%@ Language=JavaScript %>
|
لا للأحتلال لا للخصخصة لا للفيدرالية لا للعولمة والتبعية |
|||
---|---|---|---|---|
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين |
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |
الجديد في السياسة النفطية العراقية
فؤاد قاسم الأمير
المقدمة
يتضمن هذا الكتاب ثلاث دراسات صدرت لي مؤخراً، ومقدمة مطولة يمكن اعتبارها دراسة رابعة حول موضوع الاتفاق الحاصل ما بين حكومة إقليم كردستان والشركة الأميركية العملاقة "أكسن موبيل ExxonMobil"، بحصول الأخيرة على ستة عقود مشاركة في الإنتاج لرقع استكشاف وتطوير، ثلاث منها - جزءاً أو كلاً- تقع في مناطق "متنازع عليها"، أو ضمن محافظة نينوى نفسها، وتم توقيع هذه العقود بعد صدور الدراسات الثلاث المذكورة في هذا الكتاب.
إن الدراستين الأولى والثانية هي حول المسائل والأمور التي تحدثت عنها في كتبي السابقة الصادرة في ما بين الأعوام 2007 – 2009، واضطررت إلى الرجوع إليها مجدداً لأمور كانت قد استجدت منذ الربع الثالث من العام الماضي. أما الدراسة الثالثة فهي عن موضوع العقود التي وقعتها الحكومة الاتحادية والتي تسمى "دورات التراخيص"، وهو أمر لم أتطرق له من قبل. وهي بالنتيجة دراسة لالستراتيجية النفطية والغازية للعراق، والسياسة الواجب اتخاذها الآن وفق الأسباب المبينة فيها.
في البداية، وقبل الدخول في الموضوع الرئيسي للمقدمة (وهي عقود أكسن موبيل في كردستان)، سنتحدث وبإيجاز حول ما آلت إليه الأمور المثارة في الدراسات الثلاث، مع ملاحظة أن الدراسات في هذا الكتاب تتضمن تعديلات شكلية بسيطة عن التي نشرت في حينه.
* الدراسة الأولى بعنوان: "كما في آب 2011: جديد قانون النفط والغاز"، والتي صدرت في 23/8/2011. وهي حول ضرر مسودة قانون النفط والغاز التي قدمت في 17/8/2011 إلى مجلس النواب من قبل "لجنة النفط والطاقة والثروات الطبيعية" في المجلس. وضرر هذه المسودة بمصالح الشعب العراقي يفوق بمراحل عدة مسودة (2007) المرفوضة أصلاً، والتي عجز من تبنوها عن تمريرها في حينه عام 2007، رغم وجود الاحتلال بكل ثقله وضغوطه الهائلة على السلطتين التنفيذية والتشريعية لإقرارها. وقد فشلت مسودة لجنة النفط والطاقة فشلاً ذريعاً عند محاولة تمريرها في مجلس النواب الحالي. و فشلت الحكومة الاتحادية، كذلك، في حمل مجلس النواب على اقرار مسودة القانون التي طرحتها لاحقاً، وهي أفضل من مسودة 23/8 (رغم وجود تحفظات عليها). وجرت في شهري أيلول وتشرين الأول الماضيين محاولة إيجاد "تسوية سياسية توافقية "!!، و للوصول إلى ما يسمى "حل وسط"! بين مسودة (2007) مع ملاحقها، و مسودة الحكومة الاتحادية. ولكن ، و(لحسن حظ الشعب العراقي!!)، توقفت هذه المحاولة بعد نشر الاتفاق بين حكومة الإقليم والشركة الأميركية أكسن موبيل.
وبات واضحاً أنه لا يمكن تمرير أية مسودة قانون تناقض الدستور العراقي الحالي - على علاته وضبابيته- أن مسودة أي قانون لا تتضمن مركزية القرار في السياسة النفطية وتسمح بالتصرف العشوائي للأقاليم والمحافظات بشؤون القرارات الستراتيجية النفطية وتوقيع العقود الاستخراجية مع الشركات النفطية و تسمح بتوقيع عقود تتضمن المشاركة في الإنتاج، ستكون مسودة مرفوضة، ولا يمكن تمريرها حتى ضمن "التوافقات السياسية" مهما كان الوضع مضطرباً في العراق. لقد فشل من كان يعول على إمكانية استغلال "المساومات السياسية" لتمرير مثل هذا القانون "في الخفاء أو في استغفال الآخرين"، وفشل في إدراك مدى رفض الناس لمثل هذا القانون، ولم يعرف مدى عمق العوامل المؤثرة في توازن القوى السياسية في العراق، والتي لا يمكن تجاوزها حتى في هذا الظرف الصعب والمضطرب والفاسد. وسيكون من الصعوبة بمكان تمرير مثل هذا القانون في المستقبل، من خلال مجلس نواب تال ، إذ أن الجماهير تدرك أكثر فأكثر صالحها من طالحها.
ولكن الاحتلال والقوى المتحالفة معه والقوى المنتفعة من مأساوية الوضع العراقي، تحن وتعمل على رجوع قوى الاحتلال العسكرية إلى العراق بالكامل، فهي قد ترى من الظروف المضطربة جداً في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط مدخلاً لتمرير مثل هذا القانون. فالمنطقة حبلى بالثورات ضد الأنظمة الفاسدة والتي هي بالأساس مرتبطة بالولايات المتحدة وإسرائيل. وأن الولايات المتحدة وإسرائيل وحلف الأطلسي يحاولون احتواء هذه الثورات، أو تحويلها إلى فوضى في حال فشل الاحتوائ، وذلك باسم "الديمقراطية". إن من المضحك/المبكي أن من تكون وسيلتهم ومطيتهم في دعاوى التغيير بأسم الديمقراطية دول عربية هي من أكثر الدول في المنطقة شمولية واستبداداً واستغلالاً ورجعية في العالم. والآن تريد إسرائيل (وأميركا) ضرب إيران، وبنفس الحجة الكاذبة التي استخدمت لضرب العراق واحتلاله، وهي وجود أسلحة الدمار الشامل والتسلح النووي. وسيكون الخاسر الأكبر هو العراق مجدداً. إذ أن على الطائرات الإسرائيلية أن تمر إما من خلال الأراضي التركية أو العراقية أو السعودية، وسيتم اختيار العراق كونه الطريق الأقصر مع الأجواء المفتوحة والكم الهائل من المعلومات المتوفرة لديهم، مؤكدة ذلك الصحيفة الأشهر نيويورك تايمز في 19/2/2012، حيث تضيف للأسباب آنفة الذكر عدم وجود دفاعات جوية في العراق مطلقاً، وأن القوات الأميركية غير ملزمة بحماية الأجواء العراقية، بعد أن انسحبت قواتها من العراق في كانون الماضي!!. وستكون ردة الفعل الإيرانية الأكبر في العراق، وهو أمر لا يهم المحتل أو أعوانه من الخليجيين، أو العراقيين، فمصلحة العراق هي آخر ما ينظر إليه. يعتقد هؤلاء أن في هذه الأجواء، يمكن إدخال العراق في "قادسية" ثالثة ضد الجارة إيران، وعند ذاك يمكن تمرير مثل هذا القانون وتمشية المخطط الأميركي بالكامل بخصخصة النفط العراقي من خلال عقود المشاركة بالإنتاج، ولكنهم يحلمون، إذ سيفشلون كما فشل ويفشل غيرهم ممن يريد أن يفرط بثروة الشعب العراقي.
* الدراسة الثانية، بعنوان: "الحل: رفض اتفاقية مشروع غاز البصرة مع شركة شيل والإيعاز الفوري بالتنفيذ المباشر من خلال عقود خدمة اعتيادية"، والتي صدرت في 7/9/2011. ومن المؤسف أن نقول أن الحكومة الاتحادية كانت قد وافقت على التعاقد مع شركة شيل (مع ميتسوبيشي) في اجتماعها الوزاري في 15/11/2011. وقد يكون امتناع شركة شيل عن التعاقد مع حكومة إقليم كردستان له الدور المؤثر في موافقة الحكومة هذه. حيث رفضت الشركة عرض حكومة الإقليم عليها ثلاث رقع للاستكشاف والإنتاج من خلال عقود المشاركة بالإنتاج. علماً أن شركة شيل لها حصة 15% في عقد حقل غرب القرنة المرحلة الأولى مع 60% لإكسن موبيل في هذا العقد، كذلك فإن شيل لها حصة 45% في عقد حقل مجنون، لذا فإن هناك الكثير لتجازف به.
ولا أزال أرى أن توقيع هذا العقد مع شركة شيل مضر بالعراق، وكان من المفترض المضي بما اقترحناه في الدراسة بالتنفيذ المباشر وللأسباب المبينة فيها.
وأكدت الدوائر النفطية الحكومية المؤثرة حالياً، أنها وضعت قيود حسابية وبرامج كومبيوترية معقدة للتأكد من عدم تجاوز شركة شيل لمعدل العائد الداخلي IRR Internal rate of return ﻠ (15%) في كل الأحوال!!.
* وبما يتعلق بالدراسة الثالثة المعنونة: "نظرة في دورات التراخيص النفطية والغازية"، والتي صدرت في 25/10/2011، فقد أوضحت فيها الوضع النفطي والغازي العالمي وتطوره المستقبلي والمخاطر الكامنة في دورة التراخيص الثانية، وعدم الحاجة إلى دورة التراخيص الرابعة، وبينت الستراتيجية الواجب تنفيذها.
لقد تأجل فتح عروض دورة التراخيص الرابعة من أوائل كانون الثاني 2012 إلى أواسط آذار، والآن تم تأجيله إلى 30 - 31 أيار المقبل. والسبب المعطى هو تعديل شروط المناقصة على ضوء المحادثات مع الشركات العالمية. وسنرى أثناء الحديث عن عقود أكسن موبيل مع حكومة إقليم كردستان، أسباب تصلب الشركات والاعتراض على وثائق المناقصة التي وضعت لها في دورة التراخيص الرابعة. وما يقلقنا، رغم أننا أصلاً ضد إكمال دورة التراخيص هذه، هو أن التعديلات الجديدة التي وضعت في وثائق المناقصة سيتم رفعها نتيجة ضغط الشركات العالمية.
كذلك هناك حالة اقتناع متزايد لدى بعض المسؤولين العراقيين في الصناعة النفطية بخطورة بعض مواد العقود التي تم توقيعها، وخصوصاً المادة (12)، أو الوصول إلى إنتاج ذروة للعراق قدره (13,5) مليون برميل في اليوم خلال الأعوام الستة المقبلة. وقد ذكرت العديد من النشرات النفطية المختصة أن هنالك نية لتعديل هذه الشروط عند توفر الظرف المناسب!!؟ وللوصول إلى إنتاج ذروة بحدود (8-9) مليون برميل/اليوم بدلاً من الرقم السابق. ولا نعرف كيف سيتم ذلك ، و قد اوضحت الدراسة أن بقاء هذه الشروط سيؤدي بالعراق إلى الكارثة.
ومن المعلومات التي توفرت لدينا حديثاً، أن هناك توجه كبير لدى المسؤولين المعنيين في النفط والصناعة لرفع العوائد ليس بطريقة زيادة الإنتاج فقط، فهذا طريق محفوف بالمخاطر، وإنما بالتوسع في صناعة البتروكيمياويات والأسمدة وتطوير صناعة تصفية النفط ، وسيعلن في هذا العام عن مشاريع ضخمة في هذا الاتجاه.
* * *
عقود أكسن موبيل مع حكومة إقليم كردستان، والتطور النفطي في الإقليم
لقد أعلنت حكومة إقليم كردستان في 10/11/2011 أنها وقعت مع شركة أكسن موبيل ExxonMobil ستة عقود مشاركة للتنقيب والإنتاج لست رقع استكشافية. وكما ظهر لاحقاً أن العقود الستة كان قد تم توقيعها في 18/10/2011، ولم يتم الإعلان عنها من قبل مدراء الشركة الذين كانوا في بغداد وقابلوا السادة الدكتور حسين الشهرستاني ووزير النفط وغيرهما من المعنيين، بعد التوقيع مع حكومة الاقليم، لمحاولة إقناعهم بالموافقة على مثل هذه العقود ، و قابلوا كذلك السفير الأميركي في بغداد. وكانت وزارة النفط قد أرسلت للشركة ثلاث رسائل استفسار عن الأمر، كما أن الدكتور الشهرستاني كان قد أعلمهم قبل يومين من إعلان حكومة الإقليم للخبر، إن على الشركاء اختيار استمرار العمل مع الحكومة المركزية أو العمل مع حكومة الإقليم مع خسارة جميع عقودهم مع الحكومة الاتحادية. و لم تجب الشركة على اي من رسائل الوزارة، التي وصلت إلى أكثر من أربع رسائل حتى الآن، كذلك لم تجب مطلقاً على أسئلة واستفسارات الصحفيين.
وقد ظهر لاحقاً أن اثنتين، من هذه الرقع الاستكشافية الستة، تقعان في محافظة نينوى، وهما الرقعتان المتعلقتان بتركيبي بعشيقة والقوش. أما الرقعة الثالثة فتقع في "المناطق المتنازع عليها" في محافظة كركوك، وذلك في تركيب "قره انجير"، (والتي تقع شمال مدينة كركوك باتجاه السليمانية)، والتابعة لمحافظة كركوك ، وكانت تدار من قبل الحكومة المركزية قبل الاحتلال وتقع الرقعة الاستكشافية الرابعة ضمن حدود الإقليم وعلى الحدود العراقية الإيرانية.
هددت الحكومة الاتحادية، (وفي التصريحات التي صدرت من مختلف الجهات المعنية وبضمنهم السادة رئيس الوزراء ونائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة ووزير النفط)، شركة أكسن موبيل بإيقاف العمل معها. ولكن لم يتجاوز الأمر التهديدات التي اعتمدت على أن الشركة قد خرقت القوانين العراقية، وعليه ستتم مقاطعتها. كانت التهديدات قد تضمنت إيقاف جميع أعمال الشركة في الجنوب وأولها عقد تطوير غرب القرنة العملاق، ضمن دورة التراخيص الأولى، حيث لشركة أكسن موبيل الحصة الرئيسية والبالغة 60%. والمفروض الصعود بالإنتاج فيه إلى إنتاج ذروة قدره (2,825) مليون برميل/اليوم خلال 7 أعوام. كذلك تم تهديدها بإلغاء عقد مشروع نظام حقن الماء، الذي سبق احالته عليها والذي يغذي الحقول النفطية الكبرى في المنطقة من مياه الخليج، و كلفته التقديرية من (7) إلى (12) مليار دولار. كذلك تم تهديدها بعدم السماح لها بدخولها في دورة التراخيص الرابعة، أو الدخول في مزايدات شراء النفط العراقي لأغراض التصدير. مع الأسف لم يتم حتى الآن اتخاذ موقف واضح محدد رسمي من قبل الحكومة العراقية، بل على العكس سمح للشركة بشراء وثائق مزايدات دورة التراخيص الرابعة، وسمح لها بالدخول في مزايدات بيع النفط العراقي. إن هذا الموقف الحالي "الضعيف"، شجع شركة أخرى كبيرة وهي شركة توتال الفرنسية، (والتي لها حصة 18,75% في عقد تطوير حقل حلفاية)، على التعاقد في النصف الأول من شباط 2012 مع حكومة إقليم كردستان للتنقيب والتطوير لأربع رقع استكشافية بعقود مشاركة بالإنتاج، إثنتان من تلك الرقع تقعان في مناطق "متنازع عليها". وأن استمرار الحكومة بعدم اتخاذ إجراء رادع بحق شركة أكسن موبيل وشركة توتال سيشجع شركات كبرى أخرى للعمل في منطقة كردستان وفي عقود مشاركة بالإنتاج، الأمر الذي سيعرض كل خطط الحكومة الاتحادية في تطوير النفط العراقي للانهيار والفشل.
لقد حدثت ضجة عالمية كبيرة عند صدور معلومات حول هذا الاتفاق، ليس من قبل الصحافة والنشرات النفطية فحسب، بل تجاوز ذلك إلى النطاق السياسي من قبل وزارة الخارجية الأميركية، والصحافة العالمية المهمة، ولا تزال هذه الضجة تتفاعل حتى الآن، ويتوقع استمرارها لحين قيام الحكومة العراقية، أو هذه الشركة باتخاذ قرار حاسم. إن سبب هذه الضجة الكبيرة هو حجم الشركة المعنية، إذ تعد شركة أكسن موبيل الأميركية أكبر شركات النفط والغاز في العالم، ولها نفوذ وتأثير سياسي واقتصادي كبير في مجريات الأحداث في الولايات المتحدة الأميركية، ودول أخرى في العالم. إضافة لذلك فإن الشركة دخلت كطرف في الخلافات السياسية العراقية الداخلية، حيث تعاقدت على مناطق متنازع عليها، أو داخل محافظة نينوى. ولها استثمارات ضخمة وعمل جبار في مناطق الجنوب العراقي، وهي الآن مهددة بالإبعاد من قبل الحكومة الاتحادية، لذا فهناك الكثير مما ستخسره في حال تنفيذ الحكومة لتهديداتها.
إن من أوائل من كتب تحليلاً قيماً حول الموضوع هو الدكتور أحمد موسى جياد من النرويج(1)، وكذلك موقع Ben Lando بين لاندو، والمسمى Iraq Oil Report، وتبعهم غيرهم بتحليلات وتعليقات ومتابعة للخبر.
ولغرض توضيح هذا الأمر، ومدى تأثير هذا الحدث في التطور النفطي في الإقليم، وتأثيره في كل خطط الحكومة الاتحادية النفطية، نبين ما يلي:
1- الموقف القانوني للحكومة الاتحادية:
لقد وردت تساؤلات كثيرة عن حق الحكومة العراقية في إيقاف التعامل مع شركة أكسن موبيل وإلغاء عقودها ووضعها في القائمة السوداء في حال إصرارها على استمرار التعاقد مع حكومة إقليم كردستان. وهو أمر ينطبق عليها، وعلى جميع الشركات التي تعاقدت مع الحكومة الاتحادية لتطوير الحقول ضمن "عقود الخدمة الفنية". في الواقع إن رئيس وفد الشركة الرئيسية الذي التقى السيدين نائب رئيس الوزراء الدكتور حسين الشهرستاني ووزير النفط، ذكر بأن في مفهوم الأجهزة القانونية لدى شركة أكسن موبيل، أن الدستور العراقي يسمح بمثل هذا التعاقد وبهذه العقود، وليس للحكومة الاتحادية حق الاعتراض، وهو نفس رأي حكومة إقليم كردستان .
و فيما يتعلق بعقود هذه الشركة مع الحكومة الاتحادية تحديداً، نوضح انه وفقاً لمواد عقد تطوير حقل غرب القرنة (1). والتعليمات والتوجيهات المكتوبة من وزارة النفط سواء في وثائق المناقصة لدورات التراخيص أو بالتعليمات المنفصلة؛ فأن الشركات التي وقعت عقوداً مع حكومة الإقليم ستستبعد من دورات التراخيص. وفي أدناه المواد ذات العلاقة في العقد الموقع مع شركة أكسن موبيل لتطوير حقل غرب القرنة ضمن دورة المرحلة الأولى في 25/1/2010.
أ- في الفقرة ((1.47 من "التعاريف"، فإن كلمة "قانون" (Law) تعني تحديداً "القوانين والأنظمة العراقية" كما جاء في النص.
وبالنظر لعدم صدور قانون جديد للنفط والغاز حتى الآن فإن كلمة (قانون) في هذا العقد، والمتعلقة بالأمور النفطية، تعني القوانين العراقية السائدة حالياً والصادرة قبل زمن الاحتلال، ولا يزال يعمل بها، وذلك لعدم صدور قانون أو أمر قضائي بإلغائها سواء من قبل "أوامر بريمر"، أو السلطات التي تبعته. وهذه القوانين تخول وزارة النفط ومجلس الوزراء (الاتحاديين) حصراً حق التصرف في كل الأمور المتعلقة بالنفط، وهو إجراء قانوني اعتيادي نافذ لحين صدور قانون آخر يحل محل ما موجود الآن. وهذا يعني أن أكسن موبيل قد خرقت (القانون) العراقي -المحدد لها في العقد الموقع معها- بتوقيعها العقود الستة الأخيرة مع حكومة الإقليم.
ولو تحدثنا عن الدستور الحالي، وبغض النظر عن التفسيرات المختلفة فيما يخص النفط والغاز، فإنه يقول إن ما جاء فيه عن النفط والغاز يجب أن يصدر بقانون، ولم يصدر هذا القانون حتى الآن. وكما يعلم القارئ كنت قد أوضحت في دراسات سابقة وبالتفصيل، أنه حتى لو أردنا الأخذ بالدستور الحالي لإصدار (قانون النفط والغاز)، فلا يمكن أن يتضمن هذا القانون أية عقود مشاركة بالإنتاج، كما أن القرار النهائي في السياسة النفطية يجب أن يكون بيد الحكومة المركزية، ولهذا فإن جميع العقود التي وقعتها حكومة الإقليم وكذلك قانون النفط والغاز للإقليم تتناقض كلياً مع الدستور الحالي، وكلها غير دستورية وغير قانونية!!. على أية حال ما دامت الجهات السياسية العراقية لم تستطع وضع قانون جديد للنفط والغاز، لذا يبقى القانون السابق هو النافذ والمعول عليه قانونا مهما كانت التحفظات عليه!!.
ب- لو نظرنا الى مواد عقد أكسن موبيل مع الحكومة الاتحادية، مثل المادة (29) نجد أن الفقرة (29.1) تقول: "يلتزم المقاول والمشغل بما جاء في (القانون) Law and Regulation...". كذلك المادة (37) Governing Law and Arbitration، الفقرة (37.1) منها: "إن (القانون) يحكم العقد والحقوق والواجبات...". كذلك الفقرة "8.1(a)" والمتعلقة بموضوع إلغاء العقد Termination، تقول إن أحد أسباب إلغاء العقد (وهي تشير إلى "القانون") هو "نقص الالتزام المادي لهذا العقد"، ومن الواضح أن "الالتزام المادي" هو الالتزام بالقانون أولاً.
ج- إن عمل الشركة في مناطق "متنازع عليها" هو عمل غير قانوني، سيما وأنها معرفة في الدستور تحت المادة (140) ، حيث يجب أن تكون هذه المناطق تحت سيطرة وإدارة الحكومة الاتحادية، كما جاءت نصاً، لحين استكمال تنفيذ متطلبات هذه المادة. فإذا كان الواقع الفعلي غير ذلك، بسبب ضعف الحكومة الاتحادية وتمزق القوى العراقية، فهذا لا يعني بأي حال من الأحوال القبول "القانوني والدستوري" للأمر الواقع. وأن شركة أكسن موبيل دخلت في "المحظور"، وتجاوزت "الخطوط الحمراء" بأخذها جانب الإقليم في أمر فيه تناقض كبير بين الحكومة المركزية والإقليم، وبالأحرى تناقض بين الغالبية العظمى من القوى السياسية في الوسط والجنوب من العراق وبين حكومة الإقليم. إنها دخلت في معترك الأمور السياسية العراقية الداخلية وهي لا تزال في أول الطريق، فيا ترى ماذا ستفعل في المستقبل في طريق زرع الفتنة بين مختلف الطوائف والقوميات؟!، وأعمال أخرى تؤذي الشعب العراقي وتفتت وحدته أكثر مما هي عليه الآن من تفتيت، وتخلف الفوضى المدمرة.
د- نقلت وكالة أنباء رويتر في 31/1/2012، وتبعتها وسائل الإعلام ومنها النفطية(2)، عن السيد عدنان الجنابي من لندن، أثناء حضوره المؤتمر النفطي في London's Chatham House، تعليقات أقل ما يقال عنها أنها مثيرة للجدل. والسيد عدنان الجنابي هو رئيس لجنة الطاقة والنفط والموارد الطبيعية في مجلس النواب، وهو نفسه المسؤول عن مسودة قانون النفط والغاز المثيرة للجدل، والتي تدور حولها دراستي الأولى في هذا الكتاب، وهو أحد البارزين في القائمة العراقية في مجلس النواب.
لقد نقل عنه قوله (والعهدة على الراوي): "أنه لا يحق لبغداد من الناحية القانونية فسخ عقد نفطي كبير مع أكسون موبيل رداً على عمل الأخيرة في منطقة كردستان شبه المستقلة"، كذلك قال: "لا توجد قوائم سوداء في البرلمان". وقال أيضاً: "إن العقود الموقعة من قبل الحكومة المركزية والمنطقة الكردية ليست دستورية تماماً. نحتاج إلى إقرار قانون النفط لتشكيل المجلس الاتحادي الذي يمكنه حينئذ أن يقر كل العقود". ونقل الخبر أيضاً بالشكل التالي: "بعدم وجود قانون للنفط، فإنه لا يرى سبباً لأن توضع شركات عاملة في القائمة السوداء، سواء كانت الشركات تعمل مع الحكومة المركزية أو مع حكومة الإقليم، مثل شركة أكسن موبيل... إنني لا أرى أية عوائق لأية شركة للعمل في أي مكان في العراق. لا أرى أية قانونية في إعلان أي شخص في القائمة السوداء"، وأن "ليس من حق وزارة النفط وضع شركة في القائمة السوداء.. إن الوزارة الوحيدة القادرة على ذلك هي وزارة التخطيط، وبعد أن تقرر المحكمة ذلك فقط".
لا أريد أن أعلق على ما جاء في أعلاه، ولكن أود أن أوضح، بأننا نفهم مما جاء في تصريحاته انه "إذا لم يصدر قانون للنفط والغاز، فإن أية جهة لا تستطيع العمل"!!. أما بالنسبة لوضع شركة في القائمة السوداء، فالصورة المعطاة هنا خاطئة، إذ حسب التعليمات المعمول بها في السابق، (والتي لا تزال نافذة لعدم صدور ما يخالفاها أو يبطلها)، فإن أية وزارة تستطيع الامتناع عن التعامل مع شركة ما، كمنعها من الدخول في مناقصاتها أو إلغاء عقدها، أو وضعها في "القائمة السوداء" التابعة للوزارة، وذلك للأسباب التي تراها مناسبة، ويمكن للشركة الاعتراض في المحاكم المحلية أو الدولية على قرار الوزارة اعتماداً على صيغ العقود الموقعة. أما إذا أرادت الوزارة أن تضع الشركة في "القائمة السوداء" لعموم القطر ولجميع أعمال الوزارات والإدارات الأخرى المختلفة، فعلى الوزارة أن تقدم أسبابها إلى وزارة التخطيط والتي تقوم بدورها بدراسة الأمر، واتخاذ القرار المناسب. وبالرغم من أن وزارة النفط تعمل فيما يتعلق بوزارتها، وضمن صلاحيتها، ولكن في كل الأحوال فإن قرار إلغاء عقود وزارة النفط مع الشركة المذكورة، أو عدم السماح لها بالدخول في المزايدات المقبلة، سيصدر من مجلس الوزراء (السلطة التنفيذية). لا دخل للسلطة التشريعية، (والسيد عدنان الجنابي واحد منهم)، في هذا الأمر أبداً، حيث أن مسؤوليتها تتحدد في إمكانية إصدار القوانين ومنها قانون النفط والغاز، وإذا لم تستطع إصدار مثل هذا القانون فيتم عند ذاك العمل بالقوانين السائدة. وأن قول السيد عدنان الجنابي بعدم وجود قانون للنفط والغاز هو أمر خاطئ، إذ يوجد مثل هذا القانون، وهو القانون (84) لسنة 1985.
2- المناطق "المتنازع عليها" والموقف الأميركي:
أ- علينا لمناقشة هذا الموضوع الرجوع إلى 8/9/2007 عندما أعلنت كل من حكومة الإقليم وشركة "هنت أوف دالاس" الأميركية أنهما وقعتا عقد مشاركة بالإنتاج لتنقيب وتطوير رقع استكشافية. ولقد تحدثنا في كتابنا "حكومة إقليم كردستان وقانون النفط والغاز"، عن الضجة التي دارت حول توقيع العقد. وذكرنا في حينه أن قسماً من المنطقة المتعاقد عليها تقع ضمن "المناطق المتنازع عليها" في محافظة نينوى. وأثير الموضوع في حينه في الكونغرس الأميركي، وتنصل الرئيس بوش ومعه الحكومة الأميركية من الصفقة، وبينوا عدم معرفتهم بها أو الموافقة عليها. ولكن في واقع الحال استمرت الشركة في الأربع سنوات الماضية بالعمل، وتم "نسيان" الأمر. علماً أن شركة هنت، هي شركة متوسطة (إلى صغيرة) الحجم، وتأثيرها في الولايات المتحدة محدود، وصاحبها رجل مخابرات وقريب جداً من بوش. ولكن بوش أصر (ونقلاً عن راديو سوا في 25/9/2007) بأنه قلق من الصفقة وأنه لم يكن يعلم أي شيء عنها. كما أن نشرة "أخبار أويل ﮔرام Oil Gram News" الأميركية قالت في 20/9/2007 نقلاً عن الرئيس بوش: "إن السفارة الأميركية في العراق كانت قد بينت قلقها من هذه الاتفاقية وتأثيرها في احتمال جعل قانون المواد الهيدروكربونية العراقي موضوعاً غير قابل للتطبيق".
ما ظهر لاحقاً كان أدهى، والفضل يعود إلى موقع ويكيليكس، عندما نشر في 30/8/2011 برقية السفارة الأميركية في بغداد والمرقمة 07BAGHDAD3071 والمؤرخة في 12/9/2007، من أن الرقعة التي وقعتها شركة هنت تقع في محافظة نينوى وليس في محافظة دهوك كما أعلن عنها، أي أنها تقع في أحسن الأحوال (بالنسبة لحكومة الإقليم) في منطقة متنازع عليها. ليتذكر القارئ أن في ذلك الوقت كان الجانبان العراقي والأميركي يتناقشان حول "وثيقة إعلان المبادئ"، والتي وقعها رئيس الوزراء العراقي والرئيس الأميركي في أواخر تشرين الثاني 2007، ودون أخذ موافقة أو حتى إطلاع مجلس النواب العراقي عليها، (وحتى الكونغرس الأميركي تفاجأ بها)، ولكن لم يتم توقيعها من قبل رئيس الوزراء العراقي إلاّ بعد أخذ موافقة الأحزاب العراقية الحاكمة(4). وإن هذه الوثيقة هي الأساس للاتفاقية الأمنية التي تم توقيعها لاحقاً سوية مع "الاتفاقية الستراتيجية مع الولايات المتحدة" في أواخر عام 2008. وبقيت الاتفاقية الستراتيجية نافذة إلى يومنا هذا، وهي التي يُطبل ويُزمر لها باسم "حلف ستراتيجي" مع الولايات المتحدة!!.
لقد وقعت حكومة الإقليم بعد ذلك عقود مشاركة بالإنتاج أخرى مع شركة أميركية أكبر من شركة هنت، وهي شركة ماراثون Marathon النفطية. ولم تثر حولها ضجة لأن المعلومات عن الرقع الاستكشافية التي وقعتها هذه الشركة ليست في مناطق متنازع عليها - حسب علمنا -، كما أن هذه الشركة كانت قد استبعدت من قبل وزارة النفط الاتحادية من تقديم عروضها إلى الحكومة الاتحادية في دورات التراخيص.
ب- إن دخول شركة أكسون موبيل إلى إقليم كردستان أمر آخر، وهو أمر جلل، لأن الشركة تعتبر أكبر شركة نفطية في العالم ولها نفوذها الكبير في داخل الولايات المتحدة، كما أن لها عقوداً ضخمة مع الحكومة الاتحادية، وأن غالبية الرقع الاستكشافية التي تعاقدت عليها تقع في داخل المناطق المتنازع عليها أو في داخل محافظة نينوى، كما وأنها تتحدى علناً الحكومة الاتحادية وتهديداتها.
هنا أيضاً قامت وكالات الأنباء بنقل "تحذير" الولايات المتحدة في 23/11/2011 إلى الشركات الأميركية ومنها شركة أكسن موبيل من المخاطر القانونية لتلك العقود حيث قالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية: "إن الولايات المتحدة حذرت شركاتها كافة، ومنها أكسون موبيل، بأنها تخاطر مخاطرة سياسية وقانونية كبيرة إذا ما وقعت على تعاقدات مع أي طرف في العراق قبل إقرار اتفاق وطني"، وأضافت نولاند: "منذ سنوات طويلة والولايات المتحدة تحث جميع الأطراف في العراق على إقرار القوانين الوطنية المطلوبة لتنظيم العمل في قطاع النفط والغاز... وأنهم كلما عجلوا بذلك تمكنت الشركات من أن تستثمر بشكل قانوني"(5).
ونلاحظ أن الموقف الأميركي كان حذراً جداً في انتقاد الشركة، وهو يتحدث عن أعمال الشركات الأميركية النفطية، سواء كان ذلك في كردستان أم في الجنوب والوسط. في الواقع إنني أجد هذا التصريح كلاماً عاماً، وليس تحذيراً، كما أنه يحاول أن يفرض مسألة تمرير قانون النفط والغاز بالشكل الذي تريده الإدارة الأميركية. وأرى أن هذا الموقف مرتبط بمحاولة تمرير المسودة "الأتعس" لقانون النفط والغاز في آب 2011، والتي تعطي مشروعية قانونية لكل عقود حكومة الإقليم، والواقع أن المسودة صيغت لهذا الغرض حصراً. وعندما فشلت محاولة إمرارها تحركت الشركة "العظمى"، وإنني لأستغرب من أن تكون قد تحركت بدون "ضوء أخضر" من الإدارة الأميركية، وهي التي تربطها بالعراق "معاهدة ستراتيجية"!!.
أن حركة شركة أكسن موبيل، لم تكن لأسباب اقتصادية بحتة، إذ أن ما قامت به يتضمن عمل سياسي تخريبي لزيادة "الفرقة" بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية.
من الأمور التي سمعنا عنها، أن السفارة الأميركية والإدارة الأميركية قد طلبت من الحكومة العراقية عدم استعجال اتخاذ قرار بخصوص "طرد" الشركة الأميركية من العمل مع الحكومة الاتحادية، ولهذا جاءت التصريحات القائلة بأن الحكومة الاتحادية ستنفذ تهديداتها بعد انتهاء عام 2011. إذ لو كانت قد اتخذت الإجراء قبل ذلك التاريخ لارتبط الأمر برحيل القوات الأميركية. بمعنى أن الأمر قد يفهم على أنه "تم طرد أكبر شركة أميركية مع مغادرة القوات الأميركية"!!. كذلك أعلن السيد رئيس الوزراء عندما كان في واشنطن في أواسط كانون الأول الماضي أن الحكومة الأميركية ستعمل على حل المسألة. كما "وعدت" الشركة السيد رئيس الوزراء عند اجتماعه معها في واشنطن بأنها ستدرس الموضوع باتجاه الوصول إلى حل. ولم يتم الحل حتى الآن ونحن في الأسبوع الرابع من شباط. وما تريده الإدارة الأميركية والشركة هو انتظار تمرير قانون النفط والغاز، وهو أمر لن يتم قريباً، أو أن " تنسى" الحكومة الاتحادية الأمر كما نسيت حالة شركة هنت. ولكن الأمر يختلف هنا، إذ أن شركة أكسن موبيل موجودة في الجنوب، وأن أي تساهل معها ينهي المشروع النفطي للحكومة الاتحادية، ويخلق واقعاً على الأرض، يزيد من الهوة مع حكومة الإقليم، ويفتح الباب واسعاً لتفتيت العراق.
ج- لا يرى وزير الموارد الطبيعية في حكومة إقليم كردستان، الدكتور أشتي هاورامي (وكذلك حكومة الإقليم)، أن هذه العقود هي في مناطق متنازع عليها، طالما أن هذه المناطق تقع تحت سيطرة الإدارة الكردية حالياً، أو بوجود أغلبية كردية فيها، لهذا يؤكد السيد أشتي أن رقع أكسن موبيل هي ضمن حدود الإقليم قائلاً: "نحن ندير المنطقة، وفيها انتخابات (للإقليم)، ونحن ندير كل شيء من كردستان... وبهذا فإن الأمر النهائي بالنتيجة هو من المسؤول عن المنطقة"(5). و يقول أيضاً: "أن ليس له علم بأنها مناطق متنازع عليها... ونحن لا نملك شيئاً في المناطق المتنازع عليها، وأن كل ما وقعناه هو في كردستان"!!.
وفي المقابل فإن مجلس محافظة نينوى أرسل وفداً إلى بغداد في 10/12/2011، حاملاً تحفظاته على العقود، وقام بمقابلة الدكتور الشهرستاني ووزيري النفط وشؤون المحافظات. وقال السيد يحيى محجوب، عضو المجلس: "إذا جلبت أية شركة معدات أو مكائن أو أي شيء إلى هذه المناطق، فإننا سنقوم بحجزها قانونياً من خلال الأجهزة الأمنية للحكومة المركزية". أما السيدة وصال سليم علي، عضو مجلس النواب عن الموصل، فإنها تقول: "إن هذه العقود عائدة لمناطق داخل محافظة نينوى، وجزء منها، ولا أحب أن أسميها مناطق (متنازع عليها)، إذ كان قد قرر في سنة 2004 نهائياً بأنها جزء من نينوى"(5).
أما جوزت هلترمان Joost Hiltermann من مجموعة الأزمات العالمية، فإنه يقول: "إن جلب شركات أميركية لمثل هذه المواقع يمثل عنصر حماية للكرد في المستقبل لمجابهة احتمال أي مشاكل مستقبلية"، وأن كردستان تحاول أن تخلق واقعاً على الأرض، وأن عقود أكسن موبيل تعتبر اليوم مسألة سياسية بين بغداد وأربيل(5).
لقد سمعت وقرأت عن بعض القادة الكرد (والعرب أيضاً)، أن كون أراضي أكسن موبيل مناطق متنازع عليها، يجب أن لا يكون سبباً لإيقاف استمرار عملها، إذ أن الاستفتاء اللاحق سيقرر بالنتيجة تبعية الرقعة، وإذا لم تكن في كردستان، فعند ذاك ينتقل العقد إلى الحكومة المعنية. إن هذا القول غير صحيح وغير منطقي، فلو وجدت أكسن موبيل نفطاً وبكميات جيدة (وهذا أمر متوقع ووارد جداً)، فإن أمر تقرير المنطقة سيكون أصعب بكثير والنزاع سيكون مضاعفاً، إذ أن "المتنازع عليه" سيتحول من تبعية أرض، إلى تبعية "أرض وثروة". أليس هذا الأمر إضافة جديدة ومهمة لتعقيد حل النزاع بين حكومة الإقليم والحكومة المركزية؟، ويعتبر هذا الأمر "قنبلة موقوتة" لصراعات مقبلة. إضافة لذلك فإن عقود حكومة إقليم كردستان هي عقود مشاركة بالإنتاج، وهي بالنتيجة خصخصة النفط العراقي وإعطاء حصة كبيرة للأجنبي، وتمثل ضرراً جسيماً للعراق، لذلك يجب رفضها أصلاً.
د- لقد ازداد الأمر تعقيداً عندما رد السيد روز نوري شاويش نائب رئيس الوزراء الكردستاني، على تحذيرات السيد نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني لشركتي "أكسن موبيل" و"توتال" الفرنسية من العمل في الإقليم مؤكداً في بيان صحفي: "إن هذه التصريحات - أي تصريحات الشهرستاني - من وجهة نظرنا وبالأخص فيما يتعلق منها بتهديد الشركات الاستثمارية العالمية وتحذيرها من العمل في كردستان سوف تؤدي، إلى عزوف هذه الشركات وابتعادها عن العمل في جميع أنحاء العراق..."، وأضاف: "إن مثل هذه التصريحات ستؤدي إلى توسيع الشق والخلاف بين الأطراف السياسية وتراكم مشاكل جديدة... وإن الطريق الأمثل لحل مثل هكذا مشاكل يكمن في اتباع أسلوب العمل والحوار المشترك والتواصل..."(6). ونقول مع الأسف، كان الأجدر بالسيد روز أن يوجه كلامه إلى حكومة إقليم كردستان وليس إلى الشهرستاني، لأنها هي سبب المشكلة، وهي التي لم تتبع "أسلوب الحوار المشترك"، وإنما تعاقدت في مناطق متنازع عليها، وبذلك كانت سبب "توسيع الشق والخلافات بين الأطراف السياسية"، ولم يكن أمام الدكتور الشهرستاني إلاّ أن يحذر هذه الشركات، وإن سكت عن هذه التجاوزات فإنه سوف يفرط في مصلحة العراق والعراقيين ويؤدي إلى خلق بؤرة أخرى للتوتر لن تنتهي إلى أبد الآبدين.
هـ- أود أن أضيف هنا مسألة أخرى كان قد تحدث عنها السيد رئيس الوزراء، بعد أن نشرت بعض المواقع بأنه أعطى المحافظات، (محافظة البصرة)، حق التعاقد إثر اجتماع مجلس الوزراء في البصرة، إذ أكد في تصريح له في 18/2/2012: "إن النفط ثروة للعراقيين جميعاً والتعاقد بشأنه لوزارة النفط ولم نعط أية محافظة حق التعاقد"(7). وفي الواقع كان من المفروض أن لا يذكر المحافظات فقط وإنما الإقليم أيضاً، إذ أن الدستور يعامل الإقليم معاملة المحافظات تماماً وذلك فيما يتعلق بالمسائل النفطية. علماً أن وزارة النفط كانت قد ذكرت في أواخر نيسان من عام 2011، أن شركة "لولور إنيرجي" الكندية، لا يمكنها البدء بأعمال التنقيب وفق الإذن الذي حصلت عليه من محافظة صلاح الدين(8).
و- وحتى لو لجأت "أكسن موبيل" إلى التحكيم الدولي، والذي يستغرق أعواماً، وبرغم خبرة هذه الشركة في المحاكم الدولية، فإن النتيجة بإعتقادي سوف تكون لصالح العراق، وذلك في حالة تعيين محامين عالميين وعراقيين أكفاء، حيث أن "موبيل" قد خرقت القوانين العراقية، والتي نص عقدها مع وزارة النفط بخضوعها لتلك القوانين.
في نفس الوقت أرى أن من المهم جداً إدخال الحكومة الأميركية كطرف في القضية، وذلك بالتهديد بإلغاء الاتفاقية الستراتيجية معها إذا لم تنسحب "أكسن موبيل" من عقودها مع حكومة الإقليم. أما كون "أكسن موبيل" شركة خاصة ولا دخل للحكومة الأميركية بذلك، فهو محض هراء، إذ أن نفوذ هذه الشركة هائل في داخل الدوائر السياسية الأميركية. وإذا كانت الحكومة الأميركية مؤيدة (بالخفاء) لمثل هذه الاتفاقيات، أو حتى لم يصدر عنها معارضتها الواضحة لها، فما جدوى "الاتفاقية الستراتيجية"، ومثل هذه الاتفاقيات النفطية هو تدخل مباشر من الشركات الأميركية في الشؤون الداخلية للعراق بعد أن عملت في "مناطق متنازع عليها".
وبالرغم انني من المعارضين بشدة للاتفاقية الاسترتيجية مع الولايات المتحدة والمطالبين بالغائها، ولكنني أتحدث الآن إلى الذين يعتقدون بفائدة هذه الاتفاقية الستراتيجية وادعوهم لاستعمال التهديد بالغائها كوسيلة ضغط على الطرف الاخر فالولايات المتحدة، وبوجود هذه الاتفاقية، لم تساعد أبداً في حل الأمور المعلقة كالبند السابع، أو العلاقة السيئة مع الكويت أو السعودية. كما لم تنصح "حلفاءها" في العراق للعمل على توحيده، بل عملت على العكس من ذلك فزادت التناقضات والصراعات السياسية. وإذا كان لدينا مثل هذا "الحليف/ الولايات المتحدة"، فنحن في غنى عن أي عدو، فهو ينوب عنه على أكمل وجه!!.
3- ما هو حجم شركة أكسن موبيل
لكي نستطيع أن نعطي تفسيراً لأسباب ذهاب أكسن موبيل للعمل في إقليم كردستان، وفي مناطق متنازع عليها، متحدية بذلك تهديد الحكومة الاتحادية العراقية، و"نصائح" الإدارة الأميركية، لو كانت هناك فعلاً نصائح، ولكي نعرف حجم هذه الشركة، سنتحدث عن أرباحها. إذ بلغت أرباحها في الربع الأول من عام 2011 ما يعادل (10,7) مليار دولار، كأعلى ربح حصلت عليه شركة عالمية في تلك الفترة. وهذا الربح يزيد 69% عن أرباحها في نفس الفترة من عام 2010. وأن ربح الربع الأول من العام 2011 يمثل أعلى ربح حصلت عليه الشركة منذ الربع الثالث لعام 2008. مما يعني أن الشركة تجاوزت الانكماش الاقتصادي العالمي الذي بدأ في النصف الثاني من عام 2008.
إن أرباح شركة أكسن موبيل في ثلاث سنوات منذ 2008 قد كانت الأعلى مقارنة بجميع الشركات العالمية، ولكن الضرائب التي دفعتها في هذه الفترة لم تتجاوز 2% من أرباحها، إذ لا تشتهر أكسن موبيل بكيفية تجنب الضرائب فحسب بل في الحصول على معونات من الحكومة الأميركية الاتحادية على أساس أنها تعمل على تطوير الطاقة المتجددة. كما أنها تتجنب دفع الضرائب باستخدام شركاتها عبر البحار offshore في البحر الكاريبي. وعندما تحدث السناتور الأميركي بيرني ساندر في مجلس الشيوخ في 30/10/2010 قائلاً: "إن شركة أكسن موبيل حصلت في العام الماضي (أي في السنة المالية المنتهية في آذار 2010) على أرباح قدرها (19) مليار دولار ولم تدفع أية ضريبة، بل حصلت على إعانة من الحكومة الأميركية قدرها (156) مليون دولار، اعترضت الشركة على ذلك مؤكدة بأنها دفعت ما يعادل 1,8% من أرباحها كضرائب!!. أما في عام 2008 فلقد حققت أرباحاً قدرها (37) مليار دولار.
من المعلوم أن شركة أكسن موبيل من الممولين الرئيسيين للحزب الجمهوري، ولعل القارئ يتذكر قول دونالد ترمب Trump أحد مرشحي الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة (والذي انسحب لاحقاً)، عندما ذكر لمحطة تلفزيون "فوكس" في أواخر نيسان 2011: "إن على الولايات المتحدة أن تستحوذ على أي نفط ينتج في العراق لأنها كانت القائد لغزو العراق"، وأضاف: "نحن خسرنا آلاف الجنود، أناس عسكريين عظام، وعشرات الآلاف من الجرحى... وأنا أقول خذوا النفط لأن ما سيحدث هو أن إيران سوف تستحوذ على نفط العراق حال خروجنا"!!!.
إن شركة "أكسن موبيل" لا تحتاج إلى أرباح وإنما تحتاج إلى نفط، لتمشية البنية التحتية الهائلة التي لديها من حقول ومصاف وأنابيب ومحطات توزيع، فهي تعاني من نقص في الإمدادات النفطية وهي تبحث الآن في جميع أنحاء العالم عن مصادر جديدة.
إن نسب أرباح الشركات الأجنبية في الإقليم أعلى من الحكومة الفيدرالية، (كما سنوضح في الفقرات التالية)، ولكن كمية الإنتاج ستكون قليلة جداً مقارنة لحقلها في الجنوب. وكما بينا سابقاً فإن عقدها في غرب القرنة (1) سيؤدي إلى إنتاج ذروة قدره (2,825) مليون برميل/اليوم وهو رقم هائل بكل المقاييس. مع إمكانية عالية جداً لحصولها على رقع استكشاف وتطوير في الدورة الرابعة لوزارة النفط نظراً لحجم الشركة وإمكانياتها الهائلة.
4- الفرق بين أرباح الشركات في عقود إقليم كردستان، وعقود الحكومة الاتحادية
أ- إن عقود إقليم كردستان هي عقود مشاركة بالإنتاج، وللشركات حصة في النفط تعتمد على النسبة المقررة في العقود. أما عقود الحكومة الاتحادية فهي تمثل عقود خدمة فنية، وتتمثل أرباح الشركات بـ"الحافز" الذي يعطى للشركة، وهو اعتيادياً قليل إذ يصل إلى حوالي 2% من أسعار النفط الحالية. حتى أن حافز عقد حقل غرب القرنة (1) يبلغ (2) دولار/البرميل المنتج الزائد عن حد معين، وبالنتيجة فإن الشركات الأجنبية تستلم ما يقارب 97,5 سنت (منها حوالي 78 سنت إلى شركة أكسن موبيل)، والمتبقي هو حصة الجانب العراقي وضرائب الحكومة العراقية.
عندما دخلت أكسن موبيل العراق في عام 2009، ووافقت الشركات الأجنبية الكبرى الأخرى على شروط الحكومة الاتحادية، فإن حساباتها كانت مبنية على الحصول على عائد داخلي IRR 15-20%، وهي نفس الأرقام التي أعلنتها BP فيما يتعلق بعقد الرميلة (10).
توصلت شركة Wood Mackenzie بالاشتراك مع Deutsch Bank بدراسة اقتصاديات العقد الأول الذي وقعته أكسن موبيل [وكان لمدة 20 عاماً لرفع الإنتاج من (244) ألف برميل/اليوم إلى (2,325) مليون برميل/اليوم، مع حافز قدره (1,9) دولار للبرميل. وباعتماد هذه الاتفاقية قبل تعديلها بزيادة الحافز إلى (2) دولار للبرميل، وإنتاج ذروة قدره (2,825) مليون برميل/اليوم] إلى أن نسبة العائد الداخلي لعمر المشروع IRR يصل إلى 19,5% (وهو رقم جيد جداً للشركات)، ولكن هذا يتم فقط في حالة ارتفاع الإنتاج فعلاً بصورة منتظمة بين الأعوام 2010 - 2017 للوصول إلى إنتاج الذروة واستقرار هذا الإنتاج في المدة المحددة بالعقد. ولكن في حال وجود مشاكل في تطوير نسبة زيادة الإنتاج بحدود 10-15% في الأربع سنوات الأولى، فإن IRR سوف ينخفض إلى 12,1% - 16,2%.
والمعلومات المتوفرة من دوائر الشركات الكبرى العاملة، تفيد أن موبيل تعتقد أن هناك تأخيرات عديدة في البنية التحتية وفي عملها وتلوم وزارة النفط على ذلك، حيث أن IRR سيكون بحدود 12% فقط. كما أن المعلومات تبين أن الحكومة العراقية تخطط وبنعومة بالغة لإعادة التفاوض حول عقودها، لتقليل المستوى العالي المخطط له من (12) مليون برميل/اليوم إلى (8-8,5) مليون برميل/اليوم، وهي حركة من المحتمل أن لا تلاقي ترحيباً من قبل الشركات الأجنبية التي تنتظر عوائد سريعة، وتحاول أن تلوم الحكومة العراقية على هذه التأخيرات كي تجني عوائدها كاملة. ومن المحتمل أيضاً أن توافق الشركات على ذلك، حيث ستقل استثماراتها كثيراً، وسيناقش هذا الموضوع في الدراسة الثالثة من هذا الكتاب.
فليلاحظ القارئ أن الحوافز لوحدها التي تحصل عليها الشركات الأجنبية من عقد تطوير حقل غرب القرنة (1) قد تزيد عن (2,25) مليار دولار سنوياً في فترة إنتاج الذروة، وهو رقم عال جداً ومغر!!.
ب- ونقلاً عن MEEs، فإن مجلة Energy Intelligence(10)، تقول إن محلل النفط بيتر ويلز Peter Wells كان قد قام بدراسة اقتصادية عن عوائد الشركات الأجنبية من عقود المشاركة بالإنتاج الموقعة من قبل حكومة الإقليم، وتوصل إلى أن IRR في هذه العقود سيكون بين 34-56% اعتماداً على أسعار النفط بين (60-100) دولار/البرميل. ويقول: "إن هكذا عائد للشركات عال جداً مقارنة بالمقاييس السائدة"، وإن مشاريع عقود المشاركة في دول أوبك الأخرى لا يتجاوز اﻠ IRR فيها عن 20%.
وفي دراسة أخرى قامت بها مؤسسة citi، أعدت من قبل Michael Alsfard وMukhtar Garadg، توصلت إلى أن معدل IRR يصل إلى 35%، وذلك بعد دراسة 40 عقد مشاركة بالإنتاج وقعت من حكومة الإقليم، ولم يذكر سعر تصدير النفط.
ج- تقول المعلومات أيضاً، أن العقود الموقعة من أكسن موبيل كانت مغرية جداً، كما وأن الرقع الاستكشافية هي من الأنواع العالية الاحتمال لوجود المواد الهيدروكربونية فيها، ولهذا قامت الشركة بهذه المجازفة. من هنا فإنه يتوقع أن يصل IRR إلى أرقام عالية جداً.
أما الرقع الاستكشافية التي تعاقدت عليها شركة توتال الفرنسية، وأعلن عنها في بداية شباط 2012 فإحداها كانت تعود إلى شركة ShamAran Petroleum المسجلة في كندا، والثانية إلى شركة Petoil التركية، والرقعتان الأخريان تقعان في جنوب ووسط كردستان في خاليكان. وهناك معلومات تشير إلى احتمال أن يكون قسم من هذه الرقع الاستكشافية في "مناطق متنازع عليها" أيضاً!!.
د- تحدثت جميع النشرات والصحف العالمية المهمة أو المختصة عن "حذر والتزام" شركة أكسن موبيل في ستراتيجيتها الاستثمارية، ولهذا يطرح السؤال دائماً: ما السبب وراء حركتها "الجزئية وغير الحذرة" في إقليم كردستان؟. لقد ذكر البعض أن هناك تبدل في مواقف هذه الشركة في الفترة الأخيرة، حيث بدأ الحديث عن أن "هناك أكسن موبيل جديدة على الساحة الدولية"(12). والسبب في ذلك أن هذه الشركة تريد وتحتاج إلى النفط و(الغاز) وتبحث عنه في كل مكان يمكنها الوصول إليه، ولهذا فإنها قامت في الفترة الأخيرة بأعمال تعتبر من "المغامرات"!!.
لقد أرادت شركة أكسن النفطية الأميركية العملاقة التوسع، ولهذا التحمت مع شركة أخرى نفطية أميركية عملاقة وهي موبيل، وذلك في العام 1999، وأصبحت تعرف بـ (أكسن موبيل ExxonMobil). ولاقت هذه الشركة المندمجة نجاحات كبيرة، ولكن مشكلتها استمرت، بل زادت، في نقص الاحتياطيات النفطية والغازية، التي تكفي لاستغلال جميع البنية الصناعية النفطية الهائلة المتوفرة لديها، وهذا الأمر يحتاج إلى "مغامرات".
استحوذت في كانون الأول 2009 على شركة الغاز المختصة بتنكولوجيا "غاز الطفال Shale gas"، والمسماة XTO Energy. ومنذ ذلك الحين قامت هذه الشركة الأخيرة (وبتمويل من أكسن موبيل) في محاولات كثيرة وحثيثة للحصول على الاحتياطيات الهيدروكربونية غير التقليدية، فلقد ذهبت أكسن موبيل إلى المنطقة القطبية الشمالية، وحفرت في المياه البحرية العميقة، وكذلك دخلت مضمار الغاز الطبيعي المسيل LNG. لقد فشلت في العام الماضي بالحصول على مناطق بحرية عميقة deep water في غانا في الحقل النفطي المسمى Jubilee، واضطرت إلى الانسحاب من مشروع كلفته حوالي (4) مليارات دولار لتطوير هذا الحقل. ولكن تغلبت في هذه السنة على كل من شركتي برتش بتروليوم BP وشيل باتفاقها مع الشركة الروسية الحكومية Rosneft للعمل في المنطقة القطبية. ولعل أهم نجاحاتها هي عقودها مع الحكومة العراقية والمتعلقة بحقل غرب القرنة (1)، ومشروع حقن الماء، حيث نتحدث هنا عن استثمارات تتجاوز الـ(30) مليار دولار.
في الواقع إن من ينظر إلى شركة أكسن موبيل يراها تتحرك وكأنها شركة نفطية وطنية مثل الشركة الإيطالية Eni أو الإسبانية Repsol، والتي تدخل في مخاطر سياسية ومالية لضمان احتياطيات نفطية.
وباعتقادي أن أكسن موبيل لديها قناعة كبيرة بأنها سوف تتمكن من العمل مع كلا الجانبين، الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، وذلك بدعم الحكومة الأميركية، أو على الأقل عدم ممانعتها وضمان وقوفها معها في حال قيام الحكومة الاتحادية بأي عمل ضدها. كذلك فإنها ترى أن الحكومة الاتحادية في وضع "ضعيف"، وأنها غير منسجمة وتحاول كتلة السيد المالكي أن تحصل على حلفاء سياسيين (وتأييد أميركي) في استمرار بقائها، كما أن هذه الحكومة خائفة من نتائج التحكيم الدولي، ولهذا تستطيع الشركة - كما تعتقد هي - بتمشية ستراتيجيتها بالعمل في المكانين، وستقتنع الحكومة الاتحادية في النهاية بهذا الأمر وأرى أن هذا لن يحدث وشركة أكسن موبيل واهمة، في تصورها، إذ لو قبلت الحكومة الاتحادية بهذا الموقف ستكون قد ضحت بكل مصالح الشعب العراقي، كما أن هنالك قوى سياسية ضمن كتل السيد المالكي لا ترضى إطلاقاً بهذا الوضع المهين والمضر بالعراق، والذي تحاول الشركة وحكومة الإقليم (وبدعم من الولايات المتحدة) فرضه كأمر واقع.
كل البوادر تشير إلى أن الشركة وفي حال بقائها في الإقليم فإنها سوف تحاول أن تشتري الشركات الصغرى الأخرى التي عثرت على النفط، والتي لا تتوفر عندها الإمكانيات المالية الكافية لتطوير الحقول أو الحفر إلى طبقات أعمق لزيادة الاحتياطيات. لهذا فمن المتوقع إعادة هيكلية الشركات النفطية في كردستان، ولقد بدأ هذا الأمر بالفعل خلال الأشهر الماضية قبل وبعد دخول الشركات الكبرى إلى الإقليم، وكما موضح في الفقرة (5) أدناه. من الممكن أيضاً أن تفكر الشركة أن نسبة أرباحها من عقود الخدمة هي أقل من عقود المشاركة بالإنتاج وبهذا تحسن من وضعها المالي. ولكن من الواضح أن الكميات النفطية من عقود الخدمة كبيرة جداً مقارنة بالكميات القليلة نسبياً والممكن إنتاجها من عقود المشاركة في كردستان، لذا فإن أرباحها ستزداد ولكن فقط في حال عدم إنهاء خدماتها في الجنوب والوسط، وبعكس ذلك أي بالبقاء في كردستان فقط، فستكون أرباحها أقل.
وهناك احتمال آخر، وهو اعتقاد الشركة بأن العراق مستعجل جداً على زيادة الإنتاج (إذ نحن نتحدث عن دورة التراخيص الأولى)، كما وأن الاستثمارات عالية جداً بحيث لا تستطيع أن تدخل شركة عالمية أخرى محلها. المعلومات تقول غير ذلك، وهناك اهتمام بأخذ حصة أكسن موبيل حتى من قبل شريكها في العقد وهي شركة شيل، أو غيرها من الشركات الأخرى الكبرى العاملة في البصرة أو ميسان. المهم أن على الحكومة الاتحادية اتخاذ القرار السريع بطرد الشركة حتى لا يحدث تأخير في المشروع. إضافة إلى ذلك هناك شركات عالمية كبيرة عاملة حالياً ضمن عقود دورات التراخيص مستعدة أن تحل محل أكسن موبيل بمشروع حقن الماء.
هـ - إن تقرير ExxonMobil حول توقعات الطاقة إلى عام 2040، والذي نشر في النصف الأول من كانون الأول 2011(15)، يضع أعلى المنتجين العالميين الثلاثة للنفط في سنة 2040 هم الحاليين أنفسهم، وهم السعودية وروسيا والولايات المتحدة. وهذا يعني أن أكسون موبيل نفسها تشكك في الخطة الإنتاجية للعراق، ونحن لا نتحدث هنا عن عام 2020 وإنما عن 2040، وأن تقرير أكسن موبيل يقول يستمر الوضع الحالي في تسلسل الدول الثلاث ألاعلى إنتاجاً كما هو إلى عام 2040. أما بالنسبة للعراق فإن وليم كولتن، نائب رئيس شركة أكسن موبيل، يقول عندما سؤل عن العراق بأنه "لا اعتراض أن الإنتاج من العراق سوف يلعب دوراً مهماً في الإمدادات النفطية".
وبهذا دخلت أكسن موبيل ضمن المجموعات العالمية التي تشكك في إمكانية العراق من تحقيق طموحاته الإنتاجية للوصول إلى (12-13) مليون برميل/اليوم إلى سنة 2020. فمثلاً إن تقرير شركة شيل Shell Energy Scenarios إلى سنة 2050، يتوقع أن يصل إنتاج العراق خلال (10) سنوات إلى (5-6) مليون برميل/اليوم. أما تقرير شركة BP "BP Statistical Review"، فقد وضع إنتاج العراق لعام 2020 ما قدره (4,5) مليون برميل/اليوم!!، ووضع (5,5) مليون برميل/اليوم لعام 2030. وهذا التقرير متشائم جداً إذ بالتأكيد أن الأرقام سوف تكون أعلى من ذلك.
ولو نستمر في تقديرات الجهات العالمية لإنتاج العراق، نجد أن تقرير "منظمة الطاقة العالمية International Energy Agency IEA" يتوقع أن لا يزيد إنتاج العراق عن (6) مليون برميل/اليوم إلى عام 2030. أما المنظمة الحكومية الأميركية حول معلومات الطاقة "Energy Information Agency EIA"، فإنها تقول في أحسن الأحوال سيصل إنتاج العراق في عام 2035 إلى (8,3) مليون برميل/اليوم(15).
وتجد كل الجهات السابقة ان العراقيل الكبيرة لزيادة الإنتاج (وبالتالي التصدير)، ناتجة من عدم كفاية البنية التحتية اللازمة للإنتاج والتصدير من أنابيب الى الموانئ العراقية والسورية والتركية، وعدم استعداد الموانئ العراقية النفطية وغير النفطية للتعامل مع ما يتعلق بإنتاج وتصدير النفط.
ولهذا يفكر البعض أن أكسن موبيل التي استثمرت وتستثمر مبالغ كبيرة جداً في غرب القرنة (1)، تقول أن مشاكل فنية وسياسية ولوجستية تؤخر أعمالها، ولذا فمن المحتمل أنها بتوقيعها عقود في الشمال تعطيها IRR أعلى من 50% "تحمي" نفسها من احتمالات خسارة (المقصود تقليل IRR عن 10%) في عقودها في الجنوب. ولكن يبدو ان شركة أكسن موبيل بدأ يتضح لها أن عملياتها في الشمال وخصوصاً في محافظة نينوى ستتعرض لمشاكل كبيرة وربما لتدخلات عسكرية من الحكومة الاتحادية لحماية وحدة العراق.
5- لتحقيق الاندماجات (إعادة الهيكلة) للشركات النفطية العاملة في الإقليم، سواء بالبيع والشراء أو الاستحواذ، فعلى الشركات الكبرى أن تعرف ماذا حققت الشركات العاملة في كردستان العراق منذ 2004، حيث وقع الإقليم (52) عقد مشاركة بالإنتاج، من ضمنها (6) عقود مع أكسن موبيل و(4) عقود مع شركة توتال الفرنسية.
أولا إن أحد أهم الشركات النشطة في الإقليم هي شركة "جنيل إنيرجي Genel Energy" التركية، والتي كانت بحاجة إلى أموال لتوسيع نشاطها واستثمار ما حققته في عقودها النفطية ووجدت الشريك في المؤسسة الاستثمارية "Vallare". استطاعت هذه المؤسسة الاستثمارية أن تجمع (2) مليار دولار -1,6 مليار باوند-، من خلال نشاط رئيسها توني هيوارد Tony Hayward، مما أعطى ثقة لشركة جنيل ولحكومة الإقليم بأن هذه الشركة قادرة على إكمال أعمالها الكثيرة.
وهيوارد هذا هو المدير السابق لشركة BP، وكان قد ترك الشركة بعد حادثة خليج المكسيك الشهيرة، حين انفجر الأنبوب تحت سطح البحر في المنصة التي كانت تستخدمها هاليبرتن في الحفر في مناطق بعيدة عن الساحل. مما أدى إلى كارثة بيئية كبيرة في المنطقة وخسارة جسيمة لشركة BP.
لقد حصل توني هيوارد على تقاعد قدره (10) مليون باوند من BP رغم خسارة الشركة الهائلة، ثم أسس مع آخرين مؤسسته المالية Vallare (فالير)، واتجه نحو إقليم كردستان حيث فرص الربح العالية في العمليات النفطية، متزوداً بمبلغ (2) مليار دولار استطاع جمعهما من مستثمرين لتشغيل أموالهم. وبعد أقل من عام من تأسيس مؤسسته استطاع أن يدمج شركته Vallare (فالير) مع شركة جنيل إنيرجي التركية وربح شخصياً (12) مليون باوند من هذه الصفقة، حيث حصل هو والمدراء الثلاث الآخرين لشركته على حصة في شركة جنيل إنيرجي. لقد كانت هذه صفقة ناجحة للطرفين، و Genel Energy الان هي شركة تركية بريطانية.
بعد دمج الشركة البريطانية فالير بالشركة التركية جنيل، أصبحت جنيل أحد أكبر الشركات العاملة في الإقليم، واستطاعت الاستحواذ على كامل حصص الشركات الأجنبية في حقل جياسورخ Chia Surkh، الذي تم اكتشافه مؤخراً من قبل الشركة التركية جنيل نفسها، ويقع قسم منه في "المناطق المتنازع عليها" حسب اعتقاد العديدين، رغم أن المنطقة تدار بالكامل حالياً من قبل حكومة الإقليم. يقدر الاحتياطي الثابت لحقل جياسورخ بحوالي (300) مليون برميل. علماً أن شركة جنيل قامت بشراء حصة الشركة الكندية Longford Energy التي كانت تملك 40% من عقد جياسورخ، بمبلغ (68) مليون دولار. كذلك اشترت حصة الشركة التركية Petoil Petroleum والبالغة 20% بمبلغ (26) مليون دولار. وبهذا وصلت حصتها بالشركة إلى (80%)، مع 20% حصة حكومة الإقليم.
إن أهم حقل للشركة التركية آنفة الذكر هو حقل (طق طق)، حيث أنها كانت قد حصلت عليه كعقد مشاركة بالإنتاج في عام 2004 (وهناك معلومات تقول في عام 2002)، ولم يعلن شيء عنه في حينه وإلى سنوات لاحقة، حيث كان العقد مع جنيل إنيرجي وشريكتها الكندية Addax. وعندما عرف عقد المشاركة هذا بعد سنوات من توقيعه أثار استغراباً كبيراً لدى الدوائر النفطية العراقية، فالحقل مكتشف سابقاً وكان قد حفر فيه ثلاث آبار في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، وتم تقييمه وتقييم نفطه وتقرر الاستمرار في حينه بالحفر فيه لطبقات أعمق، و كان متوقعا بقوة في حينه أن يتم زيادة احتياطياته من (360) مليون برميل إلى (10) أمثال هذا الرقم، حسب رأي الجيولوجيين ومهندسي النفط، علماً أن النفط الموجود فيه هو من النوعية الخفيفة الجيدة. وسبب استغراب الدوائر النفطية هو توقيع عقد مشاركة بالإنتاج في حقل معروف ومحدد، بينما مثل هكذا عقود تكون لرقع استكشافية وليس لحقول معروفة ومحددة. ومن الجدير بالذكر أن ملاحق مسودة قانون النفط والغاز المؤرخة في 15/2/2007 كانت قد وضعت حقل (طق طق) ضمن الحقول الممكن استغلالها. ورُفضت في حينه الملاحق والمسودة من قبل حكومة الإقليم، ووضعت ملاحق جديدة في 27/4/2007، أضافت فيها حقل (طق طق) إلى قوائم الرقع الاستكشافية (رغم كونه حقلاً معروفاً ومحدداً)، وعرف السبب لاحقاً إذ أن الإقليم كان قد تعاقد على تطوير هذا الحقل بعقد مشاركة بالإنتاج.
يتوقع أن تحيل شركة عمليات حقل (طق طق) TTOPCO (وهي تجمع شركتي Genel/Addax) قريباً جداً مشروع أنبوب بقيمة (400) مليون دولار لتوصل نفط الحقل إلى فيشخابور بالقرب من الحدود التركية، وذلك لربطه بخط تصدير النفط العراقي الواصل إلى ميناء جيهان في تركيا. ويقول لاندو في تقريره في Iraq Oil Report في 18/1/2012(13)، إن أكبر مشاريع شركة جنيل هي حقل (طق طق)، والذي تطوره الشركة "الصينية"!! Sinopec-Addax. ونلاحظ هنا تغيير باسم الشريك فعند توقيع العقد في عام 2004 كان الشريك للشركة التركية هو شركة Addax الكندية، وكما يظهر فإن الصينيين قد اشتروا الشركة الكندية كلها أو بعضاً منها. كما ذكر التقرير أن إنتاج الحقل الحالي يبلغ (75) ألف برميل/اليوم، وأن إنتاجه يباع في السوق المحلية، وكذلك ينقل بالشاحنات إلى نقطة فيشخابور لإدخاله إلى خط التصدير.
ويذكر تقريرآخر أعد من قبل International Oil Daily(14)، أن إنتاج حقل (طق طق) الحالي يبلغ (80-85) ألف برميل/اليوم، يصدر منه (40) ألف برميل، والمتبقي يجهز إلى المصافي المحلية أو يباع في السوق المحلية. ويستمر التقرير ليقول إن أسعار النفط الخام التي تباع محلياً تصل بين (30-60) دولار للبرميل اعتماداً على كثافة النفط!!. كذلك يتحدث هذا التقرير عن حقل الشركة النرويجية DNO - حقل طاوقه Tawke- (والذي تمتلك الشركة التركية البريطانية جنيل إنيرجي حصة فيه)، ويبلغ إنتاجه الحالي (65) ألف برميل/اليوم، يصدر منه (25-30) ألف برميل/اليوم فقط والمتبقي يباع في السوق والمصافي المحلية!!. إضافة لذلك فإن التقرير يتحدث عن "حقل" خرماله (والذي يمثل القبة الثالثة لحقل كركوك) ويقول إن المعلومات عنه قليلة ولكنه يقدر أن إنتاجه حوالي (70) ألف برميل/اليوم، يذهب منه (40) ألف برميل/اليوم إلى مصفى المجموعة المسؤولة عن حقل خرماله "Kar Group".
(ثانياً) إن المعلومات المتعلقة بالمصافي "المحلية" مشوشة وغير دقيقة، ولقد كان الحديث في السنتين الماضيتين عن أرقام هائلة لعددها والذي تجاوز (100) مصفى!!، وذلك عندما كشفت الصحف الأميركية عن "تهريب" لنفط إقليم كردستان عبر إيران. وادعت حكومة الإقليم أن الأمر ليس تهريباً للنفط الخام، وإنما منتجات مصافي، وكذلك أعلنت أنها تعمل على غلق المصافي غير المرخص لها!!.
إن المعلومات المتوفرة عن مصافي حكومة الإقليم الرسمية، هي فيما يتعلق بمصفى أربيل، حيث يعمل على توسيع طاقته من (40) إلى (80) ألف برميل/اليوم، وسيتم إنتاج (20) ألف برميل/اليوم منه هذا العام. كذلك تعمل (مجموعة قيوان Qaiwan Group) على توسيع مصفاها في بازيان في السليمانية من (20) إلى (35) ألف برميل/اليوم، مع وحدة لإنتاج البنزين الخالي من الرصاص. أما وحدات التصفية البدائية (topping plants)، وكذلك السوق السوداء للنفط في الإقليم، فإنها تصل إلى حوالي (65) ألف برميل/اليوم، على الرغم من محاولات حكومة الإقليم غلق المصافي غير المرخصة. وتعمل حكومة الإقليم لزيادة طاقة التصفية في الإقليم إلى (300) ألف برميل/اليوم(13).
إن المعلومات المتوفرة لدينا عن كميات النفط المستلمة من قبل الحكومة الاتحادية من نفط الإقليم ولأغراض التصدير يمكن تلخيصها بما يلي:
ألف برميل/اليوم من إقليم كردستان
(183) ألف برميل/اليوم في 5/6/2011
(74) ألف برميل/اليوم معدل شهر تشرين الأول 2011
(64) ألف برميل/اليوم معدل شهر أيلول 2011
(104) ألف برميل/اليوم معدل شهر آب 2011
(152) ألف برميل/اليوم معدل شهر تموز 2011
(155) ألف برميل/اليوم معدل شهر حزيران 2011
(142) ألف برميل/اليوم معدل شهر أيار 2011
(120) ألف برميل/اليوم معدل شهر نيسان 2011
(69) ألف برميل/اليوم معدل شهر شباط 2011
(9) ألف برميل/اليوم معدل شهر كانون الثاني 2011
يؤسفني القول بعدم حصولي على كامل المعدلات اليومية لنفط الإقليم المصدر رسمياً، من خلال أنبوب التصدير الرئيسي لنفط الشمال، ولكن المعلومات المتوفرة فقط لتسعة أشهر والمذكورة في الجدول اعلاه، ترينا ان معدل التصدير اليومي لعام 2011 يعادل (98,8) ألف برميل/اليوم للتسعة أشهر المذكورة. كما نلاحظ من الجدول ما يلي:
* استطاعت حكومة الإقليم تزويد الحكومة الاتحادية (183) ألف برميل/اليوم في يوم واحد في شهر حزيران 2011، وفي الواقع فإن معدلات الأشهر أيار وحزيران وتموز كانت (142 و155 و152) ألف برميل/اليوم على التوالي.
* من الواضح أن الكميات المجهزة للتصدير تعتمد على العلاقة القلقة بين الإقليم والحكومة المركزية، إذ بدأ التصدير يقل بعد آب ولم يكن هنالك تصدير تقريباً في شهر كانون الثاني 2011. ولو افترضنا أن التصدير في الأشهر الثلاثة المتبقية من سنة 2011 مقاربة لمعدل تصدير شهر تشرين الأول 2011، أي (74) ألف برميل/اليوم. لوصلنا إلى معدل التصدير لسنة 2011 يعادل حوالي (93) ألف برميل/اليوم.
وهذا يعني في كل الأحوال أن المعدل اليومي للتصدير الرسمي لنفط الإقليم يتراوح بين (93-99) ألف برميل/اليوم.
(ثالثاً) إن المعلومات التي وردت في الفقرة (أولاً) أعلاه تقول إن الطاقة الإنتاجية في حقول الإقليم الثلاثة: طق طق (80-95)، وطاوقه (65)، وخرماله (70)، تصل إلى ما مجموعه (215-220) ألف برميل/اليوم، هذا ما عدا الحقول الأخرى مثل الشيخان وجياسورخ وغيرها، كما أن المعلومات تقول عن الطاقة الإنتاجية لحقل طاوقه تجاوز (65) ألف برميل/اليوم بكثير وقد يتجاوز إنتاجه (125) ألف برميل/اليوم. وحسب المعلومات المتوفرة فإن المصافي الرسمية لا تأخذ أكثر من معدل (40) ألف برميل/اليوم. مما يعني أن الكمية الجاهزة للتصدير تعادل (175) ألف برميل/اليوم في أسوأ الحالات. وما يؤكد هذا الأمر هو أن الإقليم كان قد صدر في 5/6/2011 ما يعادل (183) ألف برميل/اليوم.
واذا طرحنا مجموع استهلاك المصافي الرسمية (40) ألف برميل/اليوم، والتصدير (96) ألف برميل/اليوم من معدل الإنتاج البالغ (215) ألف برميل/اليوم سيتبين أن التهريب يعادل (79) ألف برميل/اليوم (بضمنها البيع الداخلي في السوق السوداء).
يؤسفنا القول أيضاً أن الأرقام أعلاه هي تخمينات، مبنية على جمع معلومات غير رسمية، وذلك بسبب عدم وجود الشفافية فيما يتعلق بإنتاج الشركات في إقليم كردستان، ولكننا نعتقد جازمين بأن الأرقام المذكورة أقرب إلى الواقع.
(رابعاً) إن ما يسمى بالمصافي غير المجازة في الإقليم هو شكل من أشكال "الحيلة"، إذ أن بناء مصفى في الأسواق المحلية غير وارد إطلاقاً، ولو كان الأمر كذلك لكانت مسألة نقص المنتجات النفطية أمراً محلولاً، ليس في العراق فحسب بل في جميع أنحاء العالم. لذا فعندما يقال أن في الإقليم ما يتجاوز (100) مصفى، وقد يصل إلى (200)، أمر يدعو للسخرية والاستغراب!!. قد يتمكن البعض أن ينتج منتجاً محدداً كالكيروسين وبكميات قليلة جداً، ولكن يحتاج هذا الأمر إلى وحدات لرفع الكبريت من المنتج، وإلاّ لكانت نتيجة احتراق النفط الأبيض وانتاج كميات من السموم، و ينطبق الأمر كذلك على البنزين أو الكازويل. باعتقادي أن ما يسمى بالمصافي غير المجازة ما هي الا طريقة للتغطية على عمليات التهريب بإدعاء أن ما يهرب هو منتجات نفطية وليس نفط خام، لإن أية حكومة تسمح ببناء مثل هذه المصافي التي تعرض من يعمل فيها ومن يستخدم منتجاتها للخطر الشديد جداً، هي حكومة غير مسؤولة. و ليست حكومة إقليم كردستان حكومة غير مسؤولة أو مضحية بحياة البشر.
إن الإشكال الموجود هو عدم إدراك الآخرين، ومنهم حكومة الإقليم بأن المنتجات النفطية تعامل معاملة النفط الخام عند التهريب، واعتيادياً عندما يكون هناك فائض في المنتجات فإنه يخرج مع النفط الخام ويصدر. إن هذه الكميات من النفط "المهرب" والتي تقارب (80) ألف برميل/اليوم، هي ملك الشعب العراقي، وفي حال إخراجها من أية منطقة في العراق يجب طرح مبالغها من الحصة المالية للإقليم أو المحافظة التي يحدث فيها هذا الأمر.
وكما أرى فأن حكومة الإقليم غير جادة في محاربة ظاهرة التهريب، لوجود منفعة مادية سواء كانت شخصية فردية أو على مستوى حكومة الإقليم وتزيد عن الموارد المالية المخصصة لها والبالغة 17% من الميزانية العامة. إضافة لذلك لم أجد في الميزانية الاتحادية عوائد المصافي من الإقليم. إذ المعتاد إن عوائد جميع المصافي تدخل الميزانية الاتحادية، وتجمع مع الموارد الأخرى ضمن "الواردات"، لكي يستطاع توزيع الناتج الكلي للميزانية الاتحادية، وإعطاء حصص الإقليم والمحافظات.
ظهر مما تقدم إن الموارد التي يجب أن تأتي إلى الميزانية الاتحادية من النفط "المهرب" والمباع في السوق السوداء (ويجب أن تكون بالأسعار العالمية)، وكذلك الموارد المالية من النفط المصفى والمنتجات النفطية (وبالأسعار المدعومة) لا تدخل ضمن واردات الميزانية الاتحادية لسبب أو لآخر، ولا أستغرب أن تطلب حكومة الإقليم في يوم من الأيام تسليمها ما يسمى (البترودولار)، وهو إعطاء المحافظة دولار عن كل برميل نفط ينتج فيها!!، وهو امر من حقها ان تطلبه في حال وجود شفافية في الكميات المنتجة والمباعة والمهربة (والتي تستقطع مبالغها من حصتها)
كنا قد تحدثنا عن تهريب النفط إلى تركيا وإيران في كانون الثاني 2008 في كتابنا: (حكومة إقليم كردستان وقانون النفط والغاز)، وكذلك تحدث الأميركان والصحف العالمية بعد عام عن الموضوع ونشرت أفلام وثائقية عن النفط المهرب إلى إيران، وذلك عندما صدرت الأوامر الأميركية والأوربية بالمقاطعة الاقتصادية لإيران، ولم يتم التحدث في حينه عن تهريب النفط إلى تركيا. ولم ينقطع هذا الأمر وإنما ازداد بازدياد النفط المنتج، وتدهور العلاقة بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية، وسأذكر القصة التالية حول الموضوع، وهي ليست من نسج الخيال وإنما وقعت فعلاً!!.
في إحدى الاجتماعات الدولية في خارج العراق، تقدم أحد الأشخاص إلى شخصية عراقية مسؤولة، معرفاً بنفسه أنه وزير نفط دولة تقع شرق إيران، وقال للمسؤول العراقي: "إننا نشكر بلدكم على موافقتكم تصدير نفطكم بالشاحنات لتغذية مصافينا!!!". لم يستطع المسؤول العراقي الرد والتزم الصمت، رغم معرفته أن وزير النفط في هذه الدولة كان يتحدث عن النفط المهرب ولم يكن يعرف أنه مهرب!!، أو أراد إيصال رسالة إلى الجهات العراقية!!.
(خامساً) من الشركات الأخرى التي تبحث عن تمويل (أو مشاركة) في الوقت الحاضر، هي شركة Gulf Keyston Petroleum المسجلة في برمودا، حيث أن لدى هذه الشركة ثلاث رقع استكشافية، وحصلت على النفط في حقل شيخان Shaikan، والذي ينتج حالياً (5000) برميل/اليوم أثناء عملية الفحص، ويتوقع أن يصل إنتاجه إلى (44) ألف برميل/اليوم. والتمويل الذي تحتاجه هو لبناء أنبوب لتوصيل نفطها من شيخان إلى خط التصدير(13).
* * *
من كل ما سبق ذكره فإن شركة أكسن موبيل قد تجاوزت "الخطوط الحمراء" بتوقيعها ستة عقود مشاركة بالإنتاج مع حكومة إقليم كردستان، إثنان منها تقع داخل محافظة نينوى نفسها، وواحد في المناطق المتنازع عليها في محافظة كركوك، وفي الوقت نفسه لها عقود ضخمة مع الحكومة الاتحادية. فهذه الشركة ليست فقط لم تنصاع لأوامر الحكومة الاتحادية، وإغفلت البنود العقدية مع الحكومة الاتحادية بتجاوزها وإهمالها القوانين العراقية فحسب، وإنما تدخلت في الشؤون السياسية الداخلية العراقية وذلك بالعمل في محافظة نينوى ومحافظة كركوك دون موافقة الحكومة الاتحادية (ولا حتى مجالس محافظتي نينوى وكركوك). لذا فمن الضروري جداً إنهاء عقودها مع الحكومة الاتحادية وبأول فرصة، وذلك في حال عدم انصياعها لأوامر الحكومة الاتحادية، بالانسحاب الكامل من العمل في إقليم كردستان. إن قرار الحكومة الاتحادية هذا يجب أن يكون واضحاً وحاداً وعلنياً وسريعاً ولا يحتمل أي تأويل آخر (مثل التجميد أو ما شابه ذلك)، ويعلن للشعب العراقي وللشركات العاملة في العراق.
إن عدم اتخاذ الحكومة الاتحادية لمثل هذا القرار لن يعرضها فقط لأضرار مالية، وإنما الأهم سيقلل من هيبتها واحترام الجماهير لها، وسيؤدي إلى تفكيك العراق، وخلق موضوع الأمر الواقع على الأرض والقبول به بخنوع وذلة، ومضرة كبيرة للعراق ووحدته.
فؤاد قاسم الأمير
24/2/2012
مصادر المقدمة
1- * "ExxonMobil-KRGdeal: A puzzling move at a critical time."
Ahmed Mousa Jiyad 12/11/2011
* "Iraq threatens Exxon with black list"
Iraq Oil Report 13/11/2011 (IOR)
علماً لقد قام هذا الموقع (IOR)بكتابة العديد من التقارير عن الموضوع، سواء من قبل بين لاندو نفسه أو العاملين معه، وهو لا يزال يتابع شؤون النفط العراقية وأهمها موضوع عقود أكسن موبيل مع حكومة الإقليم.
2- * "Iraq Lawmaker: Baghdad Can't Blacklist Kurdish Operators"
International Oil Daily 1/2/2012
* "مشرع: لا أساس قانوني لفسخ اتفاق العراق مع أكسن"
رويترز 31/1/2012
3- كتاب "آراء وملاحظات حول الاتفاقية الأمنية المقترحة بين العراق والولايات المتحدة". فؤاد قاسم الأمير. بغداد. تشرين الأول 2008.
4- جريدة "الصباح" في 24/11/2011 عن وكالة أنباء أ. ف. ب. كما تناقلت هذا الخبر جميع وكالات الأنباء والصحافة النفطية وغيرها. من الملاحظ أن نشرة Energy Intelligence Finance في عددها في 30/11/2011 تصف الموقف الأميركي بالإنذار الحذر Coutionary warning.
5- "Exxon deal stokes territorial dispute"
Iraq Oil Report 22/12/2011
6- * "مشادة كلامية بين شاويس والشهرستاني بسبب تحذيرات الأخير من عقود النفط الكردية مع الشركات الأجنبية: تحذيراتك ستلحق الضرر بالعراق كله". موقع البديل العراقي في 15/2/2012.
* "الكردستاني يحذر من استبعاد أكسن موبيل عن جولة التراخيص الرابعة" موقع "ينابيع العراق" في 14/2/2012.
* "Kurds in Baghdad rebuff Exxon critics"
Ben Lando/ Iraq Oil Report 16/2/2012
7- "المالكي: النفط ثروة للعراقيين جميعاً والتعاقد بشأنه يعود لوزارة النفط ولم تعط أية محافظة حق التعاقد". وكالة الصحافة المستقلة 18/2/2012
8- صحيفة الصباح في 27/4/2011
9- المعلومات حول أرباح أكسن موبيل وتهربها من الضرائب جاءت من المقالات التالية:
* "Obama Administration Plans Corporate Tax cut in Year of Record Profits"
المجلة الأميركية "The Nation" في 5/5/2011
* المجلة الإلكترونية: "Truthout" في 17/7/2011، وكذلك: "BuzzFlash" في 14/7/2011 تحت عنوان: "ExxonMobil is Number Two in Avoiding Taxes. May be Next Year it will surpass GE and be Number One corporate Dead beat"
10- "Weeding Out Iraqi Rate of Return"
مقالة صدرت عن مجلة: "Energy Intelligence Finance" بتاريخ 30/11/2011
11- "Tramp Wants All of Iraq's Oil for USA" UPI 29/4/2011.
* "Northern Iraq's reserves put oil majors in a quandary"
"the National" 23/2/2012
12- أعتمد في كتابة الفقرة (4د) والفقرة (5) على المصادر التالية:
* ("New" Exxon Rediscovers Taste for Risks)
"Petroleum Intelligence Weekly" 21/11/2011
* "Former BP boss earn 12m pounds from Iraq oil venture". "Tony Hayward pockets first tranche of payment from Kurdustan oil venture with Genel Energy".
"The Guardian" 20/1/2012
* كتاب: "حكومة إقليم كردستان وقانون النفط والغاز". فؤاد قاسم الأمير. كانون الثاني 2008
13- "Open Season Begins for Kurdistan"
Ben Lando/ Iraq Oil Report 18/1/2012
14- "Export Hurdles Beset Iraq as Total Looks North"
"International oil Daily" 9/2/2012
15- "Despite national wise investment, Exxon has output doubts"
Ben Lando/ Iraq Oil Report 10/12/2011
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا |
|
---|