<%@ Language=JavaScript %>

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

روبرت بيكروفت سفيراً لواشنطن في العراق..هل حان وقت الحساب؟

 

بغداد/ المدى

بعد أشهر من اعتراض ساسة عراقيين على ترشيح بريت ماكغورك سفيرا لواشنطن في العراق، كونه منحازاً إلى أطراف حكومية، فقد اتهمته القائمة العراقية بالعمل على تفتيتها ومساهمته في تشجيع اعضاء فيها الى تشكيل قائمة منشقة سميت فيما بعد الكتلة البيضاء، فيما اعتبره البعض جزءا من التاريخ الاسود

 

لحقبة بول بريمر، كما أنه يمتلك تاريخاً سيئاً أثناء عمله مع الحاكم الأميركي السابق للعراق السفير بول بريمر.. الا ان هذه الاعتراضات لم تنفع في ثني الرئيس اوباما عن قراره، في هذه الاثناء سلطت وسائل الاعلام الضوء على المرشح الجديد لادارة شؤون العراق فكشفت صحيفة الواشنطن بوست ان السفير ماكغورك كان قد ارسل قبل سنوات ست رسائل جنسية الى احدى الصحفيات التي اصبحت فيما بعد زوجته، واثر هذه الفضيحة طلب عدد من النواب الجمهوريين من الرئيس اوباما سحب ترشيحه مما اضطر ماكغورك الى تقديم طلب اعتذار عن المنصب.. منذ ذلك التاريخ بدأت السيدة هيلاري كلينتون في البحث عن شخص مناسب يتولى مرحلة ما بعد الانسحاب من العراق..فوقع اختيارها على السفير روبرت بيكروفت الذي سبق له العمل قائما بأعمال السفارة الأمريكية في العراق بعدما كان المسؤول الثاني في السفارة منذ عام 2011.

بيكروفت دخل السلك الدبلوماسي منذ سنوات ويملك خبرة في الملف العراقي.. فقد عمل من قبل مساعدا تنفيذيا لدى وزيرين خلال إدارة الرئيس السابق جورج بوش، وكان جزءا من فريق خطط لحرب 2003.. خريج جامعتي بريغام يونغ المورمونية وبيركلي كان يوصف دوما بانه الرجل الصامت، لكنه كان يطلب من مقربيه أن ينادوه بلقب الاستراتيجي.. فهو ومنذ سنوات الجامعة ظل عاشقا لواضع الإستراتيجية الأمريكية العجوز هنري كيسنجر فهو يقول "مازلت اتذكر مقولة كيسنجر الشهيرة من أن امريكا يجب أن لا تفشل" ولهذا فهو يجد أن العبارات والمصطلحات التي استخدمها كيسنجر هي اليوم اقرب إلى الواقع الذي تعيش فيه الولايات المتحدة الأمريكية..

عندما نشر هنري كيسنجر كتابه "هل أميركا بحاجة إلى سياسة خارجية؟" قيل إن الكتاب موجه على الأرجح لقارئ واحد هو الرئيس الأميركي جورج بوش الابن. وهو الكتاب الذي شبهه توماس فريدمان بكتاب "الأمير" لمكيافيللي. يشير بيكروفت الى ان الكتاب لا يقارن بأي كتاب اخر، فهو يمثل حلم رجل يريد لأمريكا ان تظل في المقدمة، لكنه يستدرك "لن احلم بان اكون كيسنجر ثانيا.. لان ظروف العالم وما يحيط بنا يختلف عما مر به مهندس السياسة الخارجية آنذاك" من المعلم كيسنجر سعى لان يتعلم "حرية الاختيار" يوضح "الاختيار يقع دائما تحت كوابح وقيود.. المهم كف نستطيع أن نتخلص منها حتى نستطيع ان نتخذ القرار الصحيح" كيسنجر استطاع ان يلخص السياسة الأمريكية في حلم طويل هكذا كان يصفه العاملون معه، ولان بيكروفت لم يدرك عصر كيسنجر ولا الذين عملوا معه فانه ظل يتابع أحاديث ومواقف الرجل ويسعى لان يقرأ كل ما كتب عنه.

الشقة الصغيرة التي يسكنها في احد أحياء كاليفورنيا الراقية، تغطي جدرانها صور لكونديرا رايس وكولن باول ولبوش وهو يصافح بيكروفت مبتسما، ولرؤساء وملوك عرب، وفي زاوية من المكتبة يقبع كيسنجر يضع يده على خده الايسر متأملا عوالم سياسية كاملة على الجدران، تحتل فيها كتب كيسنجر وتوماس فريدمان، وبوب وود، لكن يبقى فريد زكريا الأثير إلى نفسه أدهشه كتاب فريد زكريا وعلقه في واجهة المكتبة، "الديمقراطية اللاليبرالية في الوطن والخارج".

ولا يزال معجبا بالعبارة التي كتبها زكريا فيه من أن الديمقراطية ليست جيدة دوما وأنها تنجح بشكل خاص في الدول التي تسبقها الليبرالية حيث أشار إلى ابتعاد حكومات منتخبة عن الحقوق والحريات الأساسية، وأكد أن على الولايات المتحدة جعل أفغانستان والعراق ليسا مجرد بلدين ديمقراطيين بل أن تجعلها حرة أيضا.

في مقابلة معه يقول: نحن نعبر عن رغبات الساسة لا عن رغباتنا، هذه المشكلة موجودة في العالم كله، لكنّها تتضاعف حين تصبح مسؤولا عن مصالح بلدك في بلدان مضطربة، حيث المطلوب منك إرضاء الجميع". وقبيل مصادقة الكونغرس على تعيينه فقد أعرب بيكروفت عن القلق مما أسماها "الاحتكاكات الطائفية" في العراق والتوترات في دول الجوار، وكان واضحا وهو يدلي بشهادته في مجلس الشيوخ الأميركي خلال جلسة استماع للتصديق على ترشيحه أن هناك "سببا للتفاؤل" في العراق على الرغم من التوترات الداخلية والإقليمية. واعتبر أن الولايات المتحدة الأميركية "تنخرط مع عراق يتطور" موضحا أن هذا "البلد يبرز الآن بعد 50 عاما من العزلة والتشتت والحرب".

وأضاف "لدينا علاقة قوية مع الحكومة المنتخبة ديمقراطيا وهذه العلاقة مقننة في اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق الموقعة أواخر عام 2008 والتي تحدد الرؤية المشتركة وخريطة طريق ملموسة ومشتركة لالتزاماتنا الثنائية عبر مجالات الدفاع والاقتصاد والعدالة والدبلوماسية والتربية والطاقة".

وأضاف انه من خلال هذه الاتفاقية "نحن ندعم ونساعد العراقيين على بناء بلد موحد وفيدرالي وديمقراطي يمكنه أن يلعب دورا بناء في المنطقة" إلا انه استدرك بالقول "بالطبع تكثر التحديات وعملنا ليس سهلا". وحذر من أن "الاحتكاكات الطائفية في العراق تبقى قوية وغالبا ما تهدد بعرقلة الاتفاقيات المتفاوض عليها والتقدم المؤسساتي".

وقال إن "عدم وجود قانون للنفط يغذي التوتر ويؤدي الى عدم استقرار في قطاع تصدير النفط العراقي كما ان الخصومة بين الفصائل السياسية في مجلس النواب ابطأت تنظيم انتخابات المحافظات المقرر اجراؤها في وقت مبكر من عام 2013". واكد قائلا "إذا تم التصديق على ترشيحي اتعهد بمواصلة العمل مع حلفائنا من مختلف الانتماءات السياسية العراقية لتعزيز ديمقراطية العراق ومؤسساته الديمقراطية". بيكروفت المهموم بالملف العراقي، شدد على ان اولى مهامه في هذا البلد ستكون تأمين مقاره الدبلوماسية في العراق والعاملين فيها، فهو يعرف المخاطر التي يواجهها الدبلوماسيون الأميركيون، ويدرك أن قلق جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي حول سلامة السفارة الأميركية مشروعا.. فهو مطلوب منه المحافظة على امن وسلامة أكثر من 14 ألف شخص.. فالقلق مشروع في ظل عداء واضح لسياسة أميركا في المنطقة.. ولا ننسى التداعيات الأخيرة التي سببها الفيلم المسيء للإسلام والذي فجر موجة احتجاجات في معظم البلدان العربية والإسلامية.

الأسلحة إلى سوريا تسبّب صداعاً للسفير الجديد

لم ينس السفير بيكروفت العلاقات المتوترة بين بغداد وأنقرة وانعكاس الصراع السوري على امن البلدين ولهذا فقد كان واضحا حين قال لمجلس الشيوخ إن "التوترات مع تركيا والنزاع داخل سوريا وعلاقة العراق مع إيران كلها مصادر قلق وتعقد علاقتنا مع العراق ومع ذلك التطورات التي رأيتها في العراق تعطيني سببا للتفاؤل".

ويدرك السفير الجديد جيدا مخاطر العلاقة بين حكومة المالكي ونظام بشار الاسد وهو مطلع جيدا على ما يدور على الأرض ولهذا كان دقيقا في شهادته حين قال ان "بغداد تصر على أنها لن تسمح بان يستخدم مجالها الجوي لمرور شحنات الأسلحة من إيران إلى سوريا". وأضاف "أننا نضغط على العراقيين من اجل إجبار الطائرات الإيرانية على الهبوط داخل العراق وتفتيشها".

هذه الاتهامات لا تختلف عن المخاوف التي أعرب عنها احد صقور الديمقراطيين و المرشح الديمقراطي السابق للرئاسة الأميركية 2004 جون كيري، والذي عبر في أكثر من مرة عن شعوره بالإحباط من مواقف بغداد حيال إيران وسوريا وهو ما اشترك فيه مع الجمهوريين في اللجنة ملوحا "باستخدام ورقة المساعدات الأميركية للحكومة العراقية من اجل إرغامها على اتخاذ عمل سريع".

إحباط جون كيري وقلق الادارة الأميركية ملف مهم مطلوب من بيكروفت ان يعالجه ولم ينس أن يقول في أول لقاء صحفي اجري معه بعد الموافقة على ترشيحه سفيرا انه سينقل "رسالة الى العراقيين تفيد بأن ممارساتهم هذه قد وضعت المساعدات الأميركية والتعاون معهم في خطر".

ترحيب لا يخلو من المخاوف

بيكروفت القادم من احدى دول الجوار حيث عمل سفيرا في الاردن من 2008 الى 2011 بعد عمله في السفارتين الأميركيتين في السعودية وسوريا، أعربت أوساط سياسية عراقية عن ترحيبها باختياره، فيما أكد البعض أن السفير الجديد سيساعد في تطبيق بنود اتفاقية الإطار الاستراتيجي المبرمة بين البلدين، وإنهاء الأزمة السياسية القائمة في البلاد.

فكتلة دولة القانون التي يرأسها نوري المالكي رحبت بهذه الخطوة وقالت على لسان احد أعضائها النائب علي العلاق أن "تعيين السفير بيكروفت سيسهم في تعزيز العلاقات بين بغداد وواشنطن، ويلعب دورا ايجابيا في انهاء الخلافات بين القوى السياسية". القائمة العراقية لم تبد موقفا واضحا الا انها شددت على أهمية التمثيل الدبلوماسي الأميركي في العراق، لا سيما في ما يتعلق بالأوضاع السياسية الداخلية وجهود إخراج العراق من طائلة الفصل السابع.فيما اعتبر التحالف اختيار بيكروفت سفيرا للولايات المتحدة في العراق إلى خبرته في الملف السوري الذي بات ينعكس على الوضع العراقي.

سياسي عراقي على معرفة جيدة بروبرت بيكروفت اعتبر اختياره لهذا المنصب أشبه بنفض يد الولايات المتحدة من العراق، فالسياسي يؤكد ان السفير الجديد غير معروف كثيرا لدى الاوساط السياسية العراقية ولا تربطه بها علاقات واسعة لان مهمته في السفارة إدارية أكثر منها سياسية، كما انه حسب قوله يقف على مسافة واحدة من تلك الأطراف ويرى أن حل خلافاتها يكمن في جلوسه وجها لوجه والتحاور لحل أزمات البلاد.

وأشار السياسي في حديث نشره موقع إيلاف قبل أيام إلى أنّ بيكروفت الذي يقترب عمره من الستين عاما ويتحدث العربية قليلا تتركز مهماته في السفارة حاليا على القضايا الإدارية لا السياسية بالرغم من عمله مستشارا للسفير السابق ثم تحول قائما بالأعمال ثم نائبا للسفير. وأوضح انه رجل هادئ جدا ومتماسك ودبلوماسي محترف وغير معروف كثيرا لدى الأوساط السياسية العراقية.

وأضاف أن بيكروفت يحتفظ بعلاقات متوازنة مع القوى السياسية العراقية الكبيرة وخاصة التحالف الوطني وائتلاف العراقية والتحالف الكردستاني وعلاقته مع رئيس الوزراء نوري المالكي إدارية تنظيمية اكثر منها سياسية. وقال إن بيكروفت يصنف على انه مؤيد لسياسات المالكي برغم عدم اقتناعه بأدائه تماما فهو يعتقد ان العراق دولة ذات سيادة تشهد عملية سياسية ديمقراطية ناشئة في مراحلها الأولى ومن الطبيعي أن تشهد أحيانا إخفاقات وأخطاء.

وعن موقف بيكروفت من الأزمة السياسية الحالية في العراق أوضح ان بيكروفت يرى أن الحل لها يكمن بضرورة جلوس الفرقاء السياسيين على مائدة حوار واحدة وجها لوجه لحل مشاكلهم من دون ضغوط خارجية وهو لا يفضل تدخلا أميركيا في هذا المجال. وقال إنه لايعرف عن بيكروفت علاقات واسعة مع السياسيين العراقيين الذين نادرا ما يلتقي احدهم وحتى زياراته للمالكي فهي رسمية بطابعها العام.

وأوضح أنّ ترشيح بيكروفت يأتي في وقت تحرص الإدارة الأميركية التي تواجه انتخابات رئاسية قريبة على عدم إثارة أزمات سياسية حادة في العراق في الظروف الراهنة وقد تتسبب في انهيارات تزعزع العملية السياسية في العراق أو سقوطها وهي العملية التي ساهمت واشنطن في بنائها على مدى السنوات التسع الماضية التي اعقبت حرب العراق وسقوط نظامه السابق ربيع العام 2003. وأكد انه قد فوجئ بترشيح بيكروفت ليكون على رأس البعثة الأميركية في العراق مشيرا إلى أنّه يعتقد أن تعيينه رسميا سفيرا في بغداد سيعني إضعافا كبيرا للدور الأميركي في هذا البلد الذي أقام فيه الأميركيون نظاما مؤيدا لهم سرعان ما تحولت اتجاهاته شرقا نحو إيران التي بدأت عمليا بملء فراغ الانسحاب العسكري الأميركي الكامل من العراق نهاية العام الماضي.

وثائق ويكليكس والاستخبارات العراقية

لم تترك وثائق ويكليكس السفير بيكروفت يفلت منها ففي واحدة من وثائقها المثيرة تكشف عن ضلوعه في القيام بتنسيقه مع الأردن من أجل إرسال قوّات من الجيش الأردني إلى أفغانستان. فيما أشارت معلومات استخبارتية عراقية إلى أن بيكروفت متورِّط بعمليات فساد مالي في صفقة تجنيد الجيش الأردني في أفغانستان، مبيناً أنه اختلس “150 مليون دولار من الفرق الأردنية التي عملت في أفغانستان”.

لم يشأ بيكروفت ان يرد على هذه الاتهامات وراح يؤكد ان العالم العربي يشهد تحولا جديدا فالأصوات القليلة التي خرجت الى الشوارع في العام الماضي استطاعت حسب قوله إن تعكس إرادة فاقت عددهم.

لحظة الانفجار التي حدثت في بلدان العالم العربي دعت السفير بيكروفت الى متابعة الاحداث بشكل متواصل. الخوف على الربيع العربي من أن يتحول الى خريف سلفي بعد وصول التيار الإسلامي إلى الحكم في تونس ومصر... لكن كل ذلك لم يصب بيكروفت باكتئاب أو خوف على مستقبل العلاقات الأميركية العربية. عندما يسأله الصحفيون: هل فشل الربيع العربي؟ يتحسس مكان العقدة في ربطته، يصمت قليلاً قبل أن يقول: "التغيير الحقيقي لم يبدأ بعد"!

 

المدى

بتاريخ : الأربعاء 26-09-2012 10:02 صباحا

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا