<%@ Language=JavaScript %> محمد ناصر الملا وقفة عند حمزة الحسن

 |  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

 

وقفة عند حمزة الحسن

 

 

محمد ناصر الملا

 

    من يقرا كتابات لا بد أن يقف عند الخواطر السامية للكبير حمزة الحسن, السياسي والأديب البارع, الذي نقل الواقع المتردي نتاج الصراع الاجتماعي والتدخل الإقليمي والدولي إلى لوحة فنية متقنة تتضمن في بعدها النقدي والأدبي حقيقة الدوافع السياسية وأسباب الصراع الاجتماعي والمصالح الفئوية والذاتية التي تقف وراء صناعة المواقف السياسية وبناء الاتجاهات المختلفة وتعمل على كشف الحقيقة المتخفية خلف الواقع الإعلامي المفروض على عامة الشعب.إنها محطات مضيئة وعالم لا متناه من الأفكار والعبر تجمع ما بين فنين, الأدب والسياسية وغايتين الإصلاح والإثارة, بل هي واحات خضراء تستمد ريعها من أصالة الكاتب وانتماءه الفطري لوطنه.

قد أخطا في ظني وتقديري في فهم النوايا والأغراض أو قد اجر إلى مواطن بعيدة عن المغزى والهدف أو ربما لا أوفق في التصنيف والتحقيق في مقالات السيد الحسن, فكويتب مثلي اعجز عن تقييم انجاز أديب لامع له من الإبداع في الكتابة والتأليف ما يفوق سنيّ عمري, لكن أراني محقا بتسجيل إعجابي واعتزازي بجهده وإبداعه.

لا يتقدم اسم حمزة الحسن أحد من الألقاب أو العناوين التي غالبا ما تهدف إلى دعم أو ربما تقديس المقالة الصحفية بشقيها الثقافي والسياسي على حساب الفكرة والموضوعية التي يجب أن تتسم بها الآن. فحرف ( د ) الذي يشير إلى الدكتور وحرف ( أ ) إلى الأستاذ, والمحامي والمهندس والضابط وغيرها من المسميات قد انزلقت اليوم إلى حيث المستنقعات الفئوية والمصالح الذاتية لتعمل في خدمة المؤسسات العنصرية والطائفية الضيقة بعد أن كانت تمارس دور القاضي والناقد والموجه في مهنية وحيادية, حتى فقدت كغيرها من الألقاب التشريفية الدينية والاجتماعية الكثير من مصداقيتها الموضوعية والفنية في مختلف النواحي, وصار المواطن يستنتج تبعية هذه الألقاب إلى الجهات السياسية المرتبطة بها انطلاقا من موقع عملها أو انتماءها الطائفي والسياسي والقبلي, وقد ساهم التضخم النقدي والأجور المرتفعة لأصحاب الشهادات العليا في استقطاب هذه الأسماء, ليس على أساس المهنية والكفاءة بل على أساس المصالح والمحسوبية. من هنا فان الدلالة الوحيدة على علمية ومصداقية كتابات السيد الحسن هي قيمتها الفكرية وبعدها الإنساني والقوة البيانية والمتانة الأدبية التي تمتاز بها, وهو المقياس الصحيح الذي يجب أن يُحكّم في تقييم هذه الإعمال بغض النظر عن المسميات أو الألقاب التي تقف ورائها.

لا أغالي إذا قلت أني أقرا كتابات السيد حمزة الحسن مرتين أو ثلاث دون غيره من المقالات لما تحمل من عمق فلسفي وقيمة فكرية ومعان عميقة تستوجب العناية والتدبر, فالكاتب لا ينقل فكرة أو يحقق في قضية أو يعرض موضوعا كما هو جار, إنما يعمل على تحريك الحس السياسي والضمير الإنساني في آن معا, ويسخّر لغايته الكبرى رصيده الثقافي ومواهبه الفنية المتميزة مستعينا بمعرفته الواسعة في الفن الروائي واطلاعه على النتاج الأدبي العالمي برفدها بالأفكار والحقائق المستخلصة من عقول الباحثين والمختصين في دراسة الطبيعة البشرية والعلوم الإنسانية الأخرى.

من الممكن القول إن اسم حمزة الحسن ينبأ بعصر مقبل في فن النقد السياسي والاجتماعي ويؤسس لفن جديد ينطلق من أساس أدبي وجداني يهدف إلى غاية سياسية محددة. فالواقع الزمني اليوم قد تعقد واتسع إلى حد الاضطرار بقبول التخصص والعلوم الإنسانية قد انحسرت إلى زوايا ومستويات كثيرة ومختلفة ولم يبق متسع من الوقت أن يهتم المتخصص بالجانب السياسي مثلا بالفن الروائي أو القصصي, لذا فان مخاطبة النخب السياسية والاجتماعية المهتمة في هذا المجال بوحي أدبي معاصر مؤثر إنما هو انجاز يستحق الإشادة وينبغي الوقوف عليه والتعرف على فوائده وقدرته على تشخيص العلل الاجتماعية وفاعليته في تحريك الضمير وإيصال المعلومة القيمة وفضح السياسات المخادعة التي تحاول استعباد واستخدام الطبقات الفقيرة وإيهامها بصحة الأمور وطبيعيتها رغم ما تتضمن من مفاسد وأضرار.

لا ادري لماذا استشعر مرارة الغربة ولوعة الفراق وحسرة المتلهف على الوطن متى ما قرأت للسيد الحسن, ربما هي الآم المغترب أو شاعرية الكاتب أو شيء من هذا القبيل بل إني أجدني في أحيان كثيرة عند طبيب مضطلع خبير, لا يسمي الدواء الناجع صراحة بل يترك لمريضه أن يستكشف لوحده أسباب مرضه وكيفية تطوره ويعرّف له عوارضه ونتائجه كي يستخلص بنفسه العلاج والدواء المناسب انطلاقا من معرفته بأسبابه والظروف المساعدة على بقائه وتطوره.

 إن من المؤسف أن تخلو مؤسساتنا الإعلامية والثقافية ومراكز القرار في الدولة العراقية اليوم من هذه الكفاءات والمواهب بالوقت الذي تغص بالأسماء الوهمية والشخصيات الفارغة العاجزة عن ضبط نفسها فضلا عن عجزها في تولي المسؤوليات الإدارية والسياسية كما هو حال المراكز الريادية العليا كرئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء التي تضم العشرات من الشخصيات الهامشية بعنوان المستشارين أو الخبراء. فليس من الوارد أن تخلو حياة الكاتب المشهور من الصداقات ومن الشخوص القديمة والجديدة ممن غدت في عهدتها مقاليد الأمور وحق التعيين والتوظيف وهو السياسي الذي عاهد الكثير من تلك القيادات, أم انه قد وجد كغيره من المثقفين أن مملكة القلم أعلى سلطة واعز شانا من فذلكات الساسة وسلطاتها الجوفاء.

كانت هناك دعوة لتنظيم استفتاء حر يحدد الأسماء الأقوى والأكثر تأثيرا من بين الأسماء المساهمة في كتابات, ورغم إن الاستفتاء قد لا يحظى باهتمام واضح لدى الكتاب الكبار من أمثال حمزة الحسن, أو ربما لن يقدم تقييما حقيقيا لإعمالهم بسبب عدم اطلاع الكثير من القراء على الضوابط والمقاييس المعتمدة في اختيار الأقوى والأفضل أو بسبب تعدد الأذواق واختلاف الميول وغيرها من الأسباب إلا إن هذه العملية ستعطي معلومة أكيدة عن الشخصيات الأهم والأكثر تأثيرا في نفوس القراء وستصبح ذا قيمة إعلامية إذا ما تناقلتها بعض الوسائل الإعلامية الأخرى. نجدد الدعوة لإقامة مثل هذا الاستفتاء.. وشخصيا أرى إن اسم السيد حمزة الحسن سيكون في أوائل القائمة إن لم يكن في مقدمتها.

 

anmar_mhd@yahoo.com

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

 

 صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org 

 
 

 

لا

للأحتلال