<%@ Language=JavaScript %> جمال محمد تقي هل للعراق الجديد سياسة خارجية ؟

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

هل للعراق الجديد سياسة خارجية ؟

 

                                           كاريكاتير الشهيد ناجي العلي

 

جمال محمد تقي

 

 

الحالة العراقية تبرهن يوميا وبجدارة قل نظيرها على صواب المعادلة القائلة بان السياسة الداخلية والخارجية ، وجهان لعملة واحدة ، هي هوية الدولة المعنية وماهيتها ، لان احداهما تكمل الاخرى ، ولان الداخل يؤثر ويتأثر بالخارج والعكس صحيح .

تنسحب تماما اوصاف الوضع الداخلي العراقي على وضعه الخارجي ، فاذا كان داخليا يعاني من نظام الخصخصة الفوضوية والمحاصاصات الطائفية والعنصرية والمناطقية ومن الفساد الشامل ، فأنه خارجيا يشرب من نفس الكأس التي تسقيه ، لتستبقيه ، تابعا ضعيفا متسولا وخانعا وخائفا ومنهوكا ، يتطاول عليه حتى من هم اقل منه شئنا وقدرة ، بل ومن هم اقزام في موازين القوى السائدة اقليميا !

حكامه يتحاصصون الولاءات والتبعيات والمرجعيات ، وفيهم من يلعب على كل الحبال ، نصفهم يعتبر نظام ايران ظهيره ومديره ونصفهم الاخر يعتبر امريكا هي الوكيل والكفيل والمعيل ، وجلهم من المستأثرين بالسلطة والذين لا إمام يستبطنوه في استخاراتهم غير ميكافللي ، فهم من اجل استمرار بقائهم بها مستعدون لبيع كل ما يتاجرون به من شعارات وتحالفات ، حتى لو كانت عقائدية !

العراق مرتهن رسميا للسياسات الامريكية المهيمنة على توجهات مجلس الامن الدولي الذي مازالت له وصاية على العراق وبكل تفاصيل اوضاعه ، اي على الجمل بما حمل ، من خلال استمرار ابقاء وقوع العراق تحت طائلة البند السابع ، على الرغم من  انتهاء مبرراته ومن كافة الاوجه ، الا وجه المصلحة الاستراتيجية الامريكية والتي جعلت من اتفاقية الاطار الاستراتيجي التي وقعتها  مع الحكومة العراقية المستخلفة عام 2008 ، عقد ارتهان ثاني يتفاعل مع الارتهان الاول ويغطي عليه حتى اشعار اخر ليكون قيد ضامن لاستبقاء العراق على الحالة التي اسسها له الاحتلال الامريكي !

فشل حكام العراق الجدد فشلا ذريعا في اثبات صحة ادعائاتهم القائلة بان الموافقة على تمرير اتفاقية الاطار الاستراتيجي مع الامريكان هي المدخل الاجباري لرفع العراق من تحت وصاية البند السابع ، فبعد مرور اربعة سنوات من توقيع تلك الاتفاقية يتحاشى اصحاب الشأن مطالبة امريكا بالمباشرة برفع تلك الوصاية لان الامريكان هم من يقرر وليست السلطة في بغداد.

اي سياسة خارجية او داخلية مستقلة ومعبرة عن الارادة الحرة للدولة التي تنتجها لابد ان تاخذ بالحسبان التحديات الاستراتيجية التي تواجهها تلك الدولة ضمن اقليمها ومن ثم ضمن المجموعة الدولية لتصيغ بالتالي عقيدة برنامجية وفلسفية عملية ، قريبة وبعيدة ، كاستجابات ضرورية للتعامل مع تلك التحديات الموضوعية والذاتية ، المنظورة وغير المنظورة ، وهذا من اولويات اي توجه جاد لاي دولة تدير نفسها بنفسها وتعمل فعليا وفق عقد اجتماعي متماسك يجمع عليه اهل تلك الدولة ، ويتخذون منه دستورا لهم ، فهل هناك سياسة استراتيجية انتجتها الدولة العراقية الجديدة ترسم ملامح السياسة الداخلية والخارجية ؟ وهل دستورها حقا هوتجسيد لهويتها وارادتها الوطنية الجامعة التي تساهم بوضع النقاط على حروف السياستين الداخلية والخارجية ؟ 

قطعا ستكون الاجابة بالنفي ، فواقع الحال يجيب على هذه التساؤلات ، وبكل دقة وعمق وشمول ، وبالاستشهادات والوقائع التي لا تفندها المغالطات والسفسطات والتبريرات الواهية والمظللة . السياسة الخارجية ولاي دولة كانت لا تعني مجرد وجود وزارة للخارجية وسفارات وقنصليات هنا وهناك ، لان تلك السياسة مرتبطة بالمحصلة بتوجهات كل كيان الدولة المعنية وهي ان لم تكن الوجه الثاني للسياسة الداخلية فانها ستكون شاذة ، او غير ذات معنى ، وفي الحالة العراقية فان الدولة برمتها تغرق بالفوضى والتفكك والتناقض والعبث ، وهذا عينه هو حال العلاقات السياسية العراقية مع دول الاقليم ومراكز القوى الدولية .

الحرص الشديد على سعة الفتحة البحرية العراقية المطلة على الخليج وتأمين منافذها والسعي لابطال مفعول اي عوائق طبيعية او اصطناعية تحجمها وتقلل من فاعلية استخداماتها ووضع البرامج المكثفة سياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا وامنيا وعلميا لتحقيق هذا الهدف باعتباره تحديا استراتيجيا ومصلحة عليا تتطلب استجابة مدروسة ، هو مثل حي على الطبيعة الاتساقية بين ماهو داخلي وخارجي بين ماهو دبلوماسي وسياسي وبين ماهو تنموي وسيادي ، ما نجده على ارض الواقع هو تبديد وتناقض واهدار ولا مسؤولية ، فالكويت وايران يقضمان ويتجاوزان على الحقوق العراقية المشروعة ، ولا توجد سياسة خارجية استراتيجية لمواجهة هذه التحديات ، المالكي وزيباري والشهرستاني وهادي العامري والرئاسة ومجلس النواب بواد ومصالح العراق العليا بواد اخر ، وذات الشيء ينطبق على موضوع الحقول النفطية الحدودية التي تشفط بتجاوز غير شرعي من قبل ايران والكويت ، والمفارقة ان الامر نفسه ينطبق على تصرفات حكومة اقليم كردستان التي لا تغرد خارج سرب شريكتها الحكومة المركزية فقط وانما خارج سرب العراق كله وبكل تطلعاته المشروعة بالوحدة والسيادة والاستقلال والبناء ، فهي تسطو على الحقول النفطية وتهرب النفط وتعقد الصفقات السرية للتسلح وتقيم علاقات اقليمية ودولية موازية لعلاقات الدولة العراقية الجديدة !

الشيء ذاته ينطبق على نسب الحصص المائية العراقية في نهري دجلة والفرات القادمة من تركيا وسوريا ، والفروع النهرية الصابة بدجلة من جهة ايران ، فهناك كارثة مائية استراتيجية بسبب حجز الماء المنساب عبر هذه الانهار من قبل تلك الدول التي تقيم سدودا ضخمة لجعل الماء سلعة لا تمرر دون ثمن ، ومن دون النظر للاضرار التي تلحق بالعراق وحصصه المشروعة ، بالمقابل لانجد سياسة استراتيجية لمواجهة تلك التحديات بل نجد فشلا ذريعا في معالجتها وعلى كافة الصعد !

الموقف من الازمة السورية وتبعاتها التي اخذت تفرض نفسها على المشهد العراقي ايضا ، شاهد اخر على فوضى وتناقض سياسات حكام العراق ، فمن جهة امريكا توبخ حكومة المالكي لانها تتساهل مع عبور شحنات الاسلحة الايرانية للاراضي العراقية جوا باتجاه سوريا ، وهو والمقربين منه ينكرون بل ويدعون بانهم لن يسمحوا لايران بذلك على اعتبار ان العراق قادر على حماية سماه وحدوده ، ووزير خارجيتة هوشيار زيباري يصرح مؤخرا بان احتمالات عبور شحنات اسلحة ايرانية الى سوريا عبر العراق وارد وخاصة جوا بحكم عدم وجود قدرة عسكرية وتقنية للسيطرة على اجواء البلاد ، حكومة اقليم كردستان من جهتها تتحالف مع تركيا لدعم المعارضة السورية المسلحة وهي لا تستشير احدا عندما تضع لنفسها توجها يقضي بالانخراط  بجوقة "اصدقاء سوريا " المكونة اساسا من الدول الغربية وتركيا والسعودية وقطر ، ولم يعد سرا دورها الفاعل عبر منافذ الاقليم المطلة على الحدود السورية حيث ايواء وتدريب وتسليح ودعم المسلحين العابرين الى سوريا وبتنسيق مخابراتي مسبق مع السي اي اية والمخابرات التركية !

موقف الحكومة العراقية المعلن هو عدم التدخل بالشأن السوري ودعم اي جهد اقليمي ودولي للتوصل الى حل سلمي للازمة تشترك به الحكومة السورية ومعارضيها ، وايضا رفض اي تدخل عسكري خارجي ، نعم انه هو نفسه الموقف المعلن من قبل ايران ، في البدأ حاول المالكي ومن معه الموائمة بين الموقفين الامريكي والايراني ، لكنه لم يستطع مواصلة ذلك ، لانه كلما تعمقت الازمة تعمقت المواقف منها ، ثم حاول لعب دور الوسيط بين المعارضة والحكومة السورية لكنه فشل ، وحاول تهدأت المواقف الخليجية والعربية من خلال تضخيم النتائج المترتبة على سقوط النظام في سوريا ، وكان ذلك في اثناء مؤتمر القمة العربية الدورية التي عقدت في بغداد والذي كان مجردا من الاهمية على الرغم من استثنائية التوقيت ، وكان مجردا من اي دور بل من اي هيبة كانت حتى لو وهمية ، لانه كان عبارة عن نشاط بروتوكولي غاب عنه المؤثرين في الساحة فعليا ، وقد اعاد المالكي الكرة وبشكل اخر هذه المرة اثناء مشاركته بمؤتمر قمة عدم الانحياز الذي عقد في طهران ، فطرح مبادرة يتيمة لم يستمع لها احد .

تصوروا اصحاب السلطة في العراق يرفضون التدخل الخارجي ، والفضل الاول والاخير لوجودهم على راس السلطة في العراق هو التدخل الخارجي نفسه ، بل هم انفسهم كانوا يتوسلونه ايرانيا كان ام امريكيا ، انه الانفصام السياسي والنفسي والنفاق العقائدي الذي يعيشوه ويعكسوه بالمزيد من التبعية والتخبط والفساد ، على كل اوضاع العراق السياسية ـ داخليا وخارجيا ـ وعلى كل اوضاعه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والنفسية !

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا