<%@ Language=JavaScript %>

 

 

 

ظاهرة اللصوص الصغار

 

 

نوري جاسم المياحي

 

 

 

الكثير من الشعر العربي او الشعر الشعبي العراقي اصبح اليوم يعتبر دروس في الحياة بما يتضمنه من حكم وعبر ...فنجد المواطن البسيط يردده مع نفسه ولابناءه كي يتعلموا درسا دون الخوض بمتاهات فكرية تربية معقدة ..وبديهي لمن يريد ان يتعلم ..

اليوم ..يحضرني بيت من الشعر يمكن اعتباره درس من دروس أهلنا بالحياة اليومية السائدة في المجتمع العراقي اليوم .. الا وهي السرقة واللصوصية وفساد الذمم ..وهو

اذا كان رب الدار بالبيت ناقرا             فشيمة اهل الدار كلهم الرقص

وللامانة التاريخية فان ناظم هذا الشعر هو الشاعر العراقي البغدادي (1125 -1187 ميلادية ) هو سبط ابن التعاويذي ... حيث قال

وَقالوا اِستَبانَت يا اِبنَ عُروَةَ ابنتك       فَقُلتُ لَهُم ما ذاكَ في حَقِّهِ نَقصُ

إِذا كانَ رَبُّ البَيتِ بِالدُفِّ مولِــعــاً        فَشيمَةُ أَهلِ البَيتِ كُلِهِمِ الرَقصُ

اليوم هذا البيت من الشعر او هذه الحكمة لم تفارق عقلي في مقارنة بين حدثين ...الاول يتعلق بمن يحكم ويقود العراق ...والذين امثلهم برب الدار او البيت ..امثال الرؤساء الثلاث او الوزراء او النواب أو رئيس البنك المركزي او القاضي الأول ...واهل الدار او البيت هم المواطنين العاديين من صغار الموظفين والتجار والكسبة وارباب الحرف ..

الحادثة الأولى او بالحقيقة الفضيحة الأولى التي فجرتها النائبة حنان التلاوي قبل أيام في الاعلام العراقي وهي مطالبتها العبادي بالتحقيق في سرقة ( 10 مليار دولار من البنك المركزي ) ... وطبيعي هذا المبلغ يعادل ميزانية دولة ..وليس عشرة فلوس ...كما يصفه عراقيو أيام زمان ..

والمواطن يسمع يوميا بسرقات مهولة تدمي القلوب وتزكم الانوف ...ونراها كفقاعة الصابون تنطلق وتكبر وتكبر ...وبعدها تختفي فجأة ...ومن منا ينسى السلسلة الطويلة العريضة من السرقات لكبار الساسة والمسؤولين ؟؟ كلنا يتذكر فضيحة اختفاء 10 أطنان من الذهب في زمن المالكي ...ولفلفت القضية وطمطمت وكأن شيئا لم يكون ..

اما الحادثة الثانية ولو هي تافهة بقيمتها المادية ولكنها كبيرة بمغزاها الأخلاقي والتربوي والتي وقعت معي بالأمس وليس مع غيري وللأسف تكررت عدة مرات الى درجة الوم نفسي معها ...ولأنني لم اتعلم درسا منها ...والسبب بسيط ...انا شخصيا لا اكذب فأتصور كل الناس لا تكذب ..وانا لا أسرق فأتصور كل الناس مثلي لا تسرق ...وهذا ما تربى عليه جيلنا في البيت والمجتمع ...

ذهبت لسوق الخضار واشتريت (علاكه خيار) وعندما فتحتها في البيت فوجدتها ...كلها خيار لا يصلح للأكل ..فرميتها بالزبالة ...وقبلها كيس بصل تجد مظهره الخارجي رائع وعندما تفرغه تجده محشو بصل خايس ...او تشتري كيس بطاطه كل واحدة بحجم كرة القدم من الخارج وعندما تفرغ الكيس تجده محشو بطاطا بحجم ( دعبل الأطفال ) ..

للأسف هذه الظاهرة انتشرت وشملت كل مجالات الحياة وليس عند البقالين فقط ..تجدها مع باعة الادوية او القصابين او مستوردي اللحوم او الدجاج او البيض او الالبان ...وحتى طحين الحصة ..

والسبب اعزيه لفساد رب البيت او الدار وينطبق علينا المثل (السمجة خايسه من راسها ) ...والسؤال المطروح ..ذمم العراقيين افسدها الاحتلال واذنابه ومرتزقة الدين والطائفية والسياسة عامدين ..فمن المداوي والمعالج ..ان كان رب الدار ......فاسدا ؟؟؟ لا أدري ..

اللهم احفظ العراق وأهله ايمكا حلوا او ارتحلوا

 

 

 

 

تاريخ النشر

19.11.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

19.11.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org