<%@ Language=JavaScript %> صلاح حسن الموسوي تيه الأساطير في مقاربات فاضل الغزي
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

تيه الأساطير في مقاربات فاضل الغزي

 

صلاح حسن الموسوي

 

عن دار رند للطباعة والتوزيع والنشر صدر كتاب ( سراب الخلود ) مقاربات في الأسطورة والخرافة والثقافة للكاتب العراقي فاضل الغزي وقد تركزت مواضيع فصوله على محاولات في البحث التراثي لامست وفي أكثر من موضع جدل العلاقة الحاضرة بين المجتمع والثقافة المدججة بخزين هائل من الخرافات والأساطير الدينية والعلمانية تزينت عبر الزمان بيوتوبيات خلاصية  ما ورائية أو قومية أو اشتراكية, وقد استرسل الغزي  في قراءة جدل ( أسطورة_مجتمع ) و(خرافة_ مجتمع ) عبر سرد تفاصيل لحياة يومية ومواقف مشهودة كانت ساحتها قرية الكاتب ( الرديف ) حيث الفرات يأخذ مساره الطبيعي إلى أقصى البصر يوزع ابتسامات خيراته على أهله المرابطين على جانبيه لا تنحني قاماتهم أمام الرياح السود والأفكار السود والرايات السود , أنهم عصيون أمام المواجع والفواجع . وعلى مستوى الوطن العراقي الكبير يؤمن الكاتب بعدمية التغيرات السياسية وابتعادها عن أحلام المواطن ( هذا ليس بلدنا الحلم الذي أفنينا العمر من اجله في سجون ثلاثة ملوك وخمسة رؤساء , ومن يتأمل الحياة اليومية للعراق على مدى قرن من الزمان مر ولازال الوضع فيه على ما هو عليه , كوابيس مزعجة متواصلة ) .

يتلذذ الكاتب ببعض خرافات قريته التي نقشت في ذاكرته منذ الصغر حيث يستعيد بعض تفاصيلها عبر الحنين إلى جمالية شخوصها ودفْ حكاياتها ( مازالت ملامح تلك العجوز الداكنة السمرة خالدة في ذاكرتي المثقوبة , كانت القطب والرحى لإدارة جلسات السمر الشتائية , تقص الحكايات بذهن متوقد دائما تتكرر حكاياتها وأساطيرها , الأ إن العجوز السمراء الماكرة كانت على قدرة فائقة في السرد لربما يحسدها عليها كبار الرواة والقصاصين , لأنها تستعيد حكاياتها كل ليلة بلون مغاير عما سمعناه في الليالي السالفات ) ..  وبالضد من ذلك يصف الكاتب مقولات ثقافية شهيرة بالخرافات ويسمي احد فصول كتابه خرافة الغزو الثقافي (  التي حملت أكثر مما تتحمل من قبل عرابي المتخوفين الذين اخذوا يلبسون آراؤهم لبوسا دينيا مرة, وفي أحيانا أخرى قوميا عنصريا يثير الروح الشعوبية والقبلية الشوفينية ).

يظهر الكاتب أيمانا بعقيدة المتصوفة المعروفة بـ (وحدة الوجود ) وينحو منحاَ إنسانيا في إضاءة عوامل الأسطرة والخرافة الطاغية في الثقافة الشعبية وزحفها على عقول غير المتعلمين الذين تتحول معارفهم البسيطة على الغالب إلى ( دوغما ) لا تقبل النقد أو التصحيح , ولكن بذات الوقت ثمة مؤاخذة كبيرة على الغزي تتمثل بتغيير إلية فحصه لثقافة المجتمع المحلي والوطني خلال الفصول الأخيرة من كتابه حيث تحول في قراءته  لأصول وفروع المذهب الديني الذي ينتمي إليه إلى ما يشبه الكاتب الحوزوي  المنافح عن عقيدته تجاه خصوم تأسطروا في وعي الكاتب بفعل قناعة حقيقية أو مسايرة لقناعات الوعي الجمعي  ويمكن للقارىء إن يكتشف بوضوح اختلاف نبرة الكتابة في فصول ( مقاربات في التجديد الديني ) ( مقاربات في المدرسة الدينية ) ( مقاربات في الاجتهاد والقياس ) ( مدرسة النجف الدينية مناهجها ومراحل تطورها ) .

في كتابه (خفايا التوراة ) يعرف الباحث اللبناني كمال صليبي التاريخ والأسطورة والخرافة ,حيث إن التاريخ يعتمد الدقة في تحري الحقائق ويربط بينهما مستعينا بالدليل والمنطق وهو من عمل العلماء والأفراد , إما الأسطورة فهي نتاج مخيلة الشعوب التي تطلق العنان للخيال فتأخذ مادة التاريخ وتنتج  منها ما تنتج من أقاصيص دون المساس بجوهرها,  والخرافات هي ضرب من الأساطير مع فارق هام في المضمون حيث ان المادة فيها ليست تاريخية بقدر ما هي فلسفية تأملية تحاول معالجة المسائل الأساسية التي لا يتعرض لها التاريخ كمسالة الكون والخليقة وبدايات المجتمع والنظم والمؤسسات الاجتماعية والطقوس والعبادات والأعراف والتصرفات البشرية وما الى ذلك .

وخلال عرضه يثبت الغزي قناعته بالجذور التاريخية لنشأة الإسلام والخصوبة الفكرية للبقعة التي ولد فيها الدين الجديد باعتبار مكة قبل الإسلام مركز تجاري وديني مميز استقطب ثقافات الأديان السابقة ومعارف الحضارات المجاورة . وبالفعل فأن الإسلام انطلق كثقافة جديدة كاسحة كسرت حدود المكان لتصل الى الصين شرقا وحدود فرنسا  في الغرب , وهنا لابد من وقفة مع الكاتب في نقده للفتوحات الإسلامية ( أتت على حساب ديانات وثقافات وتواريخ حضارات أخرى وبالمقابل لم يشكل (الفاتحون ) الجدد تراثا وثقافة ولم ينشئوا حضارة توازي في مستواها تلك التي صارت ذكرى متوهجه في نفوس أهلها , ولذا رأينا عندما ضعف المسلمون في تلك الديار انقض عليهم أهلها وطردوهم شر طردة ) ونرى إن هذا التقييم يحتوي الكثير من التحامل وغمط حق العرب المسلمين الذين يعترف أصحاب البلدان المفتوحة بفضلهم الثقافي والحضاري , فالمغول مثلا كانوا أمه غلبت المسلمين على ديارهم ولكن بالحصلية اعتنق المغول الدين الإسلامي , وفي أسبانيا تشهد الآثار الإسلامية على عظمة الإنجاز العربي هنا ك وهذا ما تعضده  أراء معظم المثقفين الأسبان , وخير مثال الدور المحوري للفيلسوف ابن رشد في النهضة الأوربية الحديثة.

يحسب للكاتب فاضل الغزي في كتابه الهم الفكري الصادق وهذا بالضبط ما تحتاجه الثقافة العراقية التي تعاني من فقر النتاج الفكري لصالح النتاج الأدبي وخصوصا الشعري , وقد انعكس الواقع الثقافي الذي اشرنا إليه بصورة سلبية على البناء السياسي الجديد في العراق بسبب خواء العدة الفكرية وغياب المثقف العميق الذي لا تستغني عن حضوره الأمم والشعوب في المنعطفات التاريخية التي  تلي سقوط الطواغيت ووجود الأحتلالات الخارجية , ولابد من الإشارة إلى إن لفاضل الغزي كتب تحت الطبع ( سوق الشيوخ .. مجرى نهر وذاكرة مكان ) ورواية ( سماء مقفلة ) بعد إن صدرت له في أوقات سابقة ثلاث مجاميع شعرية هي (عند انكسار الظل ) و(قد يأتي ) و ( انتظار ما لا يأتي ) .

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا