<%@ Language=JavaScript %> عادل الجوجري سبعة أيام في سوريا

 

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                                

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

سبعة أيام في سوريا

 

 

بقلم:عادل الجوجري

أن ترى الأوضاع على ارض الواقع غير أن تراها في الفضائيات خاصة تلك التي تحرض على القتل والدمار أكثر مما تحرض على الحوار ونزع فتيل الأزمة، لهذا قررت أن اذهب إلى دمشق وأتابع بنفسي تداعيات الأوضاع وحقيقة مايجري بعيدا عن الصور المنقولة من هذه الجهة أو تلك، واخترت موعد الاستفتاء الشعبي على الدستور باعتبار أن قنوات التحريض أكدت انه سيكون يوم دم وعنف وان الشعب سيقاطع الاستفتاء بما يعني الاستفتاء الواقعي والعملي على النظام كما أكدت تلك القنوات أن الأمن غير مستتب وأن أحداث عنف من كل صنف ولون سوف تصاحب هذه الانتخابات، لذلك كله حملت أوراقي وذهبت غير عابئ بنصائح الأهل والأصدقاء من أن الأوضاع غير مستقرة وان الموت قد يداهمني خلف أي جدار.

وخلال سبعة أيام تجولت فيها في شوارع العاصمة شارع شارع وحارة حارة وزنجة زنجة لم أجد أي مشهد يوحي بعدم الاستقرار ولا أي ملمح يشير إلى وجود ثورة أو انتفاضة أو حركة احتجاج ولاحتى مطلب فئوي، لاشئ على الإطلاق سوى الهدوء المعتاد في عاصمة الأمويين، حيث الشوارع النظيفة والرياح الشتوية ناعمة تحمل رزاز مطر خفيف، وجميلات الشام يخطفن –كالعادة- العيون،والمطاعم تعمل بكل طاقتها ، والمسارح ودور السينما والمقاهي الشعبية وسوق الحميدية ، لاشئ يوحي بأي شئ إلا تراجع مستوى الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية وهذا أمر طبيعي يحدث في كل مشكلة لاسيما إذا كانت أميركا وهي إمبراطورية الشر ومعها إخوتها في حلف الناتو وبعض حكام بلاد تنطق بالعربية وتدين بالإسلام يحاصرون سوريا اقتصاديا وماليا ويحاولون أن يفتكوا بها لو استطاعوا إليها سبيلا.

في يوم الاستفتاء كان الشباب والفتيات يتدفقون على لجان الاقتراع في مواكب أفراح وكرنفالات فيها موسيقى على إيقاع الطبول والدبكة في الميادين وثمة حشد من آلاف البشر يتجمعون في ميدان السبع بحرات وسط العاصمة، وفي شارع الثورة وشارع الحجاز وهم يهتفون لسوريا ودستورها ومستقبلها وقائدها.

والحق أقول لكم أنني لم أر أي شئ يوحي باضطراب الأمن بل على العكس فقد نصحت أولادي وهم يعودون بالسيارة بعد أن أوصلوني للمطار بأن يبحثوا عن الزحام في شارع صلاح سالم وان لايسيروا في المحور ولا الدائري لأن قطاع الطرق من كل صنف ولون ينتظرون عابر سبيل، فيهاجمونه ويأخذون سيارته وما توفر من مال أو مجوهرات وموبايلات وكل ماخف حمله وغلا ثمنه.

لقد حسم الشعب السوري إرادته في الموافقة على الاستفتاء وعلى مجمل الإصلاحات المطروحة ومنها قانون إعلام عصري وقانون انتخابات تعددي وإنهاء لسيطرة حزب البعث على القيادة للمجتمع وقانون للإدارة المحلية، ومع كل ذلك انتخابات تشريعية تعددية ستجري بعد ثلاثة شهور لاختيار مجلس شعب جديد يدير الحياة التشريعية ويستطيع أن يضع من القوانين مايحمي الحريات العامة التي كفلها الدستور.

لقد سبق الاستفتاء حراك شعبي كبير وحوارات في المقاهي والمنتديات العامة حول بعض المواد وحظت المادة الثالثة (وهي شبيهة بالمادة الثانية من دستور 71في مصر" والخاصة بدين الدولة ورئيسها بجدل واسع بين مؤيد ومعارض،وشاركت فئات شعبية في الحوار حول المادة 15 وتخص الملكية"الاستملاك والتعويض" ومقصود بها تعويض من تنزع أرضه لأسباب عامة آو تخص مصلحة الدولة أن يعوض بنفس السعر في السوق وفي الحال بدون روتين ولا أسعار خاصة،وقد أراحت هذه المادة كثيرين.

والأمر المؤكد يكمن في أن الدولة السورية ماضية في تنفيذ حل سياسي لكل المشكلات دون أن تفرط في حقها في فرض الأمن في المناطق التي تسلل منها مسلحون من جنسيات مختلفة ، ومنهم فرنسيون وأتراك وقطريون وبعضهم تم القبض عليهم في حمص وحماة ودير الزور، ولعل نجاح الجيش في دخول بابا عمرو وانسحاب المسلحين مايؤكد أن الجيش لايضرب مدنيين ،ولا الأمن السوري يقتل الشعب حسبما تروج قنوات التحريض ،وإنما هناك جيش من القاعدة والجماعة الليبية المقاتلة وبعض المتمردين السوريين الرافضين للحوار أو المشاركة في أي عمل سياسي يعملون تحت قيادة تركية وفرنسية من اجل تنفيذ مشروع الفوضى الخلاقة كما رسمته الآنسة كونداليزا رايس وتركته لمدام هيلاري تنفذه بأياد قطرية وسعودية وخلافه.

والمهم أن سوريا التي نحبها بخير، سوف تتجاوز الأزمة وتعود للعروبة أقوى مما كانت ،وستقود محور المقاومة العربي ضد العدو الصهيوني، وسوف يتمتع الشعب السوري بحريات اكبر وضمانات اجتماعية أوسع واستثمارات كبيرة لاسيما، وان سوريا لم تكشف بعد مافي باطنها من معادن وثروات ،والاهم أن 60%من الشعب السوري تحت سن الخامسة والعشرين، وهو مجتمع شبابي منتج وطموح ،ولديه رغبة حقيقية في مطاردة الفساد والفاسدين وتطهير الدولة من السوس الذي كان ينخر فيها ببطء، أما المسلحون الذين بات عليهم أن ينسحبوا من حمص ودير الزور وأدلب فسوف يواصلون رحلة الانسحاب حتى الخروج النهائي من كل المدن السورية وبذلك يكون (مؤتمر أصدقاء سوريا) قد فشل في بابا عمرو قبل أن يفشل في تونس وأخواتها، أما الفوضى الخلاقة فللأسف نجحت في مصر وتونس وليبيا ، وشكلت خطرا على المجتمع والناس ،بينما نجحت سوريا في تحويلها إلى دافع جديد للمقاومة والممانعة ولو كره الكارهون.

(نشر في جريدة الأحرار المصرية 5/3/2012)

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا