الارهابي ليس السفاح

 

 

حمزة الحسن

 

الاعلام الأمريكي ومعه الاعلام التابع الخليجي،
محتار في توصيف الهجوم المسلح في كاليفورنيا،
هل هو عمل إرهابي أم غير إرهابي؟

مقتل 14 وجرح العشرات، ومع ذلك لا تجزم السلطة الامريكية بجنس العمل،
وهذا يعني ان توصيف أو تسمية قتل وجرح هذه العدد من الضحايا مسألة تتعلق بهوية الجاني،
وليست بطبيعة الفعل.

اذا قام به مسلم متطرف، فهو عمل ارهابي، أما اذا قام به شخص آخر لدوافع أخرى ومن هوية دينية او قومية أخرى،
فهو عمل غير ارهابي، أي جنائي، ولا تنسب الجريمة الى دين أو قومية.
السفاح، حسب هذا المنطق، ليس ارهابياً بصرف النظر عن المذبحة، لكنه يصبح كذلك من خلال الهوية وليس من الدم المستباح.

علينا استعارة الخطاب الامريكي في ان الارهابي المسلم يختلف عن السفاح الامريكي،
كما علينا أن نفهم أن غزو الدول وخراب الشعوب هو من "أجل الديمقراطية"،
وقتل الناس في الشوارع هو" تقاطع نيران"،
ومسح المدن بالقنابل هو" معلومات غير دقيقة"،
وابادة عوائل عراقية نائمة هو" سلوك جنود يعانون من انهاك نفسي"،
وعلينا أن نفهم أيضاً ان حجارة الفلسطيني على مستوطن سارق أرض هو عمل ارهابي،
ودفاع فلاح أفغاني عن داره وشرفه من هجوم امريكي مسلح في غرف النوم هو عمل ارهابي أيضا،
والخ وهلم جرا.

لكن حادث كاليفورنيا عمل ارهابي سواء قام به مسلم متوحش او مخرج مسرحي صدم بفشل العرض،
أو قامت به راقصة أصيبت بنوبة سعار مباغتة، أو قام به عاشق محبط ،
او مطرب لم يجد في الحفل غير الفرقة الموسيقية،
أو كحولكي فز منتصف الليل ولم يجد التتن ولا الخمرة ووجد المسدس.

يراد للعمل الارهابي ان يبقى وصمة عربية واسلامية، لكي يزرع في أذهان الناس صورة نمطية عن هوية ودين وشعوب.

المطلوب ترسيخ صورة منفرة كريهة عن شعوب متوحشة تمارس العنف المسلح،
لتبرير الغزو و" التمدن"، والنهب،
كما لو ان منظمات العنف المسلح حتى قبل سنوات في أوروبا مثل بادر ماينهوف
في المانيا، والألوية الحمراء في ايطاليا، والباسك في اسبانيا،
والجيش الجمهوري الايرلندي السري، والجيش الاحمر الياباني مرتكب مجزرة غاز الانفاق في طوكيو والاف الضحايا، وجيش الرب المسيحي في أوغندا وغيرها المئات من منظمات العنف المسلح،
بل أكثر من 300 منظمة عنصرية في اوروبا اليوم تحت المراقبة،
كل هذه المنظمات العنفية المسلحة وغيرها ليست سوى حكايات مواقد متخيلة.

لو كان الجاني قد قام بمجزرة سقط خلالها المئات من القتلى والجرحى كما فعل السفاح بريفك في النرويج في 22 تموز 2011 قُتل فيها ما يقارب الثمانين وجرح العشرات في حفل للشباب في جزيرة،
فلن يطلق عليه صفة الارهابي ولا ذكر للدين والدولة والقومية،
وكل ما قيل وسيقال انه عمل جنائي فردي،
ولم يُمنح قاتل سابق صفة الارهابي،
ولا قاتل قادم في الطريق هذه الصفة،
حتى لو قام بارتكاب مذبحة،
لكي يظل هذا الوصم مُلكية خاصة بنا،
مع أننا ضحايا ارهاب دولي منظم.

 

حمزة الحسن

عن صفحة الكاتب على الفيس بوك

https://www.facebook.com/hmst.alhasn?fref=nf  

 

 

 

تاريخ النشر

06.12.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي