<%@ Language=JavaScript %> د. كاظم الموسوي الهروب من افغانستان

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

الهروب من افغانستان

 

 

د. كاظم الموسوي

 

تكرر الحديث هذه الايام عن الهروب من افغانستان بعد اكثر من احد عشر عاما من الاحتلال والاختلال البغيضين والتدمير والقتل الممنهجين. والجديد في الامر هو تكرار آخر للذرائع نفسها من الهروب من العراق الذي احتل بعد افغانستان. والواقع يقول ان اسباب الاحتلال وغيرها انكشفت الى درجة لم تستطع الادارات الامريكية ومن تبعها من حكومات اوروبية وحلفائها الممولين لها، في التستر عليها وتبرير خططهم التي نفذت في غزو واحتلال افغانستان ومن ثم التمدد لغيره ولكن التفكير اليوم بالهزيمة من افغانستان تفضح كل ما عملت عليه الادارات الامريكية وحلفاؤها ووضعوه اسبابا لمهماتهم القذرة في البلدان التي تعرضت للاحتلال مباشرة وغيرها من رضت حكوماتها بالاحتلال الناعم وزراعة القواعد العسكرية في اراضيها والتخادم معها في مشاريعها العدوانية الامبريالية. وصولا الى حيرة السياسيين الاوربيين بما يبررونه لأنفسهم قبل شعوبهم عن سياسات بلدانهم وتبعيتها العمياء لمصالح الامبريالية الامريكية في العالم.

اصبحت حتى عملية الهروب من افغانستان معضلة كبيرة لهم. ففي الوقت الذي يعلنون فيه استكمال مهماتهم والتفكير بالانسحاب يجدون انفسهم والغين في الدم الافغاني اكثر فاكثر، والمجازر اليومية التي ترتكبها قواتهم هناك لا تعد ولا تحصى، من خراب مباشر بكل انواع الاسلحة الى قصف الطائرات بأنواعها، مما دفع ويدفع الشعب الافغاني الى مقاومتهم بشتى الوسائل والصمود امام تفوقهم العسكري والأمني وتكبيدهم خسائر بشرية ومادية كبيرة ايضا، الامر الذي  فرض مسالة الهروب وجعلها حتمية قبل ان تكون فضيحة كبرى ايضا. ورغم ذلك تخطط الادارة الامريكية الحالية وحلفاؤها بتكرار جرائمها في بلدان اخرى.

توالت تصريحات السياسيين الاوروبيين والأمريكيين في طرح فكرة الهزيمة باسم الخروج او الانسحاب. ناقشتها قياداتهم العسكرية في اجتماعات حلف شمال الأطلسي/ الناتو اولا. ووضعت ما اسمته استراتيجية "خروج" لما يزيد عن مائة الف جندي من افغانستان. وكرت مسبحة اعلانات اكثر من دولة اوروبية، وقررت اعتزامها سحب قواتها في سنة 2013 أي قبل الموعد المحدد لها. ووضعت الادارة الامريكية في سباق خططها للانسحاب الآمن، كما ترغبه، في نهاية 2014. ومن بين ذاك تأكيدات الرئيس الفرنسي الجديد هولاند على انسحاب قواته هذه السنة ولا رجعة في قراره أو مناقشته ولحقته المستشارة الالمانية ميركل وثالثهما رئيس الوزراء البريطاني كاميرون.

لماذا تسابقت هذه التأكيدات الآن وما اثر الصمود والارادة الشعبية الافغانية فيها؟ وكذلك الازمة الاقتصادية والمتغيرات الدولية الاستراتيجية الاخرى؟. هذه عوامل اساسية في الهزيمة الغربية ولكن الامبريالية ومشاريعها لا تتوقف عند هذه الحالات، لأنها ستحفر قبرها بيدها فيها، فلذلك تحاول بكل الوسائل ايجاد بدائل لها عن كلف الاحتلال والغزو والحرب العسكرية المباشرة وترسم خططها الاستراتيجية البديلة.

 وسائل الاعلام الغربية تعالج هذا الموضوع يوميا وتحاول تغطية نتائجه وتتساءل عنه حسب مواقفها ومصالحها وبلدانها أساسا ولكنها تسلط الاضواء عموما على ورطة السياسات الامبريالية العدوانية في جوهرها ومدلولاتها. ففي افتتاحية الاندبندنت البريطانية (21/7/ 2012) اشارة واضحة من عنوانها "خياراتنا المحدودة في افغانستان" ذكرت انه من الصعب على أي سياسي الدفاع عن السياسة الغربية في افغانستان. فالحرب التي بدأت تقريباً من دون أي جهد لطرد "طالبان" من كابول منذ 11 سنة لم تؤت ثمارها شأنها شأن العديد من الحروب الافغانية. وبحسب الصحيفة فإن هذه الحرب خسرت مصداقيتها. ورأت الصحيفة ان زيارة رئيس الوزراء كاميرون لأفغانستان هذا الاسبوع، الاولى له منذ عام تقريبا، القت الضوء على هذا الموضوع. فكاميرون دافع خلال هذه الزيارة عن حرب فقدت اهدافها لكنها ما زالت تحصد حياة العديد من الضباط والجنود البريطانيين. وعلقت الصحيفة على تصريح كاميرون: ان اتخاذ قرار خفض عدد القوات البريطانية في افغانستان كان قراراً صعباً إلا انه القرار الامثل. بأنه "ان كان قرار الانسحاب صحيحا ام خاطئا، فحقيقة الامر انه لم يكن لكاميرون أي خيار له حيال هذه المسألة، لأن بريطانيا ليس لديها خيار إلا الانصياع الى الولايات المتحدة الاميركية".!

هكذا تحولت القضية الى خيار صعب لم يجدوا له مخرجا اخر. فمهما حاولت ادارة الحرب الامريكية من ترويج خطط انسحاب وغيرها فأنها امام حقائق على الارض تفرض عليها هذه العملية. ولهذا تتوالي التطمينات الامريكية حول الموضوع. الرئيس الأمريكي باراك أوباما، اعرب اكثر من مرة عن "ثقته" أن المهمة القتالية الأمريكية في أفغانستان سوف تنتهي في العام 2014 بالرغم من أعمال العنف في البلاد. بيد أن وسائل الاعلام الأمريكية كانت قد ذكرت إن تصريحات كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية مثل نائب الرئيس جو بايدن ووزير الدفاع ليون بانيتا أعطت انطباعا باندفاع أمريكي للهروب من أفغانستان، خاصة بعد حادثة إحراق المصحف الأخيرة على أيدي جنود أمريكيين والتي لا تزال تبعاتها قائمة، وكذلك بعد قصف الطائرات بدون طيار لعدد من التجمعات المدنية الاجتماعية، كالأعراس او المآتم. وأصبح التساؤل عن جدوى استمرار الحرب في افغانستان متداولا بين الاوساط السياسية والإعلامية الغربية وعلنيا.

قوات الاحتلال الاطلسية اكثر من 130 الفا في افغانستان الآن وكل الخطط موضوعة لتامين الهروب، خلال الفترة القريبة وحتى نهابة المواعيد المطروحة. وهي في كل الاحوال بعد ما حصل في العراق تأتي افغانستان، معكوسة زمنيا عن ايام الغزو والاحتلال، إلا انها تؤكد عزيمة الشعوب وإراداتها في التغلب على القوة والمال التي ارادت الهيمنة بوسائل وحشية وأعمال اجرامية وسلوك يعبر عن همجية منبوذة في كل الازمان. ومهما كانت الخطط والتصريحات فان حلف الناتو والإدارة الامريكية قد وضعا الان امامهما قرار الهروب من افعانستان بشكل اسرع مما كان قد رسماه. ورغم كل ذلك فان المطامع الامبريالية وشهية العدوان والحروب لم تنته عند الهروب فقط.

كاظم الموسوي

25.07.2012



 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا