تفاءل بالربيع العربي وساند الحركات الاحتجاجية

عبد اللطيف اللعبي يدعو إلى ثورة ثقافية في المغرب

 

 

 

 

 

 

 

 

عبد الرحيم الخصار
 

يواصل عبد اللطيف اللعبي حضوره اللافت في الوسط الثقافي المغربي ليس كشاعر وكاتب فحسب، بل كرمز من رموز النضال الفكري والسياسي في هذه البلاد، فخلال حفل توقيع كتابه الجديد «المغرب: أي مشروع ديموقراطي؟» قبل أيام قليلة بالمكتبة الوطنية بالرباط دعا إلى ضرورة إحداث ثورة ثقافية بالمغربية منتقدا أداء الأحزاب أو ما سماه بـ«الفلكلور السياسي».
أكّد اللعبي أن المغرب في حاجة بالفعل إلى إصلاحات عميقة، وأبدى تفاؤله بالربيع العربي وبالحراك الراهن في المجتمع المغربي، متعاطفا بشكل كبير مع مطالب حركة 20 فبراير التي تقود طوال الأسابيع الأخيرة سلسلة من التظاهرات في مختلف المدن المغربية، ومنوّها بمستوى المجتمع المدني الذي صار يعطي الدروس للهيئات السياسية.
وقد اعتبر اللعبي هذه الحركة الشبابية بمثابة البديل السياسي في مغرب اليوم لكونها جددت الممارسة السياسية وساهمت في التسريع بالإصلاحات التي عجزت الأحزاب عن تحقيقها منذ الاستقلال، كما لمّح إلى ضرورة إصلاح اليسار وانفتاحه على مختلف أطياف وتيارات المجتمع، وأكد أن الديموقراطية ليست امتيازا بل ضرورة أساسية لا يجب إفراغها من محتواها، كما يقع للثقافة التي تحولت اليوم إلى مفهوم يستعمل لكل شيء إلا لسياقه.
وقال صاحب «أزهرت شجرة الحديد» في لقائه مع نخبة من المثقفين بالمكتبة الوطنية: «البعد الثقافي هو الغائب الأكبر في المغرب، ولهذا، أدعو إلى ثورة ثقافية، وأطالب بإحداث وزارة تهتم بشكل فعلي بالتعليم والثقافة والفنون» في إشارة واضحة إلى ما تعرفه وزارة الثقافة الحالية من ضعف وتخبط وتراجع كبير في الأداء.
وليست هذه المرة الأولى التي ينتقد فيها اللعبي وزارة الثقافة في عهدها الجديد، فقد سبق له أن فاجأ الجمهور قبل ثلاثة أشهر في لقاء مفتوح من داخل فضاء محمد أركون بالمعرض الدولي للكتاب الذي تشرف عليه وزارة الثقافة حين قال: «أطالب السيد وزير الثقافة بالاستقالة، وإن لم تكن لديه الشهامة للقيام بذلك، فإنني أطالب بإقالته»، واعتبر أن من يعيق تطور الثقافة المغربية اليوم هو وزارة الثقافة نفسها، وأضاف: «هذا هو الواقع، وأظن أنه حان الوقت لنقول: اِرحل» موجها فعل الأمر هنا إلى بنسالم حميش الذي يتعرض منذ أكثر من سنة لانتقادات واسعة من طرف معظم الأطراف المعنية بالشأن الثقافي في هذا البلد.
كفاح من أجل الثقافة
أياما قليلة بعد كتابه الجديد عن المشروع الديموقراطي بالمغرب الذي صدر بالفرنسية عن دار «ملتقى الطرق» بالدار البيضاء يصدر اللعبي كتابا آخر عن دار «مرسم» بعنوان «كفاح من أجل الثقافة» وهو بمثابة الجزء الثاني للكتاب الأول، حيث يحاول عبرهما عرض رؤاه وتصوراته للشأن الثقافي والسياسي بالمغرب.
مطالبة اللعبي المثقفين المغاربة بإحداث ثورة في الثقافة ناجمة عن إيمانه بما يعرفه المغرب من تحولات ومن تعميق للحضور في المحافل الثقافية العربية والدولية، ومن تطورات كبيرة تتعلق بالوعي المجتمعي، ومن نشاط ملحوظ لعدد من الكتاب المغاربة من مختلف الأجيال صار حضورهم يتجاوز حجم المؤسسات الثقافية بالمغرب.
ونداء صاحب «تجاعيد الأسد» و«قاضي الظل» هو نقطة ضمن مسار طويل من النضال والمواجهة، فقد أصدر في الفترة الأخيرة عددا من البيانات التي تندد بتدهور الوضع الثقافي وتضع خططا لتطوير مستوى الثقافة بالمغرب، كما عبر في الفترة ذاتها من خلال عدد من المقابلات الصحافية عن انتقاده لمختلف أشكال الفساد.
بدأ عبد اللطيف اللعبي مسار المواجهة بمجلة «أنفاس» التي جددت الفعل الأدبي والثقافي في ستينيات القرن الماضي، وقضى من أجل أفكاره ثماني سنوات من السجن في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، وكان رمزا كبيرا للذين يؤمنون بالفعل الثقافي كجدار حقيقي للممانعة ومجابهة الاستبداد، وعناوين كتب اللعبي تدل عليه وهي كافية لتضعه في هذه المرتبة، ويكفي أن نستحضر مثلا «عهد البربرية»، «طريق المحاكمات»، «الشمس تحتضر»، «مجنون الأمل»، «التمزقات»، «قصائد تحت الكمامة»، «يوميات قلعة المنفى»، «قصة مصلوبي الأمل السبعة» وغيرها.
(الرباط)

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا