<%@ Language=JavaScript %> محنةالعبادي حمزةالحسن

 

 

محنة العبادي

 

 

 حمزة الحسن

 

محنة العبادي تاريخية وانسانية وسياسية سيذكرها التاريخ،
وعلى الرجل ان يقرر بنفسه كيف
تُكتب،

ونوع الحروف.

لكن الرجل الذي قُذف به اليوم في المسرح الروماني لمصارعة كلاب شرسة مسعورة وجائعة،
لا يملك حتى الاظافر والسلاسل،
بعد ان رفعت المرجعية الغطاء عن اللصوص،
وخلفه بحر وأمامه بحر،
لا يسمع من الجمهور المتفرج على لعبة الموت سوى الصلوات والدعاء بالنجاح،
لكن أمام أشداق كلاب متربصة وزاحفة،
وامام جدران المسرح العالية،
وأمام عري الرجل،
ماذا ينفع الدعاء؟ بل ماذا تنفع خبرته في الحاسوب؟

يوم جاؤوا بالمناضل الجزائري بوضياف من بلدة وجدة المغربية،
وهو من قادة جبهة التحرير الجزائرية لكنه ترك الجزائر بعد خيانة الرفاق للثورة،
وعاش في عزلة كصاحب دكان للفخار في وجدة المغربية على الحدود مع الجزائر،
يوم جاء به الجنرالات لاصلاح الوضع بعد صراع أهلي مسلح،
وعينوه رئيساً كمحاولة لاستغلال نظافته،
ظنوا ان المنفى المغربي قد روض مناضل الاوراس،
وأكثر قادة جبهة التحرير نزاهة وبراءة،
كما ان للعمر أحكام وقد يكون الرجل قد" عقل" ونسى الثورة،
ومن المحتمل أن مهنة الفخار الشاقة قد روضته،
لكنهم فوجئوا بأن بو ضياف هو نفسه،
وان دكان الفخار جعله أكثر صلابة،
وكانت أول مواجهة له مع كبار اللصوص والجنرالات،
لذلك اغتالوه علناً من قبل رجل أمن ما يزال في السجن حتى اليوم.
وقد يكون اهداء احلام مستغانمي روايتها" فوضى الحواس" الى بو ضياف أجمل من الرواية نفسها،
لأن اسم" بو ضياف" في الذاكرة الجزائرية يعني النقاء البري المفقود.

العبادي ليس بو ضياف،
لاختلاف تجربة الرجلين،
لكن قد تكون النهايات متشابهة أحياناً:
خطأ بو ضياف ليس في النقاء والمغامرة الانسانية وفي النبل،
لكنه دخل المعركة وحيداً أمام كلاب شرسة ومسعورة أيضاً،
وبشهادة زوجته كان واعياً للثمن،
ورفض أن يكون دمية.

في ظروف خاصة في حياة الانسان يظهر المعدن الحقيقي المخبوء،
تظهر الصلابة أو الضعف،
الغطرسة الفارغة أو القوة الحية،
والعبادي رغم كل شراسة القوى التي يصارعها،
وقد فتحت أبواب المسرح في لعبة الموت،
عليه أن يختار بين التضحية بحلم الناس،
أو" الضرب بيد من حديد" على الفاسدين،
وهم كثر يملكون المال والسلاح والاتباع والحلفاء في الداخل والخارج.
لا خيار آخر،
أو يلقي خطابا صريحا وشجاعا وواضحا يعلن فيه ان المهمة أكبر من طاقته على تحملها،
ويكون بذلك شجاعا ايضا.

أما اذا كان الرجل قد تم " تلويثه" من قبل اللصوص لشراء صمته،
ويخاف من وضع اليد في عش الدبابير،
ويلجأ للتسويف والمناورات والترقيع،
فسوف لن ينجو بنفسه كما يتصور أمام شعب لم يعد لديه ما يخاف منه أو يخسره،
بعد أن شبع من الخوف وملّ من الخسارات،
والتاريخ يحذر من اللعب مع شعب خاف طويلاً،
وخسرا كثيراً.

لو ذهبنا، في زمن العقل الاسطوري العراقي الجديد، الى لعبة التنجيم،
العبادي ولد في 24 نيسان،
وهو محصور بين عيد ميلاد صدام حسين في الثامن والعشرين من نيسان،
وعيد ميلاد هتلر في العشرين من نيسان.
ورغم اننا لا نتمنى له النهايتين،
لكن عليه ان يقرر مصيره كما يريد،
دون أن ينسى هذه التواريخ:
القوة تزول، السلطة تزول،
وهذه الابادة المنظمة لشعب كامل بعنوان " سرقات"،
يجب أن تتوقف،
أو يكون العبادي، في المسرح الروماني، ليس في مواجهة كلاب مسعورة فحسب،
بل أمام جمهور متفرج أوصلوه الى الجنون.

 

حمزة الحسن

https://www.facebook.com/hmst.alhasn?fref=nf

 

تاريخ النشر

09.08.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

09.08.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org