<%@ Language=JavaScript %> عصام نعمان الهجوم على إيران تهويل أم تنصّل؟

 

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                                

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

الهجوم على إيران تهويل أم تنصّل؟

 

 

عصام نعمان

 

أعلمت “إسرائيل” أمريكا بأنها لن تُعلمها مسبقاً بهجومها على إيران . “السر” كشفته صحيفة “يديعوت أحرونوت” (28/2/2012 ) نقلاً عن مصادر استخبارية أمريكية رفيعة المستوى قالت إن مسؤولين “إسرائيليين” كباراً (تجزم زميلتها “هآرتس” أن في مقدمهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الحرب إيهود باراك)، أوضحوا لمستشار الرئيس أوباما للأمن القومي توني دونيلو، ورئيس الاستخبارات جايمس كالفر أنهم لن يُعلموا أمريكا مسبقاً بالهجوم الذي ستشنه القوات “الإسرائيلية” على المنشآت النووية الإيرانية . ربما لهذا السبب سارع باراك إلى الاجتماع بنائب الرئيس الأمريكي جو بايدن وبنظيره الأمريكي ليون بانيتا لمعرفة سبب إقدام واشنطن على إفشاء “السر” على الملأ قبل القمة التي سيعقدها نتنياهو مع الرئيس الأمريكي الاثنين المقبل في البيت الأبيض .

الواقع أن المصادر الاستخباراتية الأمريكية إياها لم تكتفِ بإذاعة “السر”، بل أتبعته بتفسيرٍ مفاده أن الكشف جرى من أجل رفع المسؤولية عن أمريكا . أما عن سبب عدم اعتزام “إسرائيل” إعلام أمريكا مسبقاً بالهجوم على إيران، فهو لمنعها من عرقلة الهجوم بعدما توصل المسؤولون “الإسرائيليون” إلى استنتاج محبط هو أن الأمريكيين لا ينوون خوض مواجهة عسكرية مع إيران قبل الانتخابات الرئاسية، وأنهم يعارضون هجوماً “إسرائيلياً” منفرداً .

 “يديعوت أحرونوت” كشفت أيضاً تفاصيل أوسع، قالت إن المسؤولين الأمريكيين صارحوا نظراءهم “الإسرائيليين” في الاجتماعات معهم أن كل هجوم تقوم به “إسرائيل” ستُتهم الولايات المتحدة بأنها شريكة فيه، وستصبح قواعدها وقواتها في الشرق الأوسط هدفاً للهجوم المضاد الذي ستشنه إيران .

أكثر من ذلك، يعتقد الأمريكيون أن الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية سيؤخر لبعض الوقت تقدّم المشروع النووي الإيراني، لكنه سيتسبب بعاصفة دولية ستقوّض المساعي الآيلة إلى دفع إيران إلى التخلي عن مشروعها النووي من خلال العقوبات الاقتصادية .

نتنياهو وشركاؤه استاؤوا من الملاحظات التي يبديها المسؤولون الأمريكيون في الفترة الأخيرة “لأنها تصوّر “إسرائيل” وليس إيران بأنها هي المشكلة، الأمر الذي يشجع طهران على مواصلة التقدم في مشروعها النووي” . لذلك حرص نتنياهو في مؤتمر النمو الاقتصادي الصديق للبيئة على القول: “يجب أن يفهم الجميع أنه إذا كنا قلقين اليوم من أسعار النفط المرتفعة، فإننا سنكون أكثر قلقاً إذا سيطرت إيران، لا سمح الله، على مراكز الطاقة في الخليج، لأنها ستكون قادرة على فرض أسعار أعلى للنفط، وبذلك تخنق الاقتصاد العالمي” .

غير أن لكشف “السر” تفسيرين مغايرين للتفسيرين اللذين حاولت “المصادر الاستخباراتية الأمريكية” تسويقهما . فقد جاءت صيغة كشف “السر” ملتبسة وتشي بتواطؤ ما بين واشنطن و”تل أبيب” يهدف، أولاً، إلى التهويل على إيران بجدّية اعتزام “إسرائيل” شنّ هجوم على منشآتها النووية لحملها على تليين شروطها بصدد التوصل مع أمريكا إلى تسوية مقبولة عن برنامجها النووي . كما يهدف، ثانياً، إلى تمرير تنصّل أمريكا من هجمة “إسرائيل” المرتقبة على إيران  ما قد يحملها على عدم التعرّض لقواعدها وقواتها في الشرق الأوسط . غير أن كِلا التفسيرين - التهويل والتنصُّل - يطرحان سؤالاً مفتاحياً: هل يعقل أن تقوم “إسرائيل” بمهاجمة إيران من دون موافقة أمريكا أو مشاركتها؟

قبل نحو سنتين كشف سفير أمريكا في “تل أبيب” ثم في القاهرة كيرتزر، أنه منذ إقامة “إسرائيل” في العام ،1948 قامت الولايات المتحدة بدعمها سياسياً وعسكرياً ومالياً في كل حروبها على الدول العربية إلاّ مرة واحدة خلال “حرب السويس” على مصر في العام 1956 أثناء إدارة الرئيس دوايت أيزنهاور . ذلك أن الكونغرس الأمريكي الذي تملك فيه “إسرائيل” أغلبية لا تحظى بها أيٌّ من حكوماتها عبر تاريخها، كان يبادر دائماً إلى تأييدها ويحمل الإدارة الأمريكية على دعمها بقوة .

قادة الكيان الصهيوني يعون جيداً هذه الحقيقة ويعرفون، تالياً، أنه سواء أعلموا واشنطن مسبقاً بهجوم “إسرائيل” على إيران، أم لم يفعلوا، فإن الكونغرس ومن ثم الإدارة الأمريكيين سيقومان بدعمها . لذلك فإن ما سيبحثه نتنياهو مع أوباما يوم الاثنين المقبل هو توقيت الهجوم وهل سيكون قبل انتخابات الرئاسة أم بعدها، وفي حال إصرار الرئيس الأمريكي على أن يكون بعدها، ما الثمن الذي ستتقاضاه “إسرائيل” لقاء قبولها التأجيل؟

من المنتظر أن يكون الثمن باهظاً . فاللوبي “الإسرائيلي” (إيباك) قوي في واشنطن، وكثافة أصوات اليهود الأمريكيين تعطي نتنياهو هامشاً واسعاً للمناورة والابتزاز، خاصةً أن أوباما بمسيس الحاجة إليهم لتأمين فوزه بولاية ثانية . فأين تراه يكون فرض الثمن وما مقداره؟

مواقع فرض الضريبة أو الثمن على أمريكا متعددة: فلسطين ومصر وسوريا ولبنان، وأخيراً وليس آخراً إيران .

في فلسطين، تريد “إسرائيل” من أمريكا أن تغطي مخططها الاستيطاني المتصاعد في القدس والضفة الغربية، وأن تواصل ضغوطها على محمود عباس والسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير لمعاودة المفاوضات معها دونما شروط مسبقة .

في مصر، تريد “إسرائيل” عدم المساس بمعاهدة السلام معها، وضبط الأمن في سيناء، وعدم الانفتاح على حركة “حماس” بشكل يؤدي إلى إعادة تأجيج عملياتها ضد المستوطنات في النقب في سوريا، تريد “إسرائيل” مواصلة حرب استنزافها أملاً بحملها على فك ارتباطها بإيران وحزب الله . في لبنان، تريد “إسرائيل” تشديد الضغوط عليه في محاولة مستميتة لقطع خط الإمداد اللوجستي بين سوريا وحزب الله .

في إيران، تريد “إسرائيل” تشديد العقوبات الاقتصادية عليها ومضاعفة العمليات السرية ضدها أملاً بحملها على وقف برنامجها النووي تحت طائلة ضربها عسكرياً .

أوباما يبدو مستعداً لدفع كل هذه الأثمان، خاصةً أنه سيدفعها من حساب غيره، لدرجة يطرح سؤال ملحاح نفسَه: كم سيدفع العرب من حقوقهم ومصالحهم ثمناً لولاية أوباما الثانية؟

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا