<%@ Language=JavaScript %>  معتصم حمادة «أنا لاجئ يهودي»

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

«أنا لاجئ يهودي»

 

 

 معتصم حمادة

- 22 سبتمبر 2012

 

حملة «أنا لاجئ يهودي» تعيد صياغة التاريخ، لتلغي قضية اللاجئين الفلسطينيين، ولتدعي وجود قضية أخرى هي قضية «اللاجئين اليهود» في الدول العربية، فماذا ترانا فاعلين في مواجهة هذه الحملة؟

“ محور جديد انتقلت فيه حكومة نتنياهو من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم. فبعدما كانت تكتفي بالإعلان عن رفضها الاعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين، انتقلت إلى إعادة صياغة القضية نفسها، بتقديم ما يسمى باللاجئين اليهود من الدول العربية، مقابل اللاجئين الفلسطينيين، وطرح مسألة تعويض «اللاجئين اليهود» من الدول العربية عن أملاكهم التي خلفوها وراءهم.

حملة جديدة ذات طابع هجومي، أطلقتها وزرة الخارجية الإسرائيلية بإدارة عليا من أفيغدور ليبرمان، وبإدارة مباشرة من نائبه داني أيالون، الذي «كشف» عن أن أصوله هو أيضا جزائرية، وبالتالي، فهو لاجئ يهودي إلى إسرائيل. وكان واضحا مدى نشاطية أيالون في تحركاته. فقد عقد في الأسبوع الأول من الشهر الحالي، مؤتمر في القدس لهذه الغاية، لترسيم الموضوع، وتحويله إلى واحدة من القضايا التي تتبناها حكومة نتنياهو (وطبعا الحكومات التي سوف تليها). بعدها عقد أيالون مؤتمرا صحفيا في القدس، «شرح» فيه ما اعتبرها حقائق القضية، وأوضح أن حملة «أنا لاجئ يهودي» سوف تعقد مؤتمرا في نيويورك [يفترض أنه عقد يوم (28/9/2012) حسب قوله] بحيث تأخذ الحملة مداها العالمي. ومن القضايا التي أثارها أيالون في إطار هذه الحملة، أن التقديرات الموثقة تؤكد أن ثمن أملاك اليهود «الذين لجأوا» من الدول العربية إلى إسرائيل تتجاوز 6 مليارات دولار. بينما لا تكاد أملاك الفلسطينيين اللاجئين تساوي 3 مليارات دولار. أي أن أملاك اليهود تساوي مرتين أملاك الفلسطينيين، وبالتالي فإن إثارة مسألة التعويضات، لحل قضية اللاجئين، كما يقول أيالون، ستكون لمصلحة «اللاجئين اليهود».

إضافة لذلك يعيد أيالون صياغة التاريخ وروايته. فيؤكد في تصريحاته أن اليهود لجأوا إلى إسرائيل بعدما تعرضوا للاضطهاد على يد الدول العربية، وقد شكلت لهم إسرائيل مأوى، ومنحتهم جنسيتها، وهي كفيلة بالدفاع عن مصالحهم، بما في ذلك المطالبة بالتعويضات عن أملاكهم التي خلفوها وراءهم.

أما اللاجئون الفلسطينيون، فإن أيالون يرفض أن يعتبرهم لاجئين، ويدعي أنهم غادروا «البلاد» بمحض إرادتهم، نزولا عند نداء الدول والجيوش العربية، التي يقول أيالون إنها شنت حربا ضد إسرائيل في العام 1948. وبالتالي، من غادر بلاده طوعا، ودون ضغط، لا يعتبر لاجئا، ولا ينطبق عليه المواصفات القانونية للاجئ. ما يقود إلى الاستنتاج أن هناك قضية لاجئين يهود يجب أن تعالج عبر التعويض لهم عن أملاكهم. أما الفلسطينيون فليسوا لاجئين وليست هناك، في هذا السياق، قضية تستحق البحث. وأن على العرب، الذين شجعوا الفلسطينيين على «الهجرة» ومغادرة بلادهم، أن يمنحوا هؤلاء الفلسطينيين جنسياتهم، في إطار تحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية والقانونية، أو على الأقل، أن يتمثلوا بإسرائيل التي أوت اليهود، ما يملي على العرب أن يوفروا هم أيضا المأوى للفلسطينيين، والمأوى هو هنا جنسية البلد العربي المضيف.

 

* * *

ليست هي المرة الأولى التي تحاول فيها إسرائيل أن تقدم روايتها المزيفة عن قضية اللاجئين الفلسطينيين، رغم أن «المؤرخين» الجدد اعترفوا، من خلال الوثائق التي لجأوا إليها، أن العصابات الصهيونية المسلحة عمدت إلى تهجير الفلسطينيين من مدنهم وبلداتهم وقراهم بموجب خطط موضوعة مسبقا، أشرف على تنفيذها دافيد بن غوريون وهيئة أركانه شخصيا. وبالتالي فإن أية محاولة لتزييف التاريخ وروايته يسهل دحضها بالعودة إلى الوثائق الإسرائيلية نفسها. كما يمكن العودة إلى أعداد «زخروت» وهي تحمل شهادات جنود وضباط إسرائيليين، يعترفون أنهم تلقوا أوامر بطرد الفلسطينيين من أراضيهم. كما يمكن الاستدلال، بكل بساطة على كذب وزيف الرواية الإسرائيلية من خلال تقديم قضية اللاجئين الفلسطينيين داخل إسرائيل نفسها، وعددهم يقارب 350 ألف لاجئ، طردوا من قراهم وبلداتهم، ومازالوا حتى الآن ممنوعين من العودة إليها. ومجرد منعهم من العودة إلى هذه القرى، وهم على بعد أمتار منها ـ يؤكد أن سياسة التهجير بالقوة اعتمدتها إسرائيل ضد الفلسطينيين، وأنها سبب ولادة قضية اللاجئين.

وليست هي المرة الأولى التي تحاول فيها إسرائيل أن تبرز «إنسانيتها» في استقبال المهاجرين اليهود، ومنحهم جنسيتها، وأن تطالب الدولة العربية المضيفة أن تحذو حذوها. فلقد سبق لشمعون بيريس أن أورد في كتابه «زمن السلام»، باللغة الفرنسية وفي فصل خاص باللاجئين، روايته المزيفة، ساوى فيها بين المهاجرين اليهود، وبين اللاجئين الفلسطينيين، مطالبا الدول العربية أن «تتحمل مسؤولياتها» نحو «الفلسطينيين العرب» وأن تمنحهم جنسياتها، معتبرا إبقاء اللاجئين في المخيمات، و«حرمانهم» من الجنسيات العربية سياسة ظالمة تتبعها الدول العربية. ويمكن القول هنا، إن بيريس، كواحد من المسؤولين عن نكبة اللاجئين، يذرف دموع التماسيح، لا حبا باللاجئين الفلسطينيين، وليس حرصا على أن يكونوا من حملة الجنسيات، بل رغبة منه في حل هذه القضية بما يخدم مصالح إٍسرائيل. فاللاجئون الفلسطينيون، وإن كانوا بموجب القانون، عديمي الجنسية في الوقت الحالي، إلا أن هويتهم الوطنية الفلسطينية كفيلة بحماية حقهم في أن يستعيدوا، ليس فقط جنسيتهم، بل وكذلك أرضهم وأملاكهم ووطنهم.

* * *

اللعبة المكشوفة التي يلعبها أيالون، هذه المرة، باسم حكومة نتنياهو، تحمل في طياتها بعض الجديد، الذي يفترض أن نشير إليه بالتفصيل.

* أولا، هو، في هذه اللعبة، يتجاوز الحدود الإسرائيلية السابقة، فإذا كان بيريس قد ساوى بين اللاجئ الفلسطيني [بيريس يعترف بوجود لاجئين فلسطينيين لكنه لا يعترف بحقهم بالعودة] وبين المهاجر اليهودي، فإن أيالون، في حملة «أنا لاجئ يهودي»، يحاول أن يقلب الوضع رأسا على عقب. فاللاجئ هنا بات اليهودي. أما الفلسطيني فقد بات مهاجرا. وبالتالي من يطرح قضية اللاجئين، بعد الآن، يفترض أن يطرح ـ فقط ـ قضية اللاجئين اليهود دون غيرهم. وإذا كان المجتمع الدولي معنيا بحل مشكلة اللاجئين، هو معني، والحال هكذا، بحل مشكلة اللاجئين اليهود، دون غيرهم.

* يختصر أيالون قضية اللاجئين الفلسطينيين [المهاجرين الفلسطينيين حسب إدعائه] بحقهم في التعويض عن أملاكهم. وبالتالي يحاول أيالون أن يختزل الوطن بقطعة أرض هنا، وقطعة أرض هناك، وببقرة هنا، وخروف هناك، وبدار هنا، وبناية هناك. ربما لهذا الأمر علاقة بالثقافة التي يحملها أيالون، ثقافة «عدم الانتماء» إلى وطن، وبدلا منها «الانتماء إلى بلد». هو يقول إنه من أصول جزائرية. لكنه لا يعبر عن حنينه إلى بلده الأصلي أو شوقه له. هو قطع الصلة بأصوله الجزائرية. قضية اللاجئين الفلسطينيين ليست قضية تعويضات. وليست مجرد قطعة أرض، بل هي قضية وطن. وقضية العودة إلى الوطن، إلى الممتلكات والديار التي هجر منها اللاجئ الفلسطيني. الوطن، كما نعرفه، هو الوطن الكبير، فلسطين الانتدابية، وليس الوطن كما يعرفه البعض «بجناحين في الضفة والقطاع». الضفة والقطاع جزء من الوطن، وجزء مهم من الوطن، لكنهما ليسا كل الوطن. خلاصة القول إن قضية اللاجئ الفلسطيني لا تتلخص بثلاثة مليارات دولار، إذ، وحسب علمنا، فإن الأوضاع لا تقاس بالمال. بل بحسابات سياسية وقانونية وأخلاقية وتراثية وثقافية وروحانية وإنسانية. هذا كله يتجاوزه أيالون.

* يحاول أيالون أن يلعب لعبة أخرى من خلال انتحال شخصية القاضي للحسم في القضية، بينما هو في الأساس يحتل موقع الجاني.. بصفته قاضيا، يقيم أيالون ثمن أملاك اليهود في الدول العربية وأملاك الفلسطينيين في إسرائيل، ليطالب العرب والفلسطينيين أن يتخلوا عن أملاكهم، مقابل أملاك اليهود في الدول العربية، كما يطالبهم، في الوقت نفسه «بفارق» السعر أي حوالي ثلاثة مليارات تدفع لإسرائيل. إسرائيل التي قتلت وهجرت، وأحرقت واغتصبت الأرض، تطالب الآن بأجرها عما فعلت. وهكذا وعندما يحاول البعض أن يختصر قضية اللاجئين الفلسطينيين بأنها قضية تعويض سيجد من سينبري له، في قادم الأيام، يطالبه بدفع تعويضات «اللاجئين» اليهود، أولاً.

* أخيرا، وليس آخرا، يخلط أيالون بين «لاجئين يهود» من الدول العربية، ولاجئين فلسطينيين. علما أن مسألة المهاجرين اليهود من الدول العربية، لها سياقاتها السياسية ولها مراجعها العربية، ولا نعتقد أن طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين هي المكان المناسب لبحث هذه القضية.

وقبل أن نغلق، نقول إن الكرة الآن في ملعب دائرة شؤون اللاجئين الفلسطينيين، وفي ملعب حركة اللاجئين وجماعات الدفاع عن حق العودة. فماذا ترانا فاعلين، في مواجهة حملة أيالون؟“

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا