<%@ Language=JavaScript %> جمال محمد تقي الثورات العربية خطوة للامام خطوتان للوراء !

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

الثورات العربية خطوة للامام خطوتان للوراء !

 

 

جمال محمد تقي

 

 

"لا عسكر ولا اخوان نريد حكم الميدان"

شعار رددته فئات ثورية عديدة في مصر وتناغم معها مثقفون ونقابيون وصحفيون ومحامون وعمال وموظفون وطلاب يرفضون الحكم الشمولي ايا كان زيه ، عسكري او ديني ، يريدون ان يحكم مصر من يؤمن بمدنيتها وتنميتها وحرية ارادتها وعدالة توزيع الثروة فيها ، انهم يؤيدون اي مرشح من طينة حمدين صباحي ، اي مرشح من ميادين تحرير القاهرة او الاسكندرية او بور سعيد ، ولكن واللاسف لم يجدوا في النهاية سوى ، مرسي وشفيق ، خياران احلاهما مر !

في علم الثورات ، وهو ليس من علوم الغيب بطبيعة الحال ،  تتكرس عروة وثقى بين انساغ المقدمات والنتائج وما بينهما من تحولات عنيفة او متدرجة ،  وتفرز اصطفافات جديدة تتبنى تلك التحولات ، فلا يمكن هدم القديم وبناء الجديد بنفس ايادي الاصطفاف المقبور ، وان حصل ذلك فهناك احتمالين اما ان الثورة لم تكن ثورة اصلا ، او انها ثورة فاشلة ، اي خالية من الدسم ، وليس الدم ، لانه متوفر وبكل الحالات !

صحيح ان تغيير اي رئيس عربي ناهيك عن الملك او الامير لا يتم الا بحالتي الموت او الخلع لكن هذا التغيير هو ليس بثورة وباي حال من الاحوال لان الثورة تعني تغييرا جذريا ليس برموز السلطة فقط وانما بفلسفتها وادواتها حتى تصل للثروة واعادة توزيعها ونهج تنميتها لجعلها مستدامة ، اي ليس بتغيير في مظهر النظام القائم وانما تغيير في جوهره اساسا ، وصحيح ايضا ان الرئيس او الملك او الامير ، العربي طبعا ، مثله مثل النظام البونابرتي ، يجمع بيده كل السلطات وبالتالي فان سقوطه يوحي بسقوطها جميعا ، لكن الصحيح ايضا ان نقل السلطات او الصلاحيات من ايادي رئيس او ملك او امير مخلوع الى ايادي اخر مزروع لا يغير من هرم النظام والسلطة سوى قمتها المتمثلة بشخص المخلوع وحاشيته وربما حزبه ، حزب السلطة ، او شيئا من كل هذه الاشياء !

اذا كان حسني مبارك قد استجاب للخلع تاركا نائبه عمر سليمان ، ليحل محله ، وذلك بعد ان عجز هو عن تهدئة الجموع الثائرة في كل ساحات مصر ، خاصة بعد ايغاله بالدماء المسفوكة ، واذا كان المجلس العسكري قد استدرك الحالة بتوليه المباشر للسلطة الانتقالية ، بخطوة استباقية لامتصاص النقمة المتفاقمة من عدم شعبية قرار تولي عمر سليمان لمنصب الرئاسة ، لانه يعنى للثائرين استمرار قوى النظام السابق بالقبض على دفة الحكم ، خاصة وان عمر سليمان نفسه كان مرشح مبارك البديل في حالة تعذر تمرير ترشيح جمال مبارك ، وعليه فان شرعيته مضمحلة لانها مستمدة حصرا من شرعية الرئيس المخلوع ، وهذا ما قد يبرر تواصل الثورة الشعبية ، وربما اصطدامها بقوى الجيش نفسه ،، فان مجرد تقدم عمر سليمان نفسه جنبا الى جانب مع اخر رئيس للوزراء في عهد مبارك ، للترشح ثانية ومن نفس النوافذ التي فتحتها الحالة الثورية ذاتها ، هو مؤشر على تخبط وتقزم الحالة الثورية واضطرابها وتراجعها ، وما حصل بعد ذلك من استقطاب حول مرشح الاخوان محمد مرسي واحمد شفيق في جولة الاعادة ، هو دليل اخر على ان هندسة المجلس العسكري تتواصل لرسم ملامح مرحلة ما بعد مبارك وان اتخذت تلك الهندسة شكل المراسيم "الديمقراطية"  فالعسكر مستعدون لتقاسم السلطة مع الاخوان او ايا كان من اعوان مبارك وبالموديل الذي يتماهى مع الديمقراطية الباكستانية وربما التركية كحل اخير ، اما ان يتركوا الجمل وبما حمل لتقرر مصيره صناديق الاقتراع فهذا هو المستحيل بعينه عند من نصبوا انفسهم اوصياء على ارادة الامة !

ليس غريبا ان تكون الخطوة الاستباقية التي اقدم عليها المجلس العسكري مشابهة للخطوة التي اقدمت عليها قيادة هيئة الاركان التونسية ، فاذا كان سامي عنان قد غادر لواشنطن تدارسا للموقف وهو رئيس هيئة الاركان المصرية حينها ، فان عمار رشيد رئيس الاركان التونسي والذي لم يكن بعلاقة طيبة مع الرئيس التونسي المخلوع قد فعلها قبله وان لم تكن الفعلة في واشنطن وانما عبر تعليمات من السفارة الامريكية في تونس ، ففي هذا الاستباق المشفر تكمن العديد من الاجوبة على الكثير من الاسئلة المعلقة على مسار المتغيرات المقننة في تونس ومصر .

خطوات مهجنة تتحقق بالضغوط تارة او بالتداعي تارة اخرى ، لكنها جميعا لا تخرج عن المؤطر في شيفرة المسموح ، دستور انتقالي ، ومن ثم دستور دائم يستفتى عليه ، انتخابات نيابية عامة ، فتح الابواب لجميع قوى المعارضة بما فيهم الاخوان والسلفيين ، فالاستباق قد سبقهم في التطمينات المتبادلة بخصوص اقرارهم بشرط عدم التنصل للمواصفات الدولية في الحكم ، اي مجاراة النسق الامريكي المهيمن على الحالة الدولية ، لان الموقف من الاديان الاخرى والاقليات وحقوق المرأة وحقوق الانسان هي مجرد مقبلات لابد منها قبل ابتلاع حبوب منع التحول الخاص بالموقف من اسرائيل ومن فتح الاسواق امام التجارة الحرة .

في تونس ومصر يتقدم الاسلاميين المشهد ، وبحكم خطورة وخصوصية مصر فان الطبخ فيها يسير على نار هي في حقيقتها اهدأ من نار الطبخ التونسي برغم مايبدو من حالة الاشتعال المتأججة على ظاهر المشهد المصري ، نسمع نقاشا وسجالا وصخبا وجدلا ودجلا حول كل الاحوال الخاصة والعامة لكننا لم نسمع باجندة جادة حول الموقف من شكل العلاقة غير المتوازنة مع اسرائيل ولم نسمع عن اهداف محددة لتحصين الامن القومي المصري اقتصاديا وسياسيا وعسكريا ، لم نسمع عن برامج الدعم التنموي الخاص برفع مستوى الملايين من تحت خط الفقر ، لاسيما وان مصر مازالت مقيدة بشروط قروض البنك الدولي الداعية اصلا لرفع الدعم الحكومي عن المواد التموينية الاساسية والغاء ضرائب الملكية وخصخصة مؤسسات الدولة الانتاجية والخدمية التي من ريعها يمكن ان يستدام الدعم !

التغيير في ليبيا صاحبة المنزلة بين المنزلتين ، كان قسريا وبتدخل مباشر من النيتو ، وهي بذلك اسيرة لتحصيل حاصل مفاده انفتاح افقي وعمودي امام الشراكة مع الغرب ، وان لبست ليبيا العمامة الاسلامية او انقسمت الى إمارات غير متحدة ، مسموح لها كل شيء بمثل ما هو مسوح لتونس ومصر وبنفس الشروط المفروضة عليها !

في اليمن وبعد شلالات الدم التي لونت شوارعها وساحات تغييرها تغير الرئيس ولم يتغير النظام ، السفارة الامريكية ومعها سفارة المملكة الجارة تحاول ضبط ايقاع التغيير ليكون منسجما مع ذات الاجندات ، مضافا لها الارتباط الاوفر بالقواعد العسكرية الامريكية العائمة في المنطقة بذريعة محاربة القاعدة !

يراد للاوضاع في سوريا ان تسير مسار الوضع الليبي وان اختلفت اشكال التدخل فيها ، يراد لربيع دمشق النابع من صميم ياسمينها ان يهجن بذات الاجندات ، الاف الضحايا وخراب مكرر ومدفوع الثمن يراد له ان يتمم ما تحقق في شمال افريقيا والجنوب العربي .

ليصل للحكم من يصل ، مادام امره رهن اشارتهم ، بحرب اهلية ، او احتلال خلاق على طريقة ماجرى للعراق !

ليس غريبا تمني الامريكان ومعهم الصهاينة انتهاء حكم الاسد بحكم اسلامي في سوريا ماداموا على يقين بان اسلامييها سيكونون عونا لهم في مجابهة اسلام ايران وحزب الله ، وفي انغماس المنطقة بحروب الملل والنحل ، فالمنطقة برمتها تشحن ومنذ سنوات بكهرباء الحرب الطائفية ، اسلام سني يقاتل الاسلام الشيعي ، وبتمويل خليجي وباسناد لوجستي امريكي اسرائيلي .

انهار من الدماء الثائرة مقابل بقع متناثرة من الدسم الذي يغري المتعطشين من الناظرين والمنتظرين وربما نفر من الثائرين ، بانهار منه قد لا يجدوها حتى في العالم الاخر !

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا