<%@ Language=JavaScript %> الدكتور عاطف أبو سيف عن الجبهة الديمقراطية واليسار

 

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                                

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

عن الجبهة الديمقراطية واليسار

 

 

الدكتور عاطف أبو سيف

 

كان الآلاف في ميدان الجندي المجهول قبل أيام يحتفلون بذكرى انطلاقة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وكانت رايات الجبهة وصور شهدائها ترتفع في نواحي المكان المختلفة. كان حدثاً مميزاً لم يفت أي غزي ـ مر من قلب المدينة التي ما زالت تنتظر المصالحة التي لم تتم ـ أن يشاهده. وبجانب البحث المحموم عن المصالحة والوحدة وتحقيق التطلعات الوطنية التي هيمنت على خطابات المهرجان، فإن ثمة تذكيراً مهماً بالدور الكبير الذي قامت به الجبهة في مسيرة النضال الوطني وتشديداً على أهمية استمرار هذا الدور. وهو دور جعل من الجبهة أحد أعمدة العمل الوطني الفلسطيني وفاعلاً مؤثراً في مجريات السياسة الفلسطينية.

لقد شكلت الجبهة الديمقراطية جزءاً أساساً من مكونات العمل الوطني والكفاحي الفلسطيني وساهمت بشكل فاعل وحيوي في بلورة الهوية الوطنية الفلسطينية والنضال التحرري وشاركت في تطوير مؤسسات العمل الوطني. لم تكن الجبهة مجرد اختلاف تنظيري فكري داخل مربع اليسار الوطني بل كانت بحثاً عن أفضل السبل لتحقيق الجدل الدائم بين النضال الاجتماعي والتحرري. وفي أوج المد الثوري كانت الجبهة تقدم مطارحات وإجابات فكرية ووطنية عن أسئلة مستقبلية تحاول إضاءة عتمة اللحظات التي تمر بها القضية. لذا فإن التاريخ الطويل والحافل للجبهة شهد هذا التزاوج بين التنظير والممارسة. لقد ولدت الجبهة من رحم اللحظة الفلسطينية ولم تأت استجابة للحظة خارجية ولا امتداداً لها، لذا فإنها عملت وفق المسارات المختلفة وتأثرت بجميع مراحل العمل الوطني وكانت لها لمسة خاصة في كل منها.

وهي قدمت جملة من المواقف الرائدة في العمل الوطني والأفكار الكبرى التي صارت من مسلمات المشروع الوطني خاصة النقاط العشر والتوجه لإقامة السلطة الوطنية على أي جزء يتم تحريره، وهي فكرة ستصبح ديدن العمل السياسي الفلسطيني منذ النصف الأول من السبعينيات حتى الآن. كان ثمة تفاعل فلسطيني وحوار داخلي ونقاش هادئ ومحموم بحثاً عن المصلحة العليا رغم اشتداد نار التنافس في مرات. كان هذا التنوع الفلسطيني دائماً سر الاستمرارية الفلسطينية ولم يكن التعصب الأعمى سمة في الساحة الفلسطينية بل كان استثناءً، ويسهل اليوم الاستدلال على همينة هذا التعصب بعد الانقسام وسيطرته على العلاقات الداخلية

ولا يمكن الحديث عن الجبهة دون الحديث عن اليسار الفلسطيني ودور الجبهة الكبير فيه كونها المكون والركيزة الثانية له مع رفيقتها الجبهة الشعبية. لقد تميزت الساحة الفلسطينية بكونها مرآة السياسة العربية حيث تتجلي في داخلها كل انعكاسات السياسة العربية وصراعاتها، ورغم ما قد يؤخذ على بعض أقطاب اليسار الفلسطيني من اصطفاف في بعض الأزمات خارج السياق الفلسطيني فإن مرد ذلك كان يقرأ بوصفه انتصاراً لأفكار اليسار الشمولية والقومية وإذا شاء البعض الأممية. وقد يبدو من السهل وربما الاستسهال محاكمة الأمس بلغة اليوم، إلا أن الثابت هو أن البوصلة الأكبر التي كانت تقود الكل الفلسطيني في تلك الأيام الجميلة في بواكير الثورة كانت الهم الوطني والمصلحة الوطنية. ويحسب لليسار بمكوناته أنه كان وفياً لهذه المصلحة وقدم نموذجاً في التوفيق بين أفكاره خارج المحلية وبين التزاماته الوطنية المحلية. ثمة دور كبير قام به اليسار الفلسطيني خلال نصف القرن الماضي في صوغ وتطور الحركة الوطنية الفلسطينية لا يتناسب مع حضوره في الشارع الآن، وهو دور مستمد من مساهمة اليسار في الجوانب المختلفة كما في المراحل المتعاقبة التي مرت بها القضية الوطنية الفلسطينية. لم يقتصر هذا الدور ولا تلك المساهمة على التأطير النظري والمداخلات الفكرية التي كانت في أوقات تضاهي في أهميتها العمل الميداني بل إنها شملت اشتباكاً مباشراً مع العدو ومع الخصوم من أجل الدفاع عن القضايا الوطنية وعلى رأسها القضية التحررية. وفي مقابل مثلاً تقاعس الإسلام السياسي الفلسطيني لقرابة أربعين عاماً وعدم مشاركته في النضال اليومي بحجة الانشغال بالإعداد الفكري والتحضير للمرحلة القادمة عقائدياً، (باستثناء مساهمات فردية) فإن اليسار الفلسطيني بكافة تجلياته انهمك واشتبك مع الهم اليومي ونجح في المزاوجة بين نقاشاته الفكرية ونضاله الاجتماعي وبين الحاجة لمواجهة العدو وسياساته. ربما يتم استحضار هذه المقاربة بين الإسلام السياسي الفلسطيني الذي بات يحتل موقعاً متقدماً في التمثيل الشعبي والفعالية السياسية اليومية وبين اليسار لجملة من الأسباب سيكون أولها تبادراً للأذهان هو تبوؤ الإسلام السياسي موقع المعارضة الأول (وفي أحيان القوة الحاكمة) وهو الموقع الذي احتله اليسار. وليس المرء بحاجة لكثير من التفكير ليرى الفرق الكبير بين أداء الطرفين والخلاف في اللجوء إلى وسائل المعارضة. هنا قد تبدو المقارنة مجحفة بحق اليسار الفلسطيني الذي لم يستخدم الدم ولا السلاح في تعامله مع السياسة المحلية ولا في صراعه على النفوذ في المؤسسة الرسمية، وهو ما لجأ إليه الإسلام السياسي بمكونه المركزي حركة حماس في أول صراع على السلطة والنفوذ.

وهذه الملاحظة الأخيرة تصلح للانتقال للفكرة الأخيرة في هذه المقال والمتعلقة بدور الجبهة ومستقبل اليسار في ظل الصراع الذي يقوده الإسلام السياسي في المنطقة العربية للهيمنة على السياسة العربية. تقع على اليسار مهمة كبيرة في تثوير اللحظة الفلسطينية وفي تصعيد النضال الاجتماعي ضد سياسات الهيمنة الفكرية والاجتماعية ومصادرة الحريات وخطف للمصلحة الوطنية، وهي مهام في صلب اهتمام الجبهة وجزء من وعيها وفكرها الذي أطلقته في نهاية الستينيات. إن هذا النضال كان للجبهة فضل في إبرازه في الساحة الداخلية وتطوير أدواته وهي مطالبة بالاستمرار في تفعيل مكوناته. وفيما تفكر الجبهة بهذا التاريخ الحافل والإنجازات الكبرى فإن البحث عن المستقبل الأفضل الذي سعت إليه الجبهة يتطلب العمل أكثر وأكثر على جميع الجبهات من أجل تحقيق هذا النضال لأهدافه والبحث عن صيغ جديدة سواء على الصعيد الائتلافي والجبهوي أو على صعيد البرامج والخطط.

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا