<%@ Language=JavaScript %>  محمد السهلي حلول مغيّبة

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

حلول مغيّبة

 

 

محمد السهلي

 

التحركات الاحتجاجية في الضفة الفلسطينية ضد الغلاء والإجراءات الحكومية التي فاقمته أعادت تسليط الضوء على مجموعة من القضايا سبق أن نوقشت في سياق البحث في سبل تمتين الوضع الفلسطيني وتعزيز صمود المجتمع في مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية.

وكانت السياسات الاقتصادية التي اتبعتها الحكومة محط انتقادات واسعة من قبل أطراف كثيرة في الحالة الفلسطينية وقد سبق للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أن تقدمت باقتراحات ملموسة وضعت مسألة التنمية والإجراءات الكفيلة بتخفيف الأعباء الاقتصادية عن كاهل الشعب على رأس عناوين هذه الاقتراحات.

وعلى الرغم من مسؤولية الاحتلال الإسرائيلي في صناعة أزمات فلسطينية كثيرة في الأراضي المحتلة، إلا أن التركيز يجري من موقع الضرورة على سبل مواجهة الأساليب الاحتلالية على جميع المستويات السياسية والميدانية وكل ما تتطلبه هذه المواجهة من سياسات فلسطينية سليمة تكفل تعزيز قدرات المجتمع الفلسطيني وصموده على طريق انجاز حقوقه الوطنية.

منذ قيام السلطة الفلسطينية والبدء في مفاوضات تطبيق ما اتفق عليه في أوسلو، تعالى الحديث من قبل أوساط في السلطة عن فترة رخاء ستعيشها غزة إلى حد وصل إلى توصيف الحالة الذي ستكون عليها أوضاع المواطنين الفلاحين هناك أشبه بحال من يعيش في بلاد ناهضة اقتصاديا وأطلق على القطاع اسم «سنغافورة الشرق».

ولكن الذي حدث أن المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي راوحت على مدى عقدين تقريبا عند عتبة التعريف الإسرائيلي للحقوق الفلسطينية، والعنصر الوحيد المتحرك منذ تلك الفترة حتى اليوم هو عجلة الاستيطان وحملات التهويد ونهب الأراضي وهدم بيوت الفلسطينيين دون أن يتوقف العدوان العسكري واعتداءات المستوطنين المدعومة من الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.

وإذا كانت الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة قد ألحقت ضررا فادحا بالقطاعات الاقتصادية الفلسطينية المختلفة، فإن هذه الاعتداءات لم تكن المسبب الوحيد لتراجع دور كثير من هذه القطاعات وتهميش دورها في بناء الاقتصاد الفلسطيني، حيث نشأت منذ قيام السلطة مجموعة من المصالح لعدد من المسؤولين فيها دخلوا على خط النشاط الاقتصادي من موقع المضاربة على النشاطات الاقتصادية التي كان ينهض بها على الصناعيون والتجار وأصحاب الورش في الضفة وقطاع غزة. فبرزت «طبقة» جديدة من المتعهدين والوكلاء التجاريين ممن يمتلكون سلطات نافذة احتكروا العمل في الكثير من مجالات التبادل التجاري في مجال الاستيراد والتصدير مستغلين العلاقات التي نشأت من مواقع مناصبهم مع أطراف إقليمية ودولية وسخروها لتسير أعمالها، مما قلص نشاط ودور كثير من الصناعيين والتجار من القطاع الخاص.

وعلى اعتبار أن الأزمة التي تعيشها مناطق الضفة وغزة تعود لأسباب سياسية من حيث الجوهر، فإن وضع مستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة برمته يرسم ما يمكن أن ينجم عن مفاوضات عبثية مع الجانب الإسرائيلي قد جعل من سكان هذه الأراضي رهائن تحت رحمة الإجراءات الإسرائيلية. وجميعنا يذكر النتائج التي أدى إليها إغلاق سوق العمل الإسرائيلية في وجه العمال الفلسطينيين من الضفة والقطاع.

قبل ذلك، نشأت معضلات اقتصادية جديدة نتيجة توقيع بروتوكول باريس الاقتصادي الذي مكَّن تل أبيب من التحكم في حركة التبادل التجاري الاقتصادي الفلسطيني مع المحيط الخارجي وإيراداتها المالية التي احتجزت مرات كثيرة ربطا بالأوضاع السياسية والشروط والإملاءات التي تسعى إسرائيل لفرضها على الجانب الفلسطيني. ووضعت اتفاقات أوسلو السلطة الفلسطينية في حالة «حجر مالي» من قبل أطراف دولية وإقليمية مختلفة حيث اشترط لتقديم المنح المالية التي تعتاش عليها مؤسسات السلطة محاور صرف محددة بحيث يتم الإنفاق خارج سياق أية عملية تنموية حقيقية.

وفاقم في أوضاع المواطن الفلسطيني في الضفة والقطاع السياسات الاقتصادية الخاطئة التي اشتغلت بها حكومات السلطة المتعاقبة والإجراءات الاقتصادية التي أضرت بأحوال الفئات الفقيرة وزادتها تدهورا وخاصة الإجراءات المتعلقة بفرض ضرائب باهظة على السلع الأساسية الخاضعة للاستهلاك الشعبي، وهو ما فجر موجة الغضب الشعبية التي شهدتها أراضي الضفة الفلسطينية مؤخرا.

وقد طرحت بدائل عدة أمام الحكومة الفلسطينية في سياق البحث عن حلول تؤدي إلى حفز النمو الاقتصادي تقوم على تخصيص حصة أكبر من الموارد المتاحة لرفد الموازنة التطويرية وتركيزها نحو تنفيذ شبكات من مشاريع البنية التحتية اللصيقة بحاجات وإمكانيات المجتمع المحلي والقابلة للتنفيذ على الرغم من إجراءات وقيود الاحتلال مع إعطاء الأولوية للتجمعات السكانية المهمشة أو المتضررة من الاستيطان والجدار، وتشجيع الإنتاج الوطني وبخاصة المشاريع الصغيرة والمتوسطة كثيفة العمل والتي تعتمد على مصادر الإنتاج المحلية.

ومن المفترض إعادة النظر بالنظام الضريبي لتخفيف العبء الواقع على ذوي الدخل المحدود من خلال خفض الضرائب على السلع والخدمات الأساسية وفرض ضريبة تصاعدية على الدخول العالية. ومن الضروري أيضا إعادة النظر في الموازنة العامة باتجاه تقليص الاعتماد على التمويل الخارجي للموازنة وترشيد الإنفاق الحكومي وتصويب أولوياته برفع الحصة المخصصة لخدمات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والخدمات البلدية. ومن المهم بمكان في سياق السير في هذه الإجراءات أن يتم استئصال الفساد ومحاسبة المفسدين ووقف التبذير والهدر للمال العام وخفض امتيازات كبار المسؤولين ونبذ المحسوبية والمحاباة والواسطة وسائر أشكال التمييز بين المواطنين.

وعلى اعتبار أن جميع ما طرح يهدف إلى تعزيز الوضع الفلسطيني وتمتينه وزيادة قدرة المجتمع الفلسطيني على الصمود والمواجهة، فإن الأساس على أجندة العمل الوطني الفلسطيني هو إعادة الاعتبار للبرنامج الوطني التحرري ومواجهة الضغوط التي تسعى لمنع الجانب الفلسطيني من التقدم على طريق الانفتاح على الأمم المتحدة وإدخالها على خط إيجاد حل متوازن وشامل للقضية الفلسطينية يكفل إنجاز الحقوق الوطنية في الاستقلال والعودة.

إن حركة الشارع الفلسطيني وهي تحتج على إجراءات الحكومة الاقتصادية هي في الوقت ذاته حركة احتجاج وتنديد بكل الاتفاقات المجحفة التي أدخلت الشعب الفلسطيني في نفق مظلم.. وهي الحركة التي يمكن أن تتصاعد بزخم في مواجهة الاحتلال وسياساته التوسعية..

وربما من الضروري التأكيد مجددا على أهمية تلازم المسعى الفلسطيني نحو الأمم المتحدة للاعتراف بدولة فلسطين مع إطلاق المقاومة الشعبية كرافعة أساسية من روافع العمل الوطني.

إن الخروج من الأزمة الفلسطينية بشقيها الاقتصادي والسياسي تحتاج إلى توحيد الجهود الوطنية، ومن نافل القول إن استعادة الوحدة المدخل الحقيقي لتوحيد هذه الجهود. ومن المؤسف أن يتم إدارة الظهر لاتفاق المصالحة الذي وقع في القاهرة في 4/5/2011، بسبب الانحياز للمصالح الحزبية الضيقة على حساب المصالح العليا للشعب الفلسطيني.

من جانب متمم، لا تستقيم الدعوة لإعادة التفاوض مع الجانب الإسرائيلي من أجل إعادة النظر ببروتوكول باريس الاقتصادي في الوقت الذي يلقي فيها الجانب الفلسطيني بجميع أسلحته جانبا وعلى رأسها الوحدة الوطنية وكذلك الأمر بما يتصل بتغييب البرنامج الوطني التحرري بعناوينه الأساسية..

فالمواجهة شاملة وتحتاج إلى كامل ما لدى الشعب الفلسطيني وحركته السياسية من طاقات وإمكانيات وعدم تبدديها في سياق الاحتراب الداخلي.. والسياسات الخاطئة..

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا