%@ Language=JavaScript %>
كيف سيتم تحرير كركوك ولأية نتائج على الارض ؟
سعد السعيدي
بين يوم وليلة تمكنت داعش من احتلال نصف محافظة كركوك في حزيران العام الماضي. فاستولت بسهولة على كل نصفها الغربي منها بموازاة جبال حمرين ومحافظة صلاح الدين وكذلك نصفها الجنوبي المجاور لمحافظة ديالى. وقتها صمت البرزاني تماماً حول سقوط نصف المحافظة هكذا بيد داعش دون ان ينطق حياله باي اعتراض ! وهو امر اصابنا بالدهشة.
سقوط محافظة كركوك بيد داعش تم بنفس طريقة سقوط الموصل حيث خلافا للاوامر العسكرية "بادر" قادة القواطع المناط بهم الدفاع عنها بالانسحاب منها او الهروب لتسقط سواء بيد البيشمركة او داعش. وهو ما اكده اللواء المتقاعد عبد الكريم خلف عندما ذكر عرضاً في مقابلة حول سقوط الرمادي بان القائد العسكري الذي انسحب من موقع عمليات الانبار هو نفسه ذاك الذي انسحب قبلها من موقعه في قاطع كركوك. (ولا نعلم بما جرى لشرطة المحافظة وإن انهارت او تركت مواقعها او كانت وهمية واختفت هي ايضا. واهمل مسائلة قائدها والمحافظ حولها. ولا عن الصحوات ولا فيما إذا كانت هي ايضا من طراز الفضائية الوهمية كاخواتها صحوات نينوى).
ما يثير تساؤلاتنا في كل هذه العملية هو ان المناطق النفطية في كركوك مثل الآبار الضخمة بابا كركر وباي حسن وجمبور احتلتها البيشمركة فقط... ولم تحاول داعش الاستيلاء عليها. فاكتفت فقط باحتلال باقي اجزاء المحافظة الغربية وتلك المحاذية لديالى الخالية من اية حقول نفطية ! فهل كان ثمة اتفاق سابق بينهما يا ترى ؟ يلاحظ ايضا ان محافظ كركوك المدعو نجم الدين كريم قد التزم من يومها الصمت على هذا الوضع ولم نسمعه يطالب بتحرير باقي محافظته الواقعة ضمن المتنازع عليها حسب المادة 140 من الدستور ! وهذا ما يدفعنا للتساؤل عن حقيقة نواياه هو والبرزاني في موضوع هذه المناطق. إذ ان هدفهم الذي توضح وتحقق بمعية هجوم داعش هو الاستيلاء على الحقول النفطية الضخمة فحسب. (قبل استيلاء البيشمركة على كامل هذه الحقول في كركوك ، كانت قد استولت على جزء منها عام 2005 وهي قبة خرمالة (يسمونها الآن حقل خرمالة) وطردت عمال النفط العراقيين منها. استولوا كذلك منذ بداية الاحتلال الامريكي على حقل غير منتج وهو حقل نفطخانة قرب خانقين. في الموصل استولوا على حقل عين زالة). نستنتج اذن بان احد اهداف هجوم داعش كان تجريد العراق من حقوله النفطية ونقل ملكيتها الى الاكراد.
بعد استحواذ البيشمركة على الآبار النفطية إطلق البرزاني خطابه المعروف إياه الذي اعلن فيه انتهاء العمل بالمادة 140 من الدستور.
نعرف جميعاً ما آلت اليه الامور لاحقاً. فقد انقلب الدواعش على اقليم كردستان وقامت الحرب بينهما. مما نلاحظه هو ان الدواعش حتى في فترة اقصى قوتهم لم يحاولوا الاستيلاء على آبار النفط هذه في كركوك ! لكن عرفنا لاحقا بحدوث عمليات تهريب للنفط بواسطة الصهاريج لصالح داعش يقوم بها افرادا مرتبطون بالاحزاب الكردية الحاكمة في كردستان تنطلق من قضاء طوزخورماتو الواقع تحت سلطة الاقليم.
الآن بعد سنة من هذه الاحداث ينتظر الجميع انطلاق عمليات تحرير كركوك. وهي عمليات يبدو انها جارية لكن ليس مرة واحدة وعلى كامل اراضي المحافظة ، إنما بعمليات محدودة لمناطق محددة بين الفينة واخرى. ولا نعرف السبب لهذا التصرف. فقد جرى التمهيد لها بتطويق المنطقة وذلك بتحرير سلسلة جبال حمرين العام الماضي بداية. وهي عمليات قام بها الجيش والحشد بمفردهما دون اية مشاركة من البيشمركة. ثم بوشر وببطء بتحرير بضعة مناطق مثل نواحي الرشاد والرياض حيث اشتركت او جرى إشراك البيشمركة بها. ومؤخراً جرت محاولات قطع خطوط إمداد الدواعش من جهة صلاح الدين الغربية تمهيدا لاكمال تحرير الحويجة وكل غرب كركوك "غير الكردية". مما نلاحظه هو ان البيشمركة لم ترغب بتحرير اي جزء من مناطق كركوك "خارج كردستان" الواقعة بيد داعش على الرغم من الدعم الغربي بالسلاح والضربات الجوية. إذ لا يجري هذا التحرير كما نرى هذه الايام إلا بمعية الجيش العراقي والحشد الشعبي. وواضح بان الاكراد لم يكونوا جادين بتحرير المحافظة اصلاً كونهم كما قلنا ايضاً في مقالة سابقة يعتبرون داعش وسيلة لاضعاف السلطة المركزية في بغداد. فهم على هذا لا يشاركون بالتحرير بكامل رغبتهم بل لكونهم مجبرين عليه بحكم الوضع المستقبلي الذي ستستقر عليه المحافظة في النهاية بعد تحريرها. وقد تولد هذا الادراك بعد نجاح الحكومة المركزية من فتح الطريق البري الى كركوك وتحرير كل ديالى ومعظم صلاح الدين منذ العام الماضي والتقدم الجاري في تحرير الانبار. وهي تطورات قد قلبت الحسابات كما هو واضح.
المعروف هو إن كامل محافظة كركوك قد وضعت ضمن ما سمي بالمناطق المتنازع عليها في المادة 140 من الدستور. بذلك جرى عرقلة كل تطوير للآبار النفطية فيها (وجرى الاستيلاء على بعضها بالقوة كما ذكرنا اعلاه) بحجة الخلافات المتعلقة بالنفط المختلقة بموجب هذه المادة. إلا ان البرزاني قد استغل احداث حزيران العام الماضي فتجاوز على المادة الدستورية باكملها واحتل الجزء الحاوي على الآبار النفطية في المحافظة وترك الباقي بيد داعش. هذا يثبت بان ما يسمى بالمناطق المتنازع عليها لم تكن إلا العوبة وان البرزاني كان يستخدمها كحجة للسيطرة على المناطق النفطية.
تصرفات البرزاني (اكثر من خطابه المعروف الذي اطلقه حول انتهاء دستورية المواد المشار اليها) اذنت عن انتهاء صلاحية هذه الالاعيب الدستورية. فتجنبه مهاجمة الدواعش والتعاون معهم في تهريب النفط (وايضا التجارة في السلاح) كشف عن حقيقة نواياه. لذلك فإننا لا نرى في العودة الى تطبيق مثل هذه الترهات التي حشرت في الدستور إلا خيانة للمصلحة الوطنية العليا خصوصا إذا جرى دفع عمليات التحرير لغاية استرجاع كامل هذه المناطق النفطية وعدم تركها بيد الاكراد (الذين يقومون بسرقة نفطها كما هو معروف). ويعرف الجميع بان فرض هذه المادة في الدستور لم يكن ممكنا إلا بعدما جرى الاخلال بالتوازن العسكري على الارض بعد حل الجيش العراقي.
نلاحظ في هذا السياق بان ثمة تعتيماً شبه كامل حول سير عمليات تحرير المحافظة. فلا نعرف للآن عن حدود المناطق التي حررتها القوات العسكرية من جيش وحشد بين نواحي الرشاد والرياض والمناطق الاخرى التي استولت عليها البيشمركة. كذلك لا نعرف عن سير العمليات في الحويجة التي تقع غرب المحافظة والتي قد تكون آخر معاقل داعش فيها. فلماذا يا ترى هذا التعتيم على اخبار التحرير والتي تذكرنا بنتف الاخبار السابقة على سقوط الموصل ؟ هل ثمة إهمال ما ام انه متعمد ؟
لذلك فسؤالنا الموجه للعبادي هو هل سيتوقف تحرير محافظة كركوك على المناطق التي سقطت بيد داعش فقط ام سيتم الدفع ايضا تجاه استرجاع كامل الحقول النفطية العراقية هذه واستعادة سيادة الدولة عليها مما استولت عليه البيشمركة العام الماضي وقبلها منذ بداية الاحتلال ولالغاء نتائج الاختلال الذي تسبب فيه المحتل الامريكي ؟ من الواضح بان تصحيح عائدية الحقول النفطية إياها سيلغي الاعوجاج الذي حصل في السابق في المعادلة النفطية في العراق والمنطقة... ام ان هناك اتفاقات سرية مع الاكراد حول اتجاهات وحدود عمليات التحرير ؟
ننتظر الاجابة من العبادي حول هذا الموضوع السيادي...
تاريخ النشر
18.10.2015
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا |
18.10.2015 |
---|
|
لا للتقسيم لا للأقاليم |
لا للأحتلال لا لأقتصاد السوق لا لتقسيم العراق |
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين
|
|
---|---|---|---|---|
|
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |