<%@ Language=JavaScript %> حسن حاتم المذكور المرأة والتغيير ...

 

 

المرأة والتغيير ...

 

 

حسن حاتم المذكور

 

 

المرأة افق وطني انساني وكيان خلاق على الأصعدة الأجتماعية والفكرية والثقافية والسياسية اذا ما توفرت لها حرية الخلق وفرص البناء, المجتمعات الحية لا يمكنها ان تواصل مشوارها على قدم واحدة, ولا تصفق في يد واحدة, وشجرة الحياة لا تجد لها سكينة في مستنقع العبودية .

توقف الزمن العراقي عندما غادرت المرأة العراقية دورها في تحديث الوعي المجتمعي ودفع عجلة التقدم على سكة الأزدهار, ثم محاصرتها بين جدران المطبخ والأنزواء في ذاتها مسلفنة بغلاف الطاعة الذكورية, لا يكفي ان يكون المجتمع مشلولاً لا يحترم افراده, منحدراً في هوة التخلف والبلادة, بل امتد العوق لأبطال نصفه الآخر في دوامة من الأنحطاط المعنوي .

العراق يمشي على قدم واحدة, لا يمكنه اللحاق بالأخرين في سباق دورة الحياة, اخذت منه مخدرات الخرافات والشعوذات التي ابتدعها الوسطاء الناطقون نفاقاً بأسم الله والدين مأخذها, غيبوبة دمرت في الذات ميول التحرر واحترام الدور الوطني للمرأءة ( ام وزوجة وابنة), نوبات غبية وضعت الرجل في دائرة العجز والسقوطه في هوة الأنانية .

المرأة عبر التاريخ, تتفوق على الرجل في الصبر والثبات والشجاعة ونقاء الروح والنزاهة والكفاءة في بناء الأسرة السوية عبر الأمومة الحرة, الطفل يأخذ المثل والأخلاق والقيم من مراضع الأم, ومن داخل حضنها يتدرب على التسامح والمحبة والأندماج في الآخر, الرجل وعبر الأيديولوجيات الذكورية المعززة بالزائف من الأكاذيب والخرافات والبدع التي يبتكرها الوسيط, هلوسات دمرت فيه وفي الأسرة والمحيط العائلي الحميد من القيم والتقاليد والأعراف التي نشأت عليها الطفولة من داخل احضان الأمهات .

الواقع العراقي فقد بوصلته متخبطاً بين ارادات دولية واقليمية وخيانات محلية, ادوات اللعبة عملية سياسية وحكومة خذلان انبثقت عنها عبر خدعة ديمقراطية ودستور تقبع في صميمه اسباب الفرقة والفتن ومشاريع التقسيم الطائفي العرقي, حكومة لا يمكن اصلاحها من داخلها ومن العسير تغييرها من خارجها, الشعب يقف الآن على قدم مكسورة واخرى مبتورة .

لا فرق ان يتم التغيير اصلاحاً او انفجاراً يقلب الطاولة بكاملها, الذكور الذين فقدوا القيم والأعراف والثوابت الأخلاقية والوطنية التي اكتسبوها في احضان الأمهات, واخذوا الجاهز من مجتمع الأنكسارات والهزائم والتردي الشامل, غير مؤهلين لأصلاح واقعهم ناهيك عن اصلاح خارجهم, هنا لا توجد مراهنة على كيانات العملية السياسية في اعادة بناء الدولة وحماية الوطن وحفظ السيادة, تبقى المراهنة على مستقبل الطفولة التي ستنشأ حصراً في احضان الأمهات  .

هنا تصبح المسؤولية وطنية انسانية, ان تخرج الأمومة من مستنقع الأيديولوجية الذكورية, هذا الذكر (الرجل) الذي لا تتجاوز فحولته حدود تدمير الأسرة, مكبوساً داخل اطار انانيته وانكساره الروحي, كيان مهزوز يبحث عن الأضعف ليستضعفه بموروثات زائفة وفرها له المجتمع بكل قوانينه واعرافه وشرائعه غير السليمة, فوجد في المرأة ضالته ليضع الأمومة تحت سلم الأضطهاد وعلى ظهرها اثقال جهله ومحدودية افقه .

مغادرة المطبخ تعد خلاعة تعاقب عليها الزوجة, سليلي الحواسم يؤجرون مواخير يتعاطون بها الخيانات استحقاراً للنفس واذلالاً للعائلة, الرجل يوهم نفسه على انه الأشطر, يتجاهل ان سلوكه بيئة لنمو قرونه, المرأة وبعد ان تستنفذ صبرها, بعضهن يجدن انفسهن مضطرات للثأر لكرامة انوثتهن حتى ولو في حدود مخيلتهن, وهنا تجف غزارة عطائهن ويخسر المهبول انبل ما فيهن من المشاعر والأحاسيس, ولم تعد لقيم المودة والمحبة والأنسجام والعشرة الأمنة اهمية, انه (الحب المجفف) معروضاً في المزاد الذكوري .

مرحلة الأسلام السياسي التي نعيش اسقاطاتها, ستكون اكثر بغضاً من مرحلة النظام القومي البعثي, الواقع العراقي لا يدعو للتفائل, والمستقبل اكثر عتمة من الحاضر, على المثقف ان يعي الأمر ليأخذ دوره في الدفاع عن الأمومة والطفولة, ان تستعيد المرأة دورها عبر استعادة حريتها لتكون مؤهلة لتنشئة جيل وطني قادر على اعادة بناء الدولة والمجتمع وحماية الوطن وترقيع السيادة, مسؤولية في ان  يصبح العراق على سكة مسقبله, وهذا لا يمكن ان يحصل بدون كسر قيود عبودية المرأة واطلاق حريتها عبر المساواة غير المنقوصة مع الرجل, هنا فقط ستاخذ الطفولة دورها جيلاً جديراً بأعادة العراق الى موقع  يليق به .

سكراب السلف الراهن لم يعد مثالاً يقتدي به الخلف في مهام اعادة صياغة الحياة الأفضل, السلف يعيش الآن خارج منظومة القرن الواحد والعشرين, على المثقفين الأفاضل, ان يرفعوا من سخونة مواقفهم المتضامنة مع حقوق المرأة العراقية ودورها في ضمان مستقبل الأمومة والطفولة .

في العراق التقيت ببعض الكوادر اللنسوية الناشطة في مجال حقوق المرأة, التقيت مع السيدة الهام الحيدري في بغداد والسيدة بتول داغر في السماوة, كن وامثالهن كثيرات, شجاعات في تحدي بؤس الواقع, ومن الغريب ان الحكومة تفرض على بعض المنظمات التي تجد لها نفوذ عليها, ان يكون رئيس المنظمة رجلاً يتطفل كالحشرة التي تفترس قلب الثمرة .

25 / 07 / 2015

 

 

 

تاريخ النشر

25.07.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

25.07.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org