكنَّه لمْ يتوفَّق هذه المرَّة لأنَّه ما يزال قليل الخبرة في الحياة ؛ لكنَّ الربَّ نجَّاه من الفشل والسقوط في الهاوية ، لأنَّه اشتغل مع قيمةٍ فنيَّة كبيرة ، والذي هو والده الفنان الزعيم عادل إمام ؛ صدِّقوني لو كانَ ( ناجي عطا الله ) غير عادل إمام لبانَتْ فضيحة رامي ، وحُكِيَتْ لكم حكايته على المنابر ، طبعاً أعنِي منابر المثقفينَ لا منابر الإسلاميينَ ؛ وربَّما يكون لاستعجال جهات الإنتاج المتعدَّدة وضغطها على عليه بهدف أنْ يكملَ وينهي لهم الأمور الفنيَّة : ( التكتيكيَّة والتكنيكيَّة ) ليعرضُوا هذا المسلسل تحديداً في شهر ( رمضان ) ، دورٌ أو سبب في كلِّ العثرات والزلات التي وقع فيها رامي إمام .      

لقد وقع هذا المخرج الشاب قليل الخبرة في الحياة التي لمْ تعصره جيَّداً بعدُ - ( ننوس عن أمه وحبيبها ، ودلوع باباه ) كما يقول المصريونَ عن الفتى المدلل أكثر من اللازم - في أخطاء شنيعة في الإخراج لم يسبقه إليها أحد من كلِّ من مرَّ على إخراج الأعمال الدرامية المصريَّة عبر تاريخها ، فواحدهم كانَ يقع في خطأ واحدٍ أو خطأينِ على الأكثر في الأغلب الأعم ، وصاحبنا رامي أو ( كوكو ) - كما يسميه والده الفنان عادل إمام مذ كان صغيراً - وقع في الكثير منها ، وسأبيِّن لكم منها ما يلي :

1 . سوء اختياره بعض الممثلين في الأدوار المساعدة من المصريينَ عامة ومن غير المصريينَ خاصة ؛ لنْ أذكر له أسماءً وسأترك ذلك لنقاد الفنِّ والأداء التمثيلي ، وأنا متـأكدٌ أنَّ الأساتذة لنْ يقصِّروا معه ! ، وسأكتفي بما كتبْتُ عن ذلك في هذا المورد لأنَّ عندي ما هو أهم منه .

2 . ( السيد مناحم ) باللغة العربية ، أو ( أدون مناخم ) باللغة العبريَّة [ مثَّل دوره الفنان الرائع : جهاد سعد ] ، أظهره يحوقل في حديثه مع معاونه ( شاؤول ) [ مثَّل دوره الفنان : عدنان أبو الشامات ] بعد سرقة مصرف ( ليوؤمي ) ، فيقول وهو اليهودي : ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) ؛ كما جعل مسيحياً يقول : ( السلام عليكم ) ، المصيبة أنَّه قالها لـ ( ناجي عطا الله ) ليس عندما قَدِم إليه بلْ عندما انصرف عنه وكأنَّه من الإسلاميينَ السلفيينَ ! ، أعني بذلك ( ريمون ) مدير الفندق في سوريا [ مثَّل دوره الفنان اللطيف : عاطف حوشان ] ، وحتى لو كانتْ هذه الأخطاء قد ارتكبَتْ من قبل كاتب المشاهد [ السيناريو ] والحوار ، أو كانتْ موجودة في النص الأصلي ، فعلى المخرج أنْ يتلافاها ويبتعد عنها ، لا أنْ يبقيها كما هي ! .

3 . استخدم أماكن تصوير افتراضية في عواصم البلدان العربية : لبنان وسوريا والعراق ، ولمْ يتوفَّق في إقناع المشاهد العربي بأنَّه في بيروت أو دمشق أو بغداد ؛ ويبدو أنَّ ليس لديه فكرة مطلقاً عن شكل أو هيئة الحدود البريَّة بين الدول العربية ، لأنَّه على ما يبدو لي لمْ يسافر بالبرِّ أبداً في حياته ، لأنَّه كما قلتُ لكم عنه فتىً مدلل أكثر من اللازم ! ، لذا اعتقد أنَّه شوَّه ما كتبه المؤلف ، فلا أظنُّ أنَّ الأستاذ يوسف معاطي بهذه السذاجة والسطحيَّة ؛ ولا أستطيع الحكم على أمكان التصوير المفترضة أو الحقيقية في دولة إسرائيل لأنَّني لمْ أزرها بعدُ .

4 . في الحلقة 15 : رئيس المخابرات المصرية العامة [ مثَّل دورة الفنان القدير : رضا الجمال ] يتساءَل مع الضابط ( أحمد ) [ مثَّل دوره الفنان : ؟ ] : لماذا اعترف كلٌّ من حزب الله وإسرائيل بأنَّ ( ناجي عطا الله ) وفرقته إسرائيليونَ ؟ ، فيجيبه الضابط ( أحمد ) : (( كانتْ علاقته بيهم طيِّبة لدرجة تثير الشبهات ، وبعدين حصل معاهم مشكلة وتحديداً مع البنك دا ، رفع قضية على البنك واستقال بعدها )) ، ولمْ تكنْ المخابرات المصرية تعرف بموضوع سرقة بنك ( ليوؤمي ) ، ولم يعلنْ عنها في وسائل الإعلام بعد ! ؛ وفي الحلقة ( 16 ) تأكيد على عدم معرفة المخابرات بالعملية من خلال حيرة الفنان رضا الجمال نفسه ، المتقمِّص ببراعة شخصيَّة رئيس المخابرات المصرية العامة ! ؛ ثمَّ إنَّ ( ناجي عطا الله ) لم يستقلْ من وظيفته كما قال الضابط ( أحمد ) لرئيسه ، بلْ تمَّ الاستغناء عن خدماته بعد مشاحنته مع منتسبَي جهاز الأمن العام الإسرائيلي المعروف بـ ( الشباك ) [ مثَّل دوريهما الفنانينِ : فادي إبراهيم ، وجمال قبش ] ، وخشونته في التعامل مع ( إسحق ) مدير بنك ليوؤمي [ مثَّل دوره الفنان : عبد القادر الملا ] ، أ ليسَ كذلك يا مخرجنا الذي ستخرجنا من طورنا ؟! ؛ وبعدُ : فإنَّ الآتي ألعنُ وأمرُّ ! ، أقول : ( أويلي علينا بالعراقي ، ويا لهوتي يا خرابي بالمصري ، وولي على آمْتِي بالسوري ) ! .

5 . أود إعلام السيد المخرج بأنَّ السفارة الأمريكيَّة في دمشق تختلف تماماً عمَّا افترضه في مشاهد مسلسله ، وليس هذا هو المهم لأنَّنا كما قلنا أنَّ مواقع التصوير افتراضيَّة ! ، والرجل لمْ ينجحْ في الإقناع ! ، لكنَّ المهمَّ أنَّه أظهرها كواحدة من سفاراتنا العربية أو كسفارة بلاده ، فوضع صورة الرئيس ( باراك أوباما ) بجوار العلم الأمريكي ، وكأنَّك تدخل سفارة واحدةٍ من دكتاتوريَّاتنا العربية ؛ وهنا أقول لمخرجنا الشاب قليل الخبرة : أمريكا بلد الحريات ، والرئيس عندهم موظف كباقي الموظفينَ ، لهذا لنْ تجد صورة له بجوار العلم الأمريكي ، لكن يمكنكَ أنْ تجد له واحدة في لوحة الإعلانات في معرض تعريفك ببلادهم ، وهذه الصورة صغيرة جداً تختلف عن تلك التي أفزعتنا بها ، وهذا الكلام ينطبق على سفاراتِ كلِّ دول العالم المتحضِّرة التي تحترم مواطنيها وتحترم قبله نفسها ، وينطبق هذا على إسرائيل التي يكرهها الإسلاميونَ لأنَّها حليفة لهذا لعالم المتحضِّر ، ولا ضيرَ من أفيد المخرج رامي إمام بأنَّ بنايات السفارات الأمريكية في كلِّ العالم هي مبانٍ محصَّنة جداً ، ومحاطة بسياجٍ جميلٍ وعالٍ من الخارج ، وخلفه تحصينات إسمنتية ( كون كريتية ) وحديدية على شكل سياجينِ لا تراهما عيناك من الخارج ، ذلك كلُّه تمَّ بعد جريمة الإسلاميينَ النكراء في 11 / أيلول / 2001م ، لا كما أظهرتها لنا ، وكـأنَّ الولايات المتحدة الأمريكية بلد يشبه بلدك المتخلِّف مصر التي فيها نسبة الأميينَ من أبنائها زادَتْ على الستين في المائة منهم ، وليس العراق - حبيبي الأعزُّ على قلبي - الذي كان بلدي بأفضل من مصرك الغالية ، بلْ هو أتعس وأقبح ، فـ ( لا تعيرني ولا أعيرك ، الهمُّ طايلنِي وطايلك ) - كما يقالُ عندكم في المثل المصري – في موضوع تخلف بلدينا وجهل مواطنيهما من أبناء جلدتنا .

6 . أضحكني هذا المخرج عندما تحوَّل إلى مهرِّج فجأة ، ذلك عندما صوَّر لنا بساطة عبور أو اجتياز ( ناجي عطا الله ) وفرقته للحدود بين الدول العربية من خلال المعابر الرسمية باسم المقاومة ، بدون أنْ تدفع رشوةً مكتفياً بوساطة ( أبو القاسم ) [ مثَّل دوره الفنان : عبد الحكيم قطيفان ] ، وقبله وساطة ( أبو حسين ) [ مثَّل دوره الفنان : غسان عطية ] ، وبعدهما أو التي تلتهما وساطة ( سعد العراقي ) [ مثَّل دوره الفنان الكبير : بهجت الجبوري ] ؛ صحيح أنَّه لا يوجد أسهل من اجتياز الحدود العربية عبر المعابر الرسميَّة أو غيرها ، لكن لنْ يتمَّ هذا الاجتياز إلا بالمال ويستحيل بغيره تحت أيِّ مسمىً كاذب كالمقاومة وأشباهها ؛ لقد أظهر لنا المخرج رامي إمام ( ناجي عطا الله ) وهو يدفع أجرةً عنه وعن فرقته عندما أراد أنْ يعبرَ معها من رفح المصريَّة إلى رفح الفلسطينيَّة ، وقلت : ( أجرة ) عنها ، لأنَّ مستلم الأموال غير موظف في الدولة المصريَّة ، فهو مهرِّب يشتغل لحسابه ، وكان اسمه : ( أبو ...... ) [ مثَّل دوره الفنان : فاروق الجمعات ] ، ولم يظهره لنا يدفع حتى ليرة أو فلساً أو سنتاً واحداً عندما اجتاز كلَّ تلك الحدود العربيَّة .

7 . وعن معبر قوات حفظ السلام الدولية ( اليونيفيل ) أصحاب القبعات الزرق ، والذي يقع بين جنوب لبنان وإسرائيل ، أقول سائلاً المخرج هنا : لماذا أخفى عنَّا تفاصيل تلك الصفقة المشبوهة والمشكوك فيها ، والتي عقدها حزب الله اللبناني لـ ( ناجي عطا الله ) مع ذلك الضابط الواقف عنده ليساعده في عبور الحدود ؟ ، وقد دلَّتْا عليها ابتسامة لابس القبعة الزرقاء لـ ( إبراهيم ) أو ( هيما ) [ مثَّل دوره الفنان الكوميدي الخطير والنجم الجميل الذي أتوقع له مستقبلاً باسماً ، وهو عندي خليفة أبيه ، أعني : محمد إمام ] ، الذي ساق السيارة التي معلق عليها علم الأمم المتحدة الأزرق ومكتوبٌ عليها باللغة الإنجليزية : ( UN ) ؛ وهنا أقول : من العيب المُعِيب على المخرج – ومعه المؤلف إذا كان مشتركاً معه - أنْ يسيءَ إلى المنظمة الدولية بهذه الطريقة ، ولو كانَتْ عملية اختراق قوات ( اليونيفيل ) أو قوات حفظ السلام الدولية بهذه السهولة وتلك البساطة التي عرضها المسلسل ، لسمعنا كلَّ يوم عن حماقات لميليشيات حزب الله اللبناني داخل حدود إسرائيل .

8 . أصاب المخرج عندما ألبس اليهودية ( هَنِي ألدن ) أو ( نضال ) [ مثلت دورها الفنانة الجميلة سناء يوسف ، كما قلنا قبلاً ] ، حجاباً إسلامياً عندما صوَّرها واقفة مع قادة ميليشيات حزب الله قبلها دخولها إلى التابوت الذي تمَّ نقلها فيه لتعبر الحدود بين سوريا ولبنان ؛ قلتُ : أصاب لأنَّه عرض الإسلاميينَ على حقيقتهم البائسة ، مهتمِّينَ بالقشور والمظهر تاركينَ للمهمِّ والجوهر ، لكنَّه أخطأ واخفق عندما أظهرها حاسرة الرأس واقفة بجوار نفس القادة عندما ثُقِبَتْ إطارات السيارة التي كانتْ تنقل الفرقة في ذلك الطريق الجبلي داخل الأراضي اللبنانية قبل الحدود السورية ؛ وهنا أسأل هل تحضَّر قادة حزب الله بعد ساعاتٍ من مفارقتهم لـ ( ناجي عطا الله ) ؟ ؛ هذا كله تهريج من قبل المخرج والمؤلف معاً ! ، ومثله أو شبيهه رفض قائد حزب الله المعمم ( أبو حسين ) [ مثَّل دوره الفنان : غسان عطية ، كما قلنا قبلاً ] للأموال التي عرضها عليهم ( ناجي عطا الله ) مقابل أنْ يطلقوا سراحه وفرقته ، وطلبه منه أنْ يحضر له ثمانية أسرى إسرائيليينَ حقيقيينَ حفاظاً على مصداقية حزبه الإلهي ، لمبادلتهم بمعتقلينَ لبنانيينَ وفلسطينيينَ ومنهم : ( طارق بن زياد )  ، و( زياد ) [ مثَّل دوره الفنان : اسكندر عزيز ] هذا هو أخ شقيق لـ ( الحاجة فاطمة الفلسطينيَّة ) ، ربَّما يكون مبرِّرهما في ذلك كلِّه أنَّ إيران تنفق على حزب الله بسخاء أكثر بكثير من الأموال التي سرقها ( ناجي عطا الله ) وفرقته من بنك ( ليوؤمي ) الإسرائيلي ! ؛ ومن تهريج المخرج أيضاً على سبيل المثال لا الحصر : إنَّ ( ناجي عطا الله ) سلَّم كيساً من الدولارات أخذه من كتفِ ( تهامي ) [ مثَّل دوره الفنان صاحب العضلات الكبيرة المنفوخة ، والذي نصح متدرِّبه أنْ يأكل بغباوة حتى تكبر وتنتفخ عضلاته مثله ، أعني : أحمد تهامي ] ، بغير حساب إلى ( أبو شعلان ) المهرِّب المتحكم بالنفق الأرضي من جهة مدينة رفح الفلسطينيَّة [ مثَّل دوره الفنان : مازن لطفي ] ، ليسلمها إلى بركته التي يتبرَّك بها ( الحاجة فاطمة ) [ مثَّلتْ دورها الفنانة : أسمهان توفيق ] زعيمة المقاومة المزعومة أو المفترضة وسطيَّة بين حركتي فتح العلمانية وحماس الإسلامية ! ، هكذا فهمنا من عرض المخرج لما سطَّره المؤلِّف ، المهم : إنَّ ( أبو شعلان ) هذا استلم الدولارات من يد ( ناجي عطا الله  ) الذي سرقها من المصرف الإسرائيلي في كيس ، وسلمها إلى ( الحاجة فاطمة ) بحضور أخيها ( زياد ) في حقيبة تصغر ذلك الكيس بكثير ! ، لنْ أتَّهم الرجل بالسرقة لكنَّني أتَّهم المخرج بضعف الأداء .

9 . ومن المضحكات الطريفات أيضاً : إنَّ ( فرقة ناجي عطا الله ) كانتْ تحملُ أكياساً تكفي للأموال التي في المصرف تماماً ، فلم يظهر لنا المخرج نقصاً أو زيادة فيها ! .

10 . لا أستطيع الاعتراض على حسبة المبادلة التي عرضها المخرج من أنَّ إسرائيل توافق على استبدال ثمانية من مواطنيها الأسرى لدى ميليشيات حزب الله اللبناني بخمسمائة معتقل عربي في سجونها ، وليس هدفي الإشارة إلى أنَّها تحترم مواطنيها لأنَّها تحترم نفسها قبلهم ، فهذا معروف للجميع ؛ لكنَّني أحبُّ أنْ ألفت نظر المخرج من أنَّ هذه الحسبة تغيَّرتْ بعد العام 2009م ، المفترض أنَّ أحداث المسلسل تدور به ، فقد تمَّ في الأعوام التي بعده عقد صفقة مبادلة الأسير الإسرائيلي الواحد القابع في سجون حماس الإسلامية الفلسطينيَّة بألف وأربعة وعشرين معتقلاً عربياً ، فالإنسان أغلى شيءٍ عندهم في الوقت الذي هو ارخص شيءٍ عندنا ! ، أعني في بلداننا العربيَّة المتخلفة حضارياً والمتقوقعة بأفكار دين عفا عليه وعليها الزمن ! .

11 . فشل المخرج أيضاً في عرض أو تصوير التفجيرات في العراق على حقيقتها أو بواقعيَّتها ، وأنا لا أطالبه هنا بعرض مشاهد القتل والدمار البشعة التي يندى لها جبين الإنسانية ، بلْ اعترض على البساطة في تصويرها ، فلا معنى لانفجار سيارة الحمل ( البيك آب ) على الطريق الدولي في محافظة ( الأنبار ) العراقية في الطريق إلى بغداد ، والذي أفزع ناجي عطا الله وأيقظه من نومه في سيارة ( أبو القاسم ) [ مثَّل دوره الفنان : عبد الحكيم قطيفان ، كما قلنا قبلاً ] فالمجرمون الإسلاميونَ الذين يفخِّخونَ السيارات في العراق والعالم يفكرونَ بقتل أكبر عدد من الناس بتفجيراتهم ، فلا يمكن لساذج أنْ يصدق أنَّهم فخَّخوا سيَّارة ووضعوها في الخلاء على جانب الطرق العام ليفزعوا ( ناجي عطا الله ) ويوقظوه من نومه فيخبره ( أبو القاسم ) أنَّه في الطريق إلى بغداد أو بقربها ؛ انظروا وتأمَّلوا : كيف ينظر الناس إلى العراق عامة وإلى بغداد منه خاصة ؟ ، فالتفجيرات والقتل هو علامة اقتراب الناس من بغداد ، وهذه حقيقة لا أنكرها ، لكنَّني أعترض على طريقة أداء المخرج التقني في تصويرها وعرضها .

12 . في مشهدٍ طريف عرض المخرج عميلي الموساد الإسرائيلي في العراق الذين كلَّفا من قبل مرجعيَّتهما بمطاردة ( ناجي عطا الله ) وفرقته في شمال العراق ، يحمل كلُّ منهما جوازاً أمريكياً أبرزاه للضابط الكردي عندما راما دخول محافظة ( أربيل ) العراقية ، وليس اعتراضي هنا على جنسية العميلينِ الرجلينِ الساكتينِ ، لكنَّني أحبُّ أنْ أفيد المخرج رامي إمام ومن لا يعرف معه أنَّ الأمريكيينَ لم يكونوا يتنقلونَ في الأراضي العراقية حاملينَ لجواز سفرهم ، فهم لمْ يدخلوه به ، ومعروف لدى العالم كلِّه كيف دخلوه ! ، أما إذا سألتني : كيف يعبرونَ الحواجز العسكريَّة ؟ ، فأقول : بهويات ( باجاتٍ ) يحملونها في جيوبهم أو يعلقونها على صدورهم أو يربطونها بحبل قصير يمرِّرونه فوق رقابهم ، وكذا يتنقل العاملونَ معهم من عراقيينَ وغيرهم .

13 . إنَّ عقد الزواج المزوَّر الذي حرَّره دكتور سوق ( مريدي ) العراقي ( شلاكة ) [ مثَّل دوره بطرافةٍ ولطافةٍ وظرافة الفنان : مهدي الحسيني ] ، لـ ( ناجي عطا الله ) وحده من دون حضور الزوجة التي أملى عليه اسمها الفنان عادل إمام المجسِّد لدور الزوج ( ناجي عطا الله ) عندما كان يجلس في مكتبه في ذلك السوق ، فقال له عندما سأله عن اسم الزوجة بعد أنْ ردَّ له اسم الزوج أولاً ، قال اسمها : ( كاميليا حسين أبو المحاسن ) ، وفي مشهدينِ سابقينِ ، أولهما : في الفندق السوري الذي يديره ( ريمون ) [ مثَّل دوره الفنان : عاطف حوشان ، كما قلنا قبلاً ] ، وثانيهما : في السفارة الأمريكية بدمشق ، كان اسمها : ( كاميليا صبحي ) [ مثلت دورها الفنانة الرائعة والراقية : أنوشكا ] ، وقد ظهر هذا الاسم الأخير – أعني : ( كاميليا صبحي ) - في مشهدٍ تالٍ مكتوباً في ذلك العقد نفسه الذي أخرجه الزعيم ( ناجي عطا الله ) من جيبه فيما بعد ، وعرضته وركَّزَتْ عليه عدسة المخرج ! .

14 . أمَّا موضوع التعليم في العراق ، وبالتحديد بطالة المدرسينَ التي تحدَّث عنها ( الأستاذ سعد الجبوري الأعظمي ) [ مثَّل دوره الفنان الكبير : بهجَتْ الجبوري ] ، ففيه شيءٌ من المبالغة والخلل في عرض بطالة المعلم العراقي ، لكن هناك ما هو ألعن ، وفات المخرج أنْ يعرضه عن العراق وأغلب الدول العربية والإسلامية المشابهة له ، والتي نخرها السوس متمثلاً بالفساد المالي والإداري ، فقد وصلتْ الرشوة في العراق وشبيهاته من تلك الدول إلى التعليم والقضاء ، وعن التخلُّف حدِّث ولا حرج ! .           

15 . أخيراً وليس آخراً : إنَّ الطيارة التي ركبها ( ناجي عطا الله ) وفرقته ومعهم ( كاميليا صبحي ) مندوبة الأمم المتحدة ، كانت متوجِّهة إلى تركيا ، هكذا قال لنا الممثلونَ ، لكنَّها فجأة تحوَّلتْ متوجِّهة إلى القاهرة في الخبر الذي أذاعه عن اختطافها كبير مذيعي التلفزيون المصري أو مذيعه المخضرم بين جمهوريَّتي مصر الأولى والثانية ، الأستاذ خيري حسن ، وخيري حسن لا ذنب له في هذا الخطأ الذي وقع فيه المخرج ، فقد أعطاه خبراً قرأه كما هو ! ، ولا أريد أنْ أخلط هنا بين الخطأ الفضيع والشنيع الذي ارتكبه خيري حسن نفسه في الحقيقة قبل مدَّة وجيزة عندما وصف رئيس مصر الأخواني محمد مرسي الذي لمْ يحضر تشييع قتلى الجيش المصري في الهجوم الإرهابي الأخير عليهم في شبه جزيرة سيناء المصرية ، قلتُ : وصفه وكأنَّه حاضر حزين ! ، والمقطع موجود بتفاصيله على موقع ( يوتيوب ) الإلكتروني في الشبكة العنكبوتية أو الانترنت ، ولا غرابة أو لا استغراب عندي من ذلك كلِّه ، لأنَّ الإعلام الرسمي العربي أو إعلام الحكومات العربية بتعبير أدق ، كلُّه إعلام هزيل ن ولا يستحقُّ حتَّى أنْ نضيِّع بعض وقتنا في الحديث عنه .

16 . من حسن حظ مخرجنا الشاب أنَّني لا أفهم في موضوع ( الهكرز ) الإلكتروني وفك الشفرات ومعرفة كلمات السر ، فلو كنتُ أفهم لناقشته في موضوع إيقاف أشعة الليزر في الثانية الأخيرة قبل لمسها وجه ( ناجي عطا الله ) المتقدم إليها على باقي عصابته أو فرقته حتى لا يزعل علينا المعنيونَ بالمسلسل ، مع العرض أنَّه راقي في طريقة تحريكه للمهندس ( زاهر عبد الحميد الفار ) [ مثَّل دوره الفنان : عمرو رمزي ) ؛ ومن حسن حظِّه أيضاً أنَّ الورق الذي كتبه الأستاذ المؤلف يوسف معاطي ليس في يدي ، فلو كانَ في يدي لناقشته وإيَّاه في أنَّني لم أسمع بأنَّ القراصنة الصوماليينَ يخطفونَ الطائرات ، بلْ عرفْتُ عنهم بما اشتهروا به من خطف السفن البحرية ، والخلل هنا عندي لا عنده ! .

***

         ليعلم الأستاذ رامي إمام مخرج هذا المسلسل أنَّني ما وجهْتُ سهام نقدي له إلا لأنَّني معجبٌ بإبداعاته في أعمله السابقة ، ومقدِّرٌ لجهده فيها وفي هذا العمل أيضاً ، وقد حزنْتُ وآلمني وقوعه في هذه الزلات والهفوات الكثيرة التي بينْتُ له ولكم بعضها ، وتساهلْتُ معه ومع الأستاذ المؤلف في تفاصيل أخرى كثيرة ، قلتُ : ما تساهلْتُ معهما لأنَّني من البشر الطيبينَ ، أو لأجل سواد عيونهما ، لكنَّني معجبٌ بسعة خيال المؤلف وعارف لحقيقة مجتمعنا البائس ؛ ويجب عليه أيضاً أن يعي بأنَّ النقد – أي نقد - بناءً كانَ أم هدَّاماً ، هو الذي يصنع إبداع الفنان ، فالبناء منه هو الذي يعتمد عليه في تطوير نفسه ، والهدام منه هو الذي يحفزه على التصدي له بالاستمرار في مسيرته ؛ ولينظر إلى مَن هو قريب منه ، وأعني والده الفنان الأسطورة عادل إمام ، والذي يشبه الدولار الأمريكي ، فالدولار هو هو مهما حدث في العالم من نكبات وكوارث أو انتعاش وازدهار ، وعادل إمام هو هو مهما نقدته ، فإنْ مدحته وطبَّلْتَ له فهو عادل إمام ، وإنْ بينتَ أخطاءه وحاولتَ التعريض به فهو عادل إمام ، وإنْ تطاولتَ عليه وشتمته كما فعل الكثير من الأدعياء على طول مسيرته الفنية الكبيرة فشتيمتك ستلتصق في وجهك لأنَّه هو هو عادل إمام ؛ ومثله لكن في مجال الشعر والأدب شاعر العراق وشاعر العرب الأكبر ، وهو شاعر العصر ( كما سمَّاه أحد أساتذة النقد الأدبي عـندنا في العراق ) ، الجـواهـري الكبير  ( كما يسميه راويته وأستاذنا صباح المندلاوي نقيب الفنانين العراقيينَ ) ، فالجواهري هو هو الجواهري مهما قلت عنه أو فيه .

         حذارِ حذارِ يا رامي أنْ تتكبَّر على كلماتي هذه لأنَّك ستكون أنت الخاسر الأكبر في الأوَّل والآخر ، لمْ أردْ أنْ أتعرَّض لشخصك أو اهبِّط عزيمتك أو أنتقص من جهدك أو أقلِّل من أهميَّة ما قدَّمته في هذا المسلسل ، لكنَّني وضعْتُ أخطاءَك أمامك ، منتظراً منك الاعتراف بها أمام نفسك فقط ، فلم أطالبك بأنْ تعترف بها أمامي أو أمام الجمهور ، ولا أنْ تبرِّرها لي ولهم ، لأنَّ تبريكَ لها قد يكون أقبح وألعن من خطئك وزللك فيها ، وكلُّ ما أريده منك هو أنْ تلافى ما هو مثلها أو مشابه لها في أعمالك القادمة ، وسامحنِي أرجوك على بعض كلماتي التي قلتها في معرض نقدي لك والتي منها : ( ننوس عن أمه وحبيبها ، ودلوع باباه ) و ( كوكو ) ، فلم تكن – صدقني من غير قسم – من باب الاستهزاء بك ولا الاستخفاف بشخصك الكريم ولا التقليل من شأنك ، بلْ من باب تلطيف الجو وشدِّ القارئ وإبعاد الملل والسأم عنه ، أمَّا قولي عنك بأنَّك فتىً مدلَّل فلا اعتذر عنه لأنَّه حقيقة أنا وأنت نعرفها ، فأنا مثلك يا صديقي ( ننوس عين أمي وحبيبها ، ودلوع أبي ) ، ولا أستحي من ذلك ولا أنكره ، بلْ أعترف به أمامك وأمام كلِّ القرَّاء الكرام ، واضعاً نعلي والديَّ على قمَّة رأسي ؛ وأتمنى لك مخلصاً ومن كلِّ قلبي كلَّ النجاح والموفقيَّة في حياتك الإنسانيَّة البشريَّة والفنيَّة العمليَّة .

         وللزعيم الكبير عادل إمام ، أنحنِي ثمَّ أقول : أنت قيمة فنيَّة كبيرة ، ومع ذلك فقد انحزْتَ كثيراً لولدك وفلذة كبدك رامي ، عندما تغلَّبَتْ عاطفتك الأبويَّة على عقلك الراجح ، ساعة أنْ قلْتَ عنه ما ليسَ فيه بمبالغةٍ أبرِّرها لك وأعذرك فيها لأنَّني أبٌ حنونٌ مثلك ، في تلك الكلمة التي تحدَّثتَ فيها عن مسلسل ( فرقة ناجي عطا الله ) قبل عرضه في شاشات الفضائيات ، لا أستطيع تحديد زمنها أو تاريخها بالضبط ، لأنَّني شاهدْتها في موقع ( يوتيوب ) الإلكترونِي الواقع في الشبكة الدولية للمعلومات – الانترنت – لكنَّني أستطيع تذكيرك بها بأنَّها كانتْ معروضة عبر شاشة قناة ( الظفرة ) الإماراتيَّة ، وقد قلتَ فيها بالضبط : (( إنَّ رامي لا يقدِّم أيَّ عمل فنِّي إلا أنْ يكون متكاملاً )) ، أينَ الكمال والتكامل يا سيدي بعد كلِّ ما عرضنا وقدَّمنا أمامك وأمام الجمهور ؟! .

         قبل أنْ أنهي هذا التفصيل في الكتابة وأضع حداً لهذا الاستطراد ، لا بُدَّ لي من الإشارة إلى تلك المقالة الموجزة القصيرة والمقتضبة المركَّزة التي كتبها الصديق الأستاذ الفاضل ( زياد أبو طارق ) – هكذا يكتب اسمه في الفيس بوك – في صفحة ( مشروع عراق الإنسانيَّة ) عن هذا المسلسل ، والتي اعترفْتُ له فور انتهائي من قراءتي لها بأنَّه نبَّهني فيها إلى ما فاتني من أنَّ كلَّ إنسان شاهد مسلسل ( فرقة ناجي عطا الله ) بصورة مختلفة أو على طريقته ، فأنا لا أدَّعي التعالم عل الآخرين ، ولا أزعم أنَّني ملمٌ بكلِّ شيءٍ ، كما لا أدَّعي في العلم فلسفة ، ودائما أردِّد مع نفسي قول أبي نؤاس :

لِتِلكَ أَبكي وَلا أَبكِي لِمَنزِلَةٍ

 

 

كانَتْ تَحُلُّ بِهَا هِندٌ وَأَسمَاءُ

 

حَاشَا لِدُرَّةَ أَنْ تُبنَى الخِيَامُ لَهَا

 

 

وَأَنْ تَرُوحَ عَلَيهَا الإِبلُ وَالشَّاءُ

 

فَقُلْ لِمَن يَدَّعِي فِي العِلمِ فَلسَفةً

 

 

حَفظْتَ شيئاً وغابَتْ عَنكَ أَشيَاءُ

 

لا تَحظُرِ العَفوَ إِنْ كُنْتَ اِمرَأً حَرِجاً

 

 

فَإِنَّ حَظرَكَهُ فِي الدِّينِ إِزرَاءُ

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذه الأبيات من إحدى روائعه الشهيرة في وصف الخمرة التي يحبُّها هو ، والتي أحبُّها أنا أكثر منه ، ومطلعها :

دَع عَنكَ لَومِي فَإِنَّ اللَومَ إِغرَاءُ

 

 

وَداوِنِي بِالَّتي كانَتْ هِيَ الدَّاءُ

 

صَفرَاءُ لا تَنزلُ الأَحزَانُ سَاحَتَها

 

 

لَو مَسَّهَا حَجَرٌ مَسَّتْهُ سَرَّاءُ

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لذا تجدني أعترف للرجل بفضله ودالته عليَّ ولا أنكرهما ، وأقرُّ له بأنَّه لم يفته ما فاتني من تلك الملاحظة المهمَّة التي عرضها أو التي انتبه إليها بتفكيره النيِّر وغفلتُ عنها بتفكيري المشغول ! ، وقد راقني منه ذلك كلُّه ، وخصوصاً تعبير ( إنسان ) الذي استخدمه في موضعه أحسن استخدام ، لأنَّ أجمل شيء في الحياة أنْ تنظر للإنسان بأنَّه إنسانٌ مثلك ؛ ولا يفوتني في هذا الباب أنْ أشيد بتعقيب أستاذتنا الدكتورة رجاء الشاوي على المقالة تلك وأنوِّه به لدقَّته أولاً ، ولأهميَّته البالغة ثانياً ، وأهمُّ ما فيه هو عتبها اللطيف على من لمْ يفهم أبعاد هذا المسلسل لأنَّه ينكر واقع مجتمعنا العربي المتهرئ على حد تعبيرها ، والمُتَدَنِّي البائس والمتخلف البعيد عن التطوير والتحديث على حد تعبيري أنا ؛ وعندما تقرأ مثل هذا الكلام مخطوطاً بقلم شخصيَّة علميَّة أكاديميَّة كبيرة كالدكتورة الشاوي ، فعليك أنْ تنتبه وتعي بأنَّ مشكلة المجتمع العربي كبيرة وخطيرة في الوقت نفسه ، وعندما تجهد نفسك قليلاً في البحث عن أسبابها ستجد أنَّ الإسلام هو أوَّل العوائق التي تقف أمام التحديث التطوير والنمو .

لا أريد أنْ أفصِّل في بعض الأمور الواقعيَّة والصحيحة التي عرضها المسلسل ، من مثل : مافيا السلاح غير القانوني في الدول العربية ، والتي يمثِّلها أو يتزعمها في المسلسل ( أبو القاسم ) [ مثل دوره الفنان : عبد الحكيم قطيفان ، كما قلنا قبلاً ] ، فلم يبيِّن لنا المسلسل جنسيَّة هذا الشخص الغامض ، أ سوري هو أم لبناني ؟ ، فليس هذا هو المهم ، بلْ المهم أنَّه ركَّز على تصوير السلاح في بيته في سوريا ، ومكتبه التجاري في بغداد ، وعرض علاقته المشبوهة بإحدى حركات المقاومة المزعومة متمثل بميليشيات حزب الله الإيراني اللبناني الإيراني ! ؛ وكذا أمورٌ أخرى مشابهة لهذا ، لا أريد حتى التنويه بها لأنَّ أصحابها لا يستحقونَ أنْ أضيِّع وقتي ووقتكم معهم .

ختاماً أقول لكم : إنَّ هذا المسلسل :

قد أضحكني في عدَّة مناسبات ، لا مجال لأنْ أحدِّثكم عن كلِّها ، ولا غرابة في ذلك بوجود نجم الكوميديا وعَلَمِها عادل إمام ، فلا معنى ولا جديد في قولي لو قلتْ لكم أنَّ عادل إمام أضحكي ، مَن ذا البليد الذي لا يبتسمُ قلبه قبل وجهه بمجرَّد رؤية وجه الزعيم عادل إمام ؟! ، أتحدَّى مَن يستطيع أنْ يكتم ضحكاته ويخفي سروره وغبطته مِن وأمام الكوميديا التي يقدِّمها عادل إمام ، لأنَّها ( كوميديا عادل إمام ) يا ناس يا ناس !!!! ، أسرَّك الربُّ أيُّها الزعيم وأفرحك كما أفرحتنا وأدخلتَ السرور إلى قلوبنا في كلِّ المناسبات ، وأطال لنا عمرك ، ولا حرمنا منك ربِّي ؛ لكن يروقني أنْ أخبركم أنَّ الفنان محمود البزاوي الذي جسَّد شخصية ( الشيح حسن ) الإسلامي خبير المتفجرات والمفرقعات كان يضحكني دائماً بمداخلاته وفتاواه ، وكذا ( عبد الجليل أبو حديد ) ، ابن منطقة ( الدويقة ) القاهرية - وهي من أكبر أحيائها العشوائيَّة ، وفيها الناس الطيبونَ أولاد البلد الأصليونَ الفقراء المظلومونَ في كلِّ عهدٍ وزمان - [ مثل دوره الفنان : نضال الشافعي ] ، وهذا أضحكني وجعلني أرى الابتسامة الجميلة للراقية ( أنوشكا ) [ جسَّدَتْ شخصية : كاميليا صبحي ، كما قلنا قبلا ] ؛ ولا أنسى الفنان محمد إمام أو ( هيما ) ونظريَّته الجديدة الذكيَّة عن الطعم الثاني للحبَّة السوداء ، التي ألهمته بها ( أكوكا ) [ مثَّلت دورها الفنانة الصومالية صاحبة العيون الساحرة : مروة الأزلي ] ، قلتُ : لمْ أنسَه لأنَّه أضحكني أكثر منهما ، وأنا معه قلباً وقالباً في أنَّ للحبَّة السوداء طعم ثانٍ يختلف عن الطعم الذي نعرفه نحن أو تعوَّدنا عليه ! .        

وقد أبكاني بكاءً مُراً عندما نقل لنا وصوَّر المجاعة في الصومال ، وقدَّم لنا وعرض أمامنا معنىً كبيراً نعرفه ولا نجهله ، لكنَّنا نتغافل عنه ونتناساه دائما ربَّما لأنَّنا بعيدونَ عن مكانه ومسرحه وبيئته ، هو : إنَّ المال كثر أو قلَّ معك لا قيمة له ولا فائدة إنْ كنت في الصحراء ، وكذا في مزارع شبعا اللبنانية كما قالَ الزعيم لفرقته وهو معهم هناك ، فرغيف خبز معه كأسٌ من الماء أغلى لك وأثمن عندك من كنوز الدنيا كلِّها إذا كنتَ تعيش في الصحراء الصومالية أو غيرها ؛ والمشهد الذي يلقي فيه الزعيم ربطة الدولارات إلى الطفل الصومالي الجائع والطفل يرميها على الأرض ويطلب منه طعاماً بدلها ، ليس فقط أبكاني بلْ أدمى قلبي على جوع الطفل وتعابير وجه الزعيم الحزينة التي تعبِّر عن تألِّمه على جوع الطفل وحالته المزرية ، وهذا الألم ذكَّرني بألم ( الكوز ) ووشوشته في الماء عندما يخرج من النار شاكياً للماء ما لاقى من قسوة لهيب النار ، كلُّ ذلك أتى في قول الشيخ صالح الكواز الحلي [2] ( 1233 – 1290ه / 1818 – 1873م:

مَا وَشوَشَ الكُوزُ إِلَّا مِن تَأَلُّمِهِ

 

 

يَشكُو إِلى المَاءِ مَا لاقَى من النارِ

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وجعلني أسرح بعيداً بخيالي في بعض المشاهد فأتذكر أيَّامي الجميلة ، فالعيون الساحرة لمروة الأزلي ونظرات العشق المنطلقة من عيون سناء يوسف وابتسامة أنوشكا كلُّها ذكرتني بالذي مضى من أيَّام حبِّي الجميل ، ومعها قول جرير بن عطية الغنوي ( 28 – 110ه / 648 – 728م ) :

كَيفَ التَلاقي وَلا بِالقَيظِ مَحضَرُكُم

 

 

مِنَّا قَرِيبٌ وَلا مَبدَاكِ مَبدَانَا

 

نَهوَى ثَرَى العِرقِ إِذ لَمْ نَلقَ بَعدَكُمُ

 

 

كَالعِرقِ عِرقاً وَلا السُلَّانِ سُلَّانَا

 

مَا أَحدَثَ الدَهرُ مِمَّا تَعلَمِينَ لَكُم

 

 

لِلحَبلِ صرماً وَلا لِلعَهدِ نِسيَانَا

 

أَبُدِّلَ اللَيلُ لا تَسرِي كَوَاكِبُهُ

 

 

أَمْ طَالَ حَتَّى حَسِبْتُ النَجمَ حَيرَانَا

 

يَا رُبُّ عَائِذَةٍ بِالغَورِ لَو شَهِدَتْ

 

 

عَزَّت عَلَيهَا بِدَيرِ اللُّجِّ شَكوَانَا

 

إِنَّ العُيُونَ الَّتي فِي طَرفِهَا حَوَرٌ

 

 

قَتَلنَنَا ثُمَّ لَمْ يحييْنَ قَتلانَا

 

يَصرَعنَ ذا اللُّبَّ حَتَّى لا حِرَاكَ بِهِ

 

 

وَهُنَّ أَضعَفُ خَلقِ اللهِ أَركانَا

 

يَا رُبُّ غابِطِنَا لَو كَانَ يَطلُبُكُم

 

 

لاقَى مُبَاعَدَةً مِنكُم وَحِرمَانَا

 

أَرَينَهُ المَوتَ حَتَّى لا حَيَاةَ بِهِ

 

 

قَد كُنَّ دِنَّكَ قَبلَ اليَومِ أَديَانَا

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للتواصل مع الكاتب يرجى الكتابة إلى :

Ramzee_Alobadi@Yahoo.Com     

Ramzee_Alobadi@Hotmail.Com

 

  


 

[1] . ( نحن العرب أهل الكَرَب أهل ..... و ..... ) : أغرودة أو أهزوجة كان يردِّدها يومياً ويكرِّرها عدَّة مرَّات على طول النهار رجلٌ - اتهمه الناس بالجنون واختلال العقل ، وهو في الحقيقة أعقل منهم - في سوق ( الشورجة ) ببغداد ، في أواخر ثمانينيات القرن المنصرم ؛ وقد حذفتُ كلمتينِ منها احتراماً لمشاعركم .  

[2] . هذا البيت غير موجود في ديوانه اليتيم الذي جمع فيه صاحب ( البابليات ) ما تبقى من شعره ، وربَّما استبعده منه الشيخ محمد علي اليعقوبي لأنَّه أقلُّ من باقي شعره ، أو لأنَّه وجده منفرداً من دون قصيدة أو تكملة ، أو لأنَّ البيت نفسه هو من الكثير الضائع من شعره ؛ تأمَّله بتأنٍ ورويَّة ففيه فلسفة عميقة رغم بساطة كلماته ؛ وما أنقله لكم إلا عن مريد الشيخ الكواز وحافظ شعره وراويته المترنِّم به دائماً ، أستاذي طيِّب القلب أستاذ نحو العربية وصرفها ، المرحوم الدكتور محمد علي حمزة سعيد الأسدي الحلي ، الملاقي وجه ربِّه الكريم قبل سنواتٍ قريباتٍ على يد الإرهاب المجرم الذي اجتاح بلدنا باسم الدين ، نعم قتله أعداء العلم والثقافة ، رحمه الربُّ وطيب ثراه ، ويالَ شجني ولهفتي عليه .

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا