%@ Language=JavaScript %>
مقالة مترجمة
الخلافات حول استراتيجية تحرير سنجار تطيل بقاء المدينة تحت سيطرة داعش
كرستين فان دن دورن وباتريك اوزكود ورواز طاهر – من دهوك (*)
ترجمة سعد السعيدي
دهوك – اثار هجوم داعش الخاطف الذي استحوذ بواسطته على القسم الاكبر من قضاء سنجار في محافظة نينوى ، والكارثة التي تلت التي تسبب بها ضد السكان الايزيديين ، أثار اولى التدخلات الأجنبية الرئيسية في الحرب المضادة لداعش العام الماضي.
لكن خمسة عشر شهرا مضت وما زالت سنجار محتلة من قبل داعش. وقد تجمعت الميليشيات الكردية والمقاتلون الايزيديون وبيشمركة حكومة إقليم كردستان في المناطق القريبة لانطلاق عملية استعادة المنطقة. لكن جرى تأجيل الهجوم حيث تتناحر تلك الفصائل على المغانم السياسية المتحصلة لما بعد انتصارهم المفترض.
فوفقا لثلاثة من قادة الميليشيات من الوحدات المتمركزة في قرى حردان وباري وشيلو قرب سنجار تتحكم الميليشيات الكردية والايزيدية بعدة طرق رئيسية الى الجبهة وقد منعت قوات البيشمركة من المرور. وقد ساهمت الخصومات بتعقيد خطوط الإمداد اللوجستية ، وجعلت من الصعب على أي فصيل شن هجوم محكم ومترابط لوحده ضد مواقع مجاميع داعش.
في الوقت نفسه ، فإن ما يقدر ب 400.000 من السكان من الذين فروا سنجار والبلدات المحيطة بها العام الماضي من الاقلية الايزيدية بشكل رئيسي ما زالوا في الغالب متناثرين في المخيمات والمستوطنات العشوائية في محافظة دهوك ، وحيث يستعدون لتمضية فصل شتاء قاس آخر بعيدا عن منازلهم.
وما زال عدة آلاف يعيشون في جبل سنجار حيث وضعت القوات الخاصة الامريكية اقدامها للمرة الاولى في المناطق التي تسيطر عليها داعش في آب\ أغسطس 2014. وفي حين فرت الوفا اخرى معظمهم إلى أوروبا ، قتل عددا كبير غير معروف او سقط أسيرا لدى داعش معظمه من النساء اللواتي بيعن لأغراض العمل القسري والاغتصاب.
استرداد سنجار قد لا يكون فقط بداية لإنهاء كارثة إنسانية ، ولكن قد يثبت من كونه ضربة استراتيجية حاسمة لمسلحي داعش.
" تقع مدينة سنجار على جانبي الطريق السريع رقم 47 ، والذي يشكل احد الطرق الرئيسية لتوصيل المعدات والمقاتلين بين الموصل والرقة ", كما اخبر الصحفيين الجمعة العقيد ستيف وارن المتحدث باسم الجيش الأمريكي وقوات التحالف للعمليات المعادية لتنظيم داعش. وهو أيضا طريق توصيل معظم السلع التي يحتاجها حوالي المليون من سكان الموصل الذين يعيشون تحت سيطرة داعش.
ولكن على الرغم من الفوائد الإنسانية والعسكرية الساحقة من استرداد سنجار ، فالخطة العسكرية قد اثقلت بالمدلولات السياسية.
فتاريخيا ، كانت سنجار ونواحيها في محافظة نينوى تعطي اصواتها للحزب الديمقراطي الكردستاني للحصول على مقاعد إضافية لتعزيز تمثيل هذا الحزب في كلي البرلمان الاتحادي ومجلس محافظة نينوى. وقبل حدوث غزو داعش ، كانت حكومة الإقليم تروج مناطق سنجار لشركات النفط العالمية كفرصة محتملة للتنقيب عن النفط والغاز فيها ، كما قال اثنان من مسؤولي الصناعة من المطلعين على المفاوضات في ذلك الوقت.
عندما غزت داعش العام الماضي ، كانت سنجار تحت حراسة مفارز بيشمركة حكومة الإقليم ، وفي المقام الأول تلك الموالية للديمقراطي الكردستاني. وقد شكل انسحابهم ضربة قاسية لهيبة الحزب ("الطريقة الوحيدة لاستعادة شعبية الحزب هي باستعادة سنجار" ، كما قال احد السياسيين الاكراد البارزين من المطلعين على الخطة العسكرية لكن غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام).
ويتهم العديد من الايزيديين الآن الديمقراطي الكردستاني لاستخدامه الهجوم الجديد كأداة سياسية رافضا متابعة اي تعاون عسكري حتى لو كان مفيدا مع أية جماعة لا تكون تحت سلطته.
" نحن لا نحتاج الى دعم أية قوة من خارج قيادة وزارة البيشمركة " ، كما قال الجنرال محمد جمال رئيس أركان وزارة البيشمركة لمؤسسة باس نيوز الإعلامية الكردية. " لن نقبل أية قوة لتتدخل في شؤوننا ، وقد تم إبلاغ جميع الأطراف بعدم التدخل أثناء الهجمات ".
كذلك جرى اتهام مختلف فصائل الميليشيات القومية الكردية بالانتهازية السياسية. فبعد فترة وجيزة من تراجع الديمقراطي الكردستاني ، ازداد تواجد حزب العمال الكردستاني وتوابعه من التي اكتسبت القوة عبر المعارك التي خاضتها في الحرب الأهلية السورية واخرى عنيفة ضد الحكومة التركية حيث عبروا عن اعتراضهم للتنازل عن سنجار لنفس القوى التي تخلت عنها.
" لقد قدمنا 60 شهيدا في شيلو وباري و 88 شهيدا داخل سنجار حتى الآن ، ويريد الديمقراطي الكردستاني منا أن نحرر سنجار ثم نتركها لهم " ، قالت هافل ربرين ، قائدة ميليشيا نسائية كردية سورية.
لقد وقع المجتمع الايزيدي لأكثر من عقد من الزمان في خضم حرب شنها عليه تنظيم القاعدة في السابق والآن داعش. وقد اضطر المقاتلون الايزيديون إلى الاختيار بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والعمال الكردستاني وتوابعه ، معرضا شعبا للتقسيم علاوة على تعرضه للابادة على الرغم من طموحه في الحد من الاعتماد على الآخرين ، وخاصة بالنسبة للأمن.
وقد اطلقت حكومة إقليم كردستان وعلى وجه الخصوص الحزب الديمقراطي الكردستاني المهيمن ، حملة لغرض استعادة مناطق سنجار تمكنت فيها من تجنيد نحو 4000 ايزيدي لقوات البيشمركة في إقليم كردستان.
وعلى الرغم من أن هذه الفصائل تواجه عدوا مشتركا متمثلا بداعش ، إلا ان التناحر بين العديد منها قد اخر الهجوم. وزاد من الخطر أن القوى المتنافسة في إطار القيادات المتفرعة ستزيد من الإصابات أو حتى تشعل حرب عصابات بين الايزيديين بعد طرد الدواعش.
البديل الآخر للايزيديين هو خيار لا يوفر إلا نفوذا سياسيا وماليا اقل لكل ما يخص الرواتب والأسلحة. فلقوات حماية سنجار وفرعها النسائي يتوفر التسليح لأنهم ذراع قوات حماية الشعب الكردي السورية. وهي تدعي بانها قد بدأت باستلام رواتب من برنامج الحكومة الاتحادية للحشد الشعبي. اما الميليشيات المستقلة للطائفة الايزيدية ، فقد تلقت الرواتب في بداية العام من نفس البرنامج الحكومي اياه.
ولم يسر الامر من دون إغضاب حكومة إقليم كردستان والتي قامت باعتقال زعيمها لفترة من الوقت.
وقد اخبر قاسم شيشو قائد القوات الايزيدية في سنجار المدعومة من بيشمركة حكومة الإقليم ، قناة روداو شبه الرسمية بانه القى باللائمة على الميليشيات السورية الكردية في تأخير عملية تحرير سنجار وانه حذرهم بضرورة المغادرة بمجرد تحريرها.
وحسب روداو فقد قال شيشو " ممكن ان نتحمل فظائع آخرى في سنجار لكننا لن نتقبل وجود قوات الحماية الكردية السورية في المدينة ". اما قوات حماية سنجار التي يقودها ابن عمه حيدر شيشو فهي وإن بقيت مستقلة ، إلا انها تحالفت مؤخرا مع قوات الحماية الكردية السورية.
خطط عسكرية متنافسة
خلال الأسبوعين الأخيرين ، يقوم 8000 من جنود البيشمركة بالتحشد مع أسلحة ثقيلة في مواقع قريبة من المدينة وجبل سنجار تحت غطاء من الغارات الجوية الأمريكية.
ففي 1 تشرين الثاني\ نوفمبر فقط ، شن طيران التحالف الذي يتألف في معظمه من الطائرات الأمريكية ، 29 غارة دعما للهجوم القادم وفقا لبيان صادر في اليوم التالي من مركز قيادة التحالف وتغريدة من بريت ماكغورك المسؤول الامريكي البارز للتحالف المناهض لداعش. تم الإبلاغ عن أكثر من 100 غارة في سنجار وحولها من قبل قوات التحالف خلال شهر تشرين الاول تمهيدا للهجوم البري الذي اصبح الآن غير مؤكد.
تخطط البيشمركة لاستعادة ال 80 بالمئة من سنجار الباقية بأيدي داعش ، ثم تثبيت الايزيديين الذين جندتهم ودربتهم لمسك المدينة بينما تقوم وحدات أخرى بالاندفاع الى القرى والنواحي الواقعة جنوبا لجعل المنطقة آمنة لإعادة التوطين وفقا لمسؤول البيشمركة.
وقال المصدر السياسي المطلع البارز في حكومة الإقليم " كل شيء جاهز وجرت تهيئته " للهجوم. " يتوجب الا تكون القضايا السياسية عثرة امام التحرير ، إنما التعامل معها لاحقا ".
وكانت الميليشيات الكردية والايزيدية تتقدم ايضا لتعزيز المواقع في سنجار وحولها. وقد قال نفس المصدر السياسي المطلع اعلاه ، والذي جرى إطلاعه أيضا على تحركات الميليشيات ، بان الميليشيات المختلفة قد جرى نشرها على مقربة من شمال مدينة سنجار على الجبل.
هذه المجموعات التابعة لحزب العمال الكردستاني ومن ضمنها الميليشيات الايزيدية المستقلة قد تجمعت الآن تحت قيادة للتنسيق باسم " تحالف الشنكال " ، وهو الاسم الكردي لسنجار. (وقد نمت الميليشيات الايزيدية المستقلة في وقت ما إلى عدة آلاف من حيث العدد قبل أن يفقدوا المجندين بسبب نقص السلاح والمال. وهي عوامل ضاغطة دفعتهم للتقرب اكثر من حزب العمال الكردستاني\ التوضيح من المقالة – س.س).
وبينما كثفت الفصائل المختلفة المناهضة لداعش العداء ضد بعضها البعض ، نبذ الضباط العسكريون إمكانية مقاتلة بعضهم بعضا. لكنهم لم يتوقفوا عن المناورة بقوة للحصول على النفوذ والسيطرة على طرق الإمداد الرئيسية.
يوم 25 تشرين الاول\ اكتوبر ، منعت قوة من البيشمركة تحالف الشنكال من الوصول إلى الجانب الشرقي من جبل سنجار. في اليوم التالي ، قام حزب العمال الكردستاني ومقاتلين متحالفين معه بقطع الطريق الموصل لاعلى الجبل مانعا بذلك وحدة بيشمركة كبيرة من الوصول إلى الجبهة عبر الأراضي المدارة من قبل القوات الكردية السورية المؤتلفة مع حزب العمال الكردستاني.
" بدلا من قطع الطريق التي يستخدمها داعش ، قطعوا طريقنا. لذلك قطعنا طريقهم ". قالت ربرين زعيمة الميليشيات النسائية الكردية في سنجار. وقد رفض مسؤولون من كلا من وزارة البيشمركة ومجلس الأمن الوطني الكردستاني التعليق على هذه القصة.
تكمن اسباب التوتر بين الديمقراطي الكردستاني وحزب العمال الكردستاني في تنامي العلاقات بين أربيل وأنقرة. فمبيعات النفط المستقلة لحكومة الإقليم والتي هي ضرورة اقتصادية تتطلب موافقة تركيا قد ازدادت في حين تعثر وقف إطلاق النار بين تركيا وحزب العمال الكردستاني قبل ان ينتهي. في تموز\ يوليو الماضي هاجم الاخير خط الأنابيب العراقي التركي في جنوب شرق تركيا متسببا بفقدان حكومة الإقليم لمئات الملايين من الدولارات من عوائد النفط ، على الرغم من أن حزب العمال الكردستاني قد ادعى في وقت لاحق بان الهجوم كان عملا احاديا من قبل مجموعة محلية وانه لن يتكرر.
في الوقت نفسه كانت الولايات المتحدة وأوروبا وتركيا قد وضعت حزب العمال الكردستاني على قائمة الارهاب بسبب حملة انفصالية عنيفة على مدى العقود الماضية. وتتعاون الولايات المتحدة بشكل متزايد مع قوات الحماية الكردية السورية في سوريا مصرة على اعتبارها مجموعة متميزة على الرغم من أن هذا التوصيف هو لفظي إلى حد كبير. (في العراق يقاتل حزب العمال الكردستاني على عدة جبهات ويعمل بشكل وثيق مع الميليشيات التابعة له. ويوجد مزار ضخم لمؤسس الجماعة عبد الله اوجلان المسجون في تركيا يزين الطريق الرئيسي الى جبل سنجار من الشمال\ التوضيح من المقالة – س.س).
وقال جمال حاجي وهو مسؤول كبير في جماعة سياسية ايزيدية محلية تابعة لحزب العمال الكردستاني بان القوات الأمريكية المتواجدة على الأرض والتي وصفها ب " الفرق الطبية " كانت تعمل لنزع فتيل النزاعات. وأعيد فتح الطرق المغلقة يوم 25 تشرين اول\ اكتوبر بعد ذلك بيومين. وقد سمح بنشر المزيد من قوات البيشمركة عبر بلدة خناصر شمال جبل سنجار أيضا من قبل مقاتلي الحماية الشعبية الكردية السورية.
" لو لم نتحلى بالصبر ، لكنا صرنا نواجه معركة كبيرة مع الديمقراطي الكردستاني " كما قال فقير حسو مساعد حيدر شيشو قائد الميليشيات الايزيدية المستقلة التي ظلت تقاتل لأكثر من عام على جبل سنجار. يصر القادة في " تحالف الشنكال " على منع انتشار البييشمركة الايزيدية.
ويضيف جمال حاجي " اذا تخلى الايزيديون المنخرطون مع الديمقراطي الكردستاني عن زي البيشمركة وانضموا إلينا سنسمح لهم بالدخول ، وإلا فنحن لن نسمح لايا ممن يشم من كونه من الديمقراطي الكردستاني بالدخول ".
ويقول ثلاثة مسؤولون عسكريون موالون لحزب العمال الكردستاني في سنجار، كلا منهم من ميليشيا مختلفة ، بانه قد تم تأجيل الهجوم إلى أمد غير معروف. وهم يدعون بأن لديهم استراتيجية هجوم خاصة بهم ، لكنهم يقولون ان من المستحيل استرداد سنجار دون تنسيق مع البيشمركة في حين ان الغارات الجوية بالتنسيق بين الولايات المتحدة وبيشمركة الديمقراطي الكردستاني مستمرة في البلدة وحولها.
" لا يتعلق الامر بعدد وحجم القوات ، إنما بوجود خطة جيدة ودعم جوي " ، تقول ربرين.
وقد اتهم المصدر السياسي المطلع في حكومة الإقليم الميليشيات باحتلال الأراضي لإقامة موطئ قدم مماثل لمواقع حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل شمال شرق العراق ، حيث يزعم بكونها الموضع الذي تخطط فيه الهجمات ضد تركيا.
" لا يتواجد العمال الكردستاني ولا الاتحاد الديمقراطي هناك لاجل الايزيديين ، بل لاجل الجبل " ، قال المصدر المطلع مضيفا مما يعكس الصراع على السلطة بين أكراد العراق وأولئك الذين ما زالوا يقاتلون من أجل الحكم الذاتي في سوريا وتركيا. " إن جبل سنجار هو منطقة استراتيجية مهمة للغاية حيث يمكنك منه السيطرة على المنطقة بالضبط مثل جبل قنديل ".
لقد تناحر الحزب الديمقراطي الكردستاني مع الميليشيات الايزيدية أيضا امام المعركة التي كانت تلوح في الافق ضد داعش في سنجار حول من منهم الذي سيرفع راياته على الجبل ، وعلى البلدة لاحقا بافتراض تحريرها. إلا انه مع ذلك الآن ، يمكن للقوات المتناحرة النظر فقط الى سنجار حيث الرايات الوحيدة هناك هي السوداء.
(*) من نشرة " تقرير نفط العراق "
مقالة نشرت بالانكليزية بتاريخ 8 تشرين ثاني \ نوفمبر 2015
تاريخ النشر
16.11.2015
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا |
16.11.2015 |
---|
|
لا للتقسيم لا للأقاليم |
لا للأحتلال لا لأقتصاد السوق لا لتقسيم العراق |
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين
|
|
---|---|---|---|---|
|
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |