<%@ Language=JavaScript %>  جمال محمد تقي فتش عن النفط !

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

فتش عن النفط !

 

 

جمال محمد تقي

 

حالة النفط من حيث كونه مصدرا حيويا للطاقة المنتجة في جسد الحضارة القائمة حاليا تشبه حالة الدم الذي يدور الطاقة في جسد الانسان ، ان توقف النفط عن الاحتراق ، يؤدي الى توقف النمو المربوط باستهلاكه ، وعليه فان الحضارة هنا هي نفطية بامتياز ، وهي بالتالي حضارة حرق وتبديد للطاقة لا تجديدها .

منذ ان تم تحولها التدريجي من حضارة الفحم الى حضارة النفط ومشتقاته ، استبدلت اليات ووسائل التبادل  التحويلي ايضا وانعكس ذلك في قواعد اللعبة النقدية داخل معابد وبورصات المال والاعمال  ، حيث صارت العملة رهينة لما ينقده الذهب الاسود ، وحل البحث عن النفط  محل البحث عن الذهب الاصفر او الفحم ، حتى ان بعض الدول الفحمية جربت تحويل الفحم الى نفط  ، لكنها عدلت عن مواصلة الطريق لارتفاع تكلفة تحويره وتحويله ، وصار البترو دولار معادل نقدي جرد الذهب من وظيفته المزمنة عبر التاريخ كعملة خالصة ومن ثم كمعادل تبادلي ، وكقيمة معيارية لكل العملات .

 لقد ارتبط العمر الحقيقي  للحضارة النفطية القائمة بأول انتاج لمحركات الاحتراق الداخلي في العالم ، اي منذ مطلع القرن العشرين ، مما يعني ان عمر الحضارة النفطية لا يتجاوز المئة عام ، لكنها وبحسابات كل انواع الاحتراقات وما تنتجه من طاقة تشغيلية ، تضاهي بمعدلاتها الاستخراجية والانجازية استهلاكا وانتاجا ، عشرات القرون من معدل الانجاز البشري المتراكم وفي كل الحقول قاطبة ، الا الحقل الاخلاقي الذي شهد اقصى حالات التلوث والانانية والعنصرية والمركزية الكونية ، واعادة انتاج شكل جديد من اشكال العبودية المزينة بقشور الحريات الفردية التي يراد منها الاستثمار في غرائز الانسان حد التخمة المرضية ، وليس بضرورة تكاملها الواعي وبالتالي الحر مع غرائز الطبيعة ، حتى اصبح الانسان كائن يتخبط بما تيسر له من مظاهر القوة الزائفة ، كائن تسيره قوانين سوق ظالمة اقصى ما تقدمه هو خضوع عولمي لالهة الاستهلاك البهيمية التي تعيد تخليق سيد الكائنات الى كائن مستعبد ومستلب ، كائن طفيلي يستهلك نفسه وبوتيرة تنشد التقدم المادي الذي يسير به حثيثا ، وكأنه مخير لا مسير ، نحو حتفه الاخير !

يستهلك النفط اليوم مثلما تستهلك البضائع المتوالدة عشوائيا ، حيث يروج لها بل ويشترطها محتكروا السوق بالتزامن مع عولمة ما هو كمالي على حساب الاستعمالي من بضائع وقيم تقدس اللامعنى ، هذا السوق الذي يسمونه حرا وهو وفي حقيقته مقيدا بشروط الغابة التي سيكون شجرها بشر يستهلكون بقايا الاوكسجين الذي كانت قد اطلقته اشجار غابات ما قبل الحداثة ، تلك الاشجار الحقيقية التي تطلق سراح الاوكسجين في عمليات تغذيتها بعد ان تمتص الكاربون من تركيب ثاني اوكسيد الكاربون ، لتتوازن بغريزتها مع غرائز الطبيعة ، هو سوق نموذجي للنخاسة الكونية وان بقوانين مخملية للعرض والطلب !

لقد ساعد التطور المادي مستغليه من الاقلية المتحكمة بريعه وبالتالي باحتكار عمليات انتاجه وتوزيعه على التوحش في استخدام افضع ما توصلت اليه البشرية من اسلحة ابادة شاملة لاخضاع الخارجين عن بيت طاعتها وبالتالي سوقها !

العالم ينتج يوميا ما مقداره 80 مليون برميل ، امريكا لوحدها تشتري اكثر من 20 مليون برميل يوميا اي ان امريكا تستهلك ربع ما ينتجه العالم من النفط ناهيك عن حجم استهلاكها للغاز ، بمعنى ان 4 بالمائة من سكان الارض يستهلكون 25 بالمئة من الانتاج النفطي العالمي !

امريكا تنتج يوميا مابين 4 ـ 5 مليون برميل يوميا ، وحاجتها الفعلية حوالي 21 مليون برميل يوميا ، وعليه فهي تستورد 75 بالمئة من الخارج ، وسيتزايد الطلب الامريكي على النفط خلال العشرين سنة القادمة بسبب نضوب حقولها المنتجة حاليا وبسبب سياسة التخزين الاستراتيجي الاخذة بالتواتر مع ارتفاع حمى القلق الامريكي على مستقبل الهيمنة الدولارية على الاقتصاد النقدي العالمي وبالتالي على روح الاقتصاد الكلي حول العالم "الاقتصاد المعولم " ، لاسيما وان الاستثمار في مشاريع الطاقة البديلة ترهق الاقتصاد الامريكي في الامدين القصير والمتوسط ، واذا اخذنا بالاعتبار بان وتيرة الاستهلاك العالمي للنفط بارتفاع مستمر حيث سيزداد من 3 ونصف مليار طن سنويا الى حوالي 4 مليار طن خلال السنوات العشر القادمة لتغطية متطلبات التنافس الصناعي وخاصة في الصين والبرازيل والهند ، فان التحكم بتوريدات الطاقة ناهيك عن ريعها سيضمن للامريكان القدرة على تبطئة مستويات النمو للدول المنافسة ، فاننا سنستنتج بان الامريكان سيعولون كثيرا على وضع المناجم النفطية المؤثرة في العالم تحت سقف هيمنتها ولمديات بعيدة .

نفط الخليج العربي ينتج حاليا حوالي ربع الانتاج العالمي ، وهو يمتاز عن غيره بكونه صاحب اكبر مخزون احتياطي عالمي ، وتشير التوقعات الى ان الاعوام التي تلي 2020 ستشهد تدني ملحوظ بمعدلات الانتاج النفطي في معظم الحقول الكبرى حول العالم كالمكسيك وفنزويلا وبحر الشمال وبحر قزوين واسيا الوسطى وسيبيريا والاسكا ونيجيريا ، اما حقول الخليج فهي ستبقى منتجة وبزخم ولمدد زمنية طويلة ربما تمتد حتى عام 2100 ، ونفس التقديرات لا تبشر باكتشافات كبرى جديدة تغطي على الناضب ، وتلبي الحاجة المتزايدة لاستهلاك النفط !

السعودية تنتج حاليا حوالي 10 مليون برميل يوميا والعراق يمكنه ان اصلح قدراته الاستثمارية وبناه التحتية انتاج ما يفوق الانتاج السعودي ، وبهذا الصدد تشير التقارير المختصة بان احتياطيات العراق تفوق نسبة 11 بالمائة من مجمل الاحتياطيات العالمية ، وايران قادرة على تحسين معدلات انتاجها وهكذا الحال  بالنسبة لبلدان الخليج الاخرى نفطية كانت ام غازية ، بمعنى ان الخليج سيكون الوحيد بين الموردين القابل للزيادة  في نسب تصديره للنفط خلال الزمن المنظور ، ومن هنا تاتي اهمية الخليج العالمية ، والامريكية تحديدا ، خاصة وان الريع النفطي الخليجي يصب بطاحونة الاقتصاد الامريكي ، بشكل مباشر من خلال الصناديق السيادية ، وبشكل غير مباشر من خلال صفقات التسليح والاستثمارات الاستهلاكية.

الشرق الاوسط الكبير يراد له ان يكون محيطا امريكيا لا تنازعها فيه الدول المنافسة ، النفط اولا واسرائيل ثانيا ، والتفتيت ثالثا باسم التعددية والفدرلة والديمقراطية  وحقوق الانسان .

الخليج مركز هذا الشرق الاوسط الكبير ، سيكون منجما لا تنطبق عليه شروط السوق الحرة ، سيكون لمن يحرسه من منافسات الاخرين حصة الاسد في ريعه ، وهو الحاصل حاليا ، اسرائيل احد الحراس بالوكالة ستكون اقرب لهذه المناجم من شيوخها !

فتش عن النفط ، شم رائحته التي تعط حتى فيما يجري داخل سوريا والسودان وقبلهما ليبيا ، وقبلهم وبعدهم جميعا العراق ،  لا يستغرب احد اذا عرف بان زلماي خليل زادة تاجر نفطي مثله مثل برهم صالح والجلبي وهوشيار زيباري وآشتي هورامي وابراهيم بحر العلوم وغيرهم ، اضافة الى مدمني الخدمة لدى المخابرات الاجنبية في قائمة علاوي .

 ديك شيني سمسار نفطي عابر للقارات وهو صاحب اكبر حصة في قرار احتلال العراق الى جانب اللوبي النفطي في الحزب الجمهوري ، هؤلاء وغيرهم من تجار المناقصات الباطنية في كتل الملل والنحل والمكونات ، سنة وشيعة واكراد ، مستعدون لاقامة دولة على كل بئر نفط في شمال او جنوب او وسط العراق ، مادامت هناك شركات عملاقة يمكنها ان تسقط دول وحكومات وان تفجر حروب اهلية وتصنع جيوشا حرة لا قيود وطنية على سلاحها ، وان تنظم الغزوات والاحتلالات ، ويكفي ان نستدل باستقواء البرزاني بشركة اكسون موبيل بعد ان رهن ما يمكن ان يرهنه من رقع نفطية في اقطاعيته وبشروط تفضيلية ، يكفي ان نعرف بان تلك الشركة لم تتراجع عن عقودها الا في حالة واحدة وهي ان تكون صاحبة حصة الاسد بكل عقود الرقع النفطية في الوسط والجنوب ومن دون مناقصات ، يكفي ان نعرف بان شركة شيفرون النفطية الامريكية قد قررت ان تسير بنفس اتجاه الكارتل الاعظم اكسون موبيل ، يكفي ان نعرف بان الجزء الحاسم من خطة بايدن القاضية بتقسيم العراق مربوط بما تنجزه حاليا شركات النفط الامريكية في العراق ، اليوم يكشر المارد النفطي عن انيابه في العراق من خلال سياسة شركة اكسون موبيل التي تعمل مع اخواتها الصغيرات لتحقيق الاهداف غير المعلنة من الحرب على العراق ، وضع خريطة نفطية للعراق على اساسها تقسم البلاد الى دويلات يكون عمود وجودها ريع حقولها النفطية ، التي ستكون بحاجة لحماية ، لا توفرها غير امريكا !

لقد انتقموا من الدكتور مصدق في ايران لانه عاكس المارد النفطي المحتكر للنفط في بلاده ، وانتقموا من عبدالكريم قاسم لانه اصدر قرار رقم 80 الذي حرم الامريكان والانكليز ومن تساهم معهما من الاستثمار غير المقيد في 99 بالمئة من الارض العراقية ، ثم انتقموا مجددا من العراق وهذه المرة كان الانتقام احتلالا وخرابا شاملا لان العراق تجرأ عليهم وامم النفط واراد ان يجعل من التاميم موديلا يحتذى به لكل عازم على استرداد الحقوق المشروعة من الاحتكارات النفطية التي لا تتردد في استخدام كل الوسائل والاسلحة ، بما فيها اسلحة الدمار الشامل ، لتحقيق مصالحها الجشعة ، فتشوا عن النفط ستجدونه في كل رقعة تتسابق امريكا على تقليبها وشفط مافي جوفها من نفوط وغازات .

 

 

 

 

15.08.2012

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا