<%@ Language=JavaScript %>  د. كاظم الموسوي غاندي وفلسطين

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

غاندي وفلسطين

 

 

 د. كاظم الموسوي

 

لفت انتباهي اهتمام وموقف الزعيم الهندي المهاتما غاندي من فلسطين وقضيتها في بداياتها الأولى على خلاف كثير من السياسيين والحكومات وحتى من بعض اهلها. حيث سُجل في صفحات التاريخ انتهاز بعض اهلها العرب من مفاوضات وتواطؤات عديدة وصولا الى المشاركة في اضاعتها ومساعدة تأسيس الكيان الصهيوني، بينما نجد ان غاندي أعلن موقفه بوضوح كامل ومتميز في تلك الايام. وهذه الايام تعيش القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني في اشد ظروفه صعوبة واقسى ايامه حدة. وتتكالب على القضية من كل صوب اخطار وأولها من بعض اهلها المتفرج على ما تقوم الادارة الامريكية وسلطات الاحتلال وقادة القاعدة الاستراتيجية المدججة بكل انواع الاسلحة بتصفيتها وتحطيم احلام اجيالها...  لقد رفض المهاتما غاندي الاستعمار والعنف وشكّل عبره وجهة النظر الهندية نحو القضية الفلسطينية. وقد كتب عنه المفكر الراحل عبد الوهاب المسيري وترجم نصوصا له. ففي إحدى افتتاحيات صحيفة الهاريغان الهندية في 26/11/1938 بعنوان "اليهود"، عبّر فيها غاندي عن تعاطفه مع يهود أوروبا المضطهدين، وأكد في الوقت نفسه ان الفلسطينيين بشر وليسوا مجرد وحدات إحصائية. وكتب "إن الدعوة إلى إنشاء وطن لليهود لا تعني الكثير بالنسبة لي، إذ إن فلسطين تنتمي للعرب تماماً كما تنتمي إنجلترا للإنجليز أو فرنسا للفرنسيين، ومن الخطأ فرض اليهود على العرب، وما يجري الآن في فلسطين لا علاقة له بأية منظومة أخلاقية".

ومضى غاندي في مقاله مفنداً الادعاء الصهيوني بأن إقامة "وطن قومي" لليهود على أرض فلسطين يُعد حلا لمشاكل الجماعات اليهودية في أوروبا، فسجل: "إن التصرف النبيل يقضي بأن يتلقى اليهود معاملة عادلة، حيث وُلدوا وتربوا، وإذا كان اليهود قد عانوا على يد العالم الغربي، فعلى الغربيين إذن أن يعوضوهم عما اقترفوه في حقهم من جرائم".

وتساءل غاندي: "لماذا لا يقوم اليهود الصهاينة - شأنهم شأن كل شعوب الأرض- بأن يجعلوا وطنهم البلد الذي وُلدوا فيه ويكسبون رزقهم على أرضه". ثم أضاف "إذا لم يكن لليهود أي وطن غير فلسطين كما يدعون، فهل يمكنهم أن يتقبلوا فكرة طردهم من بقية أرجاء العالم؟".

ثم دفع غاندي بهذه الأطروحة إلى نهايتها المنطقية: "إن الدعوة لإنشاء وطن قومي لليهود سيقدم مبرراً قوياً لطرد اليهود من ألمانيا". وميّز غاندي بين الارتباط الديني اليهودي بفلسطين والرغبة الصهيونية الاستعمارية في الاستيلاء عليها، فسجل "إن فلسطين التي يرد ذكرها في الكتب المقدسة ليست موقعاً جغرافيا، إنها في قلب اليهود، وعن طريق التفاوض يمكنهم أن يحولوا المشاعر العربية لصالحهم، فالفعل الديني لا يمكن أن يتم عن طريق السلاح أو العنف". واستمر غاندي قائلاً إنه رغم أنه كان يتمنى أن يختار العرب المقاومة السلمية، فإنه لا يمكن أن يلقي باللوم على المقاومة التي انتهجوها "فقد تآمر اليهود (أي الصهاينة) مع البريطانيين على نهب أناس لم يلحقوا بهم أي أذى".

وعندما سئل المهاتما غاندي في الأربعينيات عن رأيه في القضية الفلسطينية أجاب بأنها أصبحت قضية لا حل لها، واستطرد موضحاً سبب ذلك في رأيه فيقول "لو كنت يهوديا لقلت للصهاينة: كفاكم سخفاً ولا تلجؤوا للإرهاب لأنكم بذلك تضرون بقضيتكم التي كان من الممكن أن تصبح قضية عادلة دون اللجوء لمثل هذه الوسائل".

في مقال كتبه في تموز/ يوليو 1946 بيّن غاندي موقفه من العنف الصهيوني (ربما للمرة الأخيرة في حياته) فعبر عن حزنه لمعاناة اليهود في أوروبا، وأشار إلى أن التحامل على اليهود المبني على قراءة خاطئة للعهد القديم هو وصمة عار في جبين العالم المسيحي بأجمعه. ثم أضاف "لقد تصورنا أن المحنة ستعلم اليهود درس السلام"، ولكن ما حدث هو العكس، إذ يحاول اليهود فرض أنفسهم على فلسطين بمساعدة الأسلحة البريطانية والأموال الأميركية، ومؤخراً عن طريق الإرهاب المباشر".

هذا ما قاله هذا الحكيم الهندي الذي ساهم في تحرير بلاده من الاستعمار وأسس لثقافته التي دعا اليها وانتهجها بسلوكه. ورغم ذلك لم يقل عن مقاومة الشعب الفلسطيني ما نسمعه ونقرأه من تصريحات مسؤولين رسميين عرب عنها هذه الايام. في الوقت الذي اصبحت المقاومة بديهيا حقا لأي شعب في التحرر والاستقلال من الاستعمار والاستيطان، وشرعتّها القوانين الدولية والمؤسسات العالمية.

أليس ملفتا فعلا ان غاندي وقبل احتلال فلسطين واستعمارها فهم بوضوح القضية وساند معنويا اطرافها وتضامن مع الشعب الفلسطيني والعربي ايضا، ونرى اليوم ما يحصل للقضية الفلسطينية ومن بعض اهلها المباشرين او من ذوي القربى الذين ملتهم شاشات الفضائيات والمؤتمرات لتصفية القضية الفلسطينية والاستسلام للمشاريع الصهيونية والاستعمارية؟.

وأنا اتابع الموضوع اطلعت على تعريف بكتاب تحت عنوان: "غاندي والشرق الأوسط" من تأليف سيمون بانتربريك، وترجمه الى العربية د. صديق محمد جوهر، وهو دراسة أكاديمية وتاريخية أولى تلقي الضوء على سياسة غاندي تجاه الصراع العربي- الإسرائيلي منذ بداية الانتداب البريطاني على فلسطين إلى أن أوشك على نهايته بعدما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها. وفي هذا الكتاب اقتحمت المؤلفة الأرشيف السري للزعيم الهندي لتلملم شذرات أحلام ظلت مبعثرة في دفاتر التاريخ لسنوات خلت. وكم مهم اعادة نشر الكتاب وتوسيع نشره والاهتمام بمثله؟!. كما تذكرت ما قاله ممثل الحزب الشيوعي الهندي الماركسي في الاجتماع الاستثنائي للتضامن مع فلسطين والقضايا العربية الذي اقامته الاحزاب الشيوعية والعمالية العالمية بدمشق خلال الفترة (28- 30 أيلول/ سبتمبر 2009)، وشارك فيه قياديون يمثلون 50 حزباً من 43 بلدا،  ذكر ما قاله غاندي بأن ما يحدث في فلسطين لا يمكن تبريره أو وصفه بالأخلاقي. وأضاف "إن الولايات المتحدة الأمريكية تقدم 3 مليارات دولار سنوياً لإسرائيل، وإن الصهيونية تُستخدم كأداة للإمبريالية. من الضروري النضال من أجل عدم شراء أي بضاعة من "إسرائيل"، لأن هذا سيكون رسالة قوية". فهل سنتذكر غاندي ام فلسطين؟!.

 

كاظم الموسوي

01.09.2012

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا