<%@ Language=JavaScript %> جمال محمد تقي ماكنة الحكم القائم في العراق مصممة للإفساد وليس الاصلاح !

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

ماكنة الحكم القائم في العراق مصممة للإفساد وليس الاصلاح !

 

 

جمال محمد تقي

 

اذا لم ينجح حكمكم وطيلة الفترة الماضية من اصلاح فقرة واحدة من فقرات الدستور المليئة بالعثرات والمغالطات والمتناقضات والوصفات الناسفة ، واذا لم تستطيعوا وبرغم العائدات الكبيرة للنفط من تحقيق اي اصلاح حقيقي في الحالة المزرية التي يعيشها معظم العراقيين ، امنيا ومعاشيا وخدميا ، فهل ستستطيع ورقة الاصلاح الفضفاضة والتي ستجعلون منها لافتة للتغطية على مشهد الانفراط  المتواتر بعقد المحاصصات اللصوصي فيما بينكم من اصلاح ما افسده دهر الاحتلال واعوانه ، في بلاد اصبح مصلحوها الحقيقيون مغيبون ، والعابثون بها ، آمرون في قصور حكمها ؟

لاي عمل كان ادوات ودوافع ، واهم ادوات الاصلاح الحقيقي عندكم غائبة ، ونعني بطبيعة الحال غياب المصلحين الحقيقيين ، اما اذا قصدتم اصلاح ذات البين ، اي اصلاح ما فسد في علاقاتكم ببعضكم ، وهي بطبيعتها علاقات غير سوية لانها بين مغتنمين وورثة مستخلفين من قبل محتل جائر لبلاد لا تستحق ان ينتسب اليها لا ان يحكمها امثالكم ، فان الاصلاح في تلك الحالة يسير جدا لانه سيكون عبارة عن مصالحة مصلحية بين شركاء في مشروع الخراب الذي اجتاح البلاد والعباد ولاجل غير مسمى . الدوافع هي الاخرى مرتبطة بالاهداف المرجوة ، وبما ان تلك الاهداف لا تتعدى الاستمرار بتحسين الاداء بما شرعه المحتل وما اقامه من سلطة تخلفه ، فان امرها ذاته سيكون عنوانا لليسر الذي سيتحقق فيه اصلاح ما شاب العلاقات المصلحية القائمة من تعارضات ومصادمات ، خاصة وان الدوافع هي ذاتها عند كل الاطراف المتنازعة على حجوم عوائد حصصها من الحكم !

لاي دولة ناجحة ماكنة تقوم باليات الدفع الذاتي لتحقيق مسلسل وظائفها العامة والخاصة ، اما دور السلطة فيها فهو دور المقود الذي يحركه الحاكم لتحديد الوجهة العامة لسيرعمل تلك الماكنة ، وعليه فان آليات عمل ماكنة الدولة تتمتع بالثبوت النسبي ، اما السلطة وحاكمها فتتمتعان بخاصية التحول والتغير والتداول الذي يتفاعل بدوره مع خصائص الثبوت النسبية لماكنة الدولة .

 اما في حالة الدولة الفاشلة فان الامر مقلوب او مشوه الى حد بعيد حيث لا وجود لماكنة مستدامة ، والمتوفر في هذه الحالة ماكنة ، تقليد ، تحاول ان تحل محلها وتتقمص ادوارها كافة ، وغالبا ما تكون اسباب فشل عمل تلك الماكنة هو عدم اصالتها وبالتالي تلفها السريع امام ضغوط العوامل الداخلية والخارجية التي تصل مستوياتها الى درجة  تبديد اي اواصر مستحدثة لانبثاق دولة جديدة ، وفي كل الحالات فان الخارجي والداخلي من العوامل  يستدعي الاخر ، برغم من حاسمية احدهما على الاخر .

 في حالة العراق فان الحاسمية مازالت للعامل الخارجي في فشل الدولة واحتمالات تفصصها، حيث لم يكتفي الاحتلال بازاحة السلطة التي ادعى تهديدها لامنه القومي وانما دمر مقوماتها واطاح ببنيتها التحتية ، واقام محلها سلطة تتلبس لبوس الدولة ، وصمم آلياتها لتدور بحلقة مفتونة بالنوبات الصرعية التي لا بد ان تؤدي الى وئد اي مشروع وطني قادم يستعيد الدولة المفقودة ، وبالتالي اعطاها تذكرة سفر لمرة واحدة لا يعود بعدها العراق كما كان وانما يتحول الى دويلات غير معلنة غارقة بصراعات جوهرها سلطوي متلحف بغطاء المكونات !

انسحاب القوات المحتلة برغم من كونه استجابة حتمية لتحدي المقاومة العراقية وبكل اشكالها لكنه لا يعني البتة تخلي الامريكان عن لعب ادوار جديدة تستكمل وباشكال ناعمة ما لم يتحقق بعد من مشروعهم الممرحل  ، وهو يعني تحديدا دخول المشهد مرحلة من الاستعداد الامثل لتحقيق البقية الباقية وبأقل التكاليف ، وبأيادي ورثتهم في حكم العراق .

الازمة الناشبة حاليا بين متحاصصي الحكم من ورثة الاحتلال ليست الاولى وهي ليست الاخيرة بطبيعة الحال ، فقبلها كانت هناك ازمة مجلس الحكم ، وازمة الدستور، وازمة حكومة الجعفري ، وبعدها ازمة تشكيل حكومة التوافق الثانية ، وبين الازمتين كانت هناك صراعات محتدمة وتحت مسميات مختلفة بين اغلب الاطراف الاساسية المبشرة بتغانم حكم العراق كاملا او مجزءا ، بل ان حمى المغانم جعلت الصراع يدخل في ثنايا التحالف الواحد والكتلة الواحدة والحزب الواحد ، والانشقاقات التي تغمر المشهد الحزبي في العراق خير دليل على ذلك !

ما يميز الازمة الاخيرة عن سابقاتها انها تأتي في ظل توافق شبه معلن بين امريكا وايران على ابقاء المالكي ، وقبل ذلك انها تأتي دون ان يكون هناك وجود عسكري امريكي فاعل في العراق ، اي انها اول اختبار لصلابة المشهد من دون ان يكون هناك تأثير امريكي مباشر عليه ، وهذا الاختبار قد اثبت بالمطلق هشاشة الوضع برمته ، لان عدم انهياره لا يعني قطعا صلابته ، فبقاء المالكي بمنصب رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة طيلة فترة الست سنوات الماضية جعله يتمكن وحزبه من مفاصل السلطة الفعلية في المركز ، بل وجعله صاحب الحظوة الاولى في تمديد فترة حكمه الى ما شاء الله ، مليون عسكري وشرطي ورجل امن وقوات خاصة ، واغلب مجالس المحافظات الجنوبية مربوطة بحزب الدعوة ، وقائمة دولة القانون التي يتزعمها المالكي تستقطب كل المنشقين من القوائم الاخرى ، حتى اصبحت قدرته عالية على احتواء مطالبات الشركاء في مجلس النواب وقبله الوزراء ، وساعده التوازن الطاريء بين النفوذين الامريكي والايراني على تحييد رئاسة الجمهورية ، وهو الان قادر على اعادة انتاج حكمه بواسطة اي انتخابات عامة يجدها مخرجا له من ضغوط الشركاء ، خاصة بعد تمكنه من مفاصل مايسمى بالسلطة القضائية ، وبعد ترتيبه لاوراق اغلب الهياكل والمفوضيات المستقلة ، فلا عجب اذا سمعنا مطالبات من بعض اركان التحالف الوطني نفسه الذي يفترض به نصيرا للمالكي تدعو الى تحديد ولايات الرئاسات الثلاث ، كما ورد ذلك في مطالب الصدريين ، الذين ليسوا ايضا بمعزل عن الضغوط الايرانية المجيرة لمصلحة المالكي ، وليس غريبا اذا سمعنا صوتا اخر من التحالف الوطني نفسه وهو صوت السيد صباح الساعدي ، يؤكد فساد القضاء وعلى رأسه  مدحت المحمود رئيس مجلس القضاء الاعلى ، حيث اتهمه صراحة بالعمل لحساب المالكي وبعدم النزاهة والحياد ، وبرغم كل ذلك فان المالكي مطالب بارضاء شركائه المنزعجين من تنامي قوته على حسابهم ، ليكسب مزيدا من الوقت كي يستطيع تجديد فترات حكمه  ومن دون شركاء ، وعليه فهو مستعد ومن خلال ورقة الاصلاح منح قبول مرشح القائمة العراقية لوزارة الدفاع ومنح وزارة الداخلية لاحد اطراف التحالف الوطني ، وهو مستعد لقبول تشكيل مجلس للسياسات الاستراتيجية بقيادة علاوي وباختصاصات شوروية ، وهو مستعد لقبول حلول وسط حول العقود النفطية لحكومة اقليم كردستان مع شركة اكسون موبيل ، وكذا في مسألة احتساب مخصصات قوات حرس الاقليم على ميزانية وزارة الدفاعل ، والاتفاق على صيغة مرضية للطرفين تستبقي الوضع على ماهو عليه في المناطق المتنازع عليها !

حوار ما يسمى بالاصلاح قد يؤدي الى توافق مؤقت جديد ، تراهن فيه  جميع الاطراف على المستقبل القريب ، الذي لا يتجاوز السنتين حيث الاستحقاق الانتخابي الجديد ، وحيث المتغيرات المتوقعة اقليميا والتي يحاول كل طرف فيها الاستعداد لحلب نتائجها لصالح اعادة النظر في الحصص المقررة عرفيا ودستوريا ، وكل بحسب اجندته الطائفية والعرقية ـ البرزاني باتجاه الدولة الكردية الناطقة ، وعلاوي باتجاه حكومة انقاذ متوافقة في سياستها مع السائد اقليميا بعد حسم موضوعي سوريا والملف النووي الايراني ، والمالكي باتجاه حكومة الاغلبية الطائفية ـ  لكنه لن يؤدي قطعا الى استقرار ناجز في المشهد السياسي العراقي وذلك لان الشركاء جميعا سيعدون العدة بعد انتهاء هذه الجولة الى القادم من الجولات والتي يراد لها ان تصل وباي شكل من الاشكال الى حيث النتيجة الامريكية الاسرائيلية المطلوبة ، وهي تقسيم العراق الى ثلاث دويلات !

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا