<%@ Language=JavaScript %> ساعة الحقيقة  مدونة هاني

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

ساعة الحقيقة 

 

 

من متابعة الواقع السوري حاليا وخلال الأسابيع الماضية يمكننا أن نقول أن الغرب فشل نهائيا في محاولاته لشق الجيش السوري. 

الجيش السوري ما زال حتى الآن القوة الضاربة الأكبر في سورية ولا مجال للمقارنة بين قدراته وبين قدرات المتمردين.

هذا يعني أن النزاع المسلح لو استمر بلا نهاية في سورية فإن النصر سيكون حليف الجيش السوري حتما.

أوضح دليل على يأس أميركا من هزيمة الجيش السوري هو تغير طبيعة العمليات التي يقوم بها المسلحون المتمردون في الآونة الأخيرة... المتمردون صاروا يركزون على ما يسمونه "العمليات النوعية" التي تستهدف القدرات العسكرية الاستراتيجية لسورية... هم مثلا يستهدفون الصواريخ ومراكز البحوث والتصنيع العسكري... هذه العمليات لا تؤدي لهزيمة الجيش السوري أمام المتمردين ولكنها تساعد في تعديل ميزان القوى الإقليمي لمصلحة إسرائيل.

تكاثر هذه العمليات هو دليل واضح على أن أميركا لم تعد تراهن على انهيار الجيش السوري وأنها تحاول الآن استغلال الوقت الضائع لإضعاف سورية بأقصى ما يمكن على الصعيد الإقليمي.

 إسقاط الجيش السوري لم يعد هدفا مطروحا لدى أميركا... أميركا لم تعد تعتقد بقدرة المتمردين على هزيمة الجيش السوري حتى لو تم تزويدهم بالسلاح.

أنا أصلا أشك في أن أميركا اعتقدت فعلا بإمكانية هزيمة الجيش السوري... عملية اغتيال القيادات الأمنية في دمشق لم تنفذها أميركا على ما أعتقد وإنما المخابرات التركية والفرنسية والعربية والإسرائيلية، وفي حال كانت أميركا ساهمت بنفسها في هذه العملية فهذا لا بد أنه كان لمجرد إرضاء أتباعها الإقليميين (خاصة الخليجيين الذين ينفقون أموالا طائلة جدا لدعم الاقتصاد الأميركي في هذه الفترة الحرجة).

أميركا في رأيي لم تعتقد يوما بإمكانية هزيمة الجيش السوري، وهذا أحد الأسباب التي منعت أميركا من تزويد المتمردين بالسلاح الجدي، وأصلا أميركا لا مصلحة لها في انهيار مفاجئ للجيش السوري..التغييرات المفاجئة في منطقة كسورية هي أمر خطير ولا يمكن لادارة أوباما أن تقدم على هكذا تهور.

الجيش السوري لا يمكن أن يهزم إلا بتدخل خارجي، وهذا أمر مكلف جدا وستطال شظاياه إسرائيل، وبالتالي أميركا لا مصلحة لها به.

إذن الجيش السوري لا يمكن أن يهزم، والنظام السوري أيضا لا يمكن أن يهزم.

أتباع أميركا حاولوا كثيرا شق النظام السوري عبر قتل قيادات رئيسية في النظام وعبر تقديم الإغراءات والأموال لقيادات أخرى لكي تنشق، ولكن رغم كل ذلك فإن النظام ظل صامدا ومتماسكا.

 هم قتلوا آصف شوكت والاختيار وداود راجحة والتركماني وشقوا مناف طلاس (وأبعدوا والده) وشقوا رياض حجاب، ولكن رغم كل ذلك فإن النظام لم يتأثر.

حتى جوشوا لانديز اعترف بهذه الحقائق، وهو في مدونته أقر بأن النظام السوري لن يسقط أبدا وسيستمر في القتال حتى لو نجح أعداؤه في إخراجه من دمشق...كلام جوشوا لانديز (كما ذكرت في تدوينات سابقة) يعبر إلى حد كبير عن وجهة نظر الإدارة الأوبامية.

إذن النظام السوري وجيشه هما غير قابلان للإسقاط، وهذا ليس اكتشافا جديدا بل هو أمر كنا نعلمه منذ البداية.

 أنا لست عضوا في النظام السوري ولكنني إنسان مطلع على تاريخ سورية ولدي احتكاك مع مختلف فئات المجتمع السوري وأنا أفهم تركيبة هذا المجتمع وثقافته (بخلاف الكثير ممن يسمون أنفسهم بالمعارضين والذين أثبتت الأحداث أنهم لا يفقهون شيئا في الواقع السوري على الإطلاق).

النظام السوري غير قابل للإسقاط، ولكن الدولة السورية هي قابلة للإسقاط، وهدف الغرب حاليا هو إسقاط الدولة وليس النظام.

 هم يراهنون بشكل أساسي على الموضوع المالي لهدم الدولة السورية وصوملة سورية.

أميركا لديها هدف استراتيجي بينته سابقا هو هدم الدولة السورية وإعادة بناء دولة جديدة بما يناسب المصالح الأميركية (التي هي نفسها المصالح الإسرائيلية).

هم يريدون أن تختفي كل مؤسسات الدولة وأجهزتها وأن تتحول سورية إلى غابة كبيرة ليس فيها سوى المسلحين المتقاتلين، وبعد ذلك سوف يقبلون بالتفاوض مع روسيا وإيران لتركيب دولة سورية جديدة على النموذج البوسني (وليس العراقي أو اللبناني لأن الوضع السوري يشبه الوضع البوسني).

سوف يتم تركيب دولة مهلهلة على النمط الذي قامت فرنسا بتركيبه في سورية في عشرينات القرن العشرين، عندما أعلنت وقتها عما أسمته بالاتحاد السوري...الاتحاد السوري كان من بنات أفكار هنري غورو وهو كان عبارة عن اتحاد فدرالي فضفاض بين مناطق سورية. 

الدول الغربية الاستعمارية تقوم دائما بتركيب دول ضعيفة مهلهلة تابعة لها... هذا ما فعلوه في البوسنة والعراق ولبنان وليبيا وكل الدول التي دمروها... حتى ألمانيا عندما هزموها في عام 1945 قاموا بتقسيمها إلى 4 أقسام.

في المجتمع السوري لا توجد ثقافة سياسية وطنية، بل لا توجد حتى هوية وطنية... هناك فقط عصبيات دينية وعرقية ومناطقية. هذا أمر واضح جدا وأي إنسان عاش في المجتمع السوري يدرك هذا (إلا إذا كان حمارا من فصيلة المعارضين الذين ينظرون على الفضائيات الخليجية ).

لا يمكن بصراحة الجمع بين مكونات المجتمع السوري بشكل سلمي... إذا تم تطبيق الديمقراطية بالمفهوم الأميركي في سورية فالنتيجة ستكون تقسيم سورية، وهذا ما حصل بالفعل في عشرينات القرن العشرين.

 الكتب السورية تقول أن فرنسا فرضت التقسيم بالإكراه على السوريين، ولكن هذا الكلام هو كلام نظري رومانسي لا يعبر عن الحقيقة الكاملة.

 فرنسا عندما قسمت سورية لم تأت بالتقسيم من فراغ وإنما اعتمدت على عصبيات قوية كانت موجودة أصلا في المجتمع السوري.

 ما الذي سيجمع بين الأقليات والإسلاميين في دولة جديدة؟ أنا سمعت بالأمس جوشوا لانديز يتحدث على قناة الجزيرة عن السنة السوريين وكيف أنهم تجار ومتسامحون وغير متعصبون... هذا الكلام صحيح ولكن هؤلاء التجار المتسامحين الذين يتحدث عنهم هم بمجملهم ليسوا مع الثورة السورية بل ضدها.

الثورة السورية هي نتاج الأرياف ومناطق السكن العشوائي على أطراف المدن، ومن العجيب أن جوشوا لانديز لم يفهم هذا حتى الآن.

أنا بصراحة لا أعتقد بإمكانية توحيد سورية بشكل سلمي... الطريقة الوحيدة لتوحيد سورية هي بالقوة، وهذا أمر ليس خاصا بسورية فقط. 

كل الحروب الأهلية تنتهي إما بانتصار أحد الطرفين (وبقاء الدولة موحدة) أو بحل سلمي يؤدي إلى التقسيم أو شبه التقسيم، وهذا الحل السلمي يكون عادة مفروضا من القوى الدولية، كما حدث في كوريا مثلا التي ما زالت مقسمة إلى الآن.

الغرب لن يتدخل أبدا لضرب الجيش السوري عسكريا... هذا أمر مستبعد والغربيون أصلا ينفونه باستمرار.

الغربيون لا يريدون إسقاط النظام السوري بل يريدون إسقاط الدولة السورية وتحويل النظام السوري إلى مجرد طرف ضمن أطراف متنازعة في حرب أهلية.

جوشوا لانديز (أو شخص آخر لا أذكره) قال هذا الكلام صراحة عندما تنبأ بأن وضع بشار الأسد سيتحول إلى وضع شبيه بوضع أمين الجميل في الثمانينات.

هدف أميركا هو لبننة سورية... هم يريدون تحويل وضع النظام السوري إلى وضع شبيه بوضع موارنة لبنان في الثمانينات... في ذلك الوقت أمين الجميل وجيشه ودولته لم يكونوا يسيطرون سوى على جزء من لبنان، والدولة اللبنانية كانت مجرد مفهوم نظري.

 الغرب يريد الوصول إلى هذه المرحلة لكي يدخل بعد ذلك في مفاوضات مع روسيا وإيران بهدف إنشاء نظام في سورية على النمط البوسني.

 هم سيطرحون إقامة جمهورية في الساحل متحدة مع بقية سورية على أساس فدرالي... هذا سيكون الحل الوحيد المتاح وقتها (لا يوجد عاقل يظن أن أنصار النظام سيقبلون بإلقاء أسلحتهم وتسليم رقابهم للطرف الآخر).

طبعا هذا الطرح التقسيمي سيفتح الطريق أمام مطالبات مماثلة من مناطق أخرى، والنتيجة النهائية ستكون تحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد كما قلنا منذ البداية.

أوباما رفض عقد صفقة مع روسيا وإيران في المرحلة الحالية... روسيا وإيران أرادتا بشدة حسم المسألة السورية في الفترة الحالية، ولكن أوباما رفض تقديم أي تنازل وفضل تأجيل حل المسألة السورية إلى ما بعد الانتخابات الأميركية، وذلك لاعتقاده بأن الأمور ستتطور لصالحه.

الأميركان يعتقدون أن أموال الدولة السورية ستنفذ خلال أشهر قليلة، وبعد ذلك ستتحول الدولة السورية إلى مجرد مفهوم نظري، بمعنى أن مؤسسات الدولة ستتوقف كلها عن العمل لغياب المال.

الدولة لكي تعمل وتقوم بوظائفها هي بحاجة للمال، وهذا المال يسمى بالنفقات التشغيلية.

 الدولة في سورية لها دور جوهري في حياة الناس ، وانقطاع الدولة السورية عن أداء مهامها سيؤدي إلى كارثة كبيرة.

ما الذي يعنيه زوال الدولة؟

سوف أشرح باختصار ما الذي يعنيه إفلاس الدولة لمن لا يعرف.. الدولة السورية تقدم للمواطنين خدمات كثيرة ولكنني سأتحدث هنا فقط عن المسائل الأساسية التي تمس حياة الناس في الصميم.

الأجور

إفلاس الدولة يعني أن الدولة لن تملك المال لدفع أجور موظفي القطاع العام، وهذا يعني إغلاق مؤسسات الدولة ومعاملها.

السلع

الدولة في سورية لها مسؤولية حصرية في توفير الكثير من السلع في الأسواق، خاصة ما يسمى بالسلع الاستراتيجية (القمح، السكر، الرز، المازوت، البنزين، إلخ)... الدولة تحصل على هذه السلع من مصدرين، المصدر الأول هو الإنتاج المحلي، وهذا الإنتاج سيتوقف تماما عند إفلاس الدولة ...المصدر الثاني للسلع الاستراتيجية هو الاستيراد من الخارج، وهذا الاستيراد سيتوقف بطبيعة الحال عند إفلاس الدولة.

الخدمات

الدولة السورية توفر خدمات التعليم والصحة بشكل شبه مجاني للكثير من الناس، وإفلاس الدولة يعني توقف هذه الخدمات، وهو ما سيطال الفقراء بالدرجة الأولى.

إذن باختصار الأجور الحكومية ستختفي والسلع الأساسية ستختفي والخدمات الأساسية ستختفي... فما الذي سيفعله الناس؟

الناس سيكون أمامهم خياران، الخيار الأول هو مغادرة سورية والإقامة في مخيمات اللاجئين، وهذا الخيار سيكون صعبا مع تزايد أعداد اللاجئين، والخيار الثاني هو الاعتماد على القطاع الخاص لتوفير الأجور والسلع والخدمات.

القطاع الخاص الإنتاجي في سورية مشلول تماما، وهذا أمر حرصت عليه أميركا منذ البداية حيث أنها نجحت عمليا في القضاء على الإنتاج الخاص في سورية.

 بالنسبة للسلع فالقطاع الخاص يمكنه استيراد أو تهريب السلع من الخارج، ولكن أسعار هذه السلع ستكون مرتفعة جدا بسبب الطلب الكبير عليها.

الطلب العالي على السلع المستوردة أو المهربة من الخارج يعني ارتفاع أسعارها، بمعنى أن قيمة العملة السورية ستنخفض (ارتفاع الأسعار = انخفاض قيمة العملة أو انخفاض القوة الشرائية = التضخم).

الليرة السورية ستصبح عمليا بلا قيمة، تماما كما كان حال الليرة اللبنانية في الثمانينات... الليرة السورية لن تكون لها قيمة داخل سورية لأن الإنتاج الداخلي السوري سيكون شبه معدوم، والسلع المستوردة أو المهربة من الخارج يدفع مستوردوها ثمنها بالعملات الأجنبية وليس بالليرة السورية.

إذا قامت الدولة السورية بطبع المزيد من العملة السورية بهدف دفع الأجور للقطاع العام فهذا سيؤدي إلى مفاقمة انخفاض قيمة العملة، لأن زيادة كمة العملة في السوق تؤدي إلى انخفاض قيمتها.

الوضع في سورية في تلك المرحلة سيكون شبيها إلى حد ما بالوضع الحالي في مدينة حلب : حاليا مدينة حلب تعاني من شح كبير في المواد الأساسية... مثلا البنزين الحكومي مفقود تماما ولا يوجد سوى البنزين المهرب من مناطق أخرى داخل سورية... عند إفلاس الدولة التهريب سيكون من خارج سورية وليس من داخلها، بمعنى أن الأسعار ستكون أعلى من الأسعار الحالية في حلب.

طبعا عند إفلاس الدولة ستتوقف محطات توليد الكهرباء، لأن توليد الكهرباء في سورية يكلف الدولة أموالا طائلة جدا حتى عندما يدفع الناس الفواتير... في تلك المرحلة سوف يقوم القطاع الخاص بتركيب مولدات لتوليد الكهرباء (كما هو الحال في لبنان حتى اليوم)، ولكن أسعار هذه الكهرباء ستكون أعلى بكثير من أسعار الكهرباء الحكومية.

مدينة حلب مرت خلال الشهرين الأخيرين بسيناريو شبيه بهذا السيناريو، حيث أن الدولة اختفت عمليا وتحولت المدينة إلى مكان أشبه بالغابة لا وجود فيه سوى للسلاح والقتال... مداخيل الناس انخفضت بشكل كبير جدا، والسلع والخدمات صارت عموما مفقودة أو شحيحة جدا، والأسعار صارت مرتفعة للغاية.

 ولكن ما لفتني رغم ذلك هو استمرار إيمان الكثير من الناس بالدولة..... صحيح أن الدولة تحولت إلى مجرد مفهوم نظري (خاصة في المناطق التي احتلها المسلحون) ولكن الناس رغم ذلك ما زالت تتعاون مع السلطات والجيش.

 طبعا المعارضون هم من الأساس لا يعترفون بالدولة ويسعون للفوضى ظنا منهم أنها الطريق نحو الغنى والرفاهية (وهي فكرة زرعتها فيهم دعاية المحور الأميركي)، ولكن المعارضين في حلب هم قلة وأغلبهم من الشباب (خاصة الفقراء والعاطلين عن العمل وغير المتزوجين)، أما عموم السكان في حلب فهم ظلوا متمسكين بفكرة الدولة وهم يتوقعون عودتها قريبا وخروج المسلحين من حلب (هذا أمر لم تنكره حتى قناة الجزيرة).

إذن الغرب (وأتباعه) يراهنون على إفلاس الدولة السورية وتحللها، وهم باحتلالهم لمدينة حلب قطعوا نصف الطريق نحو هذا الهدف.

 هم كانوا يريدون احتلال كل من دمشق وحلب، ولكن ما حدث هو أنهم فشلوا في دمشق ونجحوا في حلب، وهذه جريمة ارتكبها النظام السوري بحق حلب لا يجب أن يسامحه الحلبيون عليها في رأيي.

المسلحون الذين دخلوا حلب معظمهم من خارج حلب، وهم تسببوا في دمار المدينة، بما في ذلك حتى المدينة القديمة والمباني الأثرية.

النظام السوري ترك حلب لقمة سائغة لهم، بمعنى أنه فشل في حماية المدينة وتركها عرضة للدمار والخراب...هذا لوحده سبب كاف لكي يفقد سكان حلب إيمانهم بالنظام السوري. الغربيون يراهنون على هذه المسألة لتقويض النظام ودفع البلد نحو التقسيم.

بالنسبة لي شخصيا أنا غاضب جدا من النظام السوري وناقم عليه بشكل كبير، ولكنني بصراحة ناقم بدرجة أكبر على الغربيين وأميركا، لأنني كنت منذ البداية أعرف مخططهم وما يسعون إليه.  لهذا السبب أنا حاليا لا أعبر عن نقمتي تجاه النظام السوري، ولكنني أتساءل عن مواقف سكان حلب، خاصة الفقراء الذين يعيشون تحت حكم المسلحين أو يعيشون كلاجئين خارج بيوتهم. أنا أعلم أن هناك بينهم مؤيدين كثيرين للنظام ولكن لا شك أن كل يوم يمضونه تحت حكم المسلحين أو في التشرد يضعف من ثقتهم أكثر وأكثر بالنظام السوري.

الغربيون يتوقعون أن تنفد أموال الدولة السورية مع حلول رأس السنة تقريبا، وفي تلك الفترة هم يعتزمون دخول المفاوضات من جديد مع روسيا وإيران لعقد صفقة شاملة حول المنطقة.

أنا في الأعلى رسمت صورة نظرية لما قد يحدث عند نفاد أموال الدولة، ولكن ليس من الضروري أن تسير الأمور كما يتصور الغربيون.

بالنسبة للسلع فنحن قرأنا أن روسيا أعدت نظاما لتبادل السلع مع سورية... مثلا روسيا ستصدر المحروقات إلى سورية مقابل النفط الخام السوري... هذا من شأنه حل مشكلة توافر السلع الأساسية.

إذا تمكنت سورية من الحصول على السلع الأساسية من روسيا بدون أن تدفع ثمنها بالعملة الصعبة فهذا يعني نظريا أن السلع الأساسية ستظل موجودة في الأسواق السورية طالما أن سورية تملك سلعا لتبادلها مع روسيا.

المشكلة الأساسية في سورية الآن ليست في العقوبات الغربية بقدر ما أنها في توقف الإنتاج الداخلي... إذا لم يكن هناك إنتاج داخلي فإن سورية لن تملك حتى سلعا لكي تبادلها مع روسيا... هذه هي المشكلة الحقيقية.

حاليا لا يوجد إنتاج في حلب ولا في دير الزور، وهاتان المحافظتان تعطيان قسما كبيرا من الناتج المحلي السوري... لا أدري أيضا كيف هو الحال في الرقة والحسكة. ..معظم المحافظات السورية حاليا متوقفة عن الإنتاج... هذه هي المشكلة الحقيقية التي قد تؤدي إلى إنجاح السيناريو الغربي وحصر وجود الدولة السورية في مناطق محدودة من سورية.

الأمل الوحيد لهزيمة المشروع الغربي هو بتمكن الجيش السوري سريعا من إعادة فرض النظام في المناطق التي انهارت فيها سلطة الدولة، خاصة حلب، وهذا هو ما يفعله الجيش السوري الآن حيث أنه يستخدم القوة المفرطة على أمل إعادة فرض النظام.

بالنسبة لمهمة الأخضر الإبراهيمي وطروحات وقف العنف فهي مجرد مناورات مكشوفة هدفها إعاقة الجيش السوري عن إعادة بسط سيطرته.

 الفترة الحالية ليست فترة مناسبة لوقف العنف... هذه الفترة هي فترة سباق مع الزمن قبل أن تفلس الدولة السورية.

الموقف الروسي في هذا الصدد واضح حيث أن روسيا رفضت مطلب وقف العنف كما يطرحه الغربيون (بمعنى أن ينسحب الجيش السوري من المناطق ويسلمها للمسلحين).

ماذا لو حل رأس السنة وكان الجيش السوري قد تمكن من بسط سيطرته في حلب وأعاد فتح طرق 

النقل بين المحافظات؟

هذه ستكون هزيمة واضحة للغربيين، ولا شك أنهم سيبذلون قصارى جهدهم ميدانيا لمنع الجيش السوري من تحقيق هذا الهدف.

 

مدونة هاني

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا