<%@ Language=JavaScript %> د. كاظم الموسوي حول استمرار الاحتجاج في العراق

 

 

حول استمرار الاحتجاج في العراق

 

 

د. كاظم الموسوي

 

المشهد السياسي في العراق اليوم يظهر ضرورة استمرار الاحتجاج في الشوارع، والساحات في المحافظات، والاقضية، والنواحي، والقرى في العراق. لقد بلغ السيل الزبى. لا يمكن السكوت على ما حصل وجرى لحد الان. استمرار الاحتجاج واجب وطني وقانوني وأخلاقي، اذ لا يمكن ان تستمر الحالة كما هي، ولا ان تبقى كما ارادها من رسمها وخطط لها واستفاد منها شخصيا او فرديا او حزبيا او غير ذلك. هذه الصورة للمشهد القائم تعكس تطور الوعي الشعبي وقوة الارادة الوطنية في رسم مستقبل الوطن وبناء الدولة المدنية التي تؤسس على اساس المواطنة ودولة القانون والتنمية المستدامة وحقوق الانسان، مع مراعاة التحولات وازمانها.

منذ غزو العراق واحتلاله من قبل الدول التي كانت راغبة بالحرب والعدوان، منذ عام 2003 والمشاريع الصهيوغربية التي جهزت للعراق، قائمة ومتواصلة. ملخصها نهب ثروات العراق وتخريبه وتدمير مؤسساته وإشغال شعبه بما يفرط اجتماعه ويستفرد بمكوناته، إغراء او إرتهانا، من قبل او من بعد الغزو والاحتلال ووضع الاختلال منهجا ونفوذا متواصلا، انسحبت قواته العسكرية ام بقيت، والتهديد بتفسيمه وتفتيته مباشرة او مداورة. اجل..، انسحبت القوات الغازية بمعاهدات واتفاقيات، ولكنها مهدت ارض الرافدين وجيرانها لاحتلال اخر، وبأسماء اخرى، منها تنظيم القاعدة، وليس اخرها ما يسمى اعلاميا بداعش، وتسهيل اعماله وتوفير ظروفه، وتجهيز معداته الاعلامية والعملية، ذاتيا وعبر تخادم واسع في المنطقة.

لم تكن هذه الاحتجاجات الاولى، كانت قليلة، وقصيرة الاجل وسريعة الغضب، ورغم ان اغلبها رفعت شعارات واضحة، مطلبية وارهاصات في فرص تنادي بضرورة التغيير وإعادة البناء، وليس التخريب وتعبيد طريق داعش وأصنافه، كما في بعض الساحات، إلا انها ظلت في حدودها وفي مواجهات محدودة ضدها او معها، ولم يستثمر تنبيهها للاصلاح او التوجه له. وفي كل الاحوال كانت اشبه بالتمرينات الاولى، ولابد من الاستفادة منها، والتطور في استخدامها وسيلة للتعبير عن الغضب الشعبي وطاقة التحمل والصبر.

تظاهرات الاحتجاج القائمة الان، عمت كل او اغلب المدن والتجمعات السكانية، ورفعت مطالبها الاساسية، بعد ان بلغت ممارسات الفساد حدودا لا يمكن الصمت عليها، وهي جزء من عملية التخريب التي بنيت عليها العملية السياسية والاحتلال، وكذلك تكريس الطائفية والمحاصصات التي وفرت بيئة لداعش وغيره وتمزيقا للنسيج الاجتماعي والقيم الاجتماعية التي عاندت كل المحاولات السابقة للتفرقة وصناعة الفتنة. وهي تتواصل مع العامل الاخر للاحتلال بتفشي الارهاب وعصاباته وانتشاره، لإضعاف طاقات الشعب وتبذير خيراته.

امام كل هذا تحاول جهات كثيرة، داخلية وخارجية، مستفيدة او متضررة، من تشويه الحراك وأسبابه، او التعليق عليه بما يبعد الانظار عن تلك الجهات التي لا تريد خيرا للشعب العراقي او لخياراته ومستقبله. محاولة العمل على تكثيف التناقضات والحساسيات وحرف التوجهات الاحتجاجية ومبرراتها وداعميها، من القوى الوطنية او المرجعيات الدينية، التي لعبت دورا ايجابيا في سير العملية الجارية في العراق والإقليم. فحين تتابع بعض وسائل الاعلام في تغطياتها للتظاهرات والاحتجاج الشعبي تجد انه يسعى الى زرع متفجراته بين الصفوف واستغلال حالات الغضب وتضليل قارئها او مشاهدها بما تريده وترمي اليه وتبني عليه. كأن تركز على مواقف معينة لها دورها الفاعل في الساحات المنتفضة والمحتجة والغاضبة، او شعارات او شخصيات وتحرض ضدها.

افشلت تظاهرات الاحتجاج لحد الان تلك النوايا الخبيثة والمساعي المعادية وكشفت قدرتها على ادراك ما حاولت ان تحرف مسار الاحتجاج او قوة التظاهر. حيث تميزت في عفويتها وانطلاقها بعد طول صبرها وإعلان غضبها العراقي واحتجاجها الشعبي. ومنع ركوب موجاتها بأهداف ووصايا شخصية او حزبية او دينية. وقد تظللت بعلم العراق وتوحدت شعاراتها التي تكاد تكون منسقة وتديرها منظمة مركزية واحدة في كل المساحات الساخنة في الاحتجاج. وهذا ما يتطلب العمل عليه الان بعد اندلاعها، لاستمرارها وانجاز الاهداف منها. حيث ضرورة التنسيق والاستمرار وتقدير المتغيرات والتطورات والإدارة الناجحة التي تعمل بجدية وتنهض بالأعباء بداية، في الظل ومن ثم في القرار والإصلاح والتغيير.

حاولت الرئاسات الثلاث امتصاص حماسة الحراك الشعبي وسارعت بإعلان حزم اصلاحات، كما تمددت موجات حراكها الى رئاسات محافظات ومدن اخرى، بإعلان اجراءات ضد الفساد والمفسدين، ولكنها تبقى لحد الان مجرد شعارات او اجراءات غير كافية، اذا لم تصبح خطوات فعلية، تبدأ بالأسس التي مهدت لما وصل اليه الشعب العراقي الان. ويبدأ من معنى الاحتلال والنفوذ وقاعدته الاجتماعية، ومن ثم الدستور وقنابله الملغومة، حمالة الاوجه، التي وفرت البيئة لما يحصل حاليا. وليس اخرها التفكير ببناء مؤسسات دولة حقيقية، عراقية صميمية، بأيد عراقية وإرادات شعبية تؤمن بمهمات تحرر وطني متكامل، وتنقل العراق الى موقعه الطبيعي في المنطقة والعالم..

صادق البرلمان، مجلس النواب، على الحزمة الاولى، وبالتأكيد سيصادق على غيرها، وهو بحد ذاته مشكلة او احد اسباب الحراك، بطبيعته وإشكاليات اغلب اعضائه، وكذلك مجلس الوزراء ومجالس المحافظات، وما زالت هذه المسارات متداولة بين من هم في الحكم، وبين جماهير الشارع. ومثلما تتسارع اليوميات العراقية، يتطلب التغيير هدفا عاما وشعبيا. ومثله عند الجماهير المحتجة. لابد من استمرار الاحتجاجات وتنظيم وتشكيل مجالسها القادرة على التخطيط والتفكير بالتحرر والبناء والتغيير. وتتحمل الرئاسات الثلاث وتوابعها مسؤولية ما تعانيه اكثرية الشعب، لاسيما فئاته الشعبية الفقيرة، والنازحين والباحثين عن عمل، وغيرها من الفئات التي لم تستطع توفير قوت يومها.  وهي الاغلبية الشعبية ومصدر الشرعية وهدف بناء الوطن.

اعترف رئيس الوزراء حيدر العبادي بصعوبات الاصلاح ومعوقاته، كما حاول لمس القضايا الجوهرية في العملية كلها، في خطاب له، مشيرا الى ان "المسيرة لن تكون سهلة، وإنما مؤلمة، والفاسدون لن يسكتوا وأصحاب الامتيازات لن يسكتوا، ولكننا سنمضي لآخر المهمة في محاربة الفاسد وإصلاح الأوضاع". وأعرب العبادي عن أمله بـ"الحصول على تفويض لتغيير الدستور"،( المادة 142 من الدستور تقول بذلك!)، كذلك ذكر بالعمليات العسكرية، والحرب الدائرة ضد عصابات داعش ومؤيديها مشيرا الى اقتراب النصر.. فهل سيحصل هذا كله؟!

 

 

تاريخ النشر

19.08.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

19.08.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org