%@ Language=JavaScript %>
عمارة بيرغن
حمزة الحسن
عندما وصلت الى النرويج
عام 1991 سكنا في عمارة قرب محطة القطار،
ومركز المدينة الساحلية الجميلة بيرغن،
والعمارة من أربعة طوابق لكنها ملخص للعالم،
من عراقيين فارين، ومن ايرانيين ملكيين، ومن قحاب سايغون بعد هزيمة الجيش الامريكي في فيتنام،
ومن انقلابي اثبوبي هو النقيب أيالو قام بمحاولة انقلابية
ضد الرئيس الشيوعي مانغستو،
وهرب بعد فشل الانقلاب.الذي يجمع الناس هنا هو القانون وليس العرق،
الثقافة وليس التاريخ،
احترام الاختلاف وليس العقائد،
تقدير الموهبة وليس الصيت.الطابق الاول مشحون من أول شقة الى اخرها بمنشقين صينيين،
ومن فارين من نظام الدكتاتور التشيلي بينوشت،
الى رجال أمن وجلادين سابقين هربوا من دول في امريكا اللاتينية،
وأعداد من رجال ونساء اوروبا الشرقية بعد التحولات العاصفة،
وجندي روسي هارب من حرب افغانستان،
وفي احدى غرف العمارة ظهر لنا ذات يوم أسود الامام المهدي على شكل فار عراقي،
وتقمص صورة الامام الغائب،
حتى انتهى مصيره في مصح عقلي،
في حين كان النقيب الانقلابي الاثيوبي يطرق علي الباب في أي وقت ــــ تتجاور شقتنا ـــــ ويطلب بعربية مكسرة:
" من فضلك عندك بيرة لهذه الشرموطة".وفي ليلة ثلجية عاصفة أفقت من النوم على طرق عنيف على الباب بعد أن فشل جرس الباب الشاعري في ايقاظي وقلت مع نفسي بين اليقظة والنوم انها مداهمة ورب الكعبة،
لكنني وجدت النقيب الانقلابي، عارياً، في قبضة الشرطة وهو يطلبني كشاهد على حسن سلوكه وفي قضية مخجلة عندما أدخل ايالو وفي نوبة غضب أو اي نوبة اخرى غير مفسرة،
زجاجة كوكا كولا من الحجم الكبير "في" فتاة نرويجية شقراء مثل طير الذهب،
من دون سبب واضح.وفي واحدة من المرات طلب البوليس اجراء لقاء معي حول جريمة اغتصاب قام بها عراقي مجاور لي في الطابق كان محكوما بالاعدام في العراق وخرج بعفو عام،
وارتبط بعلاقة صداقة مع شابة نرويجية في الصيف
انتهت بكارثة بعد شهور من الرقص المشترك والنبيذ والتلامس الجسدي العفوي والفتاة في الشورت الصيفي الذي يكشف أكثر مما يستر.قالت لي الشرطية بحضور مترجم فلسطيني هو صديق:
" هل سمعت صراخا وطلب نجدة؟".
قلت بعفوية شنيعة كعادتي" سمعت صراخاً، لكن الصراخ هنا ظاهرة عادية".ولم أفطن الى هول ما قلت الا بعد أن لعلعت ضحكة الفلسطيني وهو يغص بالترجمة التي قام بها حرفيا وقالت لي الشرطية مندهشة:
" يعني الاغتصابات مستمرة في العمارة؟"
قلت متردداً" لم أقصد هذا لكن الصراخ مستمر ليلا ونهارا"
وحاولت أن أضيف عبارة" من الباب للمحراب"،
لكني سكت بعد أن كادت صراحتي أن تحولني من شاهد الى متهم بعدم الابلاغ عن جريمة أو مساعدة شخص يطلب النجدة.لكنها عرفت اننا نسكن هنا منذ وقت قصير لا يتيح لنا فهم القانون،
وقالت" ما هو رأيك بما جرى؟"
قلت: " صديقي العراقي كان مطمورا تحت الارض خمس سنوات ينتظر الاعدام،
وليس في تقاليدنا العيش مع فتاة بالشورت الصيفي والخمر والرقص والمصارعة في السرير وهو مشهد رأيته مرة بنفسي وحذرته من المضي في هذه اللعبة الخطيرة من دون وقوع مشكلة".ومن نتائج التحقيق بدا ان شهادتي اقنعت السلطة القضائية واطلق سراحه بعد شهر سجن مع تحذير لمدة عامين في ان تكرار ذلك سيقود الى محاكمة جديدة وعقوبة طويلة الأمد.
لكن ماذا حل بالانقلابي أيالو؟ والمهدي المزعوم؟
تلقيت دعوة من فيتنامي في الطابق الاول من المحتمل انه ابن جندي امريكي فرت به أمه من سايغون بعد الحصار وهزيمة الجيش الامريكي،
والمناسبة هي عيد ميلاده.وجدت في الصالة الانقلابي أيالو يتربع عرش الجلسة الخارج تواً من السجن،
الذي قال لي ضاحكا:
" فرقتنا الانظمة والعقائد وجمعتنا حفلة ميلاد لقيط ابن عاهرة فيتنامية وخائنة".الى جواره صاحبي المهدي المزعوم الخارج تواً من المصح العقلي،
وشاهدت تجمعاً غريبا من بوذيين وسيخ ومسلمين وثوار وباعة مخدرات وامام جامع عراقي ونساء من كوريا والصين وايران وتشيلي قالي لي أيالو همسا أن نصفهن مغتصبات في السجون الوطنية،
ولمحت بين الحشد قاسم شريف الذي سيكون شخصية مركزية في كل رواياتي،
الذي هبط من الجبل الى طهران بعد فشل حلم الثورة،
ونزلت انا الى طهران بعد فشل حلم الحرية.أعلن المحتفى به الفيتنامي بلغة انكليزية صافية أقسم لي أيالو الانقلابي، همساً كالعادة، انها انكليزية لقيط، أعلن بداية الحفل بدعوة عامة للشرب والموسيقى الجماعية الصاخبة،
واختلط كل شيء ببعضه،
لكني سمعت صاحبي المهدي المزعوم يقول لي في هذه الفوضى الصارخة:
" تأكد ان هؤلاء بهذا الفجور يعجلون بظهور الغائب".قلت منزعجاً:
" تسكت أو أُبلغ المصح؟".
حمزة الحسن
https://www.facebook.com/hmst.alhasn/posts/10152031795177266
تاريخ النشر
13.07.2015
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا |
13.07.2015 |
---|
|
لا للتقسيم لا للأقاليم |
لا للأحتلال لا لأقتصاد السوق لا لتقسيم العراق |
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين
|
|
---|---|---|---|---|
|
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |