<%@ Language=JavaScript %> د. كاظم الموسوي إقالة كوفي أنان

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

إقالة كوفي أنان

 

 

 

د. كاظم الموسوي

 

مثلما تم تعيين كوفي انان مبعوثا دوليا مشتركا اقيل ايضا بنفس الاسلوب ومن المصدر نفسه. كما كان في منصبه في الامم المتحدة ايضا. فهو رجل الدبلوماسية الناعمة والمهمات التي لا يقوم بها اركان الخارجية الامريكية خشية رفضها او عرقلتها سلفا. وهذا ما قام به كوفي انان بكل حرص، سواء بقبوله تشكيل مجموعته او بالخطة/ المهمة التي تبناها باسمه. وهي كما هو معروف ليست من افكاره. ولا افكار تسميتها مسبقا بالمبادرة "العربية". ومعروف من حملها بأمانة تامة وارتباطاته وجهوده والأثمان التي استلمها عنها وشارك بها ما يسمى بالجامعة "العربية"!!..

خطة انان ذات النقاط الست كما اشتهرت وافق عليها اعضاء مجلس الامن الدولي وبتمويل عربي واضح وأيدتها كل الاطراف التي حملت اليها، دون اعتراض او تحفظ رسمي علني. ورغم ان الخطة كما هو معروف متكونة من ست نقاط إلا انها في الواقع العملي والمطلوب منها اساسا هو نقطة واحدة لم توضع فيها علنا ولم يفصح عنها رسميا بل استنتجت ومررت ضمن الجولات المكوكية لانان او لمن تحمل كلفة مهمته، وعلى اساس النقطة تلك لا غيرها. وهذا ما كشفته التصريحات الاخرى بعد ان اتخذ انان خطوات في مهمته واجرى لقاءات مع اغلب من يهمه الامر في نتائجها ولاسيما اعلان موافقة الحكومة السورية عليها. فبدأت الشكاوى منها والانتقادات لانان وصولا الى اتهامات من جهة والى اعلان "نعي" للخطة، وعلى لسان مسؤولين غربيين ومن اعضاء في مجلس الأمن ومن ثم من مسؤولين عرب استغلوا زياراتهم لعواصم غربية ليطلقوا ما اريد منهم اعلانه وما يتفق مع رغباتهم ايضا وتورطهم في مجريات الاحداث اليومية علنا من جهة اخرى.

ارادت الدبلوماسية الروسية والصينية ومن ثم السورية استثمار مهمة انان للضغط على مجالس الحرب التي تشكلت وأخذت مواضعها في اكثر من عاصمة غربية وعربية وتجمعت مؤشراتها على الحدود السورية. فأعلنت تأييدها الكامل ودعمها والعمل على انجاح تنفيذها، وحين تزايدت التراجعات الرسمية من اطراف عديدة عملت الدبلوماسية الروسية والصينية على مؤتمر جنيف لأعضاء مجلس الامن ودول اخرى والخروج بخطة تفاهم دولي تعمل على استمرار مهمة انان بخطوات مشتركة اخرى اضافية تنتهي بإيجاد حل سلمي متكامل لما يحصل في سوريا. وكما تبين ان هذه الخطة وقبل ان يجف حبرها اعلن التملص منها، ولم توفر لها فرصة اضافية بإصرار كامل. ولاحظ المراقبون تصاعد العمليات العسكرية داخل سوريا، وتحريضا واسعا ضدها وضد الجهود السلمية للحل في وقت واحد. وأصبح التوجه العام لأغلب الاطراف الخارجية المشتركة في الازمة الى عسكرة الاوضاع الداخلية والاندفاع المعلن بهذا الاتجاه. وهذا يعني عمليا الغاء خطة انان او ضربها في الصميم. وواقعيا لم تأخذ خطة انان فرصتها كما كانت توصف في سورية، اذا ان عمليات التسليح وإرسال الاسلحة والمسلحين عبر الحدود، ونشر وسائل الاعلام الغربية والأمريكية خصوصا لمثل هذه الاخبار له دلالته في افشال مهمة انان، فضلا عن قرارات الحصار والعقوبات الاخرى كوسيلة للضغوط الغربية لغلق اية فرصة ممكنة لإيجاد حلول سلمية ومخارج بناءة، تساعد الاطراف المتورطة في الصراعات الدموية، الى الوصول الى ما يحقن الدماء ويوفر طرقا اخرى للحل وليس كما تريده الجهات التي سعت الى ما هو عليه الحال الان. كما ان انكشاف الجهات التي اسهمت في تعيين انان بمهمته هذه وتوجهاتها الاخرى فضح ممارساتها العملية في عرقلة مهمته ونقاطها الست التي لم تر النور منذ تكليف انان بها (23 /2/2012) والى يوم اعلان اقالته (2/8/2012) منها.

منذ البداية هناك من اعتبر مهمة انان خطة تعطي فرصة لإحلال السلام في سورية ووضعها على سكة التطور الديمقراطي، وهناك من عدها حصان طروادة وتهدئة مؤقتة وإعادة ترتيب الاوراق والعمل خلالها لشحن آلة العنف الدموي، وتهيئة مناخات الحرب الاهلية التي تحجج بها الامين العام للأمم المتحدة الحالي واغلب الاطراف الدولية والعربية، لاسيما المتورطة في تسعير الحرب. ومشكلة انان انه حاول تبني خطته كمهمة دولية وفرصة من الفرص، إلا انه لم يقدر جيدا نوايا وأهداف الدول التي يعرف جيدا انها ايدته فقط وليست خطته او خطتها المحكوم عليها سلفا بما آلت اليه الاوضاع، اذا لم تكن جزء منها. وخطاب انان لتبرير استقالته او عدم رغبته بتمديدها او انسحابه منها او اية تسمية اخرى يشير بوضوح الى اقالته المرغم عليها لاستمرار الضغوط المطلوبة وتنفيذ المخططات المرسومة. والجديد فيها هنا هو التنفيذ بالوكالة وليس بالتدخل العسكري المباشر كما حصل في العراق. وكذلك بالمال العربي النفطي المعلن. أي ان اصحاب المخطط والقرار، هذه المرة، لا يبذلون دما ولا مالا، كما قالت كونداليسا رايس، وزيرة الخارجية الامريكية السابقة عن احتلال العراق، وإنما يحصدون النتائج كما هي في مشاريعهم ومخططاتهم، وبالصمت العربي المخجل دائما.

ادى انان في مهمته ما طلب منه وما اختير له رغم تاريخه الدبلوماسي والسياسي وانتهى مع مهمته ووظيفته فيها. فأقيل منها لأنها لم تعد معبرة عن الفترة الجديدة من الخطط المبيتة لسوريا، الشعب والدولة. لقد اكد الرجل اكثر من مرة وفي مؤتمر جنيف خصوصا، لاسيما قوله (وكالات 30/6/2012): إن التاريخ لن يرحم المجتمعين إذا لم يتوصلوا إلى اتفاق بهدف إنهاء العنف في سوريا. وحذر المشاركين في الاجتماع من أنهم سيكونون مسؤولين عن سقوط قتلى جدد في سوريا وخطر اتساع نطاق العنف ليمتد إلى دول المنطقة والعالم. وأضاف إن "التاريخ قاض صارم وسيحكم علينا جميعا بقسوة إذا أثبتنا أننا عاجزون عن سلوك الطريق الصحيح اليوم". ورد عليه وزراء الحرب والخارجية والاستخبارات الامريكية وحلفاؤهم في المنطقة بالعمل الميداني لفصل جديد من الغزو والاحتلال ولكن بطريق جديدة، مستفاد فيها من نتائج ما حصل من غزو واحتلال لأفغانستان والعراق. وهو ما قاله اغلب هؤلاء، الاصليين او توابعهم. وفي كل الاحوال اقالة انان عنوان واحد من عناوين المرحلة الجديدة في المنطقة. تتكشف منه اوراق اخرى وتسيل دماء كثيرة من الشعب السوري وخسارات كبيرة من العالم العربي في مواجهة الخطط الاستعمارية ومموليها.

كاظم الموسوي

07.08.2012

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا