%@ Language=JavaScript %>
دائنو العبادي يستعجلونه التسديد – “الحرس الوطني” لتفتيت الجنوب!
صائب خليل
3 ايلول 2015
هل رأى أي منكم لافتة في التظاهرات تطالب العبادي بإنشاء “الحرس الوطني” ؟ ... وهل رأي أي منكم أية لافتة في التظاهرات تطالبه بإبعاد “الحشد” عن السياسة؟ .. ولا أنا!
لا اعرف شخصاً واحداً خارج المجموعة السياسية الفاسدة، ينتظر متى يقر قانون "الحرس الوطني" او يأمل منه بشيء أو يطالب به، كما أني لم اسمع أحداً في العراق يشكو من "تدخل الحشد بالسياسة" ولا يمثل مشكلة في ذهن أحد! فلماذا يصر العبادي إذن، حتى في خطاباته المخصصة لمطالب المتظاهرين، بحشر هذه الأهداف ضمنها؟ وإن لم يكن الشعب هو من يطالب بها فلا بد أن هناك من يفعل، فمن هو ذاك؟
في خطابه الشهير بمناسبة يوم الشباب العالمي(1) ، لم يكتف العبادي بـ"حقن" خطابه عنوة وبشكل لا علاقة له ببقية موضوع الخطاب، ببضعة جمل عن ضرورة "إبعاد الحشد عن السياسة"، بل كان يرفع صوته وهو يذكر ذلك وكأن هذا هو محور الخطاب الذي جاء من أجله!
وفي لقاء الرئاسات الثلاثة أول أمس تكررت الإشارة إلى "الحرس الوطني" كهدف أساسي. ونلاحظ أن الخبر الذي أريد لعنوانه ان يوحي بأن الإجتماع كان يهدف إلى تنفيذ الإصلاحات : "العبادي يؤكد باجتماع الرئاسات على ضرورة تنفيذ الاصلاحات وفق القانون والدستور"(2) ، يبدأ بموضوع "الحرس الوطني" وكأنه أحد "الإصلاحات" الموعودة فيقول:
"اكد اجتماع الرئاسات الثلاث، الاثنين، على أهمية انجاز التشريعات الأساسية كقوانين الحرس الوطني والمحكمة الاتحادية والمصالحة الوطنية....".
ولنلاحظ أن النقاط الثلاثة كلها لا علاقة لها بمطالب الناس وأن مشروع “الحرس الوطني” يأتي في مقدمتها. ويذكرنا ذلك بالإلتفاف على تظاهرات المناطق الغربية وتم تغيير الأهداف نحو إطلاق سراح الإرهابيين، والقبول باعادة قادة عسكريين من بقايا البعث على الجيش وفرض العملاء الذين وضعوا انفسهم قادة للسنة، على الحكومة، واعتبار هذا هو ما يمثل "المصالحة الوطنية"! أي أن الناس تظاهرت وهتفت وطالبت وصدقت أنها ستحصل على شيء، وفي النهاية استبدلت أهدافها في ليلة ظلماء لتكتشف أنها قد تظاهرت للضغط من أجل أهداف عملاء إسرائيل ممن أدار التظاهرات! واليوم يتكرر السيناريو كما يبدو ويحاول العبادي والإعلام أن يقنع الجماهير ان اهدافها هي "الحرس الوطني" (إقرأ: تفتيت العراق) و"المصالحة الوطنية" (إقرأ: حقن الجيش بالقادة العملاء)، وأنه سيحققها لها!
يجب أن نفهم ونعي أن خطورة "الحرس الوطني" على العراق كبيرة جداً واكثر مما نتصور وتتعدى خطورة داعش نفسها! فإن الحرس الوطني سيقوده حسب نص مشروعه، بقايا الضباط البعثيين الذين سبق اعفاءهم من المساءلة، والذين سبق تجنيدهم من قبل عميل اسرائيل مثال الآلوسي وأمثاله (عندما كان يرأس هيئة اعادة تأهيل البعثيين). كذلك فهو طائفي صريح، فقد تم تحديد عدد السنة والشيعة فيه(3)، لتأكيد طائفية الصراع ، كما لا يوجد أي مشروع أو نص قانوني او دستوري آخر في العراق، ورغم أن الجماهير تطالب بوضوح بإزالة النصوص الطائفية الأبسط في الدستور!
ولا تقف خطورة الحرس الوطني عند التقسيم الطائفي كما هو الحال مع داعش، فالتركيبة المقترحة للحرس تهدد بتقسيم العراق، ليس إلى نصفين سني وشيعي فقط كما تفعل داعش، وإنما تفتيته إلى محافظات منفصلة تمتلك جيوشاً، وقد تتقاتل على اسباب طائفية (كما قال مسؤول بدر في كربلاء أدناه)، أو غير طائفية! وبوجود عملاء إسرائيل الجدد على قيادته كما هو مخطط له، فسوف يمكن إثارة الصراع بين المحافظات بسهولة متناهية. وليكن ذلك على حقول نفط مشتركة أو مياه نهر أو عملية إرهابية مجهولة يتم توجيه التهم فيها بواسطة الإعلام المدسوس أيضاً إلى جيش المحافظة المجاورة مثلا.
وهكذا فالخطر من "الحرس الوطني" لا يشمل فقط السنة المتحمسين له بلا وعي، وإنما أيضاً ولأول مرة تتهدد المدن الشيعية الجنوبية التي بقيت صامدة حتى اليوم ومتكاتفة، بالتفتيت والعداوة! ومثلما كانت داعش موجهة لتحطيم السنة، فإن "الحرس الوطني" موجه لإكمال ذات المهمة في مدن الشيعة، ليكتمل تحطيم العراق. وهذا يدعو الشعب والحشد إلى الوقوف بوجه هذا المشروع بقوة أكبر مما وقف بوجه داعش نفسها! وعلى العراقيين معاملة الداعين إليه كنماذج خطرة على الشعب، وبأشد من معاملة الداعين إلى داعش!
لكي نفهم استبدال أهداف الجماهير خلسة من قبل العبادي وحشر هذا الخنجرالمسموم فيها، علينا أن نتذكر أن هذا "الرجل" جاء إلى الحكم بمؤامرة كردستانية أمريكية ، وأنه كان يحمل مشروعين معلنين تم توقيعهما في اتفاق الحكم. الأول نفذ بتسليم ملفي المال والنفط لكردستان ودفع ابتزازاتها إلى ابعد من الحدود التي وصل عندها المالكي. أما الثاني فهو تفتيت العراق إلى محافظات منفصلة من خلال مشروع "الحرس الوطني"، بقيادة بقايا الضباط البعثيين المجتثين بعد اعادتهم برتب أعلى، ومنع "الميليشيات" من دخوله، كما جاء في نص المشروع. وقد حقق العبادي المشروع الأول بسرعة خاطفة ووقع عبد المهدي كل شروط كردستان بلا مناقشة كما اعلن زيباري، وحول نفس الرجل الذي صار وزيرا للمالية، المبالغ المتفق عليها كاملة لكردستان في نفس يوم توقيع الإتفاق وقبل أن تقدم كردستان برميل نفط واحد.
هكذا نفذ الجزء الأول، لكن تكاثر الأحداث وانتصارات الحشد التي اضطر العبادي لركوب موجتها، أجبرته على تأجيل تنفيذ الجزء الثاني من المؤامرة.
مثل المالكي، يتعرض العبادي اليوم لضغط امريكي شديد لتنفيذ مشاريع محرجة يرفضها الشعب رفضاً قاطعاً ويعتبرها خيانة كبرى. ولقد تعلم العبادي من مراقبة أساليب من سبقه على العرش، أن الجماهير تكتفي بالكلام الفارغ والأكاذيب اللذيذة، فسارع لاستخدام ذلك في حزمة إصلاحاته. وبالفعل كشفت الدكتورة حنان الفتلاوي أن العبادي لم يصدر حتى اليوم أمراً رسميا ً بتنفيذ تلك "الإصلاحات"، رغم الضجة، التي كانت تهدف إلى تشجيع المطالبة بالتفويض!
وعلى عكس الجماهير، فإن السيد الأمريكي الإسرائيلي وذيولها في كردستان لا يكتفون بالكلام. هذا السيد "لا يهمل ولايمهل" حتى يحصل على ما يريد أو يعاقب بشدة! وهذا ما يعرفه العبادي ويدفعه ليسارع إلى طمأنته بأن مطلبه "الحرس الوطني"، على البال وإنه يتحرك نحوه!
لكن جسامة المشروع، جعلت تمريره عسيراً. وقبل أيام فشل ثانية في البرلمان لحسن الحظ وأفلت العراق مرة اخرى من هذا السرطان وكتب له عمر جديد!
لكن المؤامرة مستمرة. كردستان طبعا كعادتها تقف مع كل مشروع تمزيق للعراق وتعمل من أجله بهمة أكثر من همتها لاهدافها القومية ذاتها. هذا نائب كردستاني "ماجد شنكالي"، يؤكد لنا ضرورة الحرس الوطني للقضاء على داعش، ومحذراً من عرقلة تمرير القانون! (4) وهو يذكرنا بالتحذيرات الأمريكية من عدم توقيع معاهدة الصداقة، والتي اوصلت العراق إلى هذه المأساة في نهاية الأمر! ولنتذكر أيضاً أن حكومة كردستان حققت من خلال داعش ما لم تستطع أن تحققه بقواتها! وعن حقيقة الحرص على قوة العراق بوجه داعش يمكننا أن نتذكر رفض "أصدقاءنا" الأمريكان تسليمنا اسلحة دفعنا ثمنها، والرفض الشديد لكردستان لمحاولة العراق الحصول على اسلحة روسية، دون ان يعترضوا على الأمريكية. فقد تم طمأنتهم أن الأسلحة الأمريكية لن تأت أبداً!
كتلة الكرد والكتل السنية العميلة، متفقين بأن يكون هذا الحرس تحت سلطة المحافظات وليس سلطة مركزية في بغداد! وتريد كردستان أن يكون لها سلطة على "الحرس الوطني" في المناطق المتنازع عليها. وهذه الكتل المتآمرة تشترط أيضاً أن يتشكل الحرس من ابناء المحافظة نفسها، وليس عراقيا مختلطا مثل الحشد الشعبي، وكأن كل من ليس من أبناء المحافظة معادي لها وغير موثوق به.(5)
وطبعا فإن الأمريكان وتوابعهم الخليج والأردن وكل عملاء إسرائيل، يمكن الثقة بهم لتحرير المحافظات، فهم "من ابناء المحافظة" بالنسبة لهؤلاء المأبونين كما يبدو، لكن ابناء الحشد الشعبي من العراقيين الذين جاءوا من كل محافظات العراق وارواحهم على اكفهم ليحرروا العراق كله، مشبوهين! إن تحطيم ما حققه الحشد من تلاحم، هدف أسرائيلي أساسي يتعاون عملاءها من ساسة السنة وكردستان على تحقيقه!
ويبدو أن كتل التحالف الوطني هي وحدها المصرة على "أن يتشكل (الحرس الوطني) على اساس انضمام جميع مكونات الشعب العراقي فيه من دون تمييز بين محافظة ومحافظة". وهم يريدون ان يضم قانون الحرس الوطني، الحشد الشعبي، وأن يرتبط بالقائد العام للقوات المسلحة.(6)
وهذا يحسب لها، لكني اتساءل لماذا تريدون القضاء على الحشد بوضعه تحت سلطة هذا المشبوه وجيشه الذي يقوده "كبار ضباط البعث" الذين سلموا الموصل والأنبار؟ إن قيمة الحشد كلها هي في كونه خارج هذه السلطة المخترقة للقائد العام للقوات المسلحة وما اسسه الأمريكان والإسرائيليين وحشوه بالعملاء!! وأن الخطر كله في وضع الحشد داخل "الحرس الوطني" أو حتى مجرد إقرار هذا القانون المشبوه وبأي شكل. ولا يخفى هذا الخطر على الحشد عن مسؤولي الحشد، فقال مسؤول بدر في كربلاء إن "إقرار قانون الحرس الوطني في هذه الأيام يعد مؤامرة كبرى ضد انتصارات الحشد الشعبي والقوات الامنية." ملمحا بحق إلى خشيته ان يتحول “الحرس الوطني” لجيوش محلية تتقاتل طائفياً في مناطق البلاد. (7)
فما الداعي له إذن؟ ولماذا يشعر حتى الأقل تبعية من ساسة العراق أنهم محاصرين وملزمين بالبحث عن طريقة لإرضاء السيد الأمريكي حتى في مشاريع يعلمون أنها تهدف إلى تحطيم بلادهم؟ لماذا لا يرفض المشروع جملة وتفصيلا؟
لم اعد أذكر من قال : "عندما تعطي احداً سلطةً ليحقق لك أمانيك، تذكر أن له أمانيه أيضاً". وأمنية العبادي اليوم أن يفي بدينه للمافيا الدولية المرعبة التي تهدده. لذا فأن تقديري أن العبادي يريد التفويض، ليس للإصلاح، فهو لم يقم بأي إصلاح منذ كان، وإنما يراه انقاذا له من ضغط الأمريكان من جهة ورفض البرلمان من الجهة الأخرى، وخشيته على نفسه من مصير سلفه إن تلكأ عن إيفاء ديونهم. فبالتفويض سيتخلص العبادي من البرلمان ويعلن قانون الحرس الوطني، وينتهي هذا الدين الذي يفرض اليوم على العبادي اليوم اقواله وحركاته واجتماعاته وقلقه، وهذا الموقف يجعل من العبادي الذي يتعهد بـ "الحرس الوطني"، أشد خطراً على العراق من "البغدادي" الذي يقود داعش نفسه! فـ “الحرس الوطني” هو ضربة الفأس التي يؤمل منها أن تقصم ظهر بعير العراق المترنح من الطعنات، والتي يضغط دائنو العبادي عليه للإستعجال بتسديدها!
(1) صائب خليل - لماذا يريد العبادي عزل الحشد عن الإنتخابات؟ https://www.facebook.com/saiebkhalil/posts/934974576559612
(2) العبادي يؤكد باجتماع الرئاسات على ضرورة تنفيذ الاصلاحات وفق القانون والدستور http://www.akhbaar.org/home/2015/8/197239.html
(3) البرلمان العراقي يصوت اليوم على "الحرس الوطني"
http://elaph.com/Web/News/2015/8/1035345.html
(4) شنكالي يعلن تأجيل التصويت على قانون الحرس الوطني.
http://www.almaalomah.com/news/30658
(5) تأجيل تصويت البرلمان العراقي على قانون الحرس الوطني الى إشعار آخر
http://rudaw.net/arabic/middleeast/iraq/3008201511
(6) دولة القانون ترفض ربط الحرس بالمحافظات خوفا من المساومات على حقوق الحشد والمقاومة
http://www.almaalomah.com/news/30833/
(7) مسؤول بدر في كربلاء: إقرار قانون الحرس الوطني مؤامرة كبرى ضد الحشد الشعبي والقوات الأمنية -
http://www.akhbaar.org/home/2015/8/197211.html
تاريخ النشر
03.09.2015
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا |
03.09.2015 |
---|
|
لا للتقسيم لا للأقاليم |
لا للأحتلال لا لأقتصاد السوق لا لتقسيم العراق |
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين
|
|
---|---|---|---|---|
|
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |