<%@ Language=JavaScript %> حمزة الحسن

 

 

قائد جديد

 

 

حمزة الحسن

 

طالب الرئيس الامريكي قبل أيام بـــ" قائد جديد" لسوريا،
لأن الرئيس" العتيق" فقد شرعيته،
ونحن نحلم منذ عقود بقادة جدد في العالم العربي،
لكي نتخلص من الدمى الامريكية والغربية،
لكن من أين نأتي بقائد جديد للعراق وسوريا واليمن ومصر وليبيا مثلا؟
في حين لا تحتاج النظم القبلية البدائية مثل هذا القائد،
لسبب بسيط جدا هو ان قادة هذه النظم الوحشية تتطابق مواصفاتهم مع شروط العمل الامريكية.

من أين نأتي بقائد جديد لدولنا والولايات المتحدة والغرب الاستعماري صحروا السياسة والاقتصاد والعلم والعقول، وأفرغوا حياتنا من كل معنى لكنها محشوة بالرعب؟

كيف تستطيع هذه الشعوب اختيار" قادة جدد" خارج شروط القبول الامريكية،
اذا كانت الولايات المتحدة خبيرة في صناعة الدمى الرئاسية في العالم العربي وغيره،
وتقتل كل" قائد جديد" حقيقي يرفض شروط العقد ومن بينهم مثلا عبد الكريم قاسم في العراق،
والدكتور مصدق في ايران، وتصفية قادة التحرر الوطني الافريقي جميعا من باتريس لومومبا الى نيكروما الى المهدي بن بركة والعشرات غيرهم؟

من أين سنعثر على قائد جديد؟
اذا جاء من حرم جامعي بلا عصابة ولا عشيرة مسلحة ولا مافيات ولا مخابرات دولية،
فسيجد نفسه في أول خطاب في شارع أو قاعة أو ملعب مجندلا برصاص مجهول،
أو يختطف ونظل نبحث عنه في المزابل،
وبين أكداس التبن وصناديق البطاطا،
وقد نعثر عليه في النهاية مرميا في حاوية زبل قرب مبولة عامة.

اما اذا جاء القائد الجديد من احياء الصرائف،
وأعلن منذ اليوم الاول ان الثروة والسيادة والارض والكرامة ملكية عامة لا يحق للعالم التحكم بها،
فمثل هذا القائد الجديد سيجد نفسه أمام خيارين :
إما الجنون أو الانتحار،
وقد نعثر عليه، اذا نجا من الاغتيال، مربوطا الى سرير في مستشفى الامراض العقلية وقد تقمص في نسخته الثانية شخصية نابليون أو فريد الاطرش أو ذئب يعوي في ردهات المصح.

من أين يأتي القائد الجديد وقد صارت السياسة، بجهود الولايات المتحدة والغرب الاستعماري، حلبة لصراع الديكة والمافيات والعصابات من اجل المصالح الغربية،
انتجت لنا داعش التي يتباكى اليوم الغرب الحاكم والولايات المتحدة والنظم القبلية المأجورة لأنها تتعرض "لعدوان روسي" في أكبر فضيحة في التاريخ المعاصر،
تكشف الغطرسة الاستعمارية التي عراها الروس علناً امام العالم؟

وسنسمع كثيراً في الأيام القادمة من الإعلام العربي المأجور عن" المجازر الروسية" وعن الطائرات الروسية التي لا تقتل سوى الاطفال والنساء والمدنيين،
اما الذين قتلتهم الطائرات الامريكية من هؤلاء عن طريق" الخطأ" في دول كثيرة،
فلا حضور لهم في هذا الاعلام المخادع والمضلل.

كيف تستطيع هذه الشعوب اختيار قادتها الجدد اذا كانت كل المعارضات العربية، من كل الالوان والاطياف، مخترقة بالدعم المالي والسياسي والاعلامي والثقافي،
وبعضها بالسلاح؟

مصنع الانتاج الامريكي للزعماء في العالم خلال القرن الماضي واليوم هو مصنع انتاج خدم مصالح وليسوا قادة وطنيين،
ونماذجهم العراقية النجيفي وعلاوي والمطلك والبارزاني والعبادي،
والخطاب السائد على اختلاف الانغام لا يخرج عن خطابات الشيخ حميد المهاجر،
صاحب اختراع الجكليتة الشافية من كل الامراض،
وبالغزو الامريكي " تطورنا" من العقل الدكتاتوري الى العقل الاسطوري،
فمن أين يأتي القائد الجديد؟

اذا كانت سوريا وحدها تحتاج الى قائد جديد،
فهل الرئيس العراقي اليوم، الدمية والمأجور، هو قائد جديد؟
هل زعماء الخليج هم قادة جدد؟
هل الدمى الامريكية في العالم العربي من مبارك وزين العابدين وعلي صالح ومن لف لفهم كانوا قادة جددا وقد نالوا كل الرعاية الامريكية والغربية،
حتى تحولت حياتنا الى صحراء في كل شيء،
وصار البحث عن قائد جديد في هذه الفترة المشؤومة كالبحث عن الحياة في الكواكب؟

كيف نفهم الخطاب السياسي الامريكي خارج تاريخه الطويل من البلادة والغطرسة،
الذي قضى الفيلسوف نعومي تشومسكي حياته وهو يفكك ويفضح ويعري هذا الخطاب الذي لخصه في حكاية القرصان والامبراطور:
" قبض امبراطور على قرصان بحر وساله كيف تزعج البحر؟
فأجاب القرصان: لأنني أفعل ذلك بسفينة صغيرة أدعى لصاً،
وانت يفعل ذلك باسطول ضخم تدعى امبراطورا".

مشكلتنا ليست مع القرصان اللص المحلي الذي يمكن التخلص منه يوماً،
لكن المعضلة مع الامبراطور الذي يسحق الناس ويسرق المال والحياة والأمل،
ويفرض شروط البحر علناً،
تحت الشعار نفسه:
حماية البحر من اللصوص،
لأن ايديولوجيا العقل المافيوي الاستعماري لا تتحمل أكثر من عصابة في مكان واحد:
الزمان محجوز والمكان محجوز لارادة واحدة،
كما يحدث في حانات الشقاوات،
وفي سجون القتلة،
وفي شوارع البلطجية، وفي الاحزاب الفاشية.

 

 

حمزة الحسن

https://www.facebook.com/hmst.alhasn/posts/10153280722502266

 

تاريخ النشر

05.10.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

05.10.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org