<%@ Language=JavaScript %>  الفضل شلق الرقابة الفكرية جاهلية الإخوان

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

الرقابة الفكرية جاهلية الإخوان

 

 

الفضل شلق

 

جاء الإخوان المسلمون إلى السلطة، بتحالف مع العسكر، طبعاً، وبإشراف أميركي (طبعاً مرة أخرى) وهم كأنهم لم يسمعوا شعار «الشعب يريد إسقاط النظام»، الذي كان شعار الثورة من الأول إلى الآخر. هل هم لم يدركوا معنى الشعار؟ أم انتظروا إمساكهم بالسلطة كي ينتهكوا هذا الشعار؟

 معنى شعار «إسقاط النظام» هو بكل بساطة إسقاط الرقابة كلياً. إن من يجب أن يراقب الآخر هو الشعب (الشعب يراقب النظام) لا النظام يراقب الشعب. ومهمة السلطة هي تمثيل الشعب، لا التحكم به والسيطرة عليه. الشعب لا يحتاج إلى وصاية في أي شيء من أموره؛ لا وصاية عسكرية، ولا وصاية دينية، ولا وصاية أخلاقية. الوصاية يمارسها الشعب على السلطة لا العكس. الشعب أرقى من حكامه، أكثر منهم فهماً، وأكثر منهم أخلاقاً، وأدهى منهم بالسياسة. الشعب يعرف ما يريد، وهم لا يريدون إلا السلطة حتى ولو كانت على الأشلاء.

 يعرف أهل السلطة الجديدة، كما القديمة، أن الرقابة وسيلة للسيطرة على الناس؛ وهي تنتج فصاماً لدى المفكرين والمثقفين والصحافيين، يضطر كل منهم أن يرضي السلطة في كل ما ينشر، وأن يرضي نفسه في الوقت نفسه؛ ينقسم إلى شخصيتين. يصير بحاجة إلى علاج، وفي العلاج وصاية، وفي الوصاية تحكّم، وفي التحكّم استبداد وديكتاتورية. يعيد الإخوان المسلمون أساليب استبداد مبارك دون حياء. يخلقون بأنفسهم شروط ثورة أخرى؛ هذه المرة ستكون ضدهم.

 لا علاقة للسلطة الديموقراطية بالرقابة، ولا بإرشاد الناس وتوعيتهم. لا لزوم لمؤسسات ووزارات الإرشاد والتوعية.. من يحتاج إلى توعية هم أصحاب السلطة السياسية؛ أن يعوا حقيقة دورهم في تمثيل الشعب، في احترام الشعب، لا حماية الشعب من نفسه. يعرف الشعب كيف يحمي نفسه، ولذلك قام بالثورة. يعرف الشعب ما يريد، ولذلك أسقط النظام. للشعب إرادة، خطفوها في الانتخابات؛ بالأحرى تقاسموها مع العسكر. للشعب وجدان ومشاعر يهينونها بالرقابة، واستخدام العنف ضد الأحرار. تماماً كما كان عسكر مبارك يفعلون. للشعب حاجات؛ يريدون إشغاله بمسائل أخرى كي لا يطالب بحقوقه. يشغلونه بأمور السماء كي لا يطالب بحقوقه على الأرض. دين الناس، في معظمهم، هو الإسلام؛ ولا يحتاجون إلى هداية. ما يحتاجونه هو نظام اقتصادي يتيح فرص العمل للجميع. يحتاج الناس إلى العمل ووسائل العمل ووسائل الإنتاج. بالعمل يكتسب الناس احترامهم لأنفسهم، ويخرجون من ذل الفقر والحاجة وتسول المساعدات. الفقير يكفر عن فقره بالعبادة. العبادة مع العمل ممارسة لا يحتاج الفقير فيها إلى كفارة الذنب. نسمع كثيراً عما تفعله الرقابة على الكتب والأفلام والصحف والإذاعات والتلفزيونات في مصر، ولا نسمع إلا ما يريب عن البرنامج الاقتصادي لمرسي وجماعته؛ هذا إذا كان لديهم برنامج اقتصادي.

الذي يراقب يمارس سلطة هي ليست له. والذي يراقب يشك في من يضعه تحت المراقبة. هل يعقل أن تحكم بلداً سلطة تشك بالناس؟ في حكم الاستبداد يشك الطاغية بالناس، لأنه يعرف أن الناس يكرهون الاستبداد ويتحينون اللحظة للخلاص منه. الذي يراقب لا يحترم من يخضع للمراقبة. والثورة كانت باسم الحرية والكرامة. وهذه السلطة تريد القضاء على الحرية والكرامة باسم الدين؛ فكأن الدين لها وحدها، أو كأنها هي الناطقة باسم الدين؛ أو كأنها صادرت الدين لحسابها. الطغاة هم من يحتكر الدين باسم الأخلاق، أو ما شابه ذلك.

 حتى الآن جاءنا مرسي بطلب الاستدانة كي لا يضطر إلى برنامج تشغيل إنتاجي؛ والتعاون مع إسرائيل لتطبيق كامب ديفيد؛ ورضا الإمبريالية من أجل الاستدانة وما يسمى تدفق الاستثمارات؛ وتبنى برنامجاً اقتصادياً نيوليبرالياً لفائدة أغنياء مصر (والعرب) القدماء والجدد. من أجل كل ذلك يريد الرقابة. يريد تثبيتها وتوسيعها من أجل كمّ أفواه الشعب؛ كمّ الأفواه لمنع تسرب الأفكار؛ والأفكار تخيفه؛ ولمنع الفقراء عن المطالبة بالعيش الكريم. والعيش الكريم غير متاح في ظل برنامج اقتصادي من هذا النوع. الرقابة ليست مجرد خطأ ترتكبه السلطة الجديدة بل هي تعبير عن برنامج عمل لا تستطيع الإفصاح عنه.

 حصلت الثورة نتيجة أفكار رافضة عند الناس. وبعد سقوط حكم مبارك انفتح المجال أمام مناقشة أفكار جديدة، أفكار تهدد كل سلطة جديدة. تتراكم الأفكار؛ يتحول الوعي؛ أفكار خطرة ووعي نَزِق. وهذا أكثر ما يخاف منه أهل السلطة الجديدة، وكل سلطة أخرى في العالم. مراقبة هذه الأفكار، تمهيداً لمنعها، هي التأسيس لاستبداد جديد. الاستبداد هذه المرة يمتلك، أو يظن أنه يمتلك، السلطتين الدينية والعسكرية معاً. لذلك سيكون هذا الاستبداد الجديد أشد وأخطر.

 الحرية لا تخيف الناس، تخيف السلطة. الحرية هي العزاء الوحيد عن البؤس. الاستبداد الجديد يريد البؤس دون الحرية. يحيل الحرية على مراجع رقابية أو مراجع دينية. يرفع راية الدين لمواجهة الحرية لا لمعالجة أسباب البؤس. ينتهي الأمر بالسلطة إلى إرساء معالم دين يتناقض مع الناس؛ يتخلون عن دين الناس في سبيل دين آخر بالمسمى نفسه. دين الناس هو ما يؤمنون به، ومن جملة ما يؤمنون به هو العيش الكريم. وما تمنعه عنه الرقابة هو الكرامة والعيش الذي يعتبره الناس لائقاً بهم.

 تجدد الرقابة نفسها في العهد «السياسي» الجديد لتضع الأقل معرفة في موقع التحكّم بالأكثر معرفة، أي لتعميم «فائدة» الجهل. يريدون التحكّم بالمعرفة. ربما كان السادة الجدد على دراية بشؤون المعرفة وكيف تتطور من خطأ يجانب الصواب، إلى صواب يجانب الخطأ؛ لكنهم بالتأكيد لا يريدون أن يعرف الناس ماذا يفعلون، خاصة على صعيد الربح والخسارة الماديتين.

 إذا كان الحديث عن الجاهلية، فهذا العهد هو جاهلية الإخوان، جاهلية التجهيل هي ما يسعى إليه هؤلاء.

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا