<%@ Language=JavaScript %> صائب خليل كلمة للحشد، وكلمة للخائفين منه

 

 

كلمة للحشد، وكلمة للخائفين منه

 

 

صائب خليل

10 ايلول 2015

 

هاقد سجل الحشد انتصاراً من نوع جديد للوطن، فأسقط "الحرس الأمريكي"، مفرق المحافظات وهادم الأوطان، مرة ثانية وكتب لوطننا عمر جديد فبقيت محافظات العراق أخوات مترابطة ولو لحين، وتنفسنا الصعداء في زمن لا يكاد الشخص ينام فيه، قلقاً مما قد يصحو عليه...

نقول "ولو لحين" فقد وضع الحشد نفسه في مواجهة مباشرة مع وحش السفارة وحرمه مشروعه الذي كان قد وصل إلى الفم، وعليه ان يستعد لما ينتظر من يحرم النمر فريسته، متبعا طريق "حزب الله" اللبناني!

وهذا يعني أن على الحشد أن يحسب المعارك ليس فقط على جبهة القتال مع داعش، بل على الجبهة الداخلية مع كل جهة أو شخصية أو أداة إعلامية متعلقة بالسفارة، أو لدى السفارة القدرة للضغط عليها. إننا نعلم مدى شجاعة الحشد، لكن الشجاعة لا تكفي لوحدها فيجب الإنتصار في المعركة السياسية والإعلامية. لذلك نضع النقاط التالية نصب أعين قادة الحشد ومنتسبيه:

 

1- تذكروا أن الإعلام العراقي بشكل عام، إعلام أمريكي إسرائيلي، وسيكون في خدمة اسياده في اللحظة المناسبة. لذلك ستكونون بحاجة ماسة إلى قوة إعلامية قوية ومميزة ويعرف الناس اين يجدوها ليروا موقفكم من أية قضية.

أعداؤكم سيخترعون لكم فضائح كثيرة، فيجب أن يكون لديكم "نظام فعال للرد على الأكاذيب"، جاهز للعمل، وقادر على أن يفضح الكذب ويحوله إلى فرصة إعلامية لصالحه. لن يكفي أن تكونوا على حق، بل هيئوا فريقاً مناسباً يضع السياسة الإعلامية للحشد بعد دراسة، ولا تترددوا في ارسال البعض منهم إلى الخارج إن واتتكم الفرصة، كما لا تخجلوا أن تجدوا لأنفسكم ناطقاً رسمياً ذو وجه والقاء إعلامي جيد يوحي بالثقة والقوة.

 

2- الفضائح لن تكون كلها اختراعات كاذبة، فأنتم مخترقون بلا شك، ولن يجدوا صعوبة كبيرة في أن يكلفوا احد عملائهم الذي يرفع رايتكم، بأن يرتكب جريمة، بل ويقدم اعترافاً بها. في لبنان من الواضح ان حزب الله لم يقتل رفيق الحريري بل بينت صور التجسس ان إسرائيل كانت تتابعه قبل الحادث، لكنهم اتهموه وشكلوا له محكمة دولية. أما في العراق فيمكن بسهولة تامة ان يغتالوا العبادي مثلاً، بعد خلاف بينكم وبينه ليلقوا بالتهمة عليكم! ليكن لديكم جهاز استخبارات متطور، لتصيد هؤلاء العملاء قبل توجيههم ضرباتهم.

 

3- عليكم ببناء الثقة مسبقاً مع الناس وقبل ان يبدأ الهجوم التالي عليكم، فالوقاية اسهل كثيرا من العلاج. فالثقة يمكن ان تبنى قبل المعركة وليس أثناءها، حيث ستحتاجون لهذه الثقة لدرء الأكاذيب والشائعات. وتذكروا أن ليس كل من يخاف منكم أو حتى يكرهكم، عدو او يفعل ذلك من منطلق طائفي أو من منطلق كرهه للعراق وعمالته لأعدائه، فالكثير من الأبرياء تم إقناعهم بالخوف منكم. يجب اقناع هؤلاء بالعكس وكسب ثقتهم من جديد، أو طمأنتهم على الأقل، وتحقيق أي خطوة في هذا الإتجاه مكسب مهم.

 

4- لا تنتظروا الضربات الإعلامية، بل اسعوا إلى المبادرة بتوجيه الضربات وتسجيل المكاسب. لتكن مكاسبكم الحربية مكاسب اجتماعية ايضاً. وإن واتتكم الفرصة في وقت هدنة، لحملة لتنظيف ساحة أو بناء مدرسة فلا تفوتوها، واجعلوا الشعب يشارك مقاتليكم فيها فالكثيرين متحمسون لكم ويفخرون بالعمل إلى جانبكم، وسيجعلهم ذلك اقرب إليكم. كل نقطة تسجل لكم تجعل الضربة التالية ضدكم اكثر صعوبة ومخاطرة. يجب أن يكون لكم فريق ممتاز لتنفيذ هذا..

 

5- عليكم بدراسة العلاقة المعقدة بين كونكم مقاتلين، وبين حاجتكم للدفاع عن انفسكم سياسياً، دون أن تثيروا القلق من أنكم تستولون على السلطة الشرعية (رغم أنها ليست شرعية أبداً) فتثيرون قلق الناس، حتى مؤيديكم والمتحمسين لكم. على قادتكم ان ينتبهوا لكل موقف وكل كلمة تصدر منهم، ولا تترددوا في الحصول على مستشار سياسي جيد تثقون به. يجب وضع إجابات مدروسة مسبقاً للأسئلة الأساسية مثل شرعية حمل السلاح خارج الحكومة وغيرها من الأسئلة المركزية التي قد تثار بوجهكم.

 

6- احرصوا على ان يتصرف منتسبوكم بشكل لائق دائما، وأن يعطوا انطباعاً مهذبا وتضحوياً، ليس في ساحة المعركة فقط، بل في الحياة العامة أيضاً. لا تستعرضوا العضلات بدوريات ترفع أصوات المقتل بشكل عال واستفزازي في المناطق ذات الأغلبية السنية لتحدي "الخلايا النائمة" كما تتصورون، فأنتم تخيفون بهذا الناس العاديين منكم. لا تسمحوا لأحد من منتسبيكم ان يظهر هوية الحشد لتمشية معاملة له او تخويف أحد او التسابق مع الآخرين... تعلموا من حزب الله اللبناني....فمثل هذه الصغائر قد تعني الفرق بين كسب المعركة في الداخل وخسارتها، أي البقاء أو الفناء. فعدوكم قادر على الإستفادة من أية صغيرة ونفخها. لذلك فمن الضرورة القصوى الحزم مع منتسبيكم حتى لو اضطررتم للتخلي عن عدد من الخيرين منهم.

 

7- ليبق واضحا لديكم أن العبادي ومعظم حكومته في الخندق الأمريكي الإسرائيلي، وهو أحد أهم الأدواتهم لمحاربتكم. ولعلهم جاءوا به لهذا الغرض. انظروا مثلا إلى موقفه من التقرير النيابي حول فضيحة الدعم الجوي لقوات التحالف لداعش. لا تخدعوا نفسكم لحظة بأي تصور آخر، ولا يغرنكم عندما يهرول للتلويح بالعلم العراقي على الأراضي التي تحررونها. العبادي عملياً في خندق داعش، سواء كان بقصد او بدونه، لكن المشكلة ان الكثيرين يعتبرونه رئيسا شرعيا للحكومة ولذا يجب التعامل معه بحذر شديد وبإحراجه دون تحدي سلطة الدولة أكثر مما يجب، لكي لا تصيبوا من يعتبره رئيسا شرعياً، بالخوف منكم. يجب أن تجدوا التصرف الذي يحقق اهدافكم الأساسية دون أن يكون تحديا لسلطة الدولة.

 

8- وليبق واضحا لديكم ايضاً أن كردستان بقادتها الحاليين ليست بالنسبة لكم سوى امتداد لإسرائيل، وهي ترى في وجودكم ما تراه إسرائيل، خاصة بعد استيلائها على الكثير من الأراضي العربية في فترة المالكي وبتماه معه بشكل خاص. كما أن قيادتها تنفذ كل ما تكلفه بها إسرائيل بلا تردد. وهذا ليس مبرهن في طبيعة العلاقة الخيانية لهؤلاء القادة حتى ضد شعبهم وعلاقات هؤلاء القادة التاريخية بإسرائيل وإنما أيضاً بعلاقاتها الحالية، فهم يصدرون لها 75% من حاجتها للنفط، والبيشمركة سيروان برزاني يخطط في كردستان مع برنارد ليفي، بطل الثورات العربية المدمرة! وبالتالي فإنكم إن اقتربتم من حدودها أو اخترقتموها أو تعاملتم مع البيشمركة فتذكروا أنكم تتعاملون مع جهة قد تكون مكلفة بترتيب مذبحة لكم شبيهة بمذبحة بشتاشان وإنما بحجم أكبر بكثير، فلا تتركوهم يعبرون "خلف ظهوركم"، كما فعل ضحاياهم الذين دفعوا حياتهم ثمن ائتمانهم هذه القيادات من قبل.

 

9- أن يكون لكم رأي سياسي واضح، دون أن تربطوا انفسكم بأي من الساسة الحاليين فهذه مخاطرة كبيرة وشق لمؤيديكم. خطأ كبير في رأيي كان التقارب مع مدحت المحمود. وخطأ أكبر منه أن يرى الناس انكم قريبين جداً من المالكي. المالكي يحمل على رقبته اوزاراً هائلة ستتكشف مع الزمن. يكفي ما سلمه لكردستان من ثروا ت واراضي العراق ليبقى، وما احاط نفسه به من محتالين ومن دافع عنهم من فاسدين مثل وزير الشباب وموقفه من اجهزة كشف المتفجرات وسحب الدعوة ضد كردستان لسرقتها الأسلحة، وكلامه الفارغ عن بطولاته في الصولات وبطولات إبنه الخارقة، واخيراً جريمته الكبيرة في تهريب الضباط الخونة الذين سلموا الموصل وأسلحتهم لداعش!

مثل هذا الرجل يجب أن لا تكون صورته قريبة من أية جهة ترى أن لديها مهمة مقدسة وصعبة، وإلا كانت فضائحه فضائح لها.

 

10- عليكم ان تبتعدوا عن كل ما هو امريكي! اي ضابط تم تدريبه من قبل الأمريكان او له علاقة خاصة بهم أو درس في بلادهم، أية وسيلة إعلام يمولونها صراحة أو سراً، وكذلك أي جهاز اتصال صنع في بلادهم أو أحدى ذيولهم حتى الموبايلات.. واحذروا أيضاً حكومات الدول ذات العلاقة المتميزة مع إسرائيل مثل تشيكيا و أوكرانيا، (والتي تقيم علاقات حميمة مع حكوماتنا)، فهذه الحكومات من الدناءة في تبعيتها، أنها مستعدة لكل مهمة لأسيادها.

 

 

تلك كلمتي للحشد، وللذين يخافون من الحشد أقول:

 

1- نعم ان الحشد مخترق، ونعم فيه مثل بقية المجتمع بعض ضعاف النفوس، لكن الغالبية الساحقة من اجمل العراقيين واكثرهم تضحية وصدقاً، فلا تجعلوا الأولين يخيفونكم لتنسوا الأغلبية الساحقة.

 

2- كتب لي احد المعلقين مبررا "الحرس الوطني": "ما حك جلدك مثل ظفرك. عندما يهرب أكثر من ٢٠٠ ألف عسكري من جيش " الدولة " في سويعات أمام ١٥٠٠ صعلوك داعشي ويلقوا برتبهم وملابسهم العسكرية ويتركوا عتاداً بثلاثين مليار دولار ، لزم على أهل تلك المناطق الذين اصبحوا مشردين بسبب عجز الدولة عن حمايتهم أن يشكلوا حرساً خاص بهم يحرسون به اهلهم وارضهم وعرضهم". انتهى التعليق.

تصوري أن الكثيرين يأملون من الحرس الوطني أن يخلصهم بمناطقيته من ظلم الحكومة المركزية، لكن أليست هي الحكومة الفاسدة نفسها، التي تسعى بكل جهد لإقرار الحرس الوطني؟ فهل تسعى بنفسها لتخليص ضحاياها؟ أليس اسهل عليها لو كانت صادقة، أن توقف هذا الظلم وتؤدب الفاسدين في جيشها؟ فكيف تأتمنوها؟....

 

3- هل تأمنون منتسبي الحرس الوطني فقط لأنهم من اهل المحافظة؟ ليش قليلين السفلة في نفس المحافظة؟ كيف إذن وصلت المحافظات إلى هذا الحال؟ من الذي يسرقها ويحطم مشاريع بنائها إن لم يكن سفلة أهلها قبل غيرهم؟ ما هو الضمان أن لا يكون الحرس الوطني أداة فساد واضطهاد إضافية ضد الناس، حين تكون له السلطة المطلقة في المحافظة؟

 

4- إن كان ابناء المحافظة يدافعون عنها افضل، لماذا لم يدافع عنها أبناء المحافظة في الجيش نفسه وهربوا مثل الباقين؟ لماذا لم تدافع عنها الشرطة المحلية وهم كلهم ابناء المحافظة؟ وكم شهيد من محافظات اخرى سقط على أرض محافظاتكم؟ هل لم يكن هؤلاء يستحقون الثقة، لمجرد أنهم من محافظة ثانية؟ وكم سرسري كان من ذات المحافظة وقف مع داعش؟ هل يستحق هؤلاء الثقة لمجرد أنهم من المحافظة؟ إذن من جاء بالفكرة لا يريد حقاً الدفاع عن المحافظة وأهلها ابداً...ويمكنكم ان تقرأوا دعم السفير الأمريكي للحرس الوطني، لتفهموا من يقف وراء هذا المشروع وماذا يراد منه!

 

5- البعض منكم حينما يرى بأم عينه بطولات الجانب الآخر وتضحيته، ينكرها او يقلل من شأنها، خشية أن يقويهم فلا يستطيع الشكوى عليهم عندما يظلموه. العكس من ذلك هو الصحيح تماماً! فعندما يراك المقابل تنكر حقه الواضح وتراوغه، تفقد مصداقيتك امامه، فلا يصدق شكواك! ولكن عندما تعطيه حقه كاملا وتمتدحه بلا تردد أو تخفيف عندما يستحق ذلك، فسيكون اكثر استعداداً لسماعك عندما تشكو. فلتكن جريئا وواضحاً في امتداحك بلا تحفظ، وجريئا وواضحاً في شكواك بلا تحفظ، فهكذا نميز الحق من الباطل ولا نفقد مصداقيتنا!

 

6- لن استطيع أقناعكم بنسيان كل مخاوفكم، ولكن مقابل هذه المخاوف، هناك واقع حقيقي وأكيد وهو حقيقة احتلال داعش لمدن العراق ولعلها مدنكم. وهناك حقيقة تسليم الجيش ومؤسسات الحكومة الأمنية لتلك المدن لداعش بلا مقاومة، وحقيقة تسليم أسلحتهم أيضاً. واخيرا هناك حقيقة أن الحشد هو الوحيد الذي حرر أية مدينة حتى اليوم.  

بالمقابل، من الواضح حتى لمؤيديه، حقيقة أن قانون "الحرس الوطني" يهدد بتفتيت البلاد إلى محافظات مستقلة وبنتائج غير معروفة وغير متحكم بها قد تصل إلى الحرب الأهلية بين المحافظات، فهل تستحق مخاوف قد تكون وهمية وقد تكون صحيحة، المخاطرة الواضحة بالعراق إلى هذه الدرجة؟ هل يحطم الناس اوطانهم ويحرقونها من اجل مخاوف غير أكيدة؟

 

7- للذين يدركون خطورة الحرس على بلادهم، لكنهم يخافون الحشد من الجهة الأخرى، ويطلبون بدلا منهما "جيشاً وطنياً" اقول، ان جيشنا الحالي "غير وطني" بل جيش اسس لتسليم المحافظات لداعش، رغم ما فيه من وطنيين. فالتمسك به ولوحده، لمجرد أنه جيش عراقي لا يعني إلا المزيد من المعارك الخاسرة مع داعش. ومتى ما تمكن العراقيون من السيطرة على أمورهم وتنصيب رؤساء الحكومة بانتخابهم وليس بمؤامرات اميركا وكردستان، وأسسوا جيشاً وطنياً يبرهن وطنيته، فسيتوجب على الحشد وكل الميليشيات أن تحل نفسها، وسنقف بوجهها بكل قوة إن رفضت في ذلك الحين. أما اليوم فنحن في حالة طوارئ خطرة، وليس لنا ان نتخلى عن ما برهن لنا أنه الأمل الوحيد لاستعادة العراق...

 

أخيراً اقول: الوضع لا يتحمل أية اخطاء وتجاهل حقائق وتجارب مكررة ومخاوف وهمية.. الأخطار الحقيقية كبيرة وتكفي وزايد لنركز عليها انتباهنا والقضية مصيرية، وأي تقدير خطأ يعني نهاية البلد ونهايتكم قبل أي جماعة ثانية!

 

 

 

تاريخ النشر

11.09.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

11.09.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org