<%@ Language=JavaScript %> محسن عبد الكريم  الحبوبي .. البحر الزاخر .. وخزينة المفاخر ..  وثائق وحقائق
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

الحبوبي .. البحر الزاخر .. وخزينة المفاخر ..

 

 وثائق وحقائق

 

 

محسن عبد الكريم     

                                                                      

في محلة من محلات النجف الاشرف القديمة تسمى ( الحويش / بالتصغير) يسكن السيد محمود بن السيد قاسم حبوبي دار متواضعة مجاورة لدور اقاربه وبني عمومته وكان الرجل ذات نعمة وفيرة حيث يملك واخيه مزارعا قرب مدينة الكوفة والمسيب ( لم تاخذ الزراعة سعيه من أن يتفقه في الدين ) في تلك الدار المتواضعه ولد الابن الاكبرللسيد محمود في الرابع عشر من جمادي الآخر 1266 هجرية العشرين من شباط 1849 شاعرنا ومجاهدنا ( محمد سعيد) بن محمود بن قاسم والذي جاء لقب حبوبي من جده السيد مصطفى بن السيد جما ل الدين فهو من اسرة عربية علوية حسنية واصلها من الحجاز ففي سنة 1318 هجرية هرب احد اجدادهم وهو الامير حميضة بن ابي نما الى العراق وجاء من بعده ابناؤه واحفاده وذلك قبل (700) سنة واستوطنوا النجف ليكونوا الى جوار جدهم الامام علي بن ابي طالب (ع) وتتسع الاسرة وتتفرع في مدن كثيرة في العراق اضافة الى النجف وانصرفوا الى الزراعة والتجارة والفقه والا دب ففي عالم الفقه لمع السيد محمد سعيد الحبوبي فقيه عصره وفي سوح الجهاد قاد جيوش المجاهدين ضد الانكليز وفي حقل الثقافة والتعليم يسجله التاريخ في اول اسماء الدعاة الى نشر التعليم الحديث حيث شجع القائمين على تاسيس ( المدرسة الجعفرية الاهلية)ببغداد عام 1908 اضافة الى محاولاته في استحداث الدراسة في الحوزة العلمية 00 عاش الحبوبي سبعة وستين عاما قضى ثلثها الاول تلميذا يدرس المقدمات للعلوم العقلية والنقلية وثلثها الثاني شاعرا وثلثها الاخير فقيها ومرجعا دينيا ثم ختم حياته شهيدا في سيل وطنه ..

   امضى الحبوبي رحمه الله طفولته تحت رعاية ابيه وحين بلغ سن التعليم يدأ يتعلم القراءة والكتابة والخط وبدء بحفظ القرآن الكريم وتجاوز العاشرة من عمره انصرف يدرس مبادى الادب وعلوم اللغة العربية ( النحو / الصرف / البلاغة)ومقدماتها على يد خاله الشيخ عباس الاعسم وتلقى ايضا شيئا من التاريخ والجغرافيا والحساب والفلك حيث اضافت الكثير في تكوين شخصيته ... ويبلغ الخامسة عشر من عمره فقد رحل ابوه وعمه الى الجزيرة بقصد التجارة وذلك عام 1863 م وطال سفرهما فيقرر ان يلحق لابيه وكانت واسطة النقل الابل وبطريق محفوف بالمخاطر فقد راى الصحراء الواسعة العامرة بالقوافل واسراب الطيور وعيون الماء وسيول الاودية وقطعان الريم وامتلاء أذناه بحداء حادى العيس وصمت الصحراء ولفح هواء النهار ونسمات الليل تلك المشاهد صاغها باعذب القصائد صورا وتعبيرا ....

    انصرف الحبوبي الى العمل مع ابيه وعمه عند وصول (حائل) التي كانت قاعدة الى ( ال الرشيد)وهي بلدة صغيرة تقع وسط سهل تمر بها القوافل الاتيه من العراق وايران هناك في ( حائل) تدرب على الفروسية وركوب الخيل ولم ينقطع عن الدرس فكان يقرأ الادب والفقه والمنطق والحكمة حيث هناك الجمال الطبيعي واصداءالحب والبطولة وقصص الحب العذري العفيف المختوم بالموت وبطولات الصحراء التي تمثلت بالشجاعة والنجده والثبات والشهادة .

وفي عام 1867م وهو دون العشرين من العمر يعود الى النجف وكانت في اوج ازدهارها الادبي والعلمي اقبل الحبوبي على الاندية والمجالس التي كانت ملتقى الادباء والعلماء فاستمع الى عمالقة الشعر والادب واللغة والنقد فاخذ يشاركهم في الحفلات والمناسبات واول قصيدة انشدت له على رواية الشيخ جواد الشبيبي القصيدة التي أبن بها السيد رضا الرفيعي وذلك عام 1868م والذي تعذر علينا العثور عليها لافي المخطوطات ولا في قصائده  ولما قرئت المرثية شك بعض شيوخ الادب فيها واراد امتحان الحبوبي في شاعريته فدفع اليه وهو في المجلس بابيات من شعر ابي فراس الحمداني وطلب اليه تخميسها في الحال ..

 

          اقول وقد ناحت بقربي حمامة          ايا جارتا هل تعلمين بحالي

فخمسها الحبوبي مباشرة قائلا :

         انوح ولم تصدعك صادعة النوى      ولاسعرت احشاك وارية الجوى

                       تنوحين ـ لكن صبوة ‘ـ نوح من الهوى

         معاذ الهوى ماذقت طارقة النوى        ولاخطرت منك الهموم ببــــا ل

 

فقد نال اعجاب الحضور وفي مقدمتهم من شك بقدرته الشعرية .

 عاصرالحبوبي عدد كبير من عمالقة الشعر في النجف والحلة وبغداد والكاظمية وكربلاء وكانت تجمعهم مجالس ادبية امثال موسى الطالقاني وعباس القرشي ومحسن الخضري وجعفر الشرقي وجعفر الحلي ومحمد حسن سميسم وابراهيم الطباطبائي ومحمد الجزائري وعباس العاملي وعباس الاعسم وموسى شرارة وحسن زاير دهام وجعفر زوين وعباس كاشف الغطاء وجواد الشبيبي وعبد الحسين الجواهري وصالح الحريري وصالح الخفاجي الحلي وحسن الحمود الحلي وباقر الهندي من النجف وآل القزويني وحيدر الحلي وحمادي نوح من الحلة ومحمد حسن كبة من بغداد وكانت له معهم صداقة متينة وقد اغنت هذه العلاقة الحميمة الشعر في تلك الفترة فكانت المساجلات والمطارحات والمديح والاخوانيات والرثاء في مختلف المناسبات الدينية والاجتماعية والسياسية والشخصية وكان النقد الساخر فاكهة مجالسهم .

 فيروي ان الحبوبي قد استمع الى قصيدة من نظم الشاعر محمد حسن سميسم وكان سميسم معروفا عنه انه يعرض قصيده على الشاعر رضا الهندى لتقييمها فما كان من الحبوبي انه علق على القصيده قائلا انها ( قصيده سمسمية عليها فلفل هندي )...

    للحبوبي مجالس ادبية اولها في داره واحيانا في احدى حجرات الصحن الحيدري وهي الغرفة التي تقع في آخر الزاوية الاولى عن يمين الداخل الى الصحن من باب القبلة وتعرف أنذاك بغرفة الشيخ علي شرارة كما كان له مجلس ثالث يعقد في مكان مشرف على بحر النجف هو سطح قبة اليماني بمقبرة صافي صفا .

 وحين يصل الى يغداد ويعلم صديقه محمد حسن كبة يسرع بلقائه وينزل في قصره شرق بغداد على نهر دجلة وكان القصر منتدى لآل كبة الذي يرتاده الكثير من الادباء ورجال السياسة والدين والتجار امثال مصطفى كبة وعلي بزركان وابو التمن والقزويني وشكارة وعطيفة وآل السيد حيدر ...

    اسهم الحبوبي خلال العقدين الثالث والرابع من حياته في سمو حركة الشعر العراقي وبالتحديد في ثلاثينيات عمره بلغ الحبوبي قمة عطائه الشعري ولاسيما موشحاته التي اطربت الناس والشعراء وعلى عتبة الاربعين من عمره حدث صراع نفسي خفي بين ان يكون الحبوبي شاعرا ام فقيها يتعمق في الشريعة الاسلامية ليقدم خدمته للمجتمع وبدت عليه علائم الاهتمام وانتهاجا لمنهج اجداده فاخذ يناقش المعنيين من رجال الدين حتى اصبح موضع ثقتهم وذلك عام 1888 م فقد هجر الشعر وانصرف الى الفقه لموقف وهو ان الحبوبي يحضر مجلس احد الفقهاء اذ عرضت عليه مسألة فقهية احتدم حولها الجدل والنقاش بين الحاضرين كل منهم يتمسك برأيه ومنهم الحبوبي فما كان من الفقيه الا ان قال له بلهجة الانتقاص ( اين انت من هذا انما انت تحسن ان تقول .. ياغزال الكرخ   واوجدي عليك ) فتألم الحبوبي من قوله وعده طعنة له فمن ذاك الموقف صمم على ترك الشعر ..

      درس الفقه والاصول وقراء اشهر المؤلفات فيهما وقد بان تفوقه في الدراسة فقد نال استحسان اساتذته لدقة نقاشه ولم يدرس على يد واحد وانما على جمل من كبار الفقه من امثال الشيخ محمد حسين الكاظمي وابرع مدرسي الفقه انذاك الشيخ محمد الشرابياني والشيخ رضا الهمداني والشيخ موسى شرارة والشيخ محمد طه نجف فلازمه حتى وفاته وكان يعظمه ويشاركه في البحث والحديث .

 واطلع الحبوبي على امهات الكتب منها (جواهر الكلام و كشف الغطاء و هداية الانام في شرائع الاسلام و مصباح الفقه و الدعائم في الاصول وحاشية الرسائل واتقان المقال ) وغيرها من الكتب المعتبرة التي جعلت منه ان يتصدر المجالس وحلقات الدرس للسنوات العشر بعد وفاة استاذه ( محمد طه نجف) ولم يمضي الوقت حتى عد واحد من كبار فقهاء عصره ومجتهديه المجددين حيث وضع اسس جديدة لتطوير الدراسة في الحوزة العلمية وعدم التكرار والاسفاف في المناهج الفقهية التي تذهب بعمر الدارس ..

     زامل الحبوبي ايام دراسته  مجموعة من الطلاب اشتهروا فيما بعد وكان من ابرزهم المصلح السيد جمال الدين الافغاني الذي مكث مع الحبوبي في النجف اربعة سنين لدراسة العلوم الاسلامية وكان الحبوبي زميلا له في درس التصوف وتوثقت الصلة بينهما حتى بعد خروج الافغاني من النجف ونشر دعوته الاصلاحية وتطوافه البلاد الاسلامية فقد زار النجف متنكرا عام 1891 م واجتمع مع الحبوبي في الصحن الحيدري  في الغرفة التي تقع فوق باب القبلة وقد طال اجتماعهما من صلاة العشاء حتى مطلع الفجر 000 وقد اشار السيد محمود الحبوبي ابن عم السيد محمد سعيد الحبوبي في كلمة الاهداء لديوان الحبوبي اذ قال (الى اول من ركب الطريق التي ركبها صديقه الحميم السيد جمال الدين الافغاني فزأر مغضبا في وجوه ذئاب الاستعمار واذنابه )

      عاش الحبوبي بعد وفاة ابيه عام 1901 م اربعة عشر عاما فكان يدرس ويكتب ويؤلف ويؤم الناس في الصلاة ويحل مشاكلهم ويؤدي التزاماته الاجتماعية فكان يلتقي الناس بالاسواق والمحال وكانوا ينادوه ( مولانا حجة الاسلام والمسلمين )و( الفقيه الكبير ) كان يحمل حسا وطنيا وهو يرى العراق مهدد بخطر الاحتلال البريطاني فانتفض وسار بالمجاهدين وكان جهاده فصلا يستحق ان يذكره التاريخ بشرف 00

      في 16/11/1914 م احتل الانكليز مدينة الفاو واخذوا يتقدمون لاحتلال البصرة فرأى الاتراك والغيارى من ابناء الوطن ان يستنجدوا برجال الدين مطالبين الجهاد ضد الانكليز فابرقوا البرقيات من المدن العراقية الى رجال الدين في العتبات المقدسة وارسلوا وفدا من بغداد الى النجف وعقد اجتماع كبير في جامع الهندي وقد القيت الخطب الحماسية وكان من من الخطباء الحبوبي تلك كانت بداية حركة الجهاد 0 وفي الليلة السادسة عشر من محرم الحرام 1333 هجرية الموافق 26/11/1914 اعلن الحبوبي عن دعوته الى الجهادوعزمه على محاربة الانكليز الغزاة 0 وقد استجاب الى ندائه هذا الكثير من رجالات الامة وزعماء العشائر والاحرار والمخلصين وانضموا الى ثورته المقدسة 0 وفي صباح اليوم التالي خرج (الحبوبي) بعد زيارة ضريح الامام علي (ع) يتقدم موكبا مهيبا من المجاهدين وهو متقلد سيفه والطبول تدق امامه والاعلام تخفق فوق الروؤس واصوات الناس بالتكبير 0 اتجه الموكب الى الكوفة حيث تجمهر اهاليها والمجاهدين والمتطوعين مع الحبوبي لاستقباله والانضمام معه وكانت السفن النهرية بانتظارهم لنقلهم الى مدينة الناصرية التي اتخذت مركزا لتجمع المجاهدين وسميت الناصرية في حينه (دار الجهاد) ولم يبقى في الكوفة طويلا فقد نقلته السفن الى السماوة وفي الطريق الى السماوة كان ينزل الحبوبي في اماكن العشائر الفراتية وكلما نزل مكانا تجول بين عشائرها داعيا الى الجهاد ومحاربة الاحتلال وقد اتخذ معاونين له احدهم (باقر الشبيبي) الذي كان موضع اعجاب شيوخ العشائر لثقافته ولباقته ومن المناطق التي نزلها واتصل بزعمائها ( المشخاب) فقد اتصل بالشيخ مبدر آل فرعون وعبد الواحد الحاج سكر والسيد علوان الياسري وبالرغم من ان قسم الروؤساء لم يرغبوا في مساندة الاتراك لقسوتهم وظلمهم وكثرة ضرائبهم الا ان الحبوبي اقنعهم الاشتراك في الحرب 0 وفي السماوة مكث طويلا والتقى بالشيخ محمد علي اليعقوبي حيث كان يحيي ذكرى استشهاد الامام الحسين (ع) فزوده بكتاب يامره فيه بتحريض العشائر في السماوة والرميثة على الانضمام الى المجاهدين وكان له ما اراد فانضم الكثير من ابناء العشائر الى المجاهدين الذين وصلوا الناصرية حيث كانت الجموع بانتظا ر الحبوبي فوصلها في منتصف كانون الثاني 1915م0 وبقى الحبوبي في الناصرية الى ان تهيئات السفن والبواخر لنقلهم الى الشعيبة وكان في اثنائها على اتصال دائم بجنده يصلي بهم ويخطب ويقص عليهم قصص الجهاد والبطولات العربية لاثارة روح القتال بهم وكان معه نخبة من خيرة الرجال شبابا وكهولا  ومن اهل الفضيلة والادب والخبرة في الادارة منهم الشيخ محمد رضا الشبيبي واخوه باقر الشبيبي وعلي الشرقي والسيد سعيد كمال الدين والسيد ابو القاسم الكاشاني والشيخ عبد الحسين مطر والحاج حسين الشعرباف والحاج عبود شكر والحاج حاجم الخفاجي وولديه محسن وكاظم كما صحب معه احد افراد اسرته هو السيد فضل ابن اخيه الحسين وكان الشيخ باقر الشبيبي والشيخ علي الشرقي مساعديه في مراسلاته مع العشائر والسلطة وكانت محتويات الرسائل التي كان يبعثها الى شيوخ العشائر محملة بالنخوة العربية والحمية الدينية 0 ويروي الشرقي مشهدا مؤثرا وهو يملي عليه العبارات برسالة لاحد روؤساء العشائر فيقول (احضرنا القلم والقرطاس وجعل يملي علي واذا بدموعه عندما يلفظ كلمة (نخوة) و( الاستنهاض) فاكبرت ذلك المنظر الرهيب واقسمت عليه ان يكف ويكفكف دموعه لاني لااستطيع ان اشاهد دمعته فقال وهو ينشد :

               ملكت دموع العين ثم رددتها               الى ناظري فالعين في القلب تدمع

آن موعد الزحف على الشعيبة فغادر الحبوبي ومن معه الناصرية قاصدين  الشعيبة مارين بسوق الشيوخ عن طريق بحيرة ( الحمار) فوصلوها في 22/1/1915 م وضربوا خيامهم في موضع يسمى ( النخيلة) واخذت الوية المجاهدين تتوارد على النخيلة حتى امتلأت ارضها بخيامهم وقدرت المصادر التركية عددهم (30) الف مجاهد وقدرها آخرون بخمسين الف مجاهد وكانوا يستعرضو ن  امام الحبوبي وهو واقف بباب خيمته معتمدا سيفه حتى اذا مر به الفرسان ترجلوا واقبلوا عليه وتقبل يديه والاستئذان منه بالتوجه الى الجهاد فيأذن لهم 0 وعند احتلال الانكليز للبصرة رسخوا اقدامهم فيها وحصنوها واقاموا على مقربة منها حامية حصينة يقال لها ( الشعيبة) واصبحت الحرب كالاتي :

الانكليز في الشعيبة      والمجاهدون في النخيلة

اما الاتراك فكان ستة الاف من جنودهم يعسكرون في منطقة تسمى ( البرجسيه) الواقعة على بعد ستة أميال من الجنوب الغربي من الشعيبة وكانت الخطة الهجومية يهجم فيها الجيش التركي من القلب والمجاهدين من الجناحين 0 فتقـــــــدم المجاهدون من النخيلة فجرا ووصلوا البرجسيه بعد الظهر وفي الصباح الباكر من يوم الاثنين 12/4/1915 بدأ الهجوم على المواقع الانكليزية بعنف وشدة ومن ثلاثة اتجاهات الا ان المدفعية البريطانية المتفوقة اسكتت مدفعية الاتراك بعــد خمسة عشر دقيقة من بدء الهجوم ولكن القتال استمر من قبل المجاهدين طوال اليوم فعزز البريطانيون قطعاتهم بفوجين لفداحة القتلى من الانكليز 0 وفي اليوم الثالث من المعركة الاربعاء 14/4/1915 كانت معنويات الجيش التركي منهارة وكانت حالة المجاهدين المادية والمعنوية سيئة طغى عليها الاعياء والعطش والجوع لعدم وجود غطاء مدفعي ساند ولكن السيد الحبوبي كان يتقدمهم في الصولات والجولات المتكررة بالرغم من رداءة الموقف فجالدوا عدوهم حين هاجمهم بقواته المتفوقة ولم يستطع الاتراك المقاومة فانسحبوا من البرجسية تاركين المجاهدين في حالة فوضى ومما زاد في الطين بلة انتشار الجواسيس بين صفوف المجاهدين يروجون الاشاعات ففر اغلبهم من المعركة تاركين خيامهم بعد ان اصبحت تحت رحمة قنابل الانكليز 0 اما الحبوبي فقد ثبت مع ثلة كبيرة من اصحابه فلم يهربوا ليـ ضرب بثباته مثالا للشجاعة والوطنية والتضحيه والايمان بالقضية المشروعه  وحين علم (سليمان) قائد قوات الاتراك بهذه الهزيمة شعر بالعار فجمع ضباطه وقال لهم انه لايستطيع ان يحارب مرة اخرى ثم اطلع مسدسه على نفسه وانتحر وذلك في مساء اليوم نفسه 0 كانت الهزيمة قاسية للمجاهدين فقد سقط ثلاثة الاف شهيد وكان الحبوبي اكثرهم تألما وكان ينوء بعبء كبير من الهم بالاضافة الى الجهد البدني فقد اخذ الجهاد منه مأخذا كبيرا واتعبته الشهور السبعة سفرا وهو يشحذ الهمم من مدينه لاخرى فانتهى الى الناصرية ونزل في دار لآل العضاض ولكن القدر لم يمهله ليحقق امله فقد اشتد عليه المرض حتى ألزمه الفراش فالتف حوله صحبه يشرفون على تمريضه وكان الشرقي على رأسهم  وفي منتصف حزيران عام 1915 ساءت حالته الصحية وما ان حل الليل حتى فاضت روحه الطاهرة الى بارئها وكان يردد (أما أنا ففي نعيم ) وفي صباح اليوم  التالي وصل النعي الى مدينه النجف وكبريات المدن وحمل جسده الى النجف وكان وصوله عصر يوم الجمعة فخرجت مدينة النجف وعطلت الاسواق ودفن بعد غروب الشمس بساعة واحدة في مثواه الاخير في الايوان الكبير المقابل لايوان ميزاب الذهب واقيمت مجالس الفاتحة في انحاء مختلفة في النجف والمدن الاخرى .

 

 

                                المصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــادر

1/ ديوان محمد سعيد الحبوبي /السيد عبد الغفار الحبوبي

2/ ديوان الحبوبي / السيد محمود الحبوبي

3/ شعراء الغري / الشيخ علي الخاقاني

 4/ لمحات اجتماعية من تاريخ العراق / الدكتورعلي الوردي

 

 

 

محسن عبد الكريم

Mahssn-53@yahoo.com

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا