<%@ Language=JavaScript %> صائب خليل قانون "الحرس الوطني" يسقط ثانية!

 

 

 

قانون "الحرس الوطني" يسقط ثانية!

 

 

صائب خليل

 

8 أيلول 2015

 

لم يناقش مجلس النواب هذا اليوم قانون الحرس الوطني ولم يصوت عليه كما كان متوقعاً، بل لم يضعه ضمن جدول الأعمال. وكنا قد نشرنا أمس مقالة بعنوان "غداً التصويت على ست طعنات بظهر العراق – قانون الحرس الوطني"(1) مستندين إلى التصريح الذي نسب إلى رئيس المجلس سليم الجبوري ونشرته "السومرية" يوم الأحد 6 أيلول 2015  تحت عنوان "الجبوري: مجلس النواب سيقر قانون الحرس الوطني بعد غد"(2)

وقد امتدح الجبوري المشروع ونقل عنه قوله في (2 ايلول 2015)، أن الحرس الوطني هو "اللبنة الأساس" للشروع في عملية تحرير الأراضي من سيطرة تنظيم "داعش".

 

وبالفعل فأن مراجعتنا لصفحة سليم الجبوري على موقع مجلس النواب تجد الكلمة المذكورة، والتي اختتمها بعد مقدمات واضحة المغزى بالقول "ومجلس النواب داعم دائم لكل التشريعات المتعلقة بالأمن والدفاع وهو على موعد بعد غد لإقرار قانون الحرس الوطني، وهو ايضا سيتفاعل مع كل التشريعات الخاصة بالأمن والدفاع." (3)

 

وهذا الأمر لا يبقي أي مجال للتكهنات، فواضح أن المخطط هو التصويت على القرار في تلك الجلسة. حيث ان الخطاب كان قد القي قبل يومين فقط منها. لكنه لسبب أو لآخر، تم تأجيله وعدم إدراجه في جدول الأعمال. وليس مستبعداً أبدا أن الضغط الشعبي الذي اسهمنا فيه قد لعب دوراً في هذا التأجيل إضافة إلى الخلافات الأساسية الموجودة بين الكتل حوله. لقد تبين لدعاة المشروع استحالة تمريره بشكله الأصلي الذي ناقشناه في مقالتنا السابقة، فبدأو السعي إلى الوصول إلى قانون "حرس وطني لايت"، لا يكشف كل طموح من كتب النسخة الأصلية وهدفه منه. لكنهم مازالوا بلا شك ياملون أن يحقق ذلك "اللايت" بالضغط والتآمر، كل ما كان يؤمل من القانون الأصلي. فالحرس الوطني لا معنى له إن لم يكن تجزئييا طائفيا وجغرافياً، لأنه عندئذ سيصبح جزء من الجيش او الشرطة، ولا يستحق كل هذا الجهد (الخبيث) لإنشائه.

 

ومن الواضح ان الجبوري المتقافز بين ملك الأردن وقطر، شديد الحماس للمشروع. فقد تحدث في الخطاب عن القوانين "التي تمس عمليات التحرير" والتي اصبحت "ضرورة ملحة ولازمة". وتحدث الجبوري عن "منح الثقة للسكان المحليين لتلك المناطق وإعطاءهم الفرصة لنيل شرف التحرير ودرء كل التقولات" وقال انهم "يدخرون ثأرا للإرهاب بعد أن قتل ابناءهم ودمر مدنهم وهجرهم" وقال بضرورة "فسح المجال .. لان يأخذوا بثأرهم التاريخي من هذه التنظيمات الإرهابية". وهذه كلها إشارات لا تخطئ لتهيئة الناس لقبول مشروع جيش مقسم على المحافظات، ولا يتبع لجهة مركزية.

 

إضافة إلى هذا يلمح خطاب الجبوري إلى على من يجب أن نعتمد في عمليات التحرير، حين وصف معركة نينوى بأنها "عملية جراحية للدماغ" وبالتالي ضرورة الإعتماد على "احترافية ادارة المعركة" و "ذوو الإختصاص" – وهو ما لايمكن فهمه سوى الإيحاء بضرورة استبعاد الحشد الشعبي، وتسليم الأمر لـ "ذوي الإختصاص". من هم هؤلاء؟ الضباط البعثيين القدماء الذين ورد ذكرهم في النص الأصلي لمشروع القرار حيث لهم الأولوية في التعيين في الحرس الوطني، وبرتب أعلى مكافأة لهم!

وفي الوقت الذي أكد فيه الجبوري على ضرورة "منح الفرصة لأبناء المحافظات" لتحرير مدنهم واهمية ذلك نفسياً، (المقصود استبعاد ابناء المحافظات الأخرى- استبعاد الحشد، واستخدام الحرس الوطني) فإن رئيس البرلمان العراقي لا يخجل من العودة للتأكيد على "ان التعويل على الدعم الدولي لا زال أساس في دعم العراقيين لخوض هذه المعركة المصيرية"!! فالدعم الدولي، بالنسبة للجبوري كما يبدو، لا يمنع ابناء المحافظات من الإنتقام بأنفسهم من داعش، لكن اخوتهم في المحافظات الأخرى يمنعونهم من ذلك!

ويبدو أن احد العصافير التي يراد صيدها بحجر الحرس الوطني من العصافير المتعددة، هي مسألة إعادة صبغ "القوات الدولية" التي جاء بها العبادي إلى البلاد، والتي اثبتت المرة تلو الأخرى عدم جدواها.

 

ولنلاحظ أيضاً تأكيد الجبوري أن "المشكلة الأمنية" هي "مجرد نتوء كارتوني لصراع الإرادات في المنطقة" متهما من لا يقر بذلك بـ "ظاهرة الخجل من الاستماع للحقيقة وتربيت الاكتاف على المواقف الهلامية والمجاملات الباهتة للتصريحات الجوفاء ... في الوقت الذي تسحق فيه شعوبنا لصالح انتظار لا مبرر له ونحن نراقب شبابنا يبتلعهم الارهاب"، مؤكداً على ضرورة "التنازلات من البعض للبعض" ... في مزاد التفاوض بين اللاعبين الاساسيين في المنطقة".

ونلاحظ في هذه العبارات عدة نقاط. أولها أنه ابعد القوات الأمريكية عن "المشكلة الأمنية".. فلم يشر نهائياً إلى منعها تسليم الأسلحة التي اشتراها العراق منها وتركها الجيش العراقي غير مسلح بعد 12 عاماً من احتلالها للبلد واتفاقها على "الصداقة" وتوقيع عقود التسليح والتدريب! فالمشكلة في "إرادات المنطقة"! أما الأمريكان فهم ما يجب أن "نعول عليه"!! وطبعا لم يشر رئيس مجلس النواب العراقي إلى تقرير لجنة الأمن والدفاع في مجلسه، والذي يؤكد إثبات أن القوات الأمريكية قامت عمداً بالقاء المعونات المجهولة لداعش، كما أنها قامت بضرب القوات العراقية والحشد!

إن الجبوري بخطابه هذا كان خير مثال لـ "ظاهرة الخجل من الاستماع للحقيقة وتربيت الاكتاف على المواقف الهلامية والمجاملات الباهتة للتصريحات الجوفاء" التي تحدث عنها، واستمرار التضحية بأبنائنا فداءاً للإرهاب الذي يعلم هو مثل أي عراقي آخر، من الذي اسسه ومن الذي يقف وراءه!

واخيراً، وبعد ان دافع عن تواجده "بالصدفة" في الدوحة أثناء عقد مؤتمرها المشبوه لـ "المصالحة"، اختتم خطابه بالقول بأن مجلس النواب "على موعد بعد غد لإقرار قانون الحرس الوطني"! .. لكن المشروع لم يجرؤ كما يبدو على المجيء إلى موعده مع الجبوري!

 

هكذا كان الجبوري يتحدث قبل يومين من الموعد المقرر للتصويت. لاحظوا أنه لا يحكي عن التصويت، بل عن "إقرار قانون الحرس الوطني"، فيبدو أنه كان على ثقة ليس فقط بأن التصويت سيتم، وإنما أيضاً من مرور المشروع في البرلمان. فما الذي حدث خلال هذين اليومين؟ الرياح كما يبدو لم تجر كما تشتهي "السفل" في مجلس النواب هذه المرة!

ولا كما تشتهي السفارة. فالسفير ستيورات جونز قال خلال المؤتمر الذي اقامه مركز [أكد] للشؤون الستراتيجية والدراسات المستقبلية بالتعاون مع صندوق دعم الديمقراطية [NED] (إحفظوا هذه الأسماء) تحت عنوان [اصلاح قطاع الامن والدفاع في العراق] "أعتقد أن الآن هو الوقت المناسب لمناقشة الإصلاحات في قطاع الأمن، حيث ان كبار المسؤولين في العراق ملتزمون بذلك، والمظاهرات قد طالبت بهذه الاصلاحات"

لاحظوا ان حتى السفير الأمريكي ركب مطالب "التظاهرات" !! وتحدث عن قادة أمنيين "مهنيين" و "تقديم مبدأ الإحتراف". ولاحظوا أيضاً مدى التشابه بين عباراته وعبارات الجبوري!

 

ثم قال السفير الكلمة التي فضحت كل شيء : "اننا نود أيضا أن يتحقق تشريع الحرس الوطني الذي يجري الآن مناقشته في مجلس النواب والذي تم تسليط الضوء عليه كأولوية في البرنامج الوطني لرئيس الوزراء". وأوضح "يمكن لهذا التشريع للحرس الوطني أن يكون جزءا من حزمة الإصلاح الشامل ونعتقد بأن الحرس الوطني على النحو الذي اقترحه مجلس الوزراء يمكن أن يساعد أيضا على توحيد البلاد، حيث يمكن ان يضمن بأن القوات الأمنية العراقية تمثل المجتمعات التي تتواجد فيها والمناطق التي تحميها". وأضاف السفير الامريكي "كما ننفق مليارات الدولارات في تجهيزالمعدات الحديثة، من خلال هذه التدابير، اضافة الى الضربات الجوية وبرنامجنا الخاص بتقديم المشورة والمساعدة، نقوم بمساعدتكم في إلحاق الهزيمة بداعش اضافة الى إلتزامنا بدعم جهود تحقيق الاستقرار التي من شأنها توفير الاستقرار في المناطق المحررة ".

واشنطن تشدد على اصلاح أمن العراق وان تنتج الاصلاحات قادة يتخذون قرارات صحيحة

http://www.akhbaar.org/home/2015/9/197567.html

 لو أننا قلبنا كل كلمة قالها السفير إلى عكسها، فسنحصل على خطاب ذو مصداقية وأمانة عاليتين! فيبدو أن تمرين الدبلوماسية الأساسي في الولايات المتحدة هو في "الوقاحة"!

 

إذن فقد فشل اصحاب "الحرس الوطني" من دواعش مخفيين ومن أسيادهم في السفارة مرة أخرى في تمريره! صحيح أن ما حصلنا عليه هو تأجيل فقط، وصحيح أننا نعلم أن الأمريكان لا يستكينون لهزيمة وأنهم يعملون بهمة مستخدمين كل الأوراق التي لديهم، من أمثال الجبوري والعبادي من جهة وداعش من الجهة الأخرى لفرض مشروعهم المدمر وإزاحة الحشد، وصحيح أن النصر ليس نهائياً ولم يكتمل بعد، لكن مجرد التأجيل هو نصر كبير. إنه يذكرنا بقانون النفط سيء الصيت الذي ارادته الشركات والذي قاومه الناشطون الرائعون المتابعون لملف النفط وعلى رأسهم الأستاذ فؤاد الأمير، وأسهمنا معهم بذلك، فتأجل وتأجل، ومازال ذيول الشركات في كردستان وذيولها في بغداد وفي لجنة الطاقة البرلمانية يطالبون بإقراره، وكانوا يأملون من الثنائي الفاسد والشديد الإنبطاح، العبادي وعبد المهدي ان يلعبا دوراً في إقراره. لكنه سقط حتى اليوم، وعندما سيطرح هذا القانون من جديد سنقيم من جديد حملة توعية مماثلة لإسقاطه أيضاً.

 

كم كان نصيبنا في هذا النصر؟ إننا لا نعرف ولن نعرف أبداً.. لكن بالتأكيد فأن الدور الأساسي هم لأبطال الحشد الذين كانوا بفصائلهم المختلفة من وقف بوجه هذا المشروع الخبيث ولم يسمحوا له ان يرى النور.(4)

أما نحن، فيمكننا أن نفترض إننا جميعاً، من كتب ومن أسهم في النشر بهمة رائعة كان لنا دور ما نستحق ان نفخر به! فهذه المعركة الإعلامية التي خضناها معاً قد اثارت الإنتباه بشكل كبير إلى هذا الخطر. فعلى صفحتي في الفيسبوك وحدها وصل الموضوع حتى الآن اكثر من 14000 قارئ، ومازال العدد يرتفع! هذا عدا المواقع الأخرى التي نشر فيها المقال وبواسطة الإيميلات وغيرها، وهو ما لانستطيع حسابه. كذلك فقد انتشرت في ذات الوقت مقالات قيمة اخرى حوله لزملاء أعزاء اسهموا معنا في إثارة التحذير من الخطر، وكذلك عدد كبير من المنشورات الصغيرة على الفيسبوك وغيره، فشكرا لهم ولكم جميعاً لهذا التكاتف الرائع وبهذا المستوى المفرح!

 

لذلك كله يمكننا أن نقول أن المشروع تأجل وأنه أيضاً خرج من الغرف المظلمة إلى النور وافتضح، وأن الكثير من المثقفين وبقية الناس صارت تدرك ما يتهدد بلادها منه وما يحاك لها من ساستها لحساب اسيادهم. وهذا بحد ذاته انتصار ليس هين ابداً، خاصة في بلد يسيطر عليه الإعلام المدسوس المكلف بتضليل الناس وإيهامهم...

إذن أخواتي واخوتي، يمكننا ان نفخر ونحتفل بانتصارنا في هذه المعركة، وبأن هذا الخطر الماحق قد ازيح ولو لفترة عن بلادنا، وأن شعبنا قد منح فرصة جديدة للصمود بوجه المؤامرة التي تحاك ضد وجوده. لنحتفل بهذا النصر وننشر الوعي والفرح به، فالفرح بالإنتصارات، حتى المؤقتة منها، ضروري للصمود أيضاً، خاصة في الظروف الصعبة والمعارك الطويلة!

 

يمكن الحصول على مقالات صائب خليل بشكل ملف وورد بالإيميل : saieb.khalil@gmail.com

 

 

(1) صائب خليل - غداً التصويت على ست طعنات بظهر العراق – قانون الحرس الوطني

https://www.facebook.com/saiebkhalil/posts/946111075445962

(2) الجبوري: مجلس النواب سيقر قانون الحرس الوطني بعد غد
http://www.alsumaria.tv/news/145456

(3) كلمة رئيس البرلمان سليم الجبوري في مؤتمر اصلاح قطاع الامن والدفاع في العراق في 2015-09-06

http://ar.parliament.iq/LiveWebsites/Arabic/Container.aspx?ActivityID=49745

(4) كارت حسين الياسر -- قانون الحرس الوطني مؤامرة ضد الحشد الشعبي - YouTube

https://www.youtube.com/watch?v=oAnogA9n_Aw&feature=youtu.be

 

 

 

 

تاريخ النشر

10.09.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

10.09.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org