<%@ Language=JavaScript %> جمال محمد تقي حوار بلا سقف !

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

حوار بلا سقف !

 

 

جمال محمد تقي

 

ـ كلما شرقت او غربت ازددت يقينا بان علمي قطرة من بحر يكتظ بالعلوم ـ

"ابن فضلان"

 

ليست اسكندنافيا سقفا للعالم يا ابن فضلان ، وليست الصين قاعدته ، محق انت حين وصفت بغداد بانها عين العالم ، والعالم هو كرأس انسان له عيون واذان ولسان ، وحسبك انك كنت عدسة حساسة ومبدعة من عدسات تلك العين النافذة.

انت الادرى ، وانت الاجدر بالحوار ، غصت بنفسك مستشرقا من بغداد حتى حدود الصين ، وعدت لبغداد تقايس المسافات ، ثم غربت حتى حواف العالم القديم ، وعدت لتعلمنا بان لكل شرق غرب ولكل غرب شرق يكمل بعضهما الاخر ، ضدان في بوتقة واحده ، قطبان لا يجمعهما الا الحوار .

بعد ان كلف بسفارة من الخليفة المقتدر العباسي لملوك الصقالبة والبلغار وما وراء الجوار ، راح ابن فضلان يتقلب بين البلدان بحثا عن المجهول في اصقاع الغرب ، لتكون دالته بوصلة لقراءة طالع الاجال القادمة ومقدار تاثيرها على امبراطورية الخلافة التي كانت تحكم لب العالم القديم !

لم يكن يومها يعرف العارفون بان ارضنا كروية ، فكان منهم من رسمها مسطحة ، ببداية ونهاية ، وقاع وسقف وقرون ، ومنهم من تخيلها كفلك يسبح في فضاء من ماء ، وعندما وصل ابن فضلان الى اخر اصقاع شمال اوروبا المأهولة ـ الدنمارك ـ تصورها سقفا للعالم الذي لم يتعرف على ابعاده بعد !

الفضول شرارة المعرفة الاولى ، وهو يزيد من هرمون الحاجة عندنا نحو المزيد من الاكتشاف !

البحث تحصيل حاصل بين نزعة الفضول والاكتشاف والحاجة لاكمال نقص ما يشعر به المستقصي والتي لا علاج لها الا بالمزيد من الاكتشاف المسبب لاختراعات لم تطرق من قبل !

،

في مجاهيل العوالم الجديدة ،

وعلى قاعدة من المعرفة

التي ليس لها سقوف ،

اوانبياء واوصياء

ولا قوالب

ولا اعمار افتراضية ،

معرفة المجاهيل التي تقتل الخوف منها

وتطرد الوحشية التي يغذيها الجهل

وتعطي لكل الانفاس

مساحة لالتقاط الامل ،

يدب حوار بوجهين احدهما خشن والاخر ناعم .

،

حوار تتلاقح فيه الاخبار بالاسرار بالاسفار،

اخيرا ، الاكتشاف هو اروع ما يمكن ان يزهره حوار .

بحسب موعدي معه ، ذهبت الى بيته ، أولف يوران فيدكفيست ، كاتب سويدي متعدد الاوجه والاهتمامات ، الى جانب كونه ناشط سياسي مخضرم ، كنت قد تعرفت عليه من خلال مشاركتي بدورة معلوماتية عن سياسية الاندماج في السويد ، واثناء استراحاتها كانت تجري بيني وبينه نقاشات شملت كل شيء الا فكرة الاندماج ذاتها ، ويبدو اننا كنا متفقين تماما على جوانب هذه القضية الشائكة .

لقد ارسل ميلا يقول : استعد لمفاجئة ستسعدك عندما تأتي لزيارتي بحسب الموعد المتفق عليه ، وقد اجبته بانني اخشى المفاجئات العشوائية ، وعلى كل حال فانا مستعد ، الى اللقاء . . 

وصلت امام الفيلا التي يسكنها ، وضغطت على جرس الباب ، ففتح أولف مرحبا بي ،

وانا اهم بنزع معطفي ، سمعت صوت أم كلثوم ، سمعت اغنية :

سمعت صوتا هاتفا في السحر

نادى من الغيب غفاة البشر

هبوا إملأوا كأس المنى قبل ان

تفعم كأس العمر كف القدر .

. .

بعد ان اخذ كل منا مكانه في غرفة المكتب

قلت متسائلا : أم كلثوم ؟

فأجاب قائلا : عمر الخيام .

واخذنا الحديث عن شعره وفلسفته وعلمه ، وجدته مندهشا مبهورا بالاغراض الشعرية الانسانية الفريدة التي تحتويها الشاعرية العربية الاسلامية ، وتحديدا في الصوفيات  والخمريات والفلسفيات !

في وسط احد جدران غرفة  مكتبه لوحة من الفسيفساء " الارابيسك " خط عليها عبارة لابن عربي تقول  الحب عبادة ، فانطلق حديث عن فلسلفة الدين وكونه في جوهره  علم للمحبة المطلقة !

وجدت في مكتبته كتب مترجمة الى السويدية لكتاب عرب كالطاهر بن جلون ، ونوال السعداوي ، ونجيب محفوظ ، وادوارد سعيد ، ووجدت كتابا عن الشعر العربي الحديث !

 اتفقنا على سلسلة مواعيد لمناقشة بعض القضايا التي يريد هو الكتابة عنها ، وعن موضوعات اريد انا مثاقفتها معه ، كالمقارنة بين مميزات الشعر العربي والسويدي !

في زيارتي الثانية حملت معي بعضا مما يطيب الحديث فيه :

 

طلْ ايها النعيم ولا تكن بخيلا ـ  فالجحيم يشقى لتكون انت عليلا

هلْ ورمي علينا بثقلك ولو قليلا  ـ  جرب بنا ما يحب خليل لخليلا

سلْ مبعدوك عنا للغروب ذليلا ـ  اليس الشروق سُنةٌ لاتبدل تبديلا ؟

قلْ ما ينصف النصفين تبجيلا  ـ ولا ترتل ما يقلب الايات ترتيلا

صلْ بنا فعيوننا ترقب التكحيلا ـ  وهذه زغاريد خيولنا تأتيك صهيلا !

.

سألني أولف عن تجانس المعاني في تلك الابيات ، ثم دار حوار بيننا بعد ان قرأ نماذج سويدية ،

فقال : ان ايقاع اغلب الاشعار التي سمعها او قرأ ترجماتها عن العربية تمتاز  بالرتم ـ الايقاع ـ الخارجي العالي والرتم ، الداخلي المنخفض ، لكنه استدرك بقوله بان هناك تجانس بين الرتمين برغم علو مكانة الايقاع الخارجي ، وذلك ما لاحظه باغلب ما اطلع عليه من اشعار عربية قديمة وجديدة .

قلت : تقول العرب ان الشعر ديوانها ، وهو قد ارتبط منذ مراحله الاولى باسلوب المعاش الصحراوي المتنقل والمتآلف مع ايقاعات سير النوق والخيول ، وهذه الاقوام كانت لا تأرشف ذاكرتها على الرمال لان الرمال متحركة ، لكنها دربت نفسها على كتابة ارشيف ذاكرتها بلسانها ، فالمشافهة كانت هي الاصل ولا اصل غيرها ، والمشافهة تتطلب ادوات تعينها على الاستنساخ والحفظ والنقل المؤثر في المتلقين والناقلين ، الذين بدورهم يتفاعلون مع الرتم الخارجي اولا كونه ظاهرا للوهلة الاولى على الرتم الداخلي وتركيباته ، ويتآلفون معه قبل امتلاك ناصية النص بكل ايقاعاته الظاهرة والباطنة .

ويلعب التناسق الموسيقي وايقاعاته المنسجمة مع نمط الاصوات السائدة والتي تشكلها البيئة الطبيعية بتفاعلها الرمادي مع البيئة الاجتماعية السائدة ، دورا كبيرا في ترسب تشكيلات نمطية من المقامات الشعرية او ما نطلق عليها مجازا بحور الشعر وعلم العروض في العقل الثقافي التاريخي الباطن  ـ الذوقي والمزاجي ويصح ايضا قول النفسي ايضا ـ  فالتطريب بالتطنيب ، والتكرار بالدوار ، لكن هذه البيئة وبرغم نمطيتها الدائرة حول نفسها كانت حكيمة ايضا فهي لم تكن قط سطحية او احادية الجانب او تنظر بعين واحدة وتحلل باداة واحدة  وتستمزج ببعد واحد وتتذوق بطعم واحد ، والدليل ان مقاييس قوة الشعر والشاعرية عندهم درجات تتصاعد من الشويعر الى فحل الشعر وابطحه ، نعم هناك نمطيات يمكن التدرب عليها وبالتالي الاجادة بها ، كالاغراض المتفق عليها عرفيا ، والبناء الخارجي المقولب ، كالغزل اولا ثم الدخول في بيت القصيد ، والقافية ووحدتها والوزن الايقاعي المتناسق داخل البيت الواحد بصدره وعجزه وبين كل ابيات القصيدة الواحدة ، لكن ارتفاع الجودة في الشكل وحده لا تكفي ليكون الشاعر عندهم متميزا او شاعرا حقيقيا وليس مجرد متعاطيا او هاويا ، او حتى تكون القصيدة ناضجة وقوية وذات جودة عالية ، فالمضمون ومتانة معانيه وجودته والتميز في رسم الصور العميقة في تعبيراتها المنجزة بوحدة متسقة مع شكل يكملها بل يحققها في القافية والوزن ويفتق جمالياتها الظاهرة كتعبير عن جمال حي في الباطن ، والمعلقات كانت نموذجا تاريخيا على هذه المقاييس مجتمعة !

الشعر العربي الحديث :

دخل مرحلة حديثة في تطوره ، مرحلة تتداخل فيها الانماط بالادوات الحديثة بعمليات تطويع اللغة لاستيعاب منجزات العصر المعرفية والثقافية بمختلف مستوياتها ، وقد اثرت حركات الحداثة الاوروبية تاثيرا ملحوظا في حركة الشعر العربي بل في عموم حركة الاداب والفنون ، بالضبط كما كان التاثير العربي الاسلامي بادابه وعلمه وفنونه قد اثر على اوروبا في فترة ماقبل عصر النهضة الاوروبية .

لكن وبرغم التأثير الاوروبي يبقى للشعر العربي نكهته المحلية الاصيلة ، ربما بمثل قولنا ان الشعر السويدي وبرغم تشابهه وتاثره بكل المدارس الاوروبية ، لكن تبقى له ميزاته الخاصة النابعة من محليته الفارقة بتفاصيلها التاريخية الدقيقة حتى عن ميزات اداب وفنون الدول الاسكندنافية الاخرى ، كفلندا والنروج والدنمارك .

بعد مناقشة ملاحظات منه ، تحدث أولف عن ترادفات بين ملامح الشعر الكلاسيكي السويدي مع ما انتجته الشاعرية العربية الاسلامية ، لكنه ظل مندهشا للمعطى الصوفي في هذا العطاء ، لانه الاكثر تجريدية واستغراقا بالروحانيات ، التي افتقدها الادب الاوروبي عموما ، وعن ابرز ملامح المرحلة الادبية والفنية الحديثة في السويد ، قرأ نماذج من اشعار هاري مارتسون ذات الخصوصية الانطباعية الغائصة بالبيئة وايحائاتها النفسية ، حيث الثلج المتحجر ، كورة للجمر المتوهج سكونا وصراخا لا تسمعه ، مرجل للنار الصامتة ابدا ، والمشتعلة ابدا ، وحيث الليالي البيضاء والنهارات المظلمة وحيث الغابة التي لا تغيب عنها روح السحر والساحرات ، كما في المثيولوجيا السويدية !

قرأت له

ـ  تراجيديا دار الضيافة ـ

هابيل وقابيل ،

لم تكن بينهما أمرأة ، كانوا والله اعلم ، ربي كما خلقتني !

كانوا ضحية للمؤامرة الاولى ،

هل تصدق ان هاتف السماء ، حرر شياطين الشر في الارض ،

ولم يلقى القبض عليهم حتى الان ؟

حتى الان ،

وربما فات الاوان !

 

قلب الصفحات ، الف صفحة وصفحة ،

ثم قس حبل المؤامرات فيها ، ولا تمل !

فتش عن كلمة السر ، ولا تسر لها بما قالت لك الالهة ،

فتش عن المرأة ، فتش عن رأس المال ، او ربما رأس الحكمة !

،

الملك يقتل اخويه الاميرين !

الاصابع المخملية تستهوي اللعب

على قيثارة الانا العليا ،

بتفاحة او سم مدسوس بعسل الفواحش ، او بقبقاب ، او خازوق ،

الامر سيان ، فكل الطرق تؤدي الى الخديعة المفجعة .

تعددت الاسباب والغدر واحد ،

.

،

ثلاثة كانوا : الملك بيرغر ، واخويه الاميرين فالديمار وإيرك .

الاميران ايرك وفالديمار يقعان ضحية تآمر اخيهم الملك بيرغر الذي لم يكن على اقتناع بتقاسم سلطة المملكة معهم وهو يريدها مملكة خالصة له ولنسله ، وكان الاميران يحصنان نفسيهما بتحالفات مع امارات وممالك في فلندا والنروج ، والمفروض ان يحكم الملك بيرغر بتحالفه مع الدنمارك التي تزوج من اسرتها المالكة ، الملكة مرتا ، كل مملكة السويد بما فيها مقاطعات اخويه الاميرين ، لكن الاميرين لم يكونا على وفاق مع سياسة اخيهم الملك المتداهنة مع مملكة الدنمراك التي تنحدر منها زوجته ، وهي ، اي الملكة مرتا تدرك ذلك ، وعليه كانت تدفع بزوجها الملك للتخلص من اخويه ، وحصلت بين الاخوة الثلاث مهاترات ومواجهات عديدة ، انتهت بسجن الاميرين بعد ان تمكن منهما اخيهما الملك بيرغر بخدعة الصلح الذي دعاهم اليه ، حيث كان احتفالا بهيجا في دار ضيافة قصره الصيفي في مدينة نيشوبغ ، وفعلا حصل اللقاء واحتفى الملك باخويه بمأدبة عامرة تليق بالمناسبة ، في ذات الوقت كانت مرتا زوجة الملك ترتب مع قائد حرسها خطة اعتقال الاخوين وسجنهم والتخلص منهما الى الابد ، وبعد ان بلعا الطعم ، وشربا حتى الثمالة مع اخيهم الملك الذي كان يجاري ما يجري في الخفاء ، وبعد انتهاء الحفل وخلود الاميرين الى الغرف المخصصة لنومهما هجم عليهما حرس الملك واقتادوهما الى السجن الابدي حيث اقفل عليهما الملك باب الزنزانة ورمى المفتاح في البحيرة التي تطل عليها دار الضيافة ، كان قلق الملك يتبدد عندما يستمع لتطمينات زوجته الملكة ، رغم انه يعلم علم اليقين بان فسجن اخويه ومن ثم تصفيتهما سيثيران غضبا ومشاكل داخلية وخارجية عديدة ، لكن الملكة قد اقنعته بان الخطر من اخوته اشد من كل المخاطر الاخرى على عرشه وانها ستضمن له دعما دنماركيا اكيدا .

،

هارون الرشيد

سيد العصور الذهبية

والراشد في ام الدنيا

امبراطور الخلافة وملهمها

هذا الاسطورة ،

لم يفلت من المطب

ترك لنار الفتنة وقودا وحطب ،

لم يحصن خلفه

من لعبة الغدر ،

،

الرشيد يوصي بولاية العهد لابناءه الثلاثة ، المأمون والامين والمعتصم ، السيدة زبيدة زوجته وملكة قصره ، تقنعه بجعل ابنها الامين وليا اولا للعهد قبل المأمون ، برغم كون المأمون هو الاكبر سنا ،

 فعلها الرشيد ، ولم يكن رشيدا بفعلته .

بعد وفاة هارون الرشيد وتولي الامين الخلافة اراد خلع اخيه من ولاية العهد !

المأمون امتنع

وكانت فتنة اشد من القتل

فالمحظور قد وقع ،

قتل الامين ،

وعلم المأمون ارتفع

على صارية يزينها رأس اخيه الذي انقطع !

.

وما زال الامر سيرة ذاتية عن سلطان الغدر الذي تشرعنه كراسي السلطة في اي مكان وزمان ، عن السيادة والعبودية ، عن الصدفة والحتمية ، والبقية تأتي مع البقية .

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا