<%@ Language=JavaScript %> حمزة الحسن اصلاح أم تلقيح؟

 

 

 اصلاح أم تلقيح؟

 

 

حمزة الحسن

 

 

اذا كنا نتردد في الكلام خلال وقبل التظاهرات
قبل يوم أو أكثر من أجل التماسك،
فليس من الصحيح الاندفاع خلف الناس في كل الاوقات.

لم نكن يوماً من صنف المثقف " الشعبوي" الذي ينفخ بالناس وهو أخطر من السياسي المأجور،
وليس من صنف المثقف" النخبوي" المتعالي على الناس،
ولم نتردد يوماً في نقد الوعي العام مع ما حمل ذلك من مخاطر ومتاعب،
ندفعها بكل ارتياح كثمن للموقف النقدي،
لأن تقديس الجمهور لا يقل خطراً، بل أكبر، من تقديس السلطة،
وتقديس الممارسات الشعبوية الخاطئة وتبجيل الاساطير العامة،
السلطة منتوج اجتماعي وليس العكس.

ليس من شروط احترام الجماهير، كما في زمن المثقف الدعوي المهرج، الذي كان يهادن ويمجد اخطاء الناس من اجل الكسب على حساب الحقيقة،
اخفاء الحقائق لكي تظهر في وقت آخر بصورة نكبة أو مجازر.

نريد أن نقول: هل ما يجري في العراق اصلاح؟
هل ممكن الاصلاح؟
هل نقل جنود حمايات من مكان الى اخر،
ومصادرة سيارات وفيلات وتخفيض رواتب حفنة من المسؤولين هو اصلاح؟

هذا كان، في زمن النظام السابق، يجري كل يوم في الثكنات،
وفي المنظمات بل في هرم السلطة.
هل كان اصلاحاً؟

بل ان النظام السابق قام بــــ" سلسلة انقلابات" على نفسه،
شملت القيادات وحتى الافكار،
من الايديولوجيا القومية الى الدين،
من ترخيص الاحزاب في السبعينات الى سحقها،
ومن الغاء الالقاب والعشائر حتى من سجلات الأحوال المدنية الى دعمها في حقبة أخرى،
ومن تأسيس النقابات الى شطبها بقرار في يوم آخر،
لكن العقل المركزي هو نفسه،
وطبيعة بناء السلطة هو نفسه.

هناك حلقات مركزية في هذا النظام لا يحدث الاصلاح بدون تغييرها،
وهي نظام المحاصصة ـــ التوافق ـــ الشراكة ـــ الخ مفردات القاموس المخادع الذي انتج كل هذه الكوارث.
وهناك مؤسسات مركزية بلا تغييرها يصبح الاصلاح ضحكاً على الذقون،
وتتحول المسيرات الصاخبة الى طقوس وتكرار،
ونسخة منقحة من المواكب الكربلائية وهي:
مؤسسة السلطة ــــ وعمودها نظام المحاصصة ... ــــ ومؤسسة القضاء، والجهاز التنفيذي.

هذه المؤسسات الحاكمة،
مع البناء السياسي القائم على التوافق والشراكة والترضيات،
ستبقى، كما هو واضح، حتى تبح حناجر الناس في الشوارع،
وكان يجب اختزال الاصلاح في اعادة بناء السلطة السياسية،
وليس في هذا العدد الهائل من المطالب الفرعية التي يضيع فيها الهدف الحقيقي.

اذا كانت الخدعة الأولى في السنوات الماضية قد تمت من قبل حرامية،
فالخدعة الثانية اليوم تتم من قبل أبالسة سياسة،
هل يظل العراقي يتنقل من خدعة الى أخرى؟

من تاريخ التلقيح الداخلي الذاتي للنظم التي تحت السيطرة الأمريكية المباشرة او عبر ستار، مثلا، عندما يصبح النظام عاجزاً عن الضبط أو خشية من وقوع السلطة تحت سيطرة الناس، وبعد عجز الترقيع الاصلاحي،
هذه الحوادث:
1 قتل الرئيس الكوري الجنوبي المأجور بارك تشنج عام 1979 من قبل وزير الدفاع في جلسة وزارية وتعيينه محله بطلب من الولايات المتحدة.

2 اغتيال الرئيس الفلبيني رومان ما غسيسه، وهو وكيل وضيع للولايات المتحدة، بعد فشله في ضبط الاوضاع عام 1957.

3 اغتيال الرئيس الفيتنامي الدُمية نجو دنه ديم عام 1963 مع شقيقه بعد عجزه عن السيطرة.

4 اغتيال سالمون باندرانايكي رئيس وزراء سريلانكا، الحليف المؤتمن للولايات المتحدة، لكنه فشل في " ضبط" الاوضاع، لذلك تنكر عملاء لوكالات المخابرات الامريكية بزي رهبان في دير بوذي واغتيل وهو يصلي.

5 وماذا عن التلقيح الاخر لدعم حلفاء وتصفية اخرين؟ الدكتور مصدق عام 1953؟ والملك فيصل؟ والجنرال ضياء الحق عام 1989؟ عبد الكريم قاسم 1963؟ وغيرهم الكثير في قارة افريقيا وامريكا اللاتينية.

بلا تغيير النظام السياسي، أي اعادة بناء السلطة من جديد،
وكان من الأصح والأدق اختصار كل المطالب به،
بلا ذلك ستشهد كراجات السيارات لزعماء الاحزاب والحواشي تنقلات ومصادرات وتخفيضات،
وستشهد الثكنات عمليات نقل جنود، جنود الشطرنج، من هذا المكان الى ذاك،
وتخفيض راتب هذا او ذاك،
في مهرجان صاخب وسينمائي من القرارات يرضي مشاعر البعض،
ويلبي نزعات النصر الوهمي في البعض الاخر،
دون الانتباه الى مخاطر افراغ الناس من الحماس والامل مع الوقت والتعب وطول الانتظار،
وطول الانتظار سم بطيء يفسخ العقول والمشاعر والارواح والاجساد بصمت.

هذه السلطة تلقح نفسها من الداخل ضد التداعي،
تعيد بناء الطلاء والصبغ والواجهة،
ولتردح الجماهير في الشوارع.

 

حمزة الحسن

 

عن موقع الكاتب على الفيس بوك

https://www.facebook.com/hmst.alhasn/posts/10153197574772266

 

 

 تاريخ النشر

23.08.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

23.08.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org