<%@ Language=JavaScript %> د. كاظم الموسوي العراق: ماذا تعني هذه الاعداد المليارية؟

 

 

العراق: ماذا تعني هذه الاعداد المليارية؟

 

د. كاظم الموسوي

 

قبل اندلاع تظاهرات الاحتجاج والغضب العراقي في الساحات والشوارع العراقية في اغلب المدن ورفع شعارات مكافحة الفساد وتوفير الخدمات وإصلاح النظام السياسي والعمل على التغيير الشامل فيه، صدرت تصريحات وتقارير ووثائق عن اعداد مليارية في الكثير من المجالات تنم عن فساد وتخريب وهدم وتبذير وأعمال مدبرة ومقصودة للنهب والاستغلال والاستئثار على حساب المصلحة العامة للشعب العراقي، ولاسيما الطبقات الفقيرة والفئات المهمشة في المجتمع العراقي طبقيا واجتماعيا. وبالتأكيد منحت التظاهرات الشعبية فرصة اكير للفضح والكشف. وهو الامر المطلوب باستمرار ومحك كل سلطة ونظام سياسي.

مضحك او مبك كشف هذه الاعداد وحساب قيمتها وأثرها على الاقتصاد والتنمية والتقدم في العراق، والأكثر كارثية حين تقرن هذه التصرفات بأسماء مسؤولين كبار، وزراء او بمن هم بمستواهم وشخصيات تتصدر الواجهة في المشهد السياسي او العملية السياسية التي جاء بها الاحتلال ووضع فيها ألغامه ومتفجراته وتهديداته المعلومة والمجهولة. وقد يكون الامر اكثر تعقيدا اذا عرف ان ما يتسرب او ينشر علنا هو راس جبل الجليد، وان ما خفي عظيما، فيصبح الاعظم منه كارثة وطنية بكل المقاييس.

بعض ما نقلته فضائيات ووكالات انباء، ومقارنة بين وقائعها والصمت عليها طيلة هذه الفترة من عام 2003 والى اليوم، يفضح كل من شارك فيها بأي شكل من الاشكال، ممارسة او غض نظر او مجاملة مرفوضة. لماذا السكوت عليها؟، وما علاقتها بما يتعرض له العراق؟. ومعروف ان العراق في مواجهة تحديات متعددة، داخلية وخارجية، ابرزها الارهاب الاسود الذي يضرب اطنابه ويمارس سطوته على مناطق واسعة من ارض العراق وبيئته الحاضنة تتمدد وتتوسع، داخل ارض العراق وخارجها، وأحيانا تفصح عن نفسها بكل صلافة وعدوانية، تتلبس لبوسا مختلفة، وقد تأخذ غطاء مشابها لها وملتبسا او مغريا حتى لمنظمات دولية تحمل اسماء الدفاع عن حقوق الانسان او الطوائف او الاثنيات. ويفرق بينها طبعا المصدر والممول والتوجهات التي تديرها جهات بيدها القرار او المال والمسار الخاطيء والمضلل والمشوه للحقيقة والوقائع الدامغة لمن يريد ان يكون انسانا سويا ومواطنا مخلصا لبلده وشعبه وأمينا ونزيها للمصالح الوطنية والشعبية.

تقول تلك المصادر الاعلامية التي عليها الف علامة استفهام عن اهدافها ومقاصدها وتوجهاتها وأساليب بثها واهتمامها في ما يجري في العراق خصوصا، انها تنقل ما كشفته وثائق رسمية حصل عليها برلماني عراقي سابق قبل أشهر (؟) عن حجم الإنفاق الضخم في العراق الذي تخصصه السلطة التنفيذية لحماية الرؤساء الثلاثة والنواب والوزراء. (وهنا سؤال كبير عنها ومصداقية القناة وأصحابها!). وفي اتصال لإحدى القنوات الفضائية، قال النائب السابق، وائل عبد اللطيف، إن تكلفة حماية المسؤولين تستنزف ميزانية الدولة النفطية، حيث أظهرت وثائق حصل عليها أن أكثر من 6 مليارات دولار تهدر سنويا تحت بند تغطية مصاريف "الجيوش" المكلفة بحفظ أمن السياسيين. وتلفت القناة الى أن هذه الوثائق التي يؤكد عبد اللطيف أنها بحوزته، تقتصر على الفترة الممتدة من 2008 إلى 2014، ولا تكشف عن حجم الهدر الذي استنزف خزينة الدولة بعد عام 2003. ووفقا لعبد اللطيف، الذي كان عضوا في مجلس الحكم الذي تولى إدارة العراق من 2003 إلى 2004، فإن حجم الانفاق على القوى المكلفة بحماية الشخصيات ذهب بمعظمه في السنوات الثمانية الماضية إلى رئيس البلاد ورئيس البرلمان ورئيس مجلس الوزراء، ونوابهم، بحسب تقرير القناة!.

تسجل القناة في تقريرها حصاد السنوات المذكورة، بأنه بلغ 48 مليار دولار أميركي، وهو عدد يعادل ميزانيات بعض الدول ويشير إلى الفساد الذي أنهك القطاع العام وانعكس على الخدمات الأساسية. وحسب تقرير لقناة اخرى، تحدّث أيضا بالتفصيل عن حجم القوى البشرية المكلفة في هذه المهمة، حيث خصص أكثر من 5000 عسكري لحماية الرئيس، (من البيشمركة)! و1500 لحماية رئيس الحكومة ونوابه، وأكثر من 400 شخص لحماية رئيس مجلس النواب ونوابه، وبمثل هذا العدد لبعض مسؤولين اخرين وحتى بعض المحافظين. وبالنتيجة تصبح التكاليف طائلة لهذه الاعداد، يضاف لها المخصصات الاستثنائية لكل الرئاسات والهيئات ومؤسسات الدولة والمتقاعدين منهم، ورواتب النواب والوزراء ومستشاريهم ومساعديهم، مما بمجموعها تستنزف خزينة الدولة، وميزانيتها، والتي أعلن أخيرا رئيس الوزراء عزمه إلغائها ووافق عليها مجلس النواب، وتنتظر التنفيذ وما ستواجهه من مجابهات وتحديات(!)..

من جهة اخرى كشف نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة، السابق، بهاء الأعرجي، المشمول بإلغاء وظيفته والمتهم بالفساد، كشف في مؤتمر صحفي عقده شخصيا، عن هدر حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي نحو تريليون دولار. ونقلت صحيفة تصدر بالعربية في لندن (3/8/2015) عن الأعرجي، إنه مع تصاعد وتيرة المظاهرات الجماهيرية ضد سوء الخدمات، خاصة الكهرباء، "لا بد من وضع النقاط على الحروف وتتمثل في أن الحكومات السابقة لم تكن لديها ستراتيجية على هذا الصعيد، سواء على صعيد نصب المحطات أو نوعيتها ونقل الطاقة وتوزيعها أو على مستوى الاستثمار الذي لم تكن تؤمن به الحكومة السابقة، بينما نحن الآن بدأنا بالاستثمار في عدة محافظات".. وأضاف الأعرجي :"لقد أهدرت الحكومة السابقة نحو تريليون دولار، وهي عبارة عن 800 مليار دولار موازنات العراق النفطية منذ عام 2004 وحتى 2014، بالإضافة إلى نحو 200 مليار دولار منحا ومساعدات"، وتابع: "لا توجد حسابات ختامية حتى نعرف كيف أنفقت ولا يوجد إنجاز على الأرض حتى نتلمس تلك الأموال من خلال مشاريع ومنجزات". من ناحية أخرى، يرى الأعرجي أن "المشكلة الوحيدة التي يعانيها رئيس الوزراء حيدر العبادي هي أنه يريد أن يعمل، ولكن لا أحد يقف معه أو يسند ظهره". ( انتهى اختيار الصحيفة لما ورد في مؤتمر صحفي)!!. بينما في بيان لوزير النفط عادل عبد المهدي اعداد اخرى للميزانية وتقديرات اخرى للفساد الشخصي والرسمي، وكلها توصل الى ان يكون العراق في الدرجات الدنيا من سلم الدول المتفشي فيها الفساد حسب معدلات تقييم المنظمات الدولية المختصة. (بموجب "منظمة المسح الدولي" و"الشفافية الدولية" فان العراق يحتل المرتبة السادسة او السابعة قبل الاخيرة بدرجة 16 من 100 دولة)!.

في السياق ذاته، كشفت لجنة النزاهة في مجلس النواب، (16/8/2015)، عن تقديم اللجنة أكثر من 90 ملف فساد الى الادعاء العام، فيما بينت أن الملفات تدين وزراء حاليين وسابقين. وصرح عضو فيها: إن "هيئة النزاهة قدمت كوجبة اولى مؤخرا 99 ملف فساد الى الادعاء العام العراقي توزعت على وجبتين ضمت الوجبة الاولى 60 ملفا، والوجبة الثانية 33 ملفاً"، مبينا أن "الملفات تتعلق بالكهرباء والسياحة والعقود الوهمية والتسليح وأمانة بغداد".(يلاحظ الارقام وجمعها وسهولة التصريح بها!)

ما يلفت الانتباه فعلا ما اعلنه متحدث باسم وزارة التخطيط  (17/8/2015) عن ارتفاع معدل خط الفقر خلال العام الماضي، وذكر ان "هذا الارتفاع جاء في ظل ازمة النزوح في العراق وانخفاض اسعار النفط، وهنا نتحدث عن وجود اكثر من 3 ملايين نازح والأزمة في العراق اليوم مزدوجة امنية واقتصادية". وبيّن ان "هذه الشريحة تتركز في المحافظات الجنوبية وتحتل المراكز الاولى بمؤشر الفقر لاسيما في محافظتي المثنى والديوانية وتليها المحافظات الاخرى في الوسط والجنوب أما في اقليم كردستان فهي بنسب اقل بكثير مما هي في باقي المحافظات لاستقرار الاوضاع فيها ولكن بعد موجة النزوح الاخرى قد تتغير هذه المعطيات وتتركز هذه المعدلات في اماكن اخرى".

هذه معلومات رسمية او شبه رسمية وهي وقائع مكشوفة او مفضوحة. هنا تتوالى الاسئلة والخلاصة فيها. ماذا تعني الاعداد المليارية في العراق اليوم؟. لماذا حصل السكوت عليها؟ ومن المسؤول عنها؟. وهذا هو حال المواطنين، خاصة الطبقات الكادحة والفقيرة وحتى الوسطى. والى متى تظل سياسات الاحتلال والنفوذ الاستعماري ومن يتخادم معها تتحكم بإدارة العمل السياسي والاقتصادي في العراق؟!

 

 

تاريخ النشر

04.09.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

04.09.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org