<%@ Language=JavaScript %> حمزة الحسن ثمن المستنقع الافغاني

 

 

ثمن المستنقع الافغاني

 

 

حمزة الحسن

 

 

تجري الاشارة دائما في الغرب والشرق عن المستنقع الافغاني،
عن التدخل السوفيتي في افغانستان،
ويتم وصف نهاية هذا التدخل بـــ " المستنقع"،
لكن الجزء الجوهري من هذه القضية، اي المسكوت عنه، هو الأهم،
وهو: ماذا كانت نتائج هذا " المستنقع"؟
أي ان أخطر وأهم الأسئلة هي التي لم تطرح جهلاً أو عمداً،
والحقائق تكمن في الاسئلة المخفية وليس في الاجوبة الجاهزة.

تدفع البشرية اليوم نتائج ذلك" المستنقع" من انتشار الارهاب والتطرف الى نمو الحركات الوحشية،
الى الرعب الدولي وفقدان الثقة وملايين القتلى في كل انحاء العالم،
منذ الانسحاب السوفيتي من افغانستان وحتى اليوم.

والسؤال الملغي والمحذوف والاساسي هو: ماذا كانت ستكون النتيجة لو نجح السوفيت في التأسيس لسلطة سياسية في كابول على خلاف ما هو عليه اليوم؟

تم جلب عشرات الالوف من الطلاب الفقراء من المراعي الافغانية الى موسكو،
وتم تحويلهم الى اطباء ومهندسين ورجال ادارة وقادة جيش ومعلمين وخبراء،
ورغم كل الأخطاء الممكنة،
لكنها لم يكن من المتوقع ان تصل بهذا البلد الذي غرق في حرب اهلية منذ ذلك التاريخ الى هذا الدمار الوحشي،
واغرق العالم معه.

الجانب الاخر المحذوف والملغي والمسكوت عنه ، مثل قضايا كثيرة ينظر لها باتجاه واحد، هو:
من هي القوى التي جعلت التدخل السوفيتي" مستنقعا بشريا عالميا" يدفع العالم ثمنه حتى اليوم وانتج كوارث تستعصي على العد والوصف؟

منتجو المستنقع الافغاني هم انفسهم من يخطط اليوم لمستنقع روسي في سوريا،
أي اننا امام التحالف الدولي نفسه الذي جر العالم لكوارث كبرى راح ضحيتها الملايين،
وهو تحالف غربي امريكي خليجي،
اي شراكة مقززة بين قوى لا روابط تاريخية ولاثقافية وفكرية ولا اخلاقية بينها عدا المصالح،
وهي مصالح غير مشروعة بكل يقين.

السعودية جرت العالم مرتين الى مواجهة حربية بصورة غير مباشرة وصلت في بعض اللحظات الى تهديد مباشر للسلم الدولي،
الأولى في افغانستان بدعم القاعدة وطالبان واخواتها،
وتقسيم العالم الى مع " المجاهدين" وضدهم،
وثانية الى صراع مسلح وحشي في العراق وسوريا واليمن وغيرها،
ولا نريد الكلام هنا عن حروب كثيرة في العالم ومنظمات ارهابية يقف خلفها النظام السعودي.

ماذا كانت نتائج" المستنقع السوفيتي" على العالم؟
انتشار الارهاب وتشظي الحركات الدموية وتعطيل التنمية والعدالة لشعوب العالم العربي،
وتدمير افغانستان وتهديد يومي للحياة في الغرب الشرق.

العقل المشرقي والعربي خاصة يأتي للأحداث من نهايتها،
بلا جذور ولا مقدمات ولا أسباب قديمة،
لذلك يجري الكلام بخفة وارتجالية وسفاهة عن" هزيمة السوفيت" في افغانستان كما لو ان البشرية حققت " نصرا" بتلك الهزيمة،
مع ان تلك" الهزيمة السوفيتية" كانت كارثة على البشرية تدفع ثمنها كل يوم في ادق التفاصيل الانسانية،
حتى صارت الارض مكانا غير صالح للعيش مع هذا الرعب المنظم.

لن يكون في سوريا" مستنقع روسي" على الاطلاق،
حتى لو حاولت ممالك الشر انقاذ منظماتها الارهابية بالسلاح والمال والسياسة والاعلام،
لا مفر لها من المصير المحتوم،
لأن طبيعة المعركة مختلفة ، في الجغرافيا والسلاح والشعوب والثقافة والزمن،
وسيعرف العالم ان مصدر الشر الافغاني والسوري والعراقي واليمني واحد،
وهناك نظام مسعور متخلف مرتجف يقود البشرية الى الهاوية كل حقبة بشراء الجيوش والضمائر والنظم والاعلام والنساء والسلاح وكرامة الناس.

من يعتقد ان داعش هي نسخة واحدة يفارق الصواب ويعيش في بلبلة فكرية ونفسية وحيرة،
ولا يمكن للتنظيم المركزي لداعش السيطرة على مجاميع ارهابية مخترقة من دول ومخابرات دولية ومن ارهابيين من دول كثيرة ومصالح وتفسيرات ومعتقدات مختلفة وبيئات وعقليات وثقافات محلية كثيرة:

هناك النسخة السعودية من داعش واخواتها ومتخصصة في الحرب على العراق واليمن وسوريا وغيرها،
لكن النسخة الداعشية المحلية في المملكة غير معنية بهذا الالتزام،
وهناك النسخة التركية الداعشية التي تحارب في سوريا والعراق ولكنها تتحاشى تركيا،
غير ان النسخة الداعشية الفرعية غير معنية بهذا الالتزام وقد تضرب في تركيا اذا تطلب الأمر،
وهناك النسخة الامريكية والفرنسية والالمانية والاماراتية والخ.

لذلك لا عجب ولا غرابة اذا رفضت هذه الدول الحرب على داعش ــــ النسخة الاصلية الأم ــــ من قبل روسيا بذرائع مختلفة ملفقة،
في حين انها تعيش في عداء مع نسخها المحلية،
لأن النسخة الاصلية تحقق اهدافا كبرى تعجز عنها النسخ الفرعية التي تقتل مواطنين لا قيمة لهم في حساب هذه النظم وتترك النظام.

هذا النوع من التحالفات شائع بين العصابات والمافيات والشركات الكبرى والنظم الارهابية،
ويقتضي الأمر ان علينا التوقف عن التفكير في" اتجاه واحد".

يدفع العالم اليوم ثمن" المستنقع السوفيتي" من دون مراجعة ولا اعادة قراءة في ضوء الوقائع الجديدة،
واذا كان السوفيت قد خرجوا من ذلك المستنقع،
فإن العالم بجهود الولايات المتحدة والعقل الغربي الاستعماري والقوى العربية المتخلفة،
يغرق في بحار من الدم والريبة وتناسل الحروب والأحقاد،
وموت الناس العلني،
وأحد الأسباب الكبرى هو ذلك المستنقع الذي نغرق فيه اليوم،
ونسيناه تماماً.

 

حمزة الحسن

 

 

عن موقع الكاتب على الفيس بوك

https://www.facebook.com/hmst.alhasn/posts/10153296764757266

 

تاريخ النشر

11.10.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

11.10.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org