<%@ Language=JavaScript %>  حمزة الحسن الأرنب الروسي، والغزال الأمريكي

 

 

الأرنب الروسي، والغزال الأمريكي

 

 

حمزة الحسن

 

الطريقة الروسية في التفاوض حول سوريا،
مزيج من الدهاء وعراقة التجربة والحكمة،
وبقليل من التركيز تحتوي على فكاهة مشروعة،
وتعكس خبرة عريقة في التعامل مع العقل السياسي الغربي والامريكي.

فن التفاوض في الحرب هو حرب ايضا بوسائل أخرى،
فقد تخسر في التفاوض ما كسبته في الحرب والعكس صحيح.

ليس من المعقول ان تعلن حرباً ، على الطريقة العربية، بلا مشروع سياسي،
وليس من الحكمة أن تفاوض بلا ارادة ولا قوة ولا استقلالية على الطريقة العربية،
وليس من المنطق ان تنتصر في ساحة حرب،
قبل ان تنتصر في ساحة سياسة.

تعالوا نذهب الى جنيف 1،
حسنا لنذهب الى جنيف 2،
واذا فشلنا ، هناك فينّا،
لم لا نذهب الى موسكو ونجمع السلطة والمعارضة؟
وفي هذا الوقت تكون الطائرات الروسية قد محت من الوجود الجزء الأكبر من البنية التحتية للمنظمات الارهابية في الصفحة الأولى،
وشلت قدرتها على خوض معارك مفصلية عدا غارات حفظ ماء الوجه أمام الممولين على هذه القرية او ذلك الحاجز او نقطة السيطرة،
في حين هناك الصفحة الثانية والأهم التي يفترض ان تبدأ، وحسب تقديرات المنظمات المسلحة نفسها، منتصف هذا الشهر، أي الهجوم البري الواسع النطاق الذي قد تشارك فيه وحدات نخبة روسية.

وعندما يرتفع الصخب ضد الروس في دعم بشار الأسد،
يكون الجواب الروسي" لم نقل للرئيس عليك الرحيل أو عليك البقاء لأن هذه مهمة الشعب السوري"،
و" لسنا متمسكين بالرئيس السوري".

العبارة الأخيرة أخذها الاعلام العربي المتخلف على طريقة لا تقربوا الصلاة وحذف الباقي،
حتى جاء الرد" ليس من واجبنا املاء أوامر على الدول".

الدهاء الروسي يعيد حكاية الارنب والغزال: اذا كنت تريد الارنب، خذ الارنب، اما اذا اردت الغزال، فخذ الارنب.
لسنا مع بقاء الرئيس السوري ولسنا مع الرحيل،
اذا كنتم تريدون اسقاط الأسد، لنقض على الارهاب اولاً،
أما اذا كنتم لا تريدون القضاء على الإرهاب، فالشعب السوري يقرر مصيره.

عليكم حل هذه الرطينة الروسية.

يقول المحتجون على التدخل الروسي ان روسيا تقصف مقرات وقوات المعارضة المعتدلة بنسبة 95، 85، 75 بالمئة.

ويكون الجواب الروسي " طيب حسنا لنجلس ونعرّف معنى المعارضة المعتدلة".
أو " اعطونا أسماء المنظمات المعتدلة"
أو " اذا كانت موجودة لنتعاون معا ضد الارهاب"

يعرف الروس بيقين مطلق الاهداف البعيدة والقريبة من هذه الحرب المدمرة،
وعن خبرة يعرفون كل الحيل والمناورات واساليب الغش والخداع،
لكنهم يلعبون مع العقل الغربي والامريكي والخليجي لعبة الانهاك والاستنزاف والتعرية على مراحل،
ويعرفون عن طريق المعلومات الموثقة قبل التحليل السياسي ان الغرب السياسي والنظام الامريكي أدخلوا المنطقة في حروب وحشية منظمة للدفاع عن أمن إسرائيل، وتلبية للرغبات السعودية التي تخوض حروباً طائفية بعناوين زائفة وملفقة، واتبع الغرب وامريكا " سياسة النفاق السعودي" بتعبير باتريك سيل.

ليس من المستغرب حتى من النخب المثقفة العربية الوطنية الوقوع في التباس في فهم اللغة الروسية لأننا نريد من دولة كبرى كروسيا أن تتبنى الخطاب العربي الأجوف والطنان.

حسنا، يقول الروس، بعد فشل فينّا، هناك موسكو،
اذا كانت موسكو مكانا غير مناسب،
نحن نقبل أي مكان آخر للتفاوض.

خلال هذا الوقت تكون الاساطيل والبوارج الحربية الروسية قد ملأت البحر الأبيض المتوسط،
وضرب الصواريخ العابرة للحدود مثل ضرب النعل في مشاجرات حانات الباب الشرقي أيام زمان،
وتحولت قطعان دولة الخلافة الى بهائم تركض في كل الاتجاهات هربا من الطائرات التي لم يجدوا طريقة للتصدي لها غير بالونات الاطفال،
في حين تحاول وسائل الاعلام الخليجية ترقيع ما لا يمكن ستره باساليب البتر والحذف والابتسار.

لم يبق أمام الروس في هذه اللعبة الباهرة والشجاعة والضحك من العقل الأمريكي الخليجي، وهو ضحك مشروع إلا القول:
"
اذا كنتم تريدون الأسد، خذوا عزة الدوري".

هل يمكن أن نتعلم من الروس فن التفاوض اذا فشلنا في تعلم فن الحرب والبناء وادارة مراحل التحول والمنعطف؟

لا يمكن لنظم الحكم العربية ان تصل الى هذا المستوى لأنها فاقدة الارادة والاستقلالية والقوة أيضاً،
وغالباً ما يخسر العرب معاركهم قبل الدخول الى غرف التفاوض،
والنظم المهزومة من شعوبها،
الخاضعة لسيطرة وحماية الغير،
لا يمكن أن تنتصر لا في الحرب ولا في السلام،
وقد يكون ذلك ممكنا في غرف النوم .

يذهب هؤلاء الى صالات التفاوض للتوقيع على شروط مسبقة،
لتشليح ما تبقى لديهم من مال وكرامة وسيادة وأرض.
ولو تم ارسال ملابسهم التقليدية الى غرف التفاوض،
لما تغيرت النتيجة،
لأنهم دمى محشوة في بناطيل ودشاديش واحذية.

 

 حمزة الحسن

 

عن موقعه على الفيس بوك

https://www.facebook.com/hmst.alhasn/posts/10153339001242266

 

 

 

تاريخ النشر

07.11.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

07.11.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org