<%@ Language=JavaScript %> مدونة هاني أميركا و”أسرلة” دول الخليج

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

أميركا و”أسرلة” دول الخليج

 

مدونة هاني

 

نشاهد في الفترة الحالية ظاهرة لافتة في المنطقة، وهي التحول التدريجي لدول الخليج إلى وضع شبيه

 بوضع إسرائيل. ما هي مميزات إسرائيل؟

أولا: عزلة تامة في المنطقة لم يكسرها إلا العدوان العسكري على بعض الدول وإخضاع تلك الدول بقوة

 السلاح.

ثانيا: التصاق تام وكامل بالولايات المتحدة بحيث لا تتمكن إسرائيل من الحياة بدون الدعم الأميركي.

حاليا لو نظرنا إلى دول الخليج نجد أنها معزولة تماما في المنطقة على كل المستويات.

الدول العربية تعيش حاليا ما يسمى بالربيع العربي... كل الدول تمت فيها إصلاحات سياسية كبيرة للغاية. 

الاستثناء الوحيد هو دول الخليج التي قاومت الإصلاح على نحو عجيب وغريب.

 

آل سعود لم يقوموا بأي إصلاح سياسي على الإطلاق استجابة للربيع العربي.

 بدلا من الإصلاح هم أرسلوا قوات إلى البحرين لكي تقمع الشعب، وهم أشعلوا الوضع في سورية على أمل

 تخفيف الضغط الداخلي عنهم.

بالنسبة للسياسة الخارجية فعزلة الخليجيين تبدو أيضا واضحة... الخليجيون دفعوا الكثير من المال لمصر وغيرها لكي تسايرهم في سياستهم الخارجية، ولكننا الآن نرى أن مصر تعارض التدخل العسكري في سورية وإيران بشكل قاطع، ونفس الأمر ينطبق على الدول العربية الأخرى.

الدول العربية تدعو إلى تنحي الرئيس السوري، ولكنها كلها ترفض التدخل العسكري في سورية وإيران... هذا

 يعني أن مواقف هذه الدول هي مجرد ضحك على الذقون وخداع للخليجيين، لأن الأسد لا يمكن أن يسقط 

بدون تدخل خارجي، والخليجيون لا يريدون مجرد دعوات كلامية لتنحي الأسد وإنما هم مصرون على التدخل

 العسكري ويسعون له بكل ما أوتوا.

بالإضافة إلى ذلك نحن نرى أن الدول العربية عموما لم تتقبل الطرح السعودي الذي يدعو إلى تقسيم المنطقة

 إلى معسكر شيعي ومعسكر سني.

 السعودية كانت تريد جعل إيران عدوا للعرب بدلا من إسرائيل، ولكن العرب لم يتقبلوا ذلك ونحن رأينا الزيارات المتبادلة والتصريحات الدافئة بين إيران ومصر وإيران وتونس بل وحتى إيران وليبيا.

العلاقات الإيرانية - المصرية الآن تشهد انتعاشا وتحسنا، والعلاقات المصرية - الإسرائيلية تشهد تراجعا 

وفتورا....... هل هذا هو ما يريده آل سعود وشيخ قطر؟

هناك عزلة حقيقية يعيشها المعسكر الخليجي في المنطقة... الدول الخليجية تشعر أنها معزولة وهذا ما 

عبروا عنه صراحة عندما تحدثوا عن وجوب الاتحاد لمواجهة التهديدات.

 هم يعتبرون ما يحدث في المنطقة الآن تهديدا وجوديا لهم.

أميركا في المقابل تستغل هذا الشعور الخليجي وتعقد صفقات بمئات مليارات الدولارات لتسليح دول الخليج،

 وهذه الصفقات تلعب دورا هاما في إنقاذ الاقتصاد الأميركي من أزمته.

أنا بصراحة أعتقد أن أميركا هي المسؤولة عن السياسة الخليجية الحالية، وهذا ما قلته من قبل.

 أميركا بدلا من أن تضغط على آل سعود لكي يقوموا بالإصلاح تسكت عنهم تماما بل وتشجعهم على المضي

 قدما في غيهم سواء في داخل السعودية أم في البحرين وسورية.

 أميركا تستغل الوضع الحالي لتحقيق مصالحها فقط ودون أي مراعاة لمصالح الشعب السعودي وبقية شعوب

 المنطقة.

الأزمة السعودية في 99% منها هي أزمة داخلية... لو أن النظام السعودي قام ببعض الإصلاحات السياسية في

 الداخل فهذا سيزيل معظم الاحتقان الذي يشعر به آل سعود الآن، ولكن آل سعود يقاومون الإصلاح على نحو 

عجيب، مما يجعلني أشك بوجود دور أميركي في منعهم من الإصلاح.

ما الذي تربحه أميركا من آل سعود الآن؟

أولا هي تستفيد منهم لإضعاف سورية وإيران وحزب الله وكل القوى المناوئة لها في المنطقة.

ثانيا هي تستفيد منهم كمصدر هائل للمال... الأموال السعودية تلعب دورا جوهريا في إنعاش الاقتصاد 

الأميركي المتداعي.

ثالثا أميركا تستفيد من سياسة آل سعود لعزل الجزيرة العربية عن محيطها الإقليمي وتحويلها إلى مستعمرة 

أميركية دائمة على غرار إسرائيل.

الإصلاح في الجزيرة العربية لا يفيد أميركا بشيء إطلاق... لو حصل الإصلاح في السعودية فهذا يعني أن

 أميركا ستخسر المال وستخسر النفوذ في المنطقة وستخسر كل شيء.

لهذا السبب أميركا لا تريد أن يتحسن وضع السعودية بل تريد أن تبقى السعودية مأزومة ومعزولة لكي تظل

 معتمدة على أميركا.

أميركا تطبق مع الجزيرة العربية نفس السياسة التي طبقتها مع الصهاينة... أميركا بدلا من أن تصالح الصهاينة مع محيطهم العربي شجعتهم على الغطرسة والمكابرة، 

وبذلك تحولت إسرائيل إلى قاعدة أميركية.

 أميركا الآن تعمل على "أسرلة" الجزيرة العربية... هي تريد أن تخلق عزلة دائمة بين الجزيرة العربية ومحيطها وأن تحولها إلى إسرائيل جديدة، أي إلى قاعدة أميركية استراتيجية وحصينة.

أميركا الآن تطرح على الخليجيين إقامة "درع صاروخي" بقيمة عشرات المليارات... هذه الطروحات كانت أميركا تطرحها في السابق على إسرائيل، أما الآن فأميركا صارت تعامل الجزيرة العربية كما تعامل إسرائيل.

 هي تريد أن تبني جدرانا عسكرية وسياسية وثقافية بين هذه الجزيرة ومحيطها بحيث تصبح هذه الجزيرة 

إسرائيل جديدة.

مصلحة الجزيرة العربية هي في الانفتاح على محطيها والاندماج معه، أما سياسة التقوقع  والانعزال وبناء الدروع والجدران فهذه سياسة لا تخدم مصلحة أحد سوى أميركا (وإسرائيل طبعا).

أميركا نجحت في خلق جدران كثيرة نفسية وثقافية وسياسية وعسكرية بين الجزيرة العربية وبين محيطها 

العربي والإسلامي.... هي بصراحة نجحت في تحويل هذه الجزيرة إلى إسرائيل جديدة.

 الآن الثقافة الشعبية السائدة في الجزيرة العربية لا علاقة لها بثقاقة الشعوب العربية والإسلامية الأخرى.

الشعوب العربية والإسلامية تؤمن بالاستقلال العربي والإسلامي، وتؤمن بالوحدة ومناهضة المشاريع 

التقسيمية والعنصرية، وتؤمن بالتطور والسعي نحو بناء دول عصرية لا تميز بين الناس.

 أما شعب الجزيرة العربية فآل سعود يريدونه أن يؤمن بالانعزال والعنصرية والطائفية والتبعية لأميركا... هم 

يريدون أن يحولوه إلى شعب إسرائيلي جديد.

الموقف السعودي من الأزمة السورية هو على ما يبدو المرحلة الفاصلة التي ستتحول السعودية بعدها إلى

 إسرائيل حقيقية.

الأزمة السورية لن تستمر إلى الأبد بل سيأتي يوم يتم حل فيه هذه الأزمة باتفاق شامل بين أميركا وروسيا

 وإيران.

أين هو موقع السعودية في هذا الحل؟ السعودية لن يكون لها أي موقع لأنها بسياستها الحالية تجاه سورية

 وإيران عزلت نفسها عن شؤون المنطقة وترتيباتها المستقبلية.

 أميركا في المستقبل ستتفق مع إيران وروسيا على تقاسم النفوذ في المنطقة وستقوم ببناء الجدران حول آل 

سعود لكي تعزلهم عن محيطهم... هذا هو الحل الذي تخبؤه أميركا لآل سعود... هو حل إسرائيلي بامتياز.

سعود الفيصل رفض مجرد الحضور إلى اللجنة الرباعية المتعلقة بسورية... هو لا يريد مجرد التحاور مع إيران. 

هل هذه سياسة؟ هو يعزل نفسه بنفسه عن شؤون المنطقة ويوكل أميركا لكي تفاوض بالنيابة عنه... هو 

يتصرف على نحو أسوأ من إسرائيل.

من لا يريد الحوار مع الآخرين فهو حتما لن يحصل على شيء... هو سيمضي حياته خلف جدار، وأميركا الآن

 تعد بالفعل لبناء هذا الجدار تحت مسمى "الدرع الصاروخي الخليجي" وهي تطلب من الخليجيين أن

 يدفعوا ثمنه.

 أميركا ستتفق قريبا مع إيران وروسيا على تقاسم المنطقة وستبني جدارا حول آل سعود وجدارا آخر حول 

إسرائيل وانتهت القصة...هذا هو حل المنطقة من المنظور الأميركي، وهو حل يحقق مصالح أميركا لأن 

أميركا إن ضمنت موطئ قدم دائم لها في الخليج فهذا يكفيها وهي ليست بحاجة للمزيد... هي ليست بحاجة

 حتى لإسرائيل لولا النفوذ الصهيوني الضاغط عليها. الجزيرة العربية لوحدها هي مكسب كاف لأميركا في ظل 

الظروف والمتغيرات الحالية.

إسرائيل حاليا هي عبء على أميركا أكثر من كونها مكسبا، ولكن من في أميركا يجرؤ على الإقرار بذلك؟

إسرائيل فقدت قيمتها في ظل النفوذ الإيراني الجديد....... إسرائيل في عام 2006 فشلت في لبنان، 

وهي حاليا لا تستطيع أن تحقق شيئا لا في لبنان ولا سورية ولا حتى غزة... هي مجرد عبء على الاقتصاد 

الأميركي... هذا هو الواقع الجديد في المنطقة.

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا