%@ Language=JavaScript %>
|
لا للأحتلال لا للخصخصة لا للفيدرالية لا للعولمة والتبعية |
|||
---|---|---|---|---|
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين |
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |
أربع حركات مع الشيوعيّ الأخير
ســعدي يوســف
الشيوعيّ الأخير يشــتري قميصاً
ظلَّ الشيوعيّ الأخيرُ ، هو ، الفقيرَ ...
فإنْ تدَبَّـرَ أمرَهُ يوماً ، وصارَ المالُ يملأُ جيبَــهُ
( تأتي مُصادفةً )
تأبَّطَ مالَهُ
ومضى يبدده : المقاهي والمطاعمُ ،
والصديقاتُ اللواتي صِرْنَ قد أحبَـبْــنَــهُ تَـوّاً ...
ورُبّـتَـما تذَكّـرَ أمرَهُ
- أن يشتري ، مثَلاً ، قميصاً !
..........................
..........................
..........................كم أحَبَّ السوقَ !
تلكَ الواجهاتِ ، وباعةَ السِّـلَعِ الـمزوَّرةِ
الصبايا العاملاتِ
وذلكَ الصعلوكَ عندَ المدخلِ الخلفيّ للبارِ العتيقِ ...
وكم أحَبَّ مصاطبَ السوقِ !
العجائزُ ، والسكارى الصُّبْحَ ، والأطفال ...
والشجرُ الذي ما زال يَعْبَقُ بالندى الليليّ ...
ينتبهُ الشيوعيُّ الأخيرُ :
ألَمْ أجيءْ كي أشتري شيئاً ؟
قميصاً رُبَّــما ؟
........................
........................
........................
يدنو من البارِ العتيقِ
يُمازِحُ الصعلوكَ ...
يدعوهُ إلى كأسٍ ، وصحنِ فطائرٍ بالـجُـُبْنِ
ينتبذانِ زاويةً .
ومثلَ البرقِ يقتنعُ الشيوعيُّ الأخيرُ بأنّ لونَ قميصِهِ أبهى
وأنّ تجارةَ القمصانِ ليستْ شــأنَـهُ ؛
أنّ الحياةَ تريدُهُ حُرّاً ، وأحمرَ
أنّ لونَ قميصِهِ سيظلُّ أحمرَ
قانياً ،
ولْتسقط القمصانُ
إنْ كانتْ ستَعْـرِضُ بَيعَــهُ ، هوَ ، في مَزادِ الســوقْ ...
لندن 05.06.2006
الشيوعيّ الأخير ينتظرُ الحافلة
أنا منذُ الفجرِ ، هنا ، في هذا الموقفِ ، أنتظِـرُ الباصَ الأحمرَ ...
مرّتْ سيّاراتٌ
وقطاراتٌ
مرّتْ باصاتٌ بالعشــراتِ
ولكنّ الباصَ الأحمرَ لم يأتِ
ولم أسمعْ خبراً عنه ...
حتى ابنُ رفيقي لم يُـعْــنَ بأنْ يَسْــمَـعَـني حين استفسرْتُ !
إذاً ... سأظلُّ هنا منتظِراً :
مرّتْ بي السنواتُ
ومرّتْ بي الباصاتُ
ومرّتْ بي الفتَياتُ ... فلم ألْحَقْ واحدةً منهنّ ...
ولم أستمتِعْ بالضحكاتِ وبالشهقاتِ ؛
الباصُ الأحمرُ لاحَ أخيراً في المنعطَفِ !
الباصُ الأحمرُ لم يتوقَّفْ !
لوَّحْتُ
صرختُ
ولكنّ الباصَ الأحمرَ لم يتوقّفْ !
........................
........................
........................
جاءَ ابنُ رفيقي مرتبكاً :
هل تَعْلَمُ أن السائقَ باعَ الباصَ الأحمرَ ؟
إنّ لديهِ الآنَ مواقفَ أخرى
ودروباً لا نعرفُها ...
ومقاعدَ قد حُجِزَتْ ســلَـفاً ، للصوصٍ معروفين !
.....................
.....................
.....................
ماذا نفعلُ ؟
سوف نسيرُ ونسألُ ...
لندن 07.06.2006
الشيوعيّ الأخير يدخلُ في النفَق
كان صباحاً صيفيّـاً حقّــاً ؛
جارتُهُ خرجتْ من بابِ الدارِ ، وقد كشفَتْ للشمسِ خميصَ البطْنِ
بنصفِ قميصٍ ...
والوردُ الإيرلنديُّ تَفَـتَّـحَ كالبرقِ ،
وجاءَ النحلُ ليمتصَّ رحيقَ بنفسجةٍ
وتَرَجَّحَ سنجابٌ من غصنِ صنوبرةٍ دانٍ
وتَبَدَّتْ في الـمَرْجِ خيولٌ تلعبُ .
.......................
.......................
.......................
كان صباحاً صيفيّاً حقّاً ...
ويفكّـرُ " س " : لماذا أجلسُ وحدي ؟
فلأذهبْ صوبَ النهرِ ...
أراقبُ موجاً يتطامَنُ بين نسائمَ هادئةٍ وزوارقَ من لوحٍ فضِّـيٍّ ،
وأرى الفتَياتِ يُلاعِبْنَ الفِتيانَ على العشبِ
وأسمعُ أغنيةَ الموسيقيّ الجوّال ،
وأختارُ كتاباً من كتبٍ مستعمَلَةٍ
وأسيرُ على مهلٍ
أضحكُ للدنيا !
......................
......................
......................
كان صباحاً صيفيّاً حقّــاً ...
لم يتحرّكْ " س "
ظلَّ على جلستِهِ بالشُّرْفةِ .
لم يُتْـمِـمْ قهوتَــهُ
لم يُنصِتْ للموسيقى .
أمسِ ، تلَقّى ، عبرَ الإنترنَتْ ، الخبرَ :
الأمريكيّونَ أقاموا حفلةَ قتْلٍ لعراقيّينَ شبابٍ .
- أينَ ؟
- متى؟
*
كارل ماركس تنبّــأَ :
إنّ الـخُـلْـدَ الأحمرَ يحفرُ في النفقِ .
لندن 09.06.2006
الشيوعيّ الأخير يُشعـلُ عودَ ثقّابٍ
مقهى رصيفٍ في ضواحي لندنَ الغربيّةِ
المقهى صغيرٌ
فيه طاولتانِ : واحدةٌ بها شابّانِ وامرأةٌ
وأخرى كان ينتظرُ الصديقةَ عندَها …
قالت له ( ولْـنَفترِضْ أن اسمَها ليلى ) :
أكونُ ، لديكَ ، في المقهى ، إذا انتصَفَ النهارُ ؛
فلم تجيءْ.
مرّتْ دقائقُ عشــرٌ ،
الشابّانِ راحا في سبيلِهِــما
وتلكَ الـمرأةُ استلّـتْ كتاباً من حقيبتِها …
وفَـكَّـرَ " س " :
إنْ لم تأتِ ليلى بعدَ خمسِ دقائقَ … استغنَيتُ عنها ،
عن ضفيرتِها ،
وعن تلك المواعيدِ التي قد أخْـلَـفَـتْـها كلَّــها .
………………
………………
……………….
لم تأتِ ليلى!
المرأةُ الأخرى أشارتْ تطلبُ الثقّابَ.
أدركَ " س " أنّ الأرضَ واسعةٌ
وأنّ الخيرَ في ما اختارت الدنيا …
تَحَــوَّلَ
أشعلَ الثقّابَ
أدنى وجهَهُ من وجهِ تلكَ المرأةِ الأخرى
وقالَ : أتسمحين؟
لندن 13.06.2006
آخر تحديث 22/02/2012
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا |
|
---|