<%@ Language=JavaScript %> محمد السهلي من يمنع العدوان؟

 

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

من يمنع العدوان؟

 

 

محمد السهلي

الحرية- يأتي التصعيد الإسرائيلي في ظل وضع فلسطيني مرتبك ومفتوح على عودة التجاذبات التناحرية بين طرفي الانقسام وهو ما يشجع تل أبيب على الايغال في عدوانها

مع اختتام كل فصل من فصول العدوان، تتشبث تل أبيب عند الحديث عن التهدئة بما تسميه حقها في الدفاع عن النفس وهذا يعني الإبقاء على الضوء الأخضر تجاه عمليات الاغتيال لكوادر المقاومة الفلسطينية وقادتها تحت يافطة توجيه ضربات «إستباقية» في مواجهة عمليات تقول إن المقاومة على وشك تنفيذها.

ومن الطبيعي أن ترد الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة على استهداف كوادرها وقادتها بما توافر لديها من وسائل الرد. وإثر ذلك يُواصل جيش الاحتلال عدوانه باستخدام جميع صنوف الأسلحة في ترسانته العسكرية ليضع نفسه مرة أخرى في خانة الدفاع، وهو الذي أشعل فتيل التصعيدمن خلال ضربته الأولى.

سيناريو يتكرر منذ سنوات طويلة، لكن في كل مرة تأتي العمليات العسكرية الإسرائيلية في سياق توجيه رسائل إلى عناوين مختلفة ضمن أولويات تحددها مؤشرات الوضع الإسرائيلي الداخلي إلى جانب التطورات السياسية في مناطق مختلفة تحتل مكانها على أجندة عمل الائتلاف الحكومي القائم.

* فعلى الصعيد الداخلي، تتقدم المؤسسة الأمنية ـ العسكرية في إسرائيل واجهة المشهد السياسي. وقد أرتفع صوت عدد من مسؤوليها «افتخارا» بنتائج أداء «القبة الحديدية»، وتحدثوا عن انجازات في مجال اعتراض نسبة كبيرة من الصواريخ الفلسطينية قبل وصولها إلى أهدافها في التجمعات الإسرائيلية، مع أن صورا كثيرة عرضت على وسائل الإعلام بينت أن الحديث عن نجاعة نظام «القبة» مبالغ به. لكن رفع نسبة أدائها والإشادة به يهدف إلى توجيه رسالة إلى باقي أطراف الحكومة الإسرائيلية من أجل ضخ المزيد من الأموال في موازنة الجيش الإسرائيلي والإغداق على تمويل مشاريعه الإستراتيجية وخاصة في مجال الصواريخ الاعتراضية.

وبينما كشفت عملية إيلات (شهر آب /أغسطس ـ 2011) هشاشة الأجهزة الأمنية والإستخبارية في إسرائيل، يسعى قادة الأجهزة المذكورة لمحو تلك المحطة من ذاكرة الجمهور في محاولة لاستعادة ثقته بنجاعة أدائها وحيوية دورها. لذلك ترافق كل استهداف لقادة المقاومة بتقديم معلومات إستخباراية عن اكتشاف مخطط لعملية فلسطينية مشابهة لما وقع في إيلات وربما أوسع.

ولا يخرج المستوى السياسي عن بازار الاستثمار في التصعيد العسكري. فكل توتير أمني يشكل مناخا خصبا لكي تزيد فيه الأحزاب الصهيونية اليمينية المتطرفة من رصيدها في تأييد الجمهور، وتزداد أهمية ذلك بالنسبة لها مع تصاعد المؤشرات عن احتمال إجراء انتخابات مبكرة. ويفيدها ذلك حتى في حال جاءت الانتخابات في موعدها وهي على كل ليست ببعيدة ومجالها العام القادم. ومن خلال التوتير الأمني والتصعيد العسكري تعيد حكومة نتنياهو إنتاج خطابها حول «التهديد الوجودي» وبأن الشريك الفلسطيني في أية مفاوضات «مفعم بالإرهاب» في إشارة إلى توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية والإعلان عن رئاسة أبو مازن للحكومة الفلسطينية الانتقالية (المفترضة).

من جهة أخرى، يضع التوتير الأمني الأحزاب الصهيونية في الحكومة والمعارضة أمام اصطفاف مختلف من التجاذبات المشتعلة في المشهد السياسي والحزبي. فوقفت جميع هذه الأحزاب صفا واحدا في الكنيست ليس فقط لتؤيد العدوان على غزة بل تطالب أيضا بتوسعيه واجتياح القطاع بشكل شامل، وكان من أبرز المتنطحين لهذا الموقف زعيمة «كاديما» تسيفي ليفني التي تنهي وجودها على مقعد المعارضة عندما يتعلق الأمر بالصراع مع الفلسطينيين.

عناوين الرسائل الداخلية موزعة أيضا على عناوين خارجية. فالإفاضة في نجاح منظومة «القبة الحديدية» يفسح في المجال لزيادة الطلب الخارجي في تجارة السلاح العالمية التي تحتل فيها إسرائيل موقعا متقدما. والكلام عن شريك فلسطيني متورط في الإرهاب يبقي مسألة التسوية السياسية تحت رحمة شروط تل أبيب الأمنية، على الرغم من أن اللجنة الرباعية الدولية دخلت على خط التهدئة في القطاع وأعادت تكرار التزامها بالوصول إلى حل سياسي تفاوضي.

* وتستشعر تل أبيب مقدار الحساسية في العلاقات الداخلية الفلسطينية وخاصة في قطاع غزة وتحديدا إذا تعلق الأمر بتصعيد عسكري يوقع العديد من الشهداء في وقت يمكن فيه أن ترتفع أصوات تتحدث عن التهدئة بينما يتوالى تشييع الشهداء ونقل الجرحى على وقع الغارات الإسرائيلية المتوالية. ولا يمكن إغفال طبيعة الاستهدافات الإسرائيلية وإظهار المسألة بأن العدوان الإسرائيلي ينصب على جهات فلسطينية دون غيرها على «أمل» أن تحدث نوعا من الشقاق بين أطراف العمل الوطني. لكن الرد الجماعي الذي نفذته الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة في القطاع وأد هذه المحاولات في مهدها.

لكن المؤشر الأبرز هو إبلاغ الفلسطينيين ـ في الضفة والقطاع ـ بأن سيف الملاحقة الأمنية الإسرائيلية في حالة إشهار دائم. وأن ذراعها الأمني والعسكري مستعد للتدخل كلما رأت تل أبيب في ذلك ضرورة وفق تقييمها حصرا.

* وعلى الرغم من أن التصعيد الأخير، ليس أول الحلقات العدوانية منذ اندلاع ثورة يناير في مصر، إلا أن تل أبيب تضع الموقف «الرسمي» المصري قيد الاختبار الدائم، خاصة وأن القاهرة كانت الوسيط الدائم في كل ما يتصل الملفات عالقة مع إسرائيل بشأن القطاع وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1967، ولعبت دورا أساسيا في الوصول إلى التهدئة بعد كل جولة من الاعتداءات الإسرائيلية. وإذا كان مفهوما أن الوضع الفلسطيني أمنيا وسياسيا سيبقى مهما لمصر كدولة بغض النظر عن طبيعة نظامها الحاكم، إلا أن منحى هذا الدور واتجاهاته الأساسية هي التي تبقى موقع ملاحظة من قبل تل أبيب (كما من قبل غيرها).

* ويأتي التصعيد الإسرائيلي مؤخرا في ظل وضع فلسطيني مرتبك ومفتوح على عودة التجاذبات التناحرية بين طرفي الانقسام وقد عادت نذر الاتهامات المتبادلة إلى الظهور في وسائل الإعلام. ولم تنجح الاتفاقات القديمة ولا الجديدة بشأن المصالحة في وضع مهمة استعادة الوحدة على سكة الانجاز. وبدا بأن المعادلات الداخلية في كل من فتح وحماس هي من يتحكم بمنحى جهود المصالحة بل وحتى يهدد إنجازها. ولا نعتقد بأن إسرائيل يمكن أن تجد أرضا خصبا أكثر من ذلك للايغال بعدوانها وعدم الاهتمام بأية ردة فعل فلسطينية تجاهه مهما حملت من الخيارات «المفتوحة».

فوق ذلك كله، يتحدث المفاوض السياسي عن عدم وجود آفاق لتغيير الموقف الإسرائيلي من عملية التسوية وبأنه لن يعود إلى طاولتها مجددا ضمن هذه الظروف، دون أن تفتح مرجعيته السياسية باب الخيارات البديلة وتبقي الوضع الفلسطيني معلقا بين مفاوضات مرفوضة وبرنامج وطني معطل.

تل أبيب تتصرف وفق ما تمليه التفاعلات الإسرائيلية الداخلية ومصالحها في المحيط. والإدارة الأميركية منشغلة عن الوضع الفلسطيني بملفات كثيرة تتقدمها الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في خريف هذا العام. وهو ما يجعلنا نتساءل عن انشغالات الحالة الفلسطينية التي تتصرف بعض مكوناتها وكأننا بصدد تقاسم فعلي للنفوذ داخل دولة مستقلة في الوقت الذي يتواصل فيه نهب الاستيطان لما تبقى من أرض يمكن أن تقام عليها دولة من حيث الأساس. وإذا بقيت الأمور كذلك يحق لنا أن نسأل.. من إذن يمنع العدوان عن الشعب الفلسطيني ويدافع عنه؟

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا