%@ Language=JavaScript %>
|
لا للأحتلال لا للخصخصة لا للفيدرالية لا للعولمة والتبعية |
|||
---|---|---|---|---|
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين |
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |
من أجل مناهج تربوية ديمقراطية علمانية تواكب العصر
لا مناهج دينية طائفية متخلفة!
حامد الحمداني
29/9/2012
يشهد عالمنا اليوم يشهد تطورات علمية هائلة، بل نستطيع القول أن ثورات علمية جبارة في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والصحية، والتي جاءت بوتائر سريعة، قد يقف الإنسان مذهولاً أمامها على الرغم من أنه هو الذي أوجدها وطورها.
فالعالم اليوم قد انتقل من عصر الذرة والأقمار الصناعية إلى عصر الكومبيوتر والإنترنيت ، والاتصالات، وأجهزة الاستقبال التي حولت العالم إلى قرية صغيرة، ومكنت الإنسان من الحصول على كل ما يحلم به من المعلومات بدقائق معدودة. ومن الطبيعي أن هذا التطور العلمي الذي نشهده لم يقتصرعلى الاختراعات و الصناعات المختلفة، فقد كان لابد أن يحدث التطور في المجال التربوي والتعليمي جنباً إلى جنب، حيث أن المجالين يكمل بعضهما بعضاً، ولأن التطور التقني يتطلب قدرات متطورة وعالية لدى العاملين، لكي يستطيعوا مواكبة التطور التقني في العصر الحديث.
إن مدارسنا اليوم بأشد الحاجة لإجراء ثورة هائلة في أساليب التربية والتعليم، وإعادة النظر الجذرية في المناهج والكتب المدرسية، وفي الأساليب التربوية التي تمكن المدرسة من مواكبة العصر، والسير بها إلى الأمام، لا العودة إلى الوراء مئات السنين كما تحلم القوى والأحزاب الدينية والطائفية الممسكة بالسلطة في معظم بلدان العالم العربي.
إن هذا الأمر يتطلب ضرورة ربط المدرسة بالمجتمع، فهي جزء لا يتجزأ منه، و ينبغي أن يكون مجتمعاً مصغراً خالياً من الشوائب التي نجدها في المجتمع الكبير، لكي تؤدي واجبها في تربية الأجيال، وتعريفها بالتراث بعد تخليصه من كل الشوائب التي تتنافى وطبيعة العصر، والسعي الحثيث لإدخال الأساليب التربوية الحديثة التي تعتبر التربية المدرسية عملية حياتية، وليست عملية إعداد للمستقبل فحسب، حيث اعتبرت المدرسة القديمة أن العملية التربوية التي تتم في المدرسة تهدف إلى إعداد التلاميذ للمستقبل، أي أنها ترتبط بالمستقبل أكثر مما ترتبط بالحاضر،و بناءً على هذه النظرة يهون عمل أي شيء في الحاضر إذا كان يضمن قيمة أو فائدة.
إن من الضروري الاهتمام بالمواضيع العملية والمهنية عامة، والاهتمام بالأعمال اليدوية والمهنية في المنهج الدراسي، وعدم الإقلال من شأنها، والتأكيد على مبدأ الفعالية في الحصول على الخبرة والتعلم ما دامت التجربة هي التي تظهر الخطأ أو الصواب في فرضياتنا وآراءنا، وأن تكون نظرتنا إلى المسائل النظرية والمهنية على قدم المساواة، وضرورة إدخال أنواع مختلفة من المهن إلى المدرسة حيث أن هذه المهن تجدد روح المدرسة، وتربطها بالحياة، وتجعل المدرسة بيئة صادقة للطفل، يتعلم منها العيش المباشر، بدلاً من أن تكون مجرد محل لتعليم دروس نظرية ذات صلة بعيدة ومجردة بحياة قد تقع في المستقبل.
وليكن معلوماً أن الهدف من إدخال المهن إلى المدرسة ليس من أجل القيمة الاقتصادية فقط، بل من أجل تنمية القوة الاجتماعية، وبعد نظرها، فالمهنة تجهز التلميذ بدافع حقيقي، حيث تعطيه خبرة مباشرة، وتمنحه الفرصة للاتصال بالأمور الواقعية .
ولكي تكون أساليبنا التربوية سليمة وناجحة فلا بد من ربط العملية التربوية بالديمقراطية، ذلك أن الديمقراطية أسلوب راقٍ في الحياة، وهي تعني المساواة بين الأفراد، وتهيئة الفرص المتكافئة لهم دون تمييز، وتعني التكافل الاجتماعي، والعدالة الاجتماعية، وحرية الاعتقاد، والقول والنشر، والاجتماع، وهي تعني كذلك إقامة علاقات إنسانية تتسم بالأخذ والعطاء، وتغليب العقل في التصرف، وتعطي الخبرة في مجابهة وحل المشكلات التي تصادفنا.
إن المدرسة الديمقراطية التي نصبو إليها هي تلك البيئة التي يعيش فيها التلاميذ والمعلمون وسائر العاملين فيها زملاءً متعاونين من أجل تحقيق الهدف المشترك الذي يخدم العملية التربوية على الوجه الأكمل.
ولا شك أن المناهج التربوية الحاضرة في مدارسنا العراقية بوجه خاص والعالم العربي بوجه عام تتطلب إعادة النظر الجذرية فيها، وخاصة ما يخص مناهج التاريخ والتربية الاجتماعية والدينية، واستئصال الفكر الفاشي والظلامي التكفيري، والتأكيد على الجانب الإنساني في العلاقات الاجتماعية، وإحلال الفكر الديمقراطي وثقافة حقوق الإنسان، واحترام الرأي والرأي الآخر، والكفاح الفعّال ضد أساليب القمع التي يتعرض لها الأطفال في البيت والمدرسة على حد سواء.
كما أن تحقيق الأهداف المرجوة من العملية التربوية تقتضي إعادة إعداد الجهاز التربوي أعداداً ديمقراطياً يمكّنه من القيام بالمهمات الجديدة الملقاة على عاتقه بعد تلك الحقبة السوداء التي دامت أربعة عقود، والتي تم خلالها تسخير الجهاز التربوي لخدمة النظام البعثي الشمولي، وإشباع أفكار التلاميذ بالفكر الفاشي، وتقديس الدكتاتور، والطاعة العمياء.
كما إن إقحام الحوزة الدينية الشيعية، أو الأحزاب الدينية السنية في العملية التربوية، وفي إعداد المناهج المدرسية لن توصل أجيالنا إلا إلى تأصيل الفكر الطائفي، والفكر التكفيري، والتخلف والنكوص إلى الوراء مئات السنين.
إن الإجراءات التي اتخذتها وزارة التربية في تشكيل اللجان لوضع مبادئ الفلسفة التربوية لمدرس العراق تشير بوضوح إلى أن هذا التوجه لا يعني سوى إقحام المرجعية الدينية في تقرير الأساليب التربوية التي ستعمم على مدارس العراق كافة، حتى لكأنما باتت مدارسنا قد أصبحت عبارة عن مدارس دينية تابعة لهيمنة رجال الدين.
إن هذا التوجه في الاعتماد على رجال الدين شيعة كانوا أم سنة يتنافى ومنطق العصر، ويهدد التربية في بلادنا بمستقبل مظلم ستمتد آثاره لعقود طويلة من التخلف والنكوص، بدلاً من التوجه العلماني الهادف إلى مواكبة التطورات التربوية المعاصرة، و الهادفة إلى خلق أجيال متسلحة بالعلم والمعرفة التي لا غنى لنا عنها إذا كنا ننشد حقاً بناء عراق ديمقراطي متطور، وخلق أجيال متسلحة بالكفاءات العلمية التي ستقود العراق في السنوات والعقود القادمة.
ولا شك إن وزارة التربية العراقية تتحمل المسؤولية الكبرى في إعداد المناهج التربوية الصحيحة، وهذا يتطلب أن يكون على رأس هذه الوزارة شخصية تربوية متمرسة ذات توجه علماني وديمقراطي تتولى تكليف لجنة موسعة من العناصر التربوية الديمقراطية ذات الخبرة والكفاءة،بصرف النظر عن الانتماء الديني والطائفي والعرقي، ومن التي لم ترتبط فيما سبق بالنظام البعثي وفكره الفاشي، ولا بالمراجع الدينية مهما كانت طائفتها أو توجهاتها، فرجال الدين مكانهم وواجباتهم الدينية في الحسينيات والجوامع، وليس في المدارس، لكي تنشأ أجيالنا بعيداً عن الفكر الطائفي والظلامي التكفيري المتخلف.
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا |
|
---|