<%@ Language=JavaScript %> د. حسين سرمك حسن لا تثقوا بالولايات المتحدة :(46) الرئيس الذي يفاوض الرؤوساء في البيت الأبيض وعشيقته تمص قضيبه تحت الطاولة يدمّر يوغسلافيا ويخرجها من الحياة تحت شعار "التدخل من أجل الإنسانية" .. مع نداء إلى العراقيين .

 

 

لا تثقوا بالولايات المتحدة :(46)

 الرئيس الذي يفاوض الرؤوساء في البيت الأبيض وعشيقته تمص قضيبه تحت الطاولة

 يدمّر يوغسلافيا ويخرجها من الحياة تحت شعار "التدخل من أجل الإنسانية" ..

مع نداء إلى العراقيين .

 

ترجمة وجمع وإعداد : د. حسين سرمك حسن

 

 بغداد المحروسة – 2015

 

"إن الهدف من القصف الجوي ليوغوسلافيا هو تدمير وتخريب وتحطيم وتهديم ، وأخيراً محو البنية التحتية الضرورية ليوغوسلافيا" .

                     الجنرال الأميركي

                      ويسلي كلارك

القائد العام السابق لحلف شمال الأطلسي (الناتو)

"كانت الخطة تتجه أولا إلى ممارسة الضغط على الأهالي المدنيين ، ليتمّ ثانيا تدمير الاقتصاد اليوغسلافي بالعنف الذي لا يمكنه استعادة قوته بعده"

                      الأدميرال   "الماد شماهلنج"

 

(تمهيد: كلنتون الشاذ امتداد للرؤساء الأميركيين وليس انقطاعاً- نبذة بسيطة عن جمهورية يوغوسلافيا الشعبية- نبذة سريعة عن تطوّر الأحداث نحو قصف يوغوسلافيا وتقسيمها- أمريكا تتخذ قرار التمزيق الأكثر وقاحة في السياسة الدولية- الكذّاب ليس له عهد- حرب كلنتون على يوغوسلافيا فتحت الأبواب لاحتلال العراق وتدمير ليبيا- دور المجرمة هيلاري كلنتون- تواطؤ أمريكا مع السفّاحين شجّعهم- واشنطون ترفض المعارضة السلمية- وتساند سفّأح كرواتيا- وتدعم الإسلاميين الأصوليين في البوسنة- وتعيد الإستعمار المباشر وتطرد الفائزين ديمقراطياً- كلنتون الكذّاب "يفلسف" المعايير الأمريكية المزدوجة- أمريكا وسياسة الكيل بمكيالين- المعايير المزدوجة في الموقف من التطهير العرقي- سحق الأمم المتحدة والقانون الدولي- الناتو يخالف قانونه الأساسي- فاقد الأخلاق يتحدّث عن الأخلاق ! كلنتون أنموذج الكذّاب العالمي- فضح أكذوبة كلنتون حول جرائم الإبادة البشرية- شيطنة الصرب : كذبة الإغتصاب المُنظّم- الكذبة الأميركية الوف القتلى- الأكاذيب الأميركية حول الإبادة البشرية في كوسوفو- خزي الصحافة الأمريكية "الديمقراطية" في مأساة يوغوسلافيا: أكاذيب ورشى- الأسباب الحقيقية لتدمير يوغوسلافيا- قررت أميركا تدمير يوغوسلافيا منذ 1989- الجنرال ويسلي كلارك : هدفنا المحو التام للبنية التحتية ليوغوسلافيا- تدمير يوغوسلافيا لأنها رفضت الاحتلال الأمريكي- اتفاق رامبوليه احتلال استعماري مباشر ليوغوسلافيا- التدمير المنطقي ليوغوسلافيا- أمريكا تستخدم الاسلحة المحرّمة لإبادة شعب يوغوسلافيا- تجريب الأسلحة الجديدة- قوّات "حفظ السلام" تغلق المحطة المعارضة الوحيدة المملوكة للقطاع العام- تدمير محطات تلفاز الدولة- ثم جاء الحصار الاقتصادي كسلاح للدمار الشامل- وبرغم ركوعها وتمزيقها لم تُمنح يوغوسلافيا فلساً واحداً لإعادة الإعمار- المهمة أُنجزت: صارت يوغوسلافيا أفقر دولة في أوروبا- لكن الحقيقة لا بُدّ أن تظهر- كلنتون على رأس لائحة مجرمي الحرب- السادي لا يشبع من 33 يوم قصف مدمّر- أفسدت أمريكا كل شيء في العالم : مدّعي عام محكمة جرائم الحرب تعلن عن ثقتها بمجرمي الحرب- والمدّعية العامة الجديدة كارلا بونتي تجبن أمام زعل أميركا- أمريكا تحتقر القانون الدولي- وتحتقر حلفاءها- رأي شقيق الرئيس ميلوسوفيتش- نداء إلى العراقيين : "إيها العراقيون ، انظروا إلى صربيا لكي تعرفوا ماذا تعني "الحرّية" بالنسبة لكم"- خاتمة : مصّ القضيب جريمة .. قتل الشعوب مأثرة- بعض مصادر هذه الحلقة- ملاحظة عن هذه الحلقات).

 

# تمهيد: كلنتون الشاذ امتداد للرؤساء الأميركيين وليس انقطاعاً:

--------------------------------------------------------------

رأينا في الحلقة السابقة كيف أن الرئيس الأميركي بيل كلنتون – وهو امتداد لكل الرؤساء الأميركيين السابقين القتلة عابدي عجل الذهب – كان يتمتع بأحط سمات الشخصية السيكوباثية ، تدمير الآخرين من ناحية ، بدون ندم وبلا عذاب ضمير من ناحية أخرى. راينا كيف كان كذّاباً يكذب وهو تحت القسم ، اغتصابياً (الشكاوى المثبتة ضده قانونياً وإعلاميا بتهمة الاغتصاب تزيد على الخمس) ، وشاذّاً لا يتورّع عن إدخال سيكار في فرج من يضاجعها (راجع الحلقة السابقة ؟؟؟ ) ، ومجرماً (راجع الحلقة ؟؟؟السابقة أيضاً) ، وسياسياً فاسداً حوّل بالمشاركة مع زوجته السحاقية المجرمة هيلاري كلنتون العمل الخيري الإنساني إلى غطاء للدعارة التجارية المنحطة التي لا تتورّع عن مصّ دماء الشعوب وثرواتها ورفض القيام بأي عمل خيري للبشر المنكوبين من ضحايا الكوارث.

وأكّدنا على أن هذا الرئيس الشاذ ما هو إلّا امتداد لسلوكيات وطباع الرؤساء الأميركيين السابقين كلّهم حتى في السلوك الجنسي التفصيلي (وجودة نسوة مصّاصات في البيت الأبيض).

ثم رأينا ظاهرة عجيبة تسم كل النخبة السياسية الأميركية تقريبا – وبالمباركة الشعبية !! - وهي أنّ هذه الخلطة الشاذّة المنحطّة تتصدّى للمناداة بأعظم القيم الإنسانية متسلحة بالتعاليم التوراتية لإفساد تلك القيم وتمرير مصالحها الحقيرة من خلالها ، وتناولنا التبرير لهذه الخلطة الأميركية العجيبة : "السافل المُنقذ" التي هي في الحقيقة امتداد لصورة الكاوبوي القاتل صيّاد الجوائز (يقتل المجرمين من أجل الدولارات) الذي يصبح "شريفاً" للبلدة – والبلدة صارت العالم هنا - لأنه يستخدم مسدسه بصورة أسرع من القتلة السابقين .

الآن نرى أنموذجاً تطبيقياً مروّعاً ويتمثل في قيام هذا الرئيس الشاذ – مضطلعاً بدور السافل المنقذ – بحملة دمويّة على دولة معروفة بكيانها المستقل وتجربتها الفريدة الخلّاقة هي جمهورية يوغوسلافيا أنهى بها وجود هذه الدولة الفعلي على الأرض ومزّقها ، وكيف دمّر كلّ شيء فيها ، وأعادها إلى العصور الوسطى، وأخرج شعبها - بكل فئاته وطوائفه - من الحياة إلى الأبد .

# نبذة بسيطة عن جمهورية يوغوسلافيا الشعبية:

-----------------------------------------------

بعد تحرير يوغسلافيا من الاحتلال الألماني عام 1945 أُعلن في نفس السنة قيام اتحاد الجمهوريات اليوغوسلافية الشعبية وأصبح الماريشال "جوزيف بروس تيتو" الذي قاد عملية التحرير رئيساً للاتحاد. كان هذا الاتحاد يضم كلّاً من صربيا، كرواتيا، سلوفينيا، البوسنة والهرسك، الجبل الأسود وجمهورية مقدونيا. بقي الماريشال تيتو رئيساً للاتحاد حتى مماته عام 1980، الذي كان بداية النهاية للاتحاد اليوغوسلافي. كانت يوغوسلافيا في الفترة 1945 - 1948 تتبع الاتحاد السوفياتي، إلى حين ظهور خلافات على السطح واعلان يوغوسلافيا اتباع سياسة محايدة ايجابية دولياً. لعبت بعد ذلك تحت قيادة تيتو دوراً مهماً في السياسة الدولية وتشكيل منظمة عدم الانحياز. (ويكيبيديا).

# نبذة سريعة عن تطوّر الأحداث نحو قصف يوغوسلافيا وتقسيمها :

---------------------------------------------------------------

عندما ضعفت الفيدرالية اليوغسلافية التي خلقت من التوزيع الذي قام به تيتو سنة 1945 للصرب على أربع دول (كرواتيا – البوسنة والهرسك – مونتنغرو – صربيا) وهذا ما لم يقبله الشعب الصربي، ساهمت عدة عناصر بتصعيد التوتر بعد وفاة المارشال. من هذه العناصر نشر عزت بيكوفتش عام 1983 لبيانه الإسلامي الذي عبر فيه عن إرادته بإقامة أنظمة إسلامية وباتّباع سياسة لعموم المسلمين. إلا أن العامل الأساسي (الظاهري) الذي حمل الولايات المتحدة على ممارسة الضغط على يوغسلافيا بواسطة صندوق النقد الدولي كان بسبب الدين الضخم الذي أخذته يوغسلافيا خلال السنوات الأخيرة لنظام تيتو. طلقة الرحمة أتت من ألمانيا التي اعترفت غداة اجتماع الدول الاثنتي عشرة في بروكسيل في 16 كانون الأول 1991 بكرواتيا وسلوفانيا دون أن تستشير أحداً، بل طلبت من شركائها الأوروبيين أن يفعلوا مثلها. وهكذا وضمن أجواء الانبعاث القومي الهائج باتت الحرب أمراً لا مفر منه. أما الولايات المتحدة التي جعلت من ألمانيا شريكاً مميزاً لها في أوروبا دعمت القوميين دون تحفّظ. فألمانيا هي الرابط الأساسي بين أوروبا الغربية وأوروبا الشرقية بما فيها روسيا لم تتوقف يوماً عن خدمة المصالح الأمريكية منذ نهاية عهد المستشار أيزنهاور، وقد بدت أنها حليفة قيّمة أكثر فأكثر يوم تبعت سياسة واشنطن لتوسع الحلف الأطلسي.

عندما اندلعت الحرب استخدمت الولايات المتحدة المشاكل الاقتصادية الصربية للدفع إلى التفجير النهائي للفيدرالية اليوغسلافية، وتم التصويت في 30 أيار 1992 على فرض عقوبات اقتصادية ضد بلغراد بالرغم من تحفظ الدول الأوروبية إلا أنها لم يكن باستطاعتها مقاومة الرغبة الأمريكية ويُفسر هذا التحفظ ليس فقط بخطر انفجار يوغسلافيا وهذا لم يكن لمصلحة الأوروبيين بل كان هناك تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي في 2 حزيران 1992 يشير إلى مسؤولية الكروات في تصعيد الصراع، وهذا ما اعترف به أيضاً الجنرال الفرنسي موريون، إلا أن الأمريكيين أجلوا نشر هذا التقرير. وفي 3 حزيران طلب الكروات رسمياً التدخل العسكري ضد الصرب وقد ساندتهم ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية التي كان يهمها حينها بعد حرب الخليج إرضاء المملكة العربية السعودية ودول إسلامية أخرى. وفهم الأوروبيون بأن البيت الأبيض كان يرغب تدخلاً عسكرياً أوروبياً لا تشترك به القوات الأمريكية.

اتخذت الولايات المتحدة قرارها بالتدخل عندما أعدّت باريس خطة قابلة لإقامة السلام تُقسم بموجبها البوسنة والهرسك إلى ثلاث دول كونفدرالية: إسلامية وكرواتية وصربية. وكان لا بُدّ من تقديم تنازلات من أجل الوصول إلى اتفاق شامل. إلا أن مذبحة سوق سراييفو التي لم يتأكد أحد من فاعليها لم يترك المجال للتفكير بكل الفرضيات (نذكر هنا انفجار مين الذي شكّل الحجة لغزو كوبا عام 1898) هذه المذبحة إذاً حملت الأمريكيين على التدخل في الصراع. عندها طلب الأمين العام للأمم المتحدة (ويمكن أن نسأل لماذا؟) من الحلف الأطلسي وليس من مجلس الأمن بالتدخل عسكرياً. وبعد استعراضات القوة الأمريكية في بحر الأدرياتيك وقصف المواقع الصربية في البوسنة (من 29 آب إلى 20 أيلول 1995) لم يعد هناك أي نقاش لكف يد الأوروبيين وأقرت اتفاقيات باريس في 14 أيلول 1995 العمل بمقررات دايتون (21 تشرين الثاني) بإشراف قوات الأيغور وهي قوات لتطبيق القرارات بإشراف الحلف الأطلسي قوامها 60 ألف رجل ثلثهم من الأمريكيين. وأصبحت عملية الإبعاد الأوروبي فعلية عن تسوية ملف هو أوروبي بشكل كامل عندما اتخذ مجلس الأمن قراراً في 15 كانون الأول منح به الحلف الأطلسي مسؤولية تطبيق اتفاق السلام في البوسنة. وحتى نهاية عام 1997 لم تجد أي قضية حلاً لها وبقي الوضع السياسي المصطنع لهذا البلد (كما كان الحال عام 1919) في حالة توتر ولم يتوقف عن التشرذم سياسياً واجتماعياً وخاصة بسبب مسألة اللاجئين الذين لم يُتخذ بعد قرارٌ بعودتهم. أما القوات الجديدة SFOR التي تتولى مهمة نشر الاستقرار والتي أُنشئت في كانون الثاني عام 1997 (30 ألف رجل) فإن الولايات المتحدة تمتلك أكبر فرقة منها. ولم يبدل الإعلان عن قرار انسحابها في حزيران 1998 أي شيء لأن مستقبل المنطقة ومستقبل كامل البلقان هو اليوم بين يدي الولايات المتحدة. (مايكل موردانت : أمريكا المستبدة).

# أمريكا تتخذ قرار التمزيق الأكثر وقاحة في السياسة الدولية:

-----------------------------------------------------------

كان قادة واشنطون المجرمون يدركون أن تقطيع جسد يوغوسلافيا ليس مسألة مضاربة ولكنه هزّة للعالم . في تشرين الثاني عام 1990 ضغطت إدارة بوش على الكونغرس لتمرير قانون اعتمادات العمليات الأجنبية الذي ينص على أن اي جزء في يوغوسلافيا يفشل في الإعلان عن استقلاله خلال ستة اشهر سيخسر المساعدات المالية الأمريكية !! وطلب القانون انتخابات منفصلة في كل من الجمهوريات اليوغوسلافية الست !! ، وجعل موافقة وزارة الخارجية الأميركية على كل من إجراءات الإنتخابات ونتائجها شرطاً لأي مساعدة مستقبلاً . المساعدات سوف تذهب فقط إلى الجمهوريات المنفصلة وليس إلى الحكومة اليوغوسلافية ، وفقط للقوى التي وصفتها واشنطون بأنها "ديمقراطية" والمقصود بها أحزاب الجناح اليميني الانفصالية التي تدعو لاقتصاد السوق . (الحوار المتمدن- 26/10/2008).

# الكذّاب ليس له عهد :

------------------------

لقد سُحقت كوسوفو بحرب أهلية ارتكب فيها كل من الصرب وخصومهم المجازر . وكانت وحشية جيش تحرير كوسوفو معروفة لإدارة كلنتون قبل أن يعمّدهم كلنتون بأنهم "مقاتلون من أجل الحرية" عام 1999. وقبل سنة من ذلك – أي عام 1998 – دانت الإدارة نفسها "الأعمال الإرهابية لما يٌسمّى بجيش تحرير كوسوفو" !! . كان هذا الجيش يقوم بتجارة المخدرات ولديه صلات وثيقة بأسامة بن لادن آنذاك. لكن تسليح جيش تحرير كوسوفو ساعد كلنتون على تصوير نفسه كمحارب ضد الظلم لكي يبعد الإنتباه عن إدانته بالفضائح الجنسية الوضيعة وليظهر الدفاع عن جيش تحرير كوسوفو انتصارا للقيم الأمريكية .

وبعد انتهاء القصف الأمريكي قدم كلنتون وعداً بأن الولايات المتحدة والناتو سيكونان حافظين للسلام فقط "مع التفهم بأنهما سيحميان الصرب والأقلية الألبانية ولن ينسحبا إلّا بعد أن يحل السلام" . في الاشهر اللاحقة وقفت القوات الأميركية وقوات الناتو متفرجين وجيش تحرير كوسوفو يعاود التطهير العرقي ، وذبح المدنيين الصربيين ، وباقي الأقليات غير المسلمة وحتى الألبانية التي لم تساند الجيش بعد أن وعد كلنتون بحمايتهم. ربع مليون صربي فرّ من كوسوفو بعد أن وعد كلنتون بحمايتهم . ومع عام 2003 

بعد نهاية عام 1999 بمدة قصيرة أعلن كلنتون أن مساعديه قد حدّدوا سياسة كلنتون : "سواءً أكان داخل حدود البلاد أم خارجها ، وإذا كان المجتمع الدولي يحتاج للقوة لإيقافها ، يجب علينا أن نوقف الإبادة البشرية والتطهير العرقي" . في الواقع فإن "سياسة كلنتون" كانت تعني أن الرئيس مخوّل بالقصف بغض النظر عمّا إذا كانت اتهاماتهم للأعداء صحيحة أم لا . وطالما كانت الحكومة الأميركية تتوقع منافع وأرباح من القصف خارجاً ، فبإمكان الرؤساء الأميركيين الهجوم على كل من يحلو لهم . (تشومسكي : كتب مختلفة، انظر المصادر في الأسفل).

# حرب كلنتون على يوغوسلافيا فتحت الأبواب لاحتلال العراق وتدمير ليبيا :

------------------------------------------------------------------------

كانت حرب كلنتون على صربيا بمثابة "صندوق باندورا" الذي انفتح وانطلقت منه الشرور واللعنات على البشرية . فبسببه وعلى خطاه تشجّع وسار المدمن جورج بوش لتدمير العراق ، وأوباما لتدمير ليبيا . فكلا الهجومين أطلقا الفوضى التي حصدت أرباحها ومنافعها الشركات الأميركية التي يملكها او يعمل في استشارتها الساسة الأميركيون. 

# دور المجرمة هيلاري كلنتون :

--------------------------------

لقد تأكّد أن هيلاري كلنتون كانت من المتحمّسين الاشدّاء لاستخدام القنابل العنقودية في قصف يوغوسلافيا تلك القنابل التي جعلت حقول صربيا وكوسوفو محرّمة وقتلت وأعاقت الآلاف وستقتل وتعيق الآلاف خلال الخمسين سنة المقبلة . بعد مدّة لن نستبعد رؤية هيلاري وهي تحتضن طفلا رضيعا في البلقان أو تنحني بعطف على إنسان مبتور الساق ، من سيتذكر أن هذه العاهرة هي التي تتحمل قسطاً من المسؤولية عن هذا القصف المدمّر . قالت للصحفية "لوسيندا فرانكس" في برنامج "تالك – Talk" :

"أنا التي حثّته على القصف .. قلتُ له لا يمكنك أن تسمح لهذا الهولوكوست أن يستمر إلى نهاية القرن . لماذا لدينا حلف الناتو إذا لم يدافع عن طريقتنا في الحياة ؟" .

# تواطؤ أمريكا مع السفّاحين شجّعهم :

--------------------------------------

في اتفاق دايتون عام 1995 لوضع نهاية لثلاث سنوات ونصف من الحرب البوسنية (واحدة من حروب يوغوسلافيا) جرت الأمور على إساس إنهاء الحرب بأي وسيلة ، تاركة المشكلات الكبرى ومنها مشكلة كوسوفو تحت البساط ، لكن المشكلة لم تنته .

فبعد الإتفاق كان لزاما على الناتو أن يلقي القبض على سفّاحي بوسنيا راتوك ملاديش ورادوفان كاراديش ومحاكمتهما بعد ان تمت إدانتهما في لاهاي بجرائم حرب ضد الإنسانية . ولكنهما عاشا لسنوات طويلة في البوسنة تحت حماية قوات الناتو. فماذا ترسل هذه الحماية من رسالة إلى ميلوسيفتش أو السفّأحين الآخرين تحت قيادته ؟  (موقع المعرفة).

# واشنطون ترفض المعارضة السلمية :

---------------------------------------

ولأكثر من عشر سنوات حظيت كوسوفو بواحدة من أكثر حركات المقاومة السلمية منذ عهد غاندي . ولكن الولايات المتحدة والناتو لم يقدّما لها أي مساعدة مادامت سلمية . فقط عندما حمل الكوسوفيون السلاح بادرت واشنطون لإبداء الإهتمام الشديد. لم تبذل مارلين أولبرايت أي جهد للتأثير على جيش تحرير كوسوفو ، وبذلت الجهود المستميتة لجعله يوقّع على معاهدة رامبوليه التي رفضها ميلوسوفيتش لأنها تمنح كوسوفو حق الاستقلال تمهيدا لتقسيم يوغوسلافيا) ، ولم تدفعه للتوقيع لإحلال السلام بل لتبرير الحرب . كانت تريد توقيع الجيش للبدء بحملة القصف التي سيشنها الناتو . وخلال أيام أمر الناتو مراقبيه الغير مسلحين بالإنسحاب من كوسوفو . وبمجرد خروجهم اندفع الصرب إلى كوسوفو .  

كان من الأفضل إغراق كوسوفو بمراقبي السلام الدوليين من الأمم المتحدة من دول لا علاقة لها بالصراع للفصل بين قوات ميلوسوفيتش والقوات الكوسوفية ، وكان من الأفضل جعل القوات الروسية تدخل حفظ السلام ليطمئن الصرب ، وعندما يخالف ميلوسوفيتش سيفقد حلفاءه وسيتحد المجتمع الدولي ضده .

ولكن بدلا من خيارات السلام العديدة تلك اختار كلنتون وألبرايت والناتو خيار القصف المدمّر. ولم يتعبوا أنفسهم بالقانون الدولي ، لقد سحقوه ، فهذا القانون يمنع اي عدوان إلّأ إذا كان دفاعاً عن النفس ، وبلغراد لم تكن في حرب ضد أمريكا أو الناتو . ثم سحقت واشنطن مجلس الأمن ولم تعرض القضية عليه . 

لم تكن الحرب مطابقة حتى للقانون الأمريكي : المادة 1 ، الفقرة 8 من الدستور الأمريكي تخوّل الكونغرس السلطة العليا لإعلان الحرب ، ولم يكن هناك إعلان رسمي لحرب. لقد تهرّب الكونغرس من مسؤوليته باتخاذ قرار قريب من إعلان الحرب وذلك بتخويل الرئيس صلاحية إرسال الطائرات القاصفة !! واختفى الليبراليون . أربعة فقط من النواب الديمقراطيين احتجوا على الحرب !!

# وتساند سفّأح كرواتيا :

-------------------------

في كرواتيا ، كان رجل الساعة بالنسبة إلى الغرب هو "فرانكو تودجمان" الذي ادّعى في كتاب له صدر عام 1989 أن "إقامة نظام هتلر الأوروبي الجديد كان مُبرّراً بالحاجة للتخلص من اليهود .. وأن 900,000 يهودي فقط ، وليس 6 ملايين ، قد قتلوا في الهولوكوست " . تبنّت حكومة تودجمان عَلَماً فاشياً بمربّعات ونشيداً فاشياً ايضاً . قاد تودجمان – بين 1991 و1995 - حملة تهجير أكثر من مليون صربي من كرواتيا قسرياً مصحوبة بالاغتصاب والإعدامات السريعة. يتضمن هذا 200,000 طردوا من كرايينا عام 1995 وتمّ تسهيل طردهم بواسطة قصف الناتو بالطائرات والصواريخ. ولا حاجة للقول بأن قادة الولايات المتحدة لا يفعلون شيئا لإيقاف هذا التهجير القسري والمجازر بل سهّلوها ، في حين كانت الصحافة البريطانية تتغاضى عن هذا التطهير. ثم طفا تودجمان وأنصاره في بحر من الثروة في حين عانى شعب كرواتيا من الفقر وعذابات فردوس السوق الحر . حصلت سيطرة شديدة على الإعلام الكرواتي وأي شخص ينتقد حكومة الرئيس تودجمان يواجه الإعتقال . ومع ذلك حيّى البيت الأبيض كرواتيا كنموذج للديمقراطية الجديدة. (راجع الحلقة ؟؟؟؟).  

# وتدعم الإسلاميين الأصوليين في البوسنة :

--------------------------------------------

في البوسنة ، ساند القادة الأميركيون المسلمين الأصوليين ، علي عزت بيجوفتش الذي كان ناشطاً نازياً في شبابه، والذي دعا إلى سيطرة دينية قوية على الإعلام ثم طالب بجمهورية إسلامية بوسنية. وهو نفسه لم يحصل على مساندة أغلب المسلمين البوسنيين . والبوسنة الآن تحت سيطرة البنك الدولي وسطوة الناتو. وليس مسموحاً لها تطوير مواردها الداخلية ولا تقديم الضمانات أو التمويل الذاتي من خلال نظام مالي مستقل. كل مواردها من طاقة كهربائية ومياه واتصالات وإعلام ونقل قد بيعت إلى شركات خاصة بأسعار خيرية .

# وتعيد الإستعمار المباشر وتطرد الفائزين ديمقراطياً :

-----------------------------------------------------

في يوغوسلافيا السابقة وضعت سلطات الناتو موضوعة الإمبريالية الجديدة جانبا واختارت الاحتلال الكولونيالي التقليدي . في بواكير عام 1999 ، الرئيس المنتخب ديمقراطياً لحكومة صربيا المصغرة في البوسنة ، والذي فاز على مرشح الناتو ، أزيح من قبل قوات الناتو لأنه أثبت أنه أقل تعاونا مع ممثل الناتو الأعلى في البوسنة. استعاد الأخير السلطة ليفرض حلوله الخاصة ويزيح مسؤولاً منتخباً ظهر أنه غير متعاون. وهذا أيضاً أظهرته الصحافة الغربية كخطوة ضرورية لتطوير الديمقراطية . 

في كوسوفو جرى نفس الاسلوب المؤلم . تقدّم الولايات المتحدة المساعدات والتشجيع للقوى الانفصالية اليمينية مثل جيش التحرير الكوسوفي والذي كان يُعد منظمة إرهابية من قبل واشنطون بتصريح مادلين ألبرايت بعظمة لسانها. لهذا الجيش تاريخ طويل كلاعب في تجارة الهيروين الضخمة والتي تصل سويسرا واستراليا وبلجيكا وألمانيا وهنغاريا وجمهورية التشيك والنرويج والسويد . قادة الجيش لم يكن لديهم برنامج اجتماعي سوى تطهير كوسوفو من الأقليات غير الألبانية وهو ما يقومون به منذ عقود. بين 1945 و1998 الأقليات غير الألبانية الكوسوفية مثل الصرب والروم (الغجر) والأتراك والغوراني (مسلمون سلاف) والمونتنغريين وأقليات أخرى تقلّصت من 60% إلى 20% وزادت نسبة الألبان في الوقت نفسه من 40% إلى 80% (وليس الـ 90% الذي تردّده الصحافة بصورة متكرّرة) .

في عام 1987 ، وفي لحظة صدق نادرة، قالت النيويورك تايمز إن "العنصر الألباني في الحكومة يتلاعب بالمال العام والتشريعات للسيطرة على الأراضي التي تعود للصرب .. هوجمت الكنيسة الأورثوذكسية السلافية وتم تمزيق الأعلام .. قاموا بتسميم الآبار وحرق المحاصيل .. وطعن الأولاد السلاف وبعض الشباب الألبانيين أُمروا من قبل كبار السن باغتصاب الفتيات الصربيات.. ستتحول كوسوفو مع هروب الصرب إلى ما أرادته القومية الألبانية عبر السنين ألبانية "نقية". ويا للمفارقة، فإن الصرب الذين يُتهمون مراراً بأنهم يقومون بالتطهير العرقي ، صارت صربيا هي المكان الوحيد المتعدّد عرقيا من يوغوسلافيا السابقة حيث يعيش حول بلغراد أكثر من 62 أقلية بينها آلاف الألبانيين . (تشومسكي : كتب مختلفة).

# كلنتون الكذّاب "يفلسف" المعايير الأميركية المزدوجة :

-------------------------------------------------------

في أبريل 1996, زار الرئيس كلينتون روسيا خلال توقف مؤقت في الصراع العسكري الوحشي بين موسكو وأقليم الشيشان الذي أنفصل عنها، وفي مؤتمر صحفي, أعلن الرئيس:

“أنتم تقولون إنّ هناك البعض ممن يحاجّون بأننا كان يجب أن نكون أشد انتقاداً بصورة علنية، ولكنني أعتقد أن هذا يتوقف على المقدمة المنطقية الأولى لديكم، هل تعتقدون أن الشيشان جزءاً من روسيا أم لا؟ ويتعيّن عليّ أن أذكّركم بأنه نشبت لدينا من قبل حرب أهلية في بلدنا فقدنا فيها – على أساس نصيب الفرد- عدداً من الناس أكبر مما فقدناه في أي من حروب القرن العشرين على أساس مقولة أن إبراهام لينكولن وهب حياته من أجل ألا يكون لأي ولاية الحق في الأنسحاب من إتحادنا".

وبعد ذلك بثلاث سنوات دمّر كلينتون قدراً كبيراً من الحياة والثقافة المتحضرة اليوغسلافية في "عملية قصف من أجل الأنسانية"، رافضاً في الواقع فكرة أن لسلوبودان ميلوسيفتش الحق في محاولة منع إقليم كوسوفو من الأنسحاب من جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية. لقد تدخلت الولايات المتحدة تحت ستار الناتو في حرب أهلية أقل عنفاً من الحرب الأهلية الأمريكية، وهي حقاً أقل عنفاً وأقصر أجلا من عديد من الصراعات الأهلية الأخرى الجارية في العالم في الوقت نفسه، مثلما يحدث في تركيا وسري لانكا، أندونيسيا وتيمور الشرقية، أنجولا وأماكن أخرى في أفريقيا. وكان العنف المتطرف (هل من جانب واحد؟) للصربيا ضد أهل كوسوفو هو الذي مزّق نياط قلوب قادة أمريكا والناتو الرحماء الدجّالين.

وبالنسبة لمن يحاجّون بأن الولايات المتحدة لا يمكن أن تنقذ العالم كله وتخلّصه، نقول إنه بعيدا عن التقاعس عن  إنقاذ شعوب معينة، فإن واشنطن ساندت - بصورة نشيطة - تركيا وأندونيسيا سنوات طويلة في عمليات القمع العسكري باستخدام القوة المسلحة التي قامتا بها، وإنها ساعدت كرواتيا على تنفيذ، ثم إخفاء عمليات التطهير العرقي التي قامت بها للصرب في كرايينا في 1995. والواقع إن تركيا هددت تقريبا بالإعتراض على قرار الناتو بأن تعمل في كوسوفو ما لم تتم طمئنة أنقرة بأن هذه السياسة لن تُطبق مطلقاً على معاملة تركيا للأكراد.

ولكن كان من المحتّم على الولايات المتحدة أن ترسي مبادئ معينة: 1) أن الناتو - في ظل غياب الحرب الباردة والاتحاد السوقييتي وحلف وارسو- لايزال له هدف في الحياة, 2) أن للناتو الحق في التدخل في أي مكان، حتى خارج حدوده الجغرافية، وبدون التماس تفويض صريح من مجلس أمن الأمم المتحدة. 3)أن الناتو هو الذراع العسكري للنظام العالمي الجديد (مقار الشركات الرئيسية الواقعة في واشنطن العاصمة).

لم تكن يوغوسلافيا ميّالة لتقديس هذه المبادئ، كما لم يبد الصرب كما رأينا احتراما للانضمام لنادي حلفاء أمريكا المعولمين باعتبارهم شركاء أصغر مطيعين. كان معظم صناعاتهم والقطاع المالي لديهم مملوكين للدولة، بل إنهم لم يحظروا كلمة "إشتراكية" من الحديث المهذّب عندهم. لقد كانوا ديناصورات حقيقة؛ كانوا إجمالا هدفا إنسانيا مثالياً للقصف بالقنابل. لم تكن لحقيقة أن ميلوسفتش ديكتاتور أي أهمية إستراتيجية، إلا بالنسبة لقيمتها في الدعاية.

وهكذا، فإن يوغوسلافيا التي ظلت سنوات طويلة تخشى من هجوم يجئ من الشرق (الاتحاد السوفييتي)، تمّ تدميرها على أيدي "العالم الحر" الغربي. وبينما كان يجري تنفيذ هجمات القصف بالقنابل، أصبح التلفزيون الصربي مستهدفاً أيضاً، لأنه كان يذيع أشياء لا تحبها الولايات المتحدة، وحصدت القنابل أرواح كثيرين من العاملين بالمحطة، وساقَي أحد الناجين، واللتين كان ينبغي بترهما لتخليصه من الموت.

ومثلما لاحظ "روبرت فيسك" المراسل الخارجي البريطاني المرموق فإنه "بمجرد أن تقتل الناس لأنك لا تحب ما يقولون، فأنك تغير قواعد الحرب". (جون بجلر: حكّام العالم الجدد) .

# أمريكا وسياسة الكيل بمكيالين :

---------------------------------

بينما كان قادة الولايات المتحدة يظهرون انفسهم بمظهر المستعد والراغب في قصف يوغوسلافيا لصالح اقلية مقموعة في كوسوفو ، لم يقوموا بأيّ تحرّك ضد جمهورية الشيك لسوء معاملتها لشعب الروماني Romany people (الغجر) ، أو بريطانيا في قمعها للأقلية الكاثوليكية في ايرلندا الشمالية ، أو الهوتو في مجازرهم الجماعية لنصف مليون إنسان من التوتسي في رواندا ، ولا ننسى تواطؤ فرنسا في هذه المجازر. ولم يفكر قادة واشنطن بالقيام بـ "قصف إنساني" ضد الأتراك على ما فعلوه بالشعب الكردي ، ولا الشعب الإندونيسي الذي قتل جنرالاته 200.000 إنسان من تيمور الشرقية ، واستمروا في هذه المجازر في صيف 1999 ، ولا الشعب الغواتيمالي على قتل الجيش الغواتيمالي لعشرات الآلاف من الفلاحين الميانيين ـ في مثل هذه الحالات لا يتحمل قادة واشنطون مثل هذه المجازر حسب بل يتواطأون مع مرتكبيها الذين يصادف أنهم حلفاء للولايات المتحدة يساعدونها في السيطرة على العالم .

# المعايير المزدوجة في الموقف من التطهير العرقي :

--------------------------------------------------

ودعوة روبرت كوبر إلى الأخذ بالمعايير المزدوجة قد وجدت إجابة بليغة عليها في كوسوفو . فعلى العكس من الفلسطينيين ، فإن أهالي كوسوفو من ذوي الأصول الألبانية قد أُعطوا الحق الذي كاد يكون مباشرا في العودة إلى موطنهم من جانب الولايات المتحدة وحلفائها من أعضاء الناتو، وبشكل كاسح اتخذت وسائل الإعلام الغربية موقف التأييد للعمل الذي قام به الناتو . ورغم ذلك فقد كانت هذه حرباً أهلية ، ولم ينازع الناتو يوغوسلافيا حقها في السيادة . وفي الوقت الذي كان فيه الكوسوفيون يعودون إلى بلدهم ، كان هناك مائتان وخمسون ألفاً من الصرب والروم يتم إقصاؤهم أو يلوذون بالهرب من الإقليم . أما الأربعون ألفا من جنود الاحتلال التابعين للناتو فقد وقفوا دون حراك ، في الوقت الذي كانت تجري فيه عملية التطهير العرقي هذه ، ولم يفعلوا شيئا حقيقيا لمنع جيش تحرير كوسوفو من ارتكاب أعمال القتل والتعذيب والخطف وانتهاك حرمة الكنائس ؛ وكان بصفة عامة يتصرف وفقا للوصف السابق له من جانب وزيرة الخارجية الأمريكية أولبرايت ، ووزير الخارجية البريطاني كوك ، بأنه "منظمة إرهابية" . (جون بجلر: حكام العالم الجدد).

# سحق الأمم المتحدة والقانون الدولي :

-------------------------------------

حصل العدوان على يوغوسلافيا بدون موافقة من الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي. وخلال شهرين ونصف قصفت 1.200 طائرة من أحدث الطائرات القتالية للحلف الغربي ليلا نهارا العديد من الأهداف العسكرية ولكن أيضا الصناعية والمدنية. وبهذا العمل يكون قد تم انتهاك ميثاق الأمم المتحدة ووثيقة هلسنكي من عام 1975 ومعاهدة جنيف من عام 1949 والبروتوكول الإضافي من عام 1977. كما أنه قد تم انتهاك سلسلة من مبادئ الوثيقة الختامية لمؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا من عام 1975 خاصة مبادئ عدم استخدام القوة أو التهديد بالقوة وتمامية الأراضي وكذلك مبادئ الحل بالطرق السلمية في الخلافات الدولية وعدم المساس بالحدود. علما بأن الرأي السائد في القانون الدولي أن استخدام القوة من أجل تحقيق أهداف إنسانية بدون موافقة مجلس الأمن الدولي يتعارض مع وثيقة الأمم المتحدة ويشير العديد من خبراء القانون إلى حقيقة أنه من الصعب جدا الإشارة إلى حالات تدخلات إنسانية حدثت حقا في الواقع، بالأحرى لم يتم سوء استخدامها. وقد اعترف العديد من زعماء البلدان الغربية لاحقا أن العدوان على جمهورية يوغسلافيا الاتحادية بدون موافقة مجلس الأمن الدولي يمثل انتهاكا للقانون الدولي وفي الشهر الماضي أيضا المستشار الألماني آنذاك "غيرهارد شريدر". ويمثل عدوان الناتو الذي شارك فيه 19 بلدا عضوا في الحلف و 8 بلدان شريكة حربا ليست متساوية بكل المعايير جرت في تاريخ البشرية. حيث كانت النسبة بين عدد سكان جمهورية يوغسلافيا الاتحادية وسكان بلدان الناتو إذا ما أُضيف إليه سكان البلدان الشريكة هي 75:1. وعندما يتعلق الأمر بالقوة الاقتصادية فالنسبة أكبر دراماتيكية وأصعب بالنسبة لجمهورية يوغسلافيا الاتحادية وهي 676:1. ويعتبر عدوان الناتو على جمهورية يوغسلافيا الاتحادية خاص النوعية وذلك في كون أن الناتو لأول مرة يقوم بممارسة الفعاليات خارج حيز أراضي البلدان أعضاء هذه المنظمة. لقد قام في الوقت نفسه في الواقع العملي بتظاهرة إستراتيجية ما يسمى " بالتدخلات الإنسانية"، بالأحرى استخدام القوة العسكرية في سائر أنحاء العالم في حالة أن التقييم الانفرادي يتحدث عن أنه يزعم في مكان ما تهديد لحقوق الإنسان. (موقع إذاعة صربيا الدولية- 24/3/2014).

# الناتو يخالف قانونه الأساسي :

------------------------------

لقد حاول حلف شمال الاطلسي في تلك الحرب ان يحل محل هيئة الامم المتحدة ..وآنذاك تعدى الحدود الجغرافية لصلاحياته المنصوص عليها في النظام الأساسي لهذه المنظمة السياسية - العسكرية التي تأسست في اعوام الحرب البادرة. علما ان يوغسلافيا لم تشن عدوانا على أي بلد عضو في الناتو .

# فاقد الأخلاق يتحدّث عن الأخلاق ! كلنتون أنموذج الكذّاب العالمي :

------------------------------------------------------------------

أما تبرير كلنتون للقصف فقد كان مليئا بالتحريفات والأكاذيب ، في خطابه إلى الأمة يوم 24 ىذار حول الموضوع قال إن الحرب الأولى بدأت في البلقان ، وهي حقيقة لكنه لم يقل أنها اشتعلت وتوسعت بعد تدخل الدول الكبرى الأحمق .

تحدث كلنتون عن "الإلتزام الأخلاقي" الذي تحمله الوايات المتحدة لمنع الإساءة لحقوق الإنسان ، ولم يذكر أن خيرة حلفاء الولايات المتحدة هم أبشع من يخرق حقوق الإنسان يوميا . فتركيا التي تستلم أعلى المساعدات الأميركية ومن الناتو كانت تشن حملة على الأكراد خلال الخمس عشرة سنة الماضية قتلت فيها 35000 إنسان وتركت 3 ملايين آخرين كلاجئين . قال كلنتون : "صربيا لن تدع الكوسوفيين يتحدثون بلغتهم ويتعلمون في مدارسهم، ويعيشون حياتهم اليومية" وهل كانت تركيا تمنح الأكراد مثل هذه الحرية ؟

إذن لماذا لم يقصف الناتو أنقرة ؟

لم يذكر كلنتون أن أكثر دولة تستلم المساعدات الأميركية في أمريكا اللاتينية هي كولومبيا كانت تشن حرباً أهلية بشعة ضد المقاومين اليساريين . قتل الجيش الكولومبي وفرق الموت المتحالفة معه آلاف الفلاحين والسياسيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان !! فلماذا لم تقصف واشنطون بوغوتا ؟

قال كلنتون ايضاً أن الصراع في كوسوفو مهم للمصالح القومية الأمريكية ، ولكن هذا بعيد عن الحقيقة. فالمصلحة القومية الأمريكية كانت تكمن في أن تكون صديقة لروسيا . موسكو لديها 7,000 رأس نووي يمكن أن تضرب الولايات المتحدة ، وليس لبلغراد مثل ذلك. ولكن السياسة الأمريكية في عهد كلنتون كانت بالضد من روسيا دائما ، بتوسيع حلف الناتو ، وبقرار حرب النجوم ، والآن بقصف يوغوسلافيا.

لقد كانت جهود كلنتون هي تأسيس الأرضية لحرب باردة جديدة .

وكان القصف يهدف إلى تبرير وجود الناتو واستمراره. فبعد أكثر من سبع سنوات على تفكك الاتحاد السوفيتي (سبب إنشاء حلف وارشو) ، يحاول كلنتون وحلفاؤه الأوربيون - بالتعاون مع لوكهيد وبوينغ - بذل الجهود لإحياء الناتو. وميلوسوفيتش كان مفيدا في هذا الغمار. ولمرتين يذكّر كلنتون حلفاءه في خطابه إلى الأمة : "مهمتنا واضحة ، تأكيد جدّية الهدف من الناتو ، فشلُنا في التصرّف ، سيصيب الناتو بالعار ويفرغه من معناه ، وهو حجر الزاوية الذي يقوم عليه أمننا منذ خمسين عاما" .

هذا ما سمّاه المؤرخ "كولكو" : "تثبيت المصداقية" ؛ فلأن كلنتون وألبرايت هدّدا بأن الناتو سيهجم وميلوسوفيتش رفض ، شعروا بأنهم يجب أن يذهبوا إلى الحرب مهما كلّف الثمن".

التبرير المباشر للقصف كان مهزوزا منذ البداية ، فالقصف لم يركع خصما ، حاول هتلر مع بريطانيا وفشل ، وحاول الحلفاء مع ألمانيا واليابان وفشلوا ، وحاولت أمريكا مع فيتنام وفشلت ، وحاول كلنتون نفسه مع صدام حسين وفشل .. فقط القنابل الذرية على هيروشيما وناغازاكي سرّعت بالاستسلام ، وهذا ليس طريقا يمكن ان تسلكه من جديد ببساطة .. وكان على واشنطون والناتو أن يتوقعا أن القصف سيعزز قاعدة ميلوسوفيتش ولا يضعفها .. حتى خصوم ميلوسوفيتش السابقون تضامنوا معه بمجرد بدء القصف .

وبمواجهة مئات الألوف من اللاجئين النازحين ، وميلوسوفيتش المتحصّن ، والقوات الكوسوفية الهائجة ، بدأ جنرالات واشنطون وبسرعة خطوة مزدوجة : إنكار أن يكون هجوم الناتو مصمّم لمنع شمول الصرب بـ "تطهير عرقي" .

"القصف لا يمكنه أن يوقف قتل المدنيين" هكذا صرح الجنرال ويسلي كلارك قائد قوات الناتو في "صباح الخير أمريكا" ، "ليست هذه هي المهمة أبداً ، ولم نتوقع أن العمل من الجو وحده يعطّل التطهير العرقي . لا يمكن تحقيق ذلك" . . وكان هذا إعلاناً خادعاً . فقبل أسبوع أعلن كلنتون للأمة : "بشكل واضح إن تصميمنا هو جعل شعب كوسوفو قادرا على العيش في بلاده دون أن يخاف على حياته" .

في خضم القصف والأزمة رفضت واشنطون مبادرة روسيا لحل الأزمة ، وضغطت على الناتو ليبدأ بقصف بلغراد ، وكان التبرير غريبا : "القصف الجوي لم يحقق أغراضه ، لهذا نحتاج لمزيد من القصف الجوي". (تشومسكي: كتب مختلفة).

# فضح أكذوبة كلنتون حول جرائم الإبادة البشرية :

--------------------------------------------------

لنراجع الآن الكيفية التي صوّرت بها وسائل الدعاية الأمريكية "الديمقراطية" خصوصاً الإبادة البشرية التي زُعم أن الصرب قاموا بها ولم يشهد لها تاريخ المجازر البشرية مثيلاً . لكن ماذا ظهر ؟ المقابر الجماعية التي تضم مئات الألوف من الجثث لم يتم العثور عليها عندما احتلت قوات الناتو كوسوفو . أما ترحيل الأقلية الألبانية القسري من كوسوفو لم يبدأ إلّا بعد أن بدأ قصف الناتو . وقد عرض الصرب وفي الإعلام الغربي حصول مجازر جماعية في سراييفو في عام 1992 و1994 و1995 وأن محققي الأمم المتحدة نسبوها إلى المسلمين البوسنيين.

بين 1991 و1995 ارتكبت كرواتيا "التطهير العرقي" الأكبر في الحرب الأهلية اليوغوسلافية . لقد اجتثت كرواتيا نصف مليون مواطن صربي في "كرايينا" من خلال التهجير القسري والمذابح تحت إشراف ضباط الولايات المتحدة وضباط الـ CIA.

جريمة الحرب الأولى التي اتهم بها ميلوسوفيتش من قبل الولايات المتحدة قبل القصف السجادي المحرّم دوليا للناتو هي ما سمّته "مذبحة راتشك" في حزيران 1999 . ادّعى المبعوث الأمريكي "ويليام والكر" أن الشرطة الصربية أعدمت 45 مزارعاً ألبانيا في قرية راتشاك في كوسوفو . الصحفيون الفرنسيون في المنطقة وبعثة والكر نفسه للتحقق لم يجدوا أي دليل على المجزرة. وأظهرت فحوصات الأنسجة المستقلة أن الجثث لمقاتلين من جيش التحرير الكوسوفي قُتلوا في معركة سابقة ، وأن جثثهم نُقلت إلى حفرة لتمثيل المجزرة . وقد اعترضت الصحافة الأوروبية على قصة والكر ولكن الصحافة الأمريكية نشرت قصته فقط.

كان والكر سفيرا للولايات المتحدة في السلفادور من عام 1988 إلى 1992 في ذروة جرائم فرق الموت المدعومة من أمريكا هناك . وكان والكر حليفاً لمهرّب المخدرات والاسلحة السلفادوري الأكبر "روبرتو دي أوبيسون" قائد فرق الموت الأكبر في السلفادور أيضاً ، وهو الذي قام باستئجار القناص الذي قتل الأب "روميرو" عام 1980 . من عام 1980 إلى عام 1994 قدّمت الولايات المتحدة أكثر من 6 مليارات دولار كمعونات عسكرية للسلفادور.

بعد ثلاثة أيام من اتهام والكر لميلوسوفيتش بمجزرة راتشاك الكاذبة أصدرت مادلين أولبرايت وزيرة خارجية الولايات المتحدة إنذاراً نهائياً : على ميلوسوفيتش القبول باحتلال قوات الناتو لكل يوغوسلافيا ومنح الاستقلال لكوسوفو ، أو أن صربيا ستتعرض للقصف. رفض ميلوسوفيتش هذا الإنذار عارضاً مقترحات بديلة رفضتها الولايات المتحدة فوراً . (تشومسكي: كتب مختلفة).

# شيطنة الصرب : كذبة الإغتصاب المُنظّم :

----------------------------------------

لقد سعت الولايات المتحدة إلى شيطنة الصرب لأنها المفتاح الأساسي لتمزيق يوغوسلافيا وإشعال الحرب الأهلية.

ولكن ماذا عن المجازر التي اقترفها الصرب ؟

كل الأطراف ارتكبت المجازر، ولكن تركيز الإعلام الغربي وخصوصا الصحافة الأميركية كان على جانب واحد. ولكن الحقائق بدأت بالتكشّف تدريجيا. فقد أدانت محكمة لاهاي ثلاثة جنرالات كرواتيين لقصف وقتل الصرب في كارينا وأماكن أخرى. أين كان قادة واشنطون وبعثاتهم التلفزيونية عندما حصلت تلك الجرائم وتم قتل مئات الصربيين من قبل المسلمين في سربرنيتشا؟ يأتي الجواب من قادة الولايات المتحدة بصورة مباشرة إن الصرب مسؤولين عن كل المجازر !!

قبل أن نهضم قصص المجازر الصربية الكاذبة بلا موقف نقدي علينا أن نستذكر الخمس مائة رضيع الذين قام الجنود العراقيون وهم يضحكون برميهم من الحاضنات في الكويت، وهي قصة تمّ تكرارها وتصديقها إلى أن كُشفت فبركتها الكاملة بعد سنوات تالية. لقد عرضت أمريكا الصور في الأمم المتحدة ثم ظهر أنها كاذبة ، وكرّرت أولبرايت نفس السيناريو وعرضت صوراً لمقابر جماعية هائلة في كوسوفو ثم ظهر أنها كاذبة. في حرب البوسنة عام 1993 اتُهم الصرب بأقترافهم جرائم اغتصاب بصورة رسمية . "اذهب واغتصب" هكذا كان يقول أحد القادة الصربيين البوسنيين لجنوده. مصدر هذه المعلومة لم يتم التوصل إليه ابداً . واسم هذا القائد لم يُعرف أبداً . لم يصدر مثل هذا التصريح على الإطلاق. وحتى النيويورك تايمز تراجعت لاحقا وقالت إن سياسة الاغتصاب الصربية الرسمية هذه تحتاج إلى إثبات !

وحسب الصحافة الأميركية فقد اغتصبت القوات الصربية بين 25,000 و100,000 امراة مسلمة. عدد الجيش الصربي البوسني لا يزيد على 30,000 مقاتل تقريبا كانوا منشغلين بالقتال اليائس. ممثل من رقابة لاهاي قال إن قصص الاغتصاب هذه لا دليل على مصداقيتها. والحكمة العامة تتطلب التعامل مع هذه القصص بأكبر درجة من التدقيق والتفحّص لا استخدامها كذريعة لتدمير يوغوسلافيا.

شنت الولايات المتحدة دعاية مفبركة هائلة عن الاغتصاب الجماعي الكاذب مستخدمة صحافتها "الديمقراطية "المحايدة" . فقد نشرت صحيفة "سان فرانسيسكو إكسامنر San Francisco Examiner " وبعنوان رئيسي بارز : "تكتيك الصرب هو الاغتصاب المنظم، هكذا قال اللاجئون الكوسوفيون". وفقط في المقطع التاسع عشر نقرأ أن منظمة الأمن والتعاون الأوروبي لم تجد أي دليل على سياسة الاغتصاب هذه. نفس الأمر حصل حين حكمت محكمة جرائم الحرب في الأمم المتحدة على قائد كرواتي بوسني بالسجن لعشر سنوات لفشله في منع قواته من اغتصاب النساء المسلمات عام 1993 وهي مجزرة لم نسمع عنها إلّا القليل في الإعلام الغربي عندما حصلت. 

يُتهم الصرب بمجزرة سوق سراييفو الشهيرة عام 1992 ولكن حسب التقرير الذي سرّبه التلفزيون الفرنسي ، فإن المخابرات الغربية تعرف أن المسلمين هم الذين فجّروا السوق من اجل تبرير تدخل الناتو. حتى المبعوث الأممي "ديفيد أوين" ذكر في مذكراته (طبعاً كل مسؤول غربي بعد أن تنتهي الجريمة ويتقاعد ويقبض يعترف في مذكراته بالخطأ) أن كل أطراف الناتو تعرف أن التفجير من تدبير المسلمين. 

# الكذبة الأميركية الوف القتلى :

-------------------------------

حتى بدء القصف في آذار 1999 تسبب الصراع في كوسوفو في مقتل 2000 شخص حسب المصادر الكوسوفية الألبانية ، و800 شخص حسب المصادر اليوغسلافية. وفي كلتا الحالتين تعكس هذه الخسائر صراعاً محدوداً وليس إبادة بشرية. أمّا التهجير القسري فقد بدأ بعد قصف الناتو ، بتهجير الآلاف من قبل القوات الصربية أغلبهم في مناطق يعمل فيها جيش تحرير كوسوفو.

عشرات الألوف هربوا من كوسوفو بسبب القتال بين القوات اليوغوسلافية وجيش كوسوفو أو بسبب قصف الناتو كما كانو يعلنون في القاءات التلفازية. وخلال قصف الناتو فرّ 70,000 إلى 100,000 من المواطنين الصربيين من كوسوفو وآلاف الأقليات غير الألبانية الأخرى .. فهل "طهّر " هؤلاء أنفسهم عرقياً ؟

لم تثبت مزاعم المجازر التي ضختها الولايات المتحدة .. والغريب أنّ المجازر التي زعمت واشنطون أنّها بدأت بعد القصف صارت مبرّراً لاستمرار القصف والتدمير . إن مجرمي الحرب الكبار هم القادة السياسيين لحلف الناتو الذين صمّموا حملة الموت والخراب هذه.

لقد تكرّر الإعلان في الأيام الأولى لاحتلال الناتو أن 10,000 ألباني قد قتلوا على يد الصرب (نزولا من 500,000 رجل ألباني قتلوا خلال الحرب !) . لم يظهر دليل يدعم حتى الـ 10,000 وكيف تمّ حسابهم بهذه السرعة ولم تصل قوات الناتو إلى كل أجزاء كوسوفو !

في عدوانه على يوغوسلافيا خرق الناتو قانونه الخاص الذي يقول أنه لا يستخدم القوة المسلحة إلّا ضد دولة تعتدي على الحلف .. ويوغوسلافيا لم تعتد عليه .

# الأكاذيب الأميركية حول الإبادة البشرية في كوسوفو:

-----------------------------------------------------

بعد انتهاء الحرب قال الرئيس الكذّاب الداعر بيل كلنتون في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض إن سلوبودان ميلوسوفيتش أمر بقتل "عشرات الألوف من الأشخاص في كوسوفو". قبل أسبوع ، ومن وزارة الخارجية البريطانية جاء تصريح "جيف هوون" أنه "حسب التقارير التي جُمعت ، خصوصا من اللاجئين، فإن حوالي 10,000 شخص من الألبانيين الكوسوفيين قُتلوا في أكثر من 100 مجزرة" . وبطبيعة الحال فإن الحكومتين الأميركية والبريطانية لديهما دوافع واضحة في جعل الصورة مرعبة أكثر ما يمكن لما قام به الصرب لتبرير تدمير القطاع العام والدولة والخدمات في صربيا، خصوصا مع تزايد حملة الإنتقادات لقصف الناتو وتصاعد الخلافات بين أطرافه.

ولقوى الناتو الكثير من الأسباب لإطلاق تهم الإبادة البشرية ضد صربيا في العناوين . ولسبب وحيد هو أن من المحرج أنه صار واضحا أن القصف لم يؤثر على الجيش الصربي إلّا قليلاً . إذن ، كل الأسباب موجودة للقول أن الصرب – كلّهم ! - قد ارتكبوا مجازر جماعية وأنّهم يستحقون العقاب الذي يواجهونه.

طوال نهاية حزيران وشهر تموز كانت هناك العشرات من التقارير الصحفية التي تسير على خطى عناوين مشابهة لخبر النيويورك تايمز في 4 تموز من الصحفي "جون كيفنر" مع هذا العنوان الرئيسي :

"الجثث مازالت تتكشّف، يوماً بعد آخر، ويُعتقد الآن أن العدد هو 10,000 أو أكثر" .

وفي يوم 2 آب صرّح "برنار كوشنر" (حتى مؤسّس أطباء بلا حدود هذا كذّاب !) الممثل الأعلى لمنظمة الأمم المتحدة في كوسوفو أن 11,000 جثة قد تم اكتشافها في مقابر جماعية في كوسوفو .

وفي 7 تشرين الأول قدّم "برنار كوشنر" طلباً إلى المحكمة الجنائية الدولية  International Criminal Tribunal ضد الرئيس اليوغوسلافي الأسبق عن مسؤوليته عن جرائم الحرب، ولكن المحكمة قالت أنها ليس لديها أي معلومات عن ذلك. وبرغم ذلك ، أصبح الرقم 10,000 هو القاعدة وبعض التقديرات حلّقت أكثر فأكثر. فرق من المحقّقين في الطب العدلي من 15 دولة ، وبضمنها فريق مستقل من مكتب المباحث الفيدرالي FBI ، كلّها كانت تشتغل منذ حزيران. وقاموا بفحص 150 موقعاً من 400 مقبرة جماعية مزعومة .

وحتى تلك اللحظة لم تكن هناك أدلة تكفي لتأكيد الزعم بأن الصرب لديهم برنامج للإبادة البشرية. فريق الـ FBI قام برحلتين إلى كوسوفو وفحص 30 موقعاً تحتوي على 200 جثة ، وفي بداية تشرين الأول كشفت الصحيفة الإسبانية إل باس El Pas ما عثر عليه الفريق الجنائي الإسباني في المنطقة المخصصة له من كوسوفو: "مسؤولو الأمم المتحدة بدأو بالرقم 44,000 جثة ، أنقصوه إلى 22,000 جثة ، ووقفوا الآن على 11,000 جثة " هكذا قال بيريز بويول مدير معهد الطب العدلي في دي كاراتاخينا . وقد حلل هو وزملاؤه أكثر من 2000 نموذج نسيجي . وحتى الآن وجدوا 187 جثة فقط .

أحد زملاء بويول وهو"خوان لوبيز بالافو" أخبر الصحيفة بأن جرائم مرعبة حصلت في يوغوسلافيا السابقة ، ولكنها تعود إلى الحرب. في رواندا شاهدنا 450 جثة لنساء وأطفال في إحدى الكنائس ، كانت كلها مقطوعة الرؤوس . أعتقد أن الصرب أعطوا العوائل فرصة لمغادرة المنطقة. وعندما يرفضون أو يعودون ثانية فإنهم يُقتلون. ومثل أي جريمة بحق المدنيين ، فإنها جرائم حرب ، مثل أي مقبرة جماعية ، مهما كان عدد الجثث . لكن هل هي إبادة بشرية ؟ 

في قصّة متواترة أشيع أن 700 كوسوفي قُتلوا ودُفنوا في مناجم الرصاص والزنك في تريبشا . في 12 تشرين الأول صرح "كيلي مور" الناطق باسم المحكمة الجنائية الدولية بأنه لم يتم العثور على أي شيء . ثم أشيعت قصة عن 350 جثة مدفونة في غوبنيش وظهر أنها 7 جثث. وفي بوستو سيلو قال القرويون أن 106 أشخاص قُتلوا على أيدي الصربيين ، وهُرع الناتو وأقماره الصناعية إلى الموقع ولم يعثروا على شيء. وزعم أن 82 قُتلوا في كرالجان ولم يُعثر على جثة لحد الآن.

لقد اشاعوا أن من بين الشعب الكوسوفي الذي كان يعيش قبل الحرب قتل 17,000 شخص ، ولكن الجهات المختصة قالت ليس واضحا على أي اساس تم تقدير هذا العدد. فلا توجد هناك رقابة في كوسوفو منذ نهاية الحرب ، ولا أحد يعرف كم هو عدد الكوسوفيين الذين مازالوا في المنفى أو في السجون الصربية .

# خزي الصحافة الأمريكية "الديمقراطية" في مأساة يوغوسلافيا: أكاذيب ورشى:

--------------------------------------------------------------------

وخلال "حرب" كوسوفو نُشرت عبر الإنترنت قائمة بالأهداف المدنية في يوغوسلافيا . ولكن لم تقم بنشرها صحيفة واحدة ، وتحت الاسم الكودي "المرحلة الثالثة" تضمنت هذه الأهداف المدنية وسائل النقل العامة ، والمصانع غير العسكرية ، ومراكز الاتصال التلفوني ، ومصانع المواد الغذائية ـ ومصانع السماد ، والمستشفيات والمدارس ، والمتاحف ، والكنائس والأديرة والقصور الأثرية .

"لقد فرغوا من الأهداف العسكرية خلال الأسبوعين الأوّلين " هذا ما قاله "جيمس بيسيل" ، السفير الأمريكي في يوغوسلافيا ، ليضيف قوله : "وكان من المعلومات الشائعة أن الناتو سيتجه بعد ذلك إلى المرحلة الثالثة ، وهي الأهداف المدنية . ولو كان الأمر خلافاً لذلك لما قاموا بقصف الجسور في أمسيات الآحاد ، وقصف أماكن  التسوق" . ويقول الأدميرال "الماد شماهلنج" ، وقائد المخابرات العسكرية الألمانية : "كانت الخطة تتجه أولا إلى ممارسة الضغط على الأهالي المدنيين ، ليتمّ ثانيا تدمير الاقتصاد اليوغسلافي بالعنف الذي لا يمكنه استعادة قوته بعده" .

وخلال الأسابيع الأخيرة من القصف أجرت "كيرستي وارك" مقابلة لهيئة الإذاعة البريطانية مع الجنرال "ويزلي كلارك" ، قائد قوات الناتو ، في برنامج أخبار المساء – night news . ولم توجّه كريستي ولو سؤالا واحدا حول الأهداف المدنية . رغم أن مدينة نيس Nis كان قد قصفها مؤخرا بالقنابل العنقودية ، لتقتل النساء والمسنين والأطفال . وكان تركيز الأخبار فقط على قصف الأهداف العسكرية التي لم تتجاوز نسبتها اثنين في المائة. وتحدثت عناوين الأخبار عن "أخطاء" أو "أخطاء الهدف" . ولكن كان هناك القليل من الصحفيين – وبرز من بينهم "روبرت فيسك" – الذين كشفوا عن أن هذا القصف كان متعمدا . وكانت "التغطية" الشاملة تتمثل في ما قام به "مارك ليتي" ، مراسل هيئة الإذاعة البريطانية في بروكسل ، والذي سرعان ما عُيِّن بعدها مستشاراً شخصياً للسكرتير العام للناتو ! .

لقد تحوّلت "التغطية" إلى سلسلة من التبريرات الرسمية ، أو من الأكاذيب ، ابتداء بما ادّعاه وزير الدفاع الأمريكي "وليام كوهين" من "إننا قد اكتشفنا الآن فقد مائة ألف "ألباني" ممن هم في سن  القتال ... وربما يكونون قد لقوا مصرعهم" . وبعد ذلك بأسبوعين أعلن "دافيد شيفر" ، سفير الولايات المتحدة في معرض حديثه عن جرائم الحرب أن عددا يصل إلى 225 ألفا من الرجال ذوي الأصول الألبانية الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و 59 سنة يمكن أن يكونوا قد لقوا حتفهم . والتقطت الصحف البريطانية طرف الخيط . "الهروب من الإبادة الجماعية" هكذا قالت صحيفة ديلي ميل ، لتتجاوب معها صحيفتا "صن" و "ميرور" اللتان تحدثتا عن "صدى الهولوكوست" . كما أن توني بلير من جانبه قد اشار إلى الهولوكوست ، وإلى روح "الحرب العالمية الثانية" ، وكان واضحا هو أنه لم ينتبه إلى المفارقة . إن الصرب ، في مقاومتهم للغزو النازي ، قد خسروا من الضحايا البشرية ، بالنسبة إلى تعدادهم السكاني ، أكثر من أي دولة أوروبية أخرى .

ومع يونيو 1999 ، عندما انتهت عمليات القصف بدأت فرق الفحص الجنائي الدولية في إخضاع كوسوفو للفحص الدقيق ، ووصل فريق من مكتب التحقيقات الجنائية الأمريكية (إف . بي . اي) لفحص ما أطلق عليه "أضخم مسرح لجريمة في تاريخ الفحص الجنائي للمكتب" . ولكن هذا الفريق عاد أدراجه عقب أسبوعين بعدما لم يعثر على مقبرة جماعية واحدة ، كما عاد الفريق الإسباني ، مع الشكوى الغاضبة من جانب رئيسه ، بأنه قد تعرض هو وزملاؤه لخداع أجهزة الدعاية الحربية "حيث أننا لم نعثر على مقبرة جماعية واحدة" .

وفي نوفمبر 1999 نشرت صحيفة وول ستريت جورنال نتائج تحرياتها الخاصة ، حيث استبعدت "الفكرة المسيطرة عن القبور الجماعية" ، فبدلا من "ساحات القتل الضخمة التي دفع بالمستقصين إلى توقعها ... كان النمط السائد هو حالات قتل متفرقة كانت "على الأغلب" في المناطق التي كان ينشط فيها جيش تحرير كوسوفو الانفصالي "وانتهت الصحيفة إلى أن الناتو قد خرج بادعاءاته عن ساحات القتال الصربية عندما وجد أن هناك توجهاً من جانب الصحافة نحو القصة المناقضة : المدنيون الذين يلقون مصرعهم بواسطة قذائف الناتو : "فالحرب في كوسوفو كانت قاسية ومريرة ووحشية" على نحو ما انتهت إليه الصحيفة . "ولكن لم تكن هناك إبادة جماعية" .

لقد قام الناتو بالقصف وفق ما قاله وزير الدفاع البريطاني جورج روبرتسون "للحيلولة دون وقوع كارثة إنسانية" نتيجة عمليات الطرد والقتل الجماعي . وفي ديسمبر 1999 قامت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ، التي كان مراقبوها في كوسوفو عشية القصف ، بتوزيع تقريرها الذي لم يجد طريقاً إلى النشر . لقد كشف التقرير عن أن معظم الجرائم ضد  الأهالي الألبان قد حدثت بعد أن بدأت عمليات القصف ، أي أنها لم تكن سبباً للقصف ، وإنما نتيجة له . "بينما كان واضحا أن القوات الصربية كانت هي الأداة في هذه "الكارثة الإنسانية التي تم الكشف عنها " على نحو ما كتب كبير مخططي الناتو "ميشيل ماكجواير" الذي اضاف : "فإن الحافز إلى خوض الحرب الذي طالما ألح على الناتو كان دون شك هو سبباً رئيسياً ، ووصف عمليات القصف بأنها "تدخل ذو طابع إنساني" إنما هو في الحقيقة من نسج الخيال" .

وفي صيف عام 2000 أعلنت محكمة جرائم الحرب الدولية ، وهي هيئة إنشئت فعليا بواسطة الناتو ، أن الإحصاء النهائي للجثث التي تم العثور عليها في "القبور الجماعية" في كوسوفو يبين أن عددها هو 2788 ، ويشمل هذا الصرب المقاتلين . ويعني ذلك أن الأرقام الذي تداولتها الحكومتان البريطانية والأمريكية ومعظم وسائل الإعلام كانت ملفقة . ولم يُنشر عن هذا سوى القليل .

وهؤلاء الصحفيون الذين ابتلعوا أكاذيب الناتو كانوا هم الأعلى صوتاً في إساءتهم للقلة الذين شكّكوا في جدوى عمليات القصف ، والذين كشفوا عن مهزلة "إخفاق" محادثات رامبوبيه ، واتخاذ ذلك ذريعة لتبرير أعمال القصف. وكان الأسلوب (التكتيك) المُستخدم في تسفيه آراء المعارضين هو المساواة بين الاعتراض على عمليات قتل المدنيين وبين تأييد ميلوسوفيتش . وكانت هذه هي نفس النغمة الدعائية التي ساوت بين الاهتمام الإنساني بالشعبين العراقي والأفغاني وبين التأييد لصدام حسين والطالبان ، وهو الأمر الذي ينطوي على التحايل الفكري . (جون بجلر : حكّام العالم الجدد) .

خلال قصف يوغوسلافيا ، أعلن "دان راذر" مذيع أنباء المساء في سي بي أس : إنني أمريكي ، وإنني مراسل أمريكي ، نعم عندما تكون هناك معركة يشترك فيها أمريكيون يمكنك انتقادي إذا تعيّن عليك ذلك ، أن تلعنني إذا تعيّن عليك ذلك ، ولكنني دوما أساعد على أن تنتصر" . (في الماضي كان الصحفيون الأمريكيون يسارعون بانتقاد نظرائهم السوفيت بسبب تحدثهم نيابة عن الدولة ) .

لقد اصطف الصحفيون الأمريكيون بالمثل باعتبارهم " هتّيفة " العصور الحديثة في خضم كل مسيرة من مسيرات البنتاغون المتكرّرة على طريق الحرب . وخلال حرب الخليج بدا إن كثيرا من وسائل الإعلام ، بما في ذلك السي إن إن ، لديه ولع مرضي خطير بالقذائف بدرجة تكفي لبيان أنهم كانوا بحاجة لاسشتشارة إخصائي (في الأمراض النفسيّة والعقلية).

إن "كليفن كلوز" المسؤول التنفيذي الرئيسي للإذاعة الوطنية العامة ، هو الرئيس السابق لجميع منافذ الدعاية الرئيسية – على النطاق العالمي – التابعة للحكومة الأمريكية بما ذي ذلك صوت أمريكا ، وإذاعة أوروبا الحرة ، وإذاعة مارتي المعادية لكاسترو ، التي تبث إرسالها لكوبا من فلوريدا ،  والإذاعة الوطنية العامة ، والتي يمكن اعتبارها فرعا محليا لصوت أمريكا ، لم تصادف أبدا حربا أمريكية ليست على هواها ، وقد نزل عليها الإلهام بأن تصف الحرب ضد يوغوسلافيا باعتبارها " أهم نجاحات السياسة الخارجية لكلينتون" (تشومسكي: كتب مختلفة).

# الأسباب الحقيقية لتدمير يوغوسلافيا :

---------------------------------------

إذن ما هي الأسباب الحقيقية لتدمير يوغوسلافيا ؟

خلال التسعينات سعت الولايات المتحدة لتفكيك وتقسيم يوغوسلافيا من أجل خصخصة صناعاتها التابعة للقطاع العام والقطاع المالي وتمزيق برامج خدماتها الاجتماعية المعروفة عالميا ، وعن هذا الطريق نقل ثروة يوغوسلافيا إلى الشركات المتعددة الجنسيات . وفي تشرين الثاني عام 1991 مرّر الكونغرس الأمريكي قانون تخصيصات العمليات الخارجية ، يفرض هذا القانون : أن أي جزء من يوغوسلافيا يفشل في الإنشقاق خلال ستة أشهر سيفقد المساعدات المالية الأمريكية.    

ثم بدأت الولايات المتحدة بتمويل الحركات الإنفصالية في سلوفينيا ، كرواتيا ، بوسنيا ، مقدونيا ، وكوسوفو ، وبضمنها مساندة العناصر الأكثر فاشية وفق سياسة "قسّم .. واحتلْ " . 

وصف بيل كلنتون سلوبودان ميلوسوفيتش بأنه "هتلر الجديد" ، في الوقت الذي كان يساند فيه الرئيس البوسني "علي عزت بيكوفتش" الذي هو أصلاً مُتهم كمجرم حرب نازي في الحرب العالمية الثانية ، والرئيس الكرواتي "فرانجو توجدمان" الذي كتب كتاباً هو : "المهمل من الحقيقة التاريخية - Wastelands of Historical Truth" الذي يقدّر فيه هتلر بقوّة ويمجّد الإبادة البشرية . وبيكوفتش يدعو لنظام إسلامي أصولي. 

جيش تحرير كوسوفو (ج ت ك) تمّ تصنيفه من قبل وزارة خارجية الولايات المتحدة (في عهد البرايت) كمنظمة إرهابية ومهرّب كبير للهيروين من قبل الأنتربول الأوروبي ، تم تمويله وتدريبه من قبل اسامة بن لادن ، ومن قبل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية الـ CIA.

# قررت أميركا تدمير يوغوسلافيا منذ 1989 :

---------------------------------------------

لقد بُنيت يوغوسلافيا على أساس فكرة أن السلاف الجنوبيين يجب ألّا يبقوا شعباً ضعيفا ممزقاً ، تتناحر شعوبهم فيما بينها ومن السهل تركيعهم أمام المصالح الإمبريالية الخارجية. وسويّة يستطيعون بناء وطن موحّد له بناؤه الاقتصادي الخاص . وفعلاً ، بعد الحرب الثانية أصبحت يوغوسلافيا الاشتراكية أمة حيّة ذات تطوّر اقتصادي بارز. بين 1960 و1980 كانت صاحبة معدلات النمو الاقتصادي الأكثر تسارعاً : مستوى معيشة عالٍ ، تعليم مجاني ورعاية صحية مجانية ، حق مضمون في العمل ، إجازة لمدة شهر براتب ، مستوى تعليمي يزيد على 90% ، ومعدل توقّع الحياة 72 عاماً . وكذلك منحت يوغوسلافيا مجتمعها المتنوّع الأعراق نقلاً عاماً ميسور الكلفة ، والسكن والخدمات الملحقة به ، واقتصاد غير ربحي يُدار من قبل الدولة ومملوك ملكية عامة. هذا النوع من البلدان ليس من النوع الذي تتحمله الامبريالية العالمية. ومع ذلك سُمح ليوغوسلافيا الاشتراكية بالبقاء 45 عاماً لانها كانت خارج حلف وارشو وذات مسار محايد . 

تفكيك يوغوسلافيا وتعذيبها وتحطيمها كان سياسة وضعتها الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى عام 1989. لأن يوغوسلافيا كانت البلد الوحيد في أوروبا الشرقية الذي لم يرمي ما تبقى من نظامه الاشتراكي ويستبدله بنظام اقتصادي مبني على اساس السوق الحرة . في الحقيقة كان اليوغوسلاف فخورين بتطورهم الاقتصادي الذي حقّقوه بعد الحرب الثانية وباستقلاليتهم بين حلف وارشو وحلف الناتو. هدف الولايات المتحدة كان نقل الأمة اليوغسلافية إلى حظيرة بلدان العالم الثالث ، لتصبح بلداً يمينياً يتمتع بالخصائص التالية :

# غير قادر على رسم مسار مستقل لنموه الذاتي .

# اقتصاد ممزق وموارد طبيعية تُسلّم كاملة لاستغلال الشركات العابرة للقوميات وبضمنها الثروة المعدنية الهائلة في كوسوفو .

# قوى عاملة فقيرة لكن متعلّمة ومتدرّبة للعمل بأجور متدنية تكون مخزوناً يخفض الأجور العالية في أوروبا الغربية وأماكن أخرى.

# تفكيك الصناعات البترولية والهندسية والتعدينية والكيمياوية ، وصتاعة المكائن والسيارات والأسمدة وكذلك مختلف الصناعات الخفيفة بحيث لا تعود قادرة على منافسة مثيللاتها في أوروبا الغربية.

وأراد صنّاع السياسة الاميركيون إلغاء قطاع الخدمات العامة والبرامج الاجتماعية ايضاً. كان الهدف النهائي هو خصخصة يوغوسلافيا وإعادتها إلى العالم الثالث . وفي بعض الجوانب ، كان التدمير الغربي المسعور ليوغوسلافيا هو ضريبة نجاح هذه الأمة كشكل بديل للتنمية ، وللجذب الذي فرضته على الشعوب المجاورة في الشرق والغرب.

في نهاية الستينات والسبعينات عمل قادة بلغراد – بخلاف قادة بولندا – على توسيع القاعدة الصناعية للبلاد وزيادة استهلاك البضائع؛ إنجاز أرادوا تحقيقه عبر الإقتراض الكبير من الغرب . ولكن مع القروض الهائلة للبنك الدولي – هذا الوحش الأميركي الاقتصادي الإمبريالي – جاء الطلب المحتوم لـ "إعادة الهيكلة" ، برامج تقشف قاسية ادّت إلى تجميد الرواتب ، تقليص المصروفات العامة ، تصاعد البطالة ، وإلغاء مشروعات إدارة العمال الذاتية . ومع ذلك ظلّ الاقتصاد الاساسي بيد القطاع العام ، وبضمنه مجمع تربشا الضخم للتعدين في كوسوفو والذي وصفته النيويورك تايمز بأنه "هديّة الحرب الذهبيّة .. والجزء الأغلى من كل ممتلكات البلقان .. قيمته على الأقل 5 مليارات دولار .. غني بالفحم والرصاص والذهب والفضة والكادميوم (والأخير اساسي في صناعة الهواتف النقالة). (تشومسكي: كتب مختلفة).

# الجنرال ويسلي كلارك : هدفنا المحو التام للبنية التحتية ليوغوسلافيا :

----------------------------------------------------------------------

من 24 آذار إلى 10 حزيران 1999 قادت الولايات المتحدة القوات العسكرية التابعة للناتو لتسقط 20,000 طن من القنابل على يوغوسلافيا . اننظر إلى الأهداف التي قصفتها : محطات التلفزيون، المصانع، مشاريع تصفية المياه، الغاز ، النفط، تزويد المياه ، مشاريع الطاقة الكهربائية ، الصرف الصحي ، المجمعات السكنية العامة ، المصافي ، المؤسسات الزراعية ، المستودعات ، اطرق ، الجسور ، محطات السكك الحديد ، المستشفيات ، أكثر من 200 مدرسة ، ومعسكر للاجئين الألبان . أعلن الجنرال ويسلي كلارك بكل صراحة ووقاحة – ونصّاً - إن الهدف من القصف الجوي ليوغوسلافيا : "هو تدمير وتخريب وتحطيم وتهديم ، وأخيراً محو البنية التحتية الضرورية ليوغوسلافيا" .

# تدمير يوغوسلافيا لأنها رفضت الاحتلال الأمريكي :

---------------------------------------------------

الولايات المتحدة لها طريقتها الخاصة بالتعامل مع السايسة الدولية كما ظهرت في فيتنام ونيكاراغوا والعراق وبنما وغيرها والآن في يوغوسلافيا . تقوم واشنطون بطرح مطالب لا تقبل المناقشة لذلك تسمّيها اتفاقات أو اتفاقيات - “accords” or “agreements,” كما حصل في اتفاقات دايتون أو رامبوليه ، ومن اسمها تعني أنها غير قابلة للنقاش وأنّ موافقة الطرف المقابل أمر مفروغ منه . وأي تردّد من الطرف المقابل في الإذعان لهذه الشروط بصورة كاملة يُسمّى "رفض التعاون" ويُصوّر أمام الرأي العام على أساس أنّه عدم رغبة في النقاش بإيمان حقيقي. وقد عرف العالم أنّ قادة الولايات المتحدة قد فقدوا صبرهم مع أول رفض للقيادة اليوغوسلافية لـ "عرضهم" . صدر الإنذار النهائي فوراً ، ثم تبعه القصف الجوي المدمّر ضد الأمّة المعاندة لكي تتعلم كيف تنظر إلى الأمور كما تنظر إليها الولايات المتحدة.

رفض ميلوسوفيتش خطة رامبوليه التي فرضتها وزارة خارجية الولايات المتحدة لأنها تفرض أن يستقل جزء كبير وغني من صربيا هو كوسوفو، ويسلّمه للاحتلال الأجنبي . كما اشترطت أيضاً أن تلك القوات الأجنبية ستكون لها سلطة الاحتلال الكاملة على كلّ يوغوسلافيا ، مع تمتعها بالحصانة من الاعتقال والمحاكمة ، ومنحها السلطة على الشرطة اليوغوسلافية ومسؤوليها . وفوق كل ذلك تفضح خطة رامبوليه خطط الولايات المتحدة من خلال إعلانها : "سيعمل اقتصاد كوسوفو وفق قواعد السوق الحرّ " .  

# اتفاق رامبوليه احتلال استعماري مباشر ليوغوسلافيا :

-----------------------------------------------------

إن اتفاق رامبوبليه يضمن حقوق وصلاحيات واسعة لقوات حلف الناتو في يوغسلافيا. ومما ورد في ملحقات البنود السرية من الاتفاق في الجزء السابع منه حيث يوضح بالتفصيل حقوق قوات الناتو (كفور) . وحسب ذلك الاتفاق يحق لقوات الناتو بكافة طواقمها العسكرية وبأنواع سلاحها البري والبحري والجوي ليس فقط في كوسوفو وإنما في كافة الأراضي اليوغسلافية حرية التنقل متى ما شاءت بدون عوائق، ويحق استخدام الموانئ والمطارات والطرق البرية وإجراء التدريبات العسكرية في الدولة الاتحادية ليوغسلافيا، وهذا يعني عملياً احتلال البلد من قبل الناتو.وقد نُشر نص الاتفاق وباللغة الانكليزية في وسائل الأعلام. إنّ مثل هذا الاتفاق لا يوقع عليه إلا في حالات الاستسلام بانتصار إحدى الدول على الأخرى. ولذلك رفضت الحكومة اليوغسلافية التوقيع على الاتفاق الذي استُخدم ذريعة لهجوم حلف الأطلسي، والناتو وضع شروطه التعجيزية التي لا يمكن القبول بها ليعطي لنفسه أمام الرأي العام العالمي المبررات اللازمة بالهجوم الجوي الذي وقع على يوغسلافيا ونشر قواته في إقليم كوسوفو فيما بعد.

إن ما يستدعي النظر إليه هو موقف أمريكا حيال القضية ومشكلة كوسوفو التي كان بالإمكان حلها بتحسين أوضاع المنطقة بتقديم العون المالي لها وضمان سيطرتها على المنطقة اقتصاديا وسياسيا حيث كانت تكفي تكاليف أسبوعين أو ثلاثة من الحرب لترميم الأوضاع الاقتصادية في منطقة البلقان عوضا عن تكاليف الحرب الباهظة .

وما كان استعجال أمريكا بضم أعضاء جدد إلى الحلف من دول أوربا الشرقية وخاصة المجر المجاورة ليوغسلافيا إلا ليدخل ضمن هذا المخطط المرسوم له من قبل الإدارة الأمريكية مهيئة الأرضية الصلبة لضمان انتصارها ولو كلف ذلك حياة الكثيرين من البشر في المنطقة، أن أهداف أمريكا المعلنة في المنطقة شيء والهدف الذي تريد تحقيقه شيء آخر، كما صرح بذلك الرئيس الأمريكي كلنتون (أمريكا تريد أن تنتصر وسوف تنتصر). (جميل حنّا: الذكرى العاشرة لحرب الناتو على يوغسلافيا- الحوار المتمدن).

 

# التدمير المنطقي ليوغوسلافيا:

---------------------------------

بينما كانوا يعلنون عن عدم ارتياحهم من نتائج التدمير الجوي ليوغوسلافيا ، فإن الكثيرين من الليبراليين كانوا مقتنعين بأن الولايات المتحدة كانت تخوض القتال الصحيح . "نعم القصف لم يحقق نتيجة ، وهو عمل أحمق لكننا يجب أن نقوم بشيء ما" . في الحقيقة لم يكن القصف عملا أحمق بل عمل لا أخلاقي . تماماً . وفي الواقع حقق اشياء كثيرة جدا ، لقد دمّروا كل ما تبقى من يوغوسلافيا وحوّلوها إلى بلد فقير مدمّر ممزّق محطّم غير صناعي مُستعمر يصدّر العمال الشحّاذين الرخيصين ، لا حول له في مواجهة الاختراق الإمبريالي ، مُنهك إلى حد أنّه لن يستطيع النهوض ثانية على الإطلاق ، ممزّق إلى درجة أنه لن يستعيد وحدته أبداً ، ولا حتى كبلد بورجوازي حيّ.  

كل قاعدة زراعية دُمّرت بالقصف الجوي الغربي (كما هو الحال في العراق) أو من قبل اتفاقية النافتا NAFTA والغات GATT (كما حصل في المكسيك وأماكن اخرى) يُضعف القدرة على المنافسة ويزيد فرص السوق أمام الشركات المتعددة الجنسيات . ولتدمير معامل القطاع العام في يوغوسلافيا التي تنتج قطع الغيار ، والمعدات والأجهزة والأسمدة – أو معمل مموّل من القطاع العام في السودان يُنتج أدوية باسعار أقل من اسعار الشركات الغربية المنافسة – فهدفه تعزيز قيمة الاستثمارات للمنجين الغربيين . وكل محطة تلفزيون أو راديو أغلقت من قبل قوات الناتو أو دُمّرت بقصف الناتو فهي ترسّخ سطوة الكارتل الإعلامي الغربي . والتدمير الجوّي الغربي لعاصمة يوغوسلافيا الإشتراكية يخدم هذا الإتجاه .

الآن علينا أن نفهم التأثير الكلّي لعدوان الناتو. صربيا هي واحد من أضخم مصادر المياه الجوفية في أوروبا ، والتلوث من يورانيوم الولايات المتحدة المنضّب والمتفجرات الأخرى قد تأكّد في كل المنطقة المحيطة وصولاً إلى البحر الأسود . في بانشيفو (مدينة جنوب صربيا) وحدها اطلقت كميات كبيرة من الأمونيا في الهواء عندما قصف الناتو معمل الأسمدة . وفي نفس تلك المدينة قصف الناتو معمل البتروكيمياويات سبع مرّات . وبعد 20,000 طن من النفط الخام أحرقت في طلعة قصف واحدة على مصفى للنفط ، انتشرت سحابة هائلة من الدخان ظلت عالقة في الجو عشرة أيام. سال 1,400 طن من أثيلين الكلورايد في نهر الدانوب، وهو مصدر مياه الشرب لعشرة ملايين شخص. وفي نفس الوقت كان تركيز فنيل كلورايد الذي انطلق في الجو أكثر بـ 10,000 مرّة من المستوى المسموح به. وفي بعض المناطق ظهرت بقع حمراء وبثور وفقاعات على جلد البشر وتوقّع المسؤولون الصحّيون زيادات حادة في معدلات الإصابة بالسرطان في السنين التالية. 

المتنزهات والمحميات الحيوانية التي جعلت يوغوسلافيا تحتل المرتبة الثالثة عشرة في العالم كأغنى دولة بالتنوّع البايولوجي تم تدميرها أيضاً. وصواريخ اليورانيوم المنضّب التي استخدمها الناتو في أجزاء كبيرة من بولونيا تتمتع بمعدل حياة نصفي قدره 4,5 مليار سنة !!! وهو نفس اليورانيوم المنضب الذي يسبّب السرطانات والتشوّهات الولادية والموت المبكر بين الناس في العراق . صارت المحاصيل تموت بسبب التلوث ، ومحطات الطاقة لا يمكن إصلاحها بسبب الحصار الاقتصادي الذي فرضته الأمم المتحدة على قطع الغيار والأدوات الاحتياطية. سيواجه الناس المجاعة والبرد في الشتاءات المقبلة .

بكلمات تجعلنا نشك في إنسانيته قال قائد قوّات الناتو الجنرال الأمريكي ويسلي كلارك أن هدف الحرب الجوية على يوغوسلافيا كان :  " تدمير وتخريب وتحطيم وتهديم ، وأخيراً محو البنية التحتية الضرورية ليوغوسلافيا"، حتى لو كان الصرب قد اقترفوا مجازر جماعية – ومن المؤكد أنهم قاموا ببعضها في الحرب كما هو حال أي حرب أهلية – فإن هذا الردّ الذي يتحدث عنها كلارك وحشي إجرامي يفوق كل تناسب . إن القتل الذي اقترفته الجماعات شبه العسكرية في كوسوفو (والتي حصل أغلبها بعد بدء القصف الجوّي) ليست مبرّراً لقصف يشمل 15 مدينة بمئات الطائرات على مدار الساعة لأكثر من شهرين نافثين مئات الآلاف من الأطنان من المواد الكيمياوية السامّة والمسرطنة في الماء والهواء والتربة ، مدمّرين الجسور، والمجمعات السكنيّة ، وأكثر من 200 مستشفى ، وعيادات ومدارس وكنائس ، والعاصمة المنتجة لأمّة كاملة.

أكّد تقرير صدر في لندن في آب 1999  أن التأثير الذي خلقه قصف الناتو على الإقتصاد اليوغوسلافي سيجعل هذا الإقتصاد ينكمش بصورة مأساوية خلال السنوات القليلة اللاحقة. سيهبط الإنتاج الداخلي العام بنسية 40% في تلك السنة وسيهبط أقل من ذلك بكثير في العقد اللاحق. وستصبح يوغوسلافيا – كما تنبأ التقرير – أفقر بلد في أوروبا . المهمة أُنجزت .

# أمريكا تستخدم الاسلحة المحرّمة لإبادة شعب يوغوسلافيا :

----------------------------------------------------------

أسقطت الولايات المتحدة القنابل العنقودية على يوغوسلافيا وعرّضت ملايين البشر لمخاطر اليورانيوم المنضب . انتشرت القنابل العنقودية غير المنفجرة كألغام أرضية تمزّق الأطفال الذين يخطئون في الإمساك بها. نشر اليورانيوم المنضب السرطان وهذا العنصر يستمر في التربة لمليارات من السنين . استخدم الناتو غاز الأعصاب السام ، النابالم السوداء ، المواد الكيمياوية المطهّرة ، والرذاذ لتسميم المحاصيل اليوغوسلافية . والناتو هو الذي ابتكر طريقة وحشية تتمثل بقصف الهدف المدني ، والإنتظار لثلاثين دقيقة ، ثم القصف ثانية لقتل عمال الإغاثة .

هاجم الناتو يوغوسلافيا من دون موافقة أي برلمان من برلمانات دوله ، خارقاً معاهدة الناتو نفسه ، والمادة الأولى من الدستور الأمريكي ، وقانون الأمم المتحدة ، ومعاهدات جنيف ، وقواعد نورمبرغ .
# تجريب الأسلحة الجديدة :

--------------------------

عدا ذلك مثّل إقليم كوسوفو وجمهورية يوغسلافيا الاتحادية ميدانا لتجريب أسلحة جديدة لم تستخدم حتى ذلك الحين أو على الأقل ليس بذلك الحجم مثل صواريخ توما هوك التي تطلق من مسافات بعيدة أو ما يسمى بالقنابل الذكية وقنابل الكاسيت وقنابل اليورانيوم المنضب وما يسمى بالقنابل الجرافيتية لشل أنظمة نقل الطاقة الكهربائية. هذا وتتراوح المعلومات حول عدد الضحايا ما بين ألفين وعشرة آلاف وتقيَّم الخسائر الاقتصادية بحوالي 10 مليار دولار. (جميل حنّا: الحوار المتمدن).

# قوّات "حفظ السلام" تغلق المحطة المعارضة الوحيدة المملوكة للقطاع العام!

----------------------------------------------------------------------

هدف آخر للولايات المتحدة كان الاحتكار الاعلامي والسيطرة الأيديولوجية . في 1997 وفي ما تبقّى من البوسنة الصربية آخر محطة راديو تنتقد سياسة الناتو أغلقت من قبل قوات "حفظ السلام" التابعة للناتو. شرحت النيويورك تايمز القصة بإسهاب ممل لتوضح لماذا كان إسكات المحطة الصربية المعارضة الوحيدة ضرورياً من اجل التعدّدية الديمقراطية !! واستخدمت وصف "الخط الصعب" إحدى عشرة مرّة لتصف القادة الصربيين الذين عارضوا الغلق والذين فشلوا في أن "يروا فيه خطوة نحو جلب تغطية أخبارية مسؤولة في البوسنة" !.

# تدمير محطات تلفاز الدولة :

-----------------------------

ومثل ذلك بقي جزء من تلفزيون يوغوسلافيا بأيدي أناس يرفضون النظر إلى العالم من منظور الولايات المتحدة ووزارة خارجيتها وبيتها الأبيض وكارتلات دعايتها ، وهذا شيء لا تحتمله واشنطون الديمقراطية. فدمّر قصف الناتو المحطتين الحكوميتين الرئيسيتين للتلفزيون ومجموعة من محطات الراديو والتلفزيون المحلية ، بحيث أنه في صيف 1999 كانت هناك محطة وحيدة للتلفزيون غطّى عليها طوفان السي أن أن والقنوات الألمانية وبرامج الولايات المتحدة المختلفة. وذنب يوغوسلافيا لم يكن أنها تمتلك مجموعة إعلامية، ولكن إن هذه الوسائل مملوكة للقطاع العام، وهذا يخالف ما موجود في اختكارات الدعاية الغربية التي تغطي العالم وبضمنه يوغوسلافيا نفسها .

# ثم جاء الحصار الاقتصادي كسلاح للدمار الشامل :

-------------------------------------------------

في عام 1992 وُجّهت ضربة جديدة شديدة ضد بلغراد : الحصار العالمي . بقيادة الولايات المتحدة فُرض حظر على على كل التجارة من وإلى يوغوسلافيا ، مسبباً نتائج كارثية على الإقتصاد : تضخم هائل ، بطالة جماعية إلى حد 70% من السكان

# قسّمْ .. واحتلْ :

-----------------

واحدة من أكبر الخدع هي أن "أولئك المسؤولين عن سفك الدماء في يوغوسلافيا – ليس الصرب أو الكروات أو المسلمون ولكن القوى الغربية – قد صُوّروا كمنقذين . وفي الوقت الذي تظاهر فيه قادة واشنطون بتأييدهم للوحدة ، فإنهم ساندوا أكبر القوى الإنفصالية في كرواتيا وكوسوفو .

# وبرغم ركوعها وتمزيقها لم تُمنح يوغوسلافيا فلساً واحداً لإعادة الإعمار :

------------------------------------------------------------------------

في 1999 كانت لدينا حالة يوغوسلافيا : قصف على مدار الأربع وعشرين ساعة لمدة 78 يوما ، وتحويل دولة صناعية متقدمة إلى بلد من بلدان العالم الثالث حقا ، وكانت متطلبات إعادة الإعمار مروّعة ، وبعد ذلك بعامين – في يونيو 2001 وبعد أن خضع الصرب بإذعان لرغائب واشنطن بطرد سلوفان ميلوسفتش وتسليمه إلى المحكمة الدولية في لاهاي – عقدت اللجنة الأوروبية والبنك الدولي "مؤتمر المانحين" ، الذي كان من المفترض أن يعنى إعادة تعمير يوغوسلافيا . وقد اتضح أنه كان مؤتمرا معنيا بديون يوغوسلافيا أكثر من أي شيء آخر . 

فقد قال رئيس الوزراء الصريي زوران دندتش الذي يعتبر من كبار الموالين للغرب ، في لقاء له في يونيو مع مجلة الأنباء الألمانية دير شبيجل ، إنه يشعر بأن الغرب قد خانه ، مُعلنا :

"كان من الأفضل لو أن مؤتمر المانحين لم يُعقد وقُدّم لنا 50 مايون مارك ألماني نقدا بدلا من ذلك ، كان من المقرر أن نحصل في أغسطس على القسط الأول وهو 300 مليون يورو ، وفجأة أخبرونا بأنه سيتم حجز 250 مليون يورو لسداد ديون قديمة كانت قد تراكمت جزئيا في زمن تيتو ، ونسبة الثلثين من هذا المبلغ هي غرامات وفوائد مستحقة لأن ميلوسفتش رفض لمدة عشر سنوات سداد هذه الديون . وسنحصل على الباقي وهو 75 مليون يورو في نوفمبر على أقصى تقدير ، تلك هي مبادىء الغرب كما أخبرونا . وهذا يعني أن شخصا مريضا بصورة خطيرة سيتم إعطاؤه الدواء بعد موته ، إن الشهور الحرجة التي سنواجهها هي يوليو وأغسطس وسبتمبر" .

وبحلول نهاية 2001 ، كان قد مضى عامان ونصف العام على سقوط الجسور اليوغوسلافية في نهر الدانوب ، وتدمير مصانع البلاد وبيوتها ، وتمزيق مواصلاتها أشلاء ، ومع ذلك ، لم تتلق يوغوسلافيا أية أموال لإعادة التعمير من مهندس حملة القصف ومقترفها الأساسي : الولايات المتحدة . (تشومسكي" كتب مختلفة).

# المهمة أُنجزت: صارت يوغوسلافيا أفقر دولة في أوروبا :

-------------------------------------------------------------------

في منتصف أيلول عام 1999 ، أرسلت الصحفية "ديانا جونستون" إيميلاً إلى معاونين في الولايات المتحدة تقول فيه إن سفير الولايات المتحدة السابق في كرواتيا "بيتر غالبريث" الذي ساند السفّاح تودجمان في "عملية العاصفة" التي هجّرت 200,000 صربي (أغلبها عائلات فلّاحية) خارج منطقة كرايينا في كرواتيا قبل أربع سنوات ، كان مؤخراً في مونتنغرو ، يوبّخ السياسيين المعارضين لتردّدهم في دفع يوغوسلافيا إلى الحرب الأهلية . مثل هذه الحرب ستكون قصيرة كما طمأنهم ، "وستحل كل مشاكلكم" . وهناك ستراتيجية أخرى اتبعها قادة الولايات المتحدة ، سُمِعتْ مؤخراً في يوغوسلافيا وهي تحويل قطاع فويفودينا الصربي الشمالي إلى هنغاريا . فويفودينا التي تملك 26 قومية بضمنها عدّة مئات الآلاف من الأشخاص من أصل هنغاري، لم تُظهر أي علامة للخضوع ، وكانوا يُعاملون بصورة أفضل بكثير من الأقليات الهنغارية الأكبر في سلوفاكيا ورومانيا . ومازال 100 مليون دولار من تخصيصات كونغرس الولايات المتحدة تُشعل النشاطات الإنفصالية في ما تبقى من يوغوسلافيا .     

تستنتج جونستون : "مع تدمير محطات طاقتهم الكهربائية وتحطيم مصانعهم بقصف الناتو ، معزولين محاصرين يُعاملون كالمنبوذين من قبل الغرب ، فإن لدى الصرب الخيار بين أن يتشبثوا بشرف في وطن مكلل بالبؤس والحرمان والإملاق ، أو اتباع "النصيحة الصديقة" من قبل نفس الشعب الذي دمّر وطنهم بصورة منهجيّة . ولأن الخيار ليس من المحتمل أن يتم الإجماع على أيٍّ من شقّيه ، فإن الحرب الأهلية والتدمير الإضافي لهذا البلد هو المحتمل . وكل ذلك من خلال "التدخل الإنساني" الأمريكي الوحشي .

# لكن الحقيقة لا بُدّ أن تظهر :

------------------------------

ومازال هذا الوحش البشري يجول ويصول في أرجاء العالم كرسول للإنسانية ورجل سلام . ولكن الحقيقة عنه وعن مجرمي الحرب الذين يحبهم ويفضلهم لا بدّ أن تتكشّف ولا يمكن إنكارها . وقبل مدّة أدانت لجنة قانونية أوروبية ما قام به من حملة لقصف وتدمير صربيا في 1999 وما ارتكب في ظلها من جرائم شملت حتى قتل البشر من أجل اقتلاع أعضائهم كالكلى والأكباد والأعضاء الأخرى لبيعها والمتاجرة بها .

كما أعلنت أن مسؤولي وأعضاء جيش تحرير كوسوفو (ج ت ك ) قد قاموا بجرائم ضد الإنسانية كالخطف والقتل والإخفاء والإعتقال اللاشرعي في معسكرات في كوسوفو وألبانيا ، والإغتصاب والعنف الجنسي ، وطرد الأشخاص من بيوتهم ومجتمعاتهم ، وتدمير الكنائس والمواقع الدينية.

كان جميع المسؤولين الأميركيين يعلمون بتجارة الأعضاء ولكنهم كانوا يتغاضون عنها بل يحيّون من يعلمون أنهم يقترفونها . جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي حالياً حيّى قائد جيش تحرير كوسوفو ورئيس وزراء كوسوفو هاشم ثاشي عام 2010 واعتبره - نصّاً - : "جورج واشنطون كوسوفو" . بعد عدة أشهر أعلن تقرير مجلس الاتحاد الأوروبي أنّ ثاشي متواطيء في عمليات المتاجرة بالأعضاء البشرية . 

لقد برّر الأميركيون حملة الـ 78 يوماً من القصف الأمريكي المدمّر لصربيا بعد وصفه بأنه "أفضل ساعة لكلينتون" ، قصف بنبرة تشرشلية ، برّروه وبرّروا قتل المدنيين فيه بأن الصربيين يقومون بارتكاب إبادة بشرية في كوسوفو. بعد أن انتهى القصف الوحشي لم يظهر أي دليل على الإبادة البشرية ، لكن كلنتون وتابعه توني بلير استمرا في التبجّح كأنما هما هاجما هتلر في حملته .

# كلنتون على رأس لائحة مجرمي الحرب :

------------------------------------------

بدءاً من نحو أسبوعين بعد قيام الناتو بقصف يوغوسلافيا الذي شرع فيه في مارس 1999، بدأ المشتغلون بالقانون الدولي من كندا والمملكة المتحدة واليونان ورابطة القانونيين الامريكية يقدمون شكاوى الى المحكمة الجنائية الدولية المعنية بيوغسلافيا السابقة في لاهاي بهولندا، يتهمون فيها قادة بلدان الناتو ومسئولي الناتو نفسه بجرائم مماثلة لتلك التي أصدرت المحكمة بشأنها أحكاما بالأدانة على قادة الحرب قبل ذلك بقليل، وكان من بين التهم المرفوعة للمحكمة "انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني" بما في ذلك"القتل العمد" والتسبّب عمداً في معاناة كبيرة وإصابات خطيرة بالجسد والصحة، واستخدام الأسلحة السامة وغيرها من الأسلحة بما يتسبب في معاناة لا موجب لها، والتدمير المتعمد للمدن والبلدان والقرى، والهجمات على المباني والمساكن المحرومة من وسائل الدفاع عنها، والتدمير والتخريب المتعمد للمؤسسات المُكرّسة للدين وأعمال البرّ والتعليم والفنون والعلوم".

وحدّدت الدعوى الكندية أسماء 68 قائدا، منهم: ويليام كلينتون، ومادلين أولبرايت، ووليام كوهين، وتوني بلير، ووزير الخارجية الكندي جانكريتيان، ومسؤول الناتو خافير سولانا، وويسلي كلارك، وجامي شي. كما أدّعت الشكوى بوقوع "انتهاك فاضح" لميثاق الأمم المتحدة ولمعاهدة الناتو نفسها، ولاتفاقيات جنيف ومبادئ القانون الدولي التي اعترفت بها المحكمة العسكرية الدولية في نورمبرج.

وقُدّمت الشكوى مرفقة بقدر كبير من الأدلة لتأييد الاتهامات. وأظهرت الأدلة ما يؤيد النقطة الرئيسية وهي أن حملة القصف التي قام بها الناتو هي التي تسببت في الحجم الأساسي من حالات الوفاة في يوغسلافيا، وهي التي استثارت معظم الفظائع التي ارتكبها الصرب، وتسبّبت في حدوث كارثة بيئية وتركت ميراثاً خطيراً من اليورانيوم المُستنفذ غير المُفجّر والقنابل العنقودية. (تشومسكي: كتب مختلفة).

# السادي لا يشبع من 33 يوم قصف مدمّر:

-----------------------------------------

وبروح ساديّ’ غريبة، حذّر كلنتون من التسرّع في الحكم في اليوم الثالث والثلاثين من التدمير الجوي ليوغوسلافيا – 33 يوما وليلة من تدمير القرى والمدارس والمستشفيات والمباني السكنية والبيئة وتقطيع أوصال الناس وأطرافهم ، وإفقادهم بصرهم ، ونثر أحشائهم ، وإصابة الأطفال برضوض نفسية بقية حياتهم ... وهو تدمير للحياة لن يعرفه الصرب مرة أخرى مطلقا ، ففي اليوم الثالث والثلاثين ، رأى بيل كلينتون ، وهو يحذّر من الحكم على سياسة القصف قبل الأوان ، أنه من المناسب أن يعلن : "قد يبدو هذا وقتاً طويلاً ، لكنني لا أعتقد أن هذه الحملة الجوية قد استمرت وقتا طويلا بصفة خاصة" . ثم كرّر الرجل ذلك بعد 45 يوما أخرى من القصف المستمر .

# افسدت أمريكا كل شيء في العالم :

مدّعي عام محكمة جرائم الحرب تعلن عن ثقتها بمجرمي الحرب :

------------------------------------------------------------

وفي يونيو، اجتمع بعضٌ من مقدّمي الشكاوى في لاهاي مع المدّعية العامة الرئيسية للمحكمة (لويس آربور من كندا)، ورغم أنها تلقت بصورة ودّية مذكرتهم بشخصها، إضافة الى ثلاثة مجلدات سميكة من الأدلة التي توثق جرائم الحرب المدعاة، فلم يسفر الاجتماع عن شيء محدّد، رغم طلبات ورسائل المتابعة المتكررة التي قدمها الشاكون. وفي شهر نوفمبر، التقت خليفتها (كارلا بونتي من سويسرا) هي أيضا ببعض الشاكين وتلقت أدلّة موسعة.

وقد أوضحت مذكرة الشاكين المُقدّمة في نوفمبر ان اتهامهم لهذه الأسماء "لا يتفق ومقتضيات القانون فحسب، بل يتفق أيضا ومقتضيات تحقيق العدالة ولردع الدول القوية، مثل دول الناتو، التي تفتقر - في قدرتها العسكرية وسيطرتها على وسائل الإعلام- لأي كابح طبيعي آخر مثل ذلك الذي يردع الدول الأقل قدرة". وقالت أن توجيه الاتهامات الى المنتصرين في الحرب – وليس المهزومين وحدهم - سيكون علامة فارقة في القانون الجنائي الدولي.

وفي أحد الخطابات الموجهة الى أربور، ذكر مايكل ماندل أستاذ القانون في تورنتو ومقدم الدعوة الكندية:

لسوء الحظ - كماتعرفون الآن - فقد أثيرت شكوك كثيرة حول نزاهة محكمتكم. ففي الأيام الأولى من النزاع - وبعد تقديم شكوى رسمية، لها ما يبررها في رأينا، ضد قادة الناتو من قبل أعضاء كلية الحقوق في جامعة بلجراد - ظهرتم في مؤتمر صحفي مع أحد المتهمين، "روبن كوك" وزير الخارجية البريطاني، الذي قام بحركة استعراضية كبيرة وهو يسلّم لكم ملفاً عن جرائم الحرب الصربية. وفي مطلع مايو، ظهرتم في مؤتمر صحفي آخر مع مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الامريكة .وفي ذلك الوقت، كانت أولبرايت هي نفسها محل اتهام شكويين رسميتين بارتكاب جرائم حرب باستهداف المدنيين في يوغوسلافيا. وقد أعلنت أولبرايت على الملأ في ذلك الوقت أن الولايات المتحدة كانت هي المورّد الرئيسي للأموال الى المحكمة وتعهدت بتقديم مزيد من الأموال إليها.

وقد بذلت أربور نفسها محاولة صغيرة لإخفاء تحيزها للناتو الذي تستره تحت ردائها. فقد وثقت بأن يكون الناتو هو الشرطة التي تحميها، وهو القاضي والمُحلّف وحارس السجن. وخلال عام أحيا فيه اعتقال الجنرال "بينوشيه" سفّاح شيلي الأمل في إعلاء قضية القانون الدولي والعدالة الدولية، قضت المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة تحت قيادة أربور، بأن تستمر الدول الكبرى فيما تعمله كالمعتاد، خاصة الدول الكبرى الأشد عرضة للاتهام، والتي للمصادفة دفعت معظم أجرها. وفيما يلي كلماتها بنصها:

"من الواضح أنني لا أعلّق على إدعاءات بانتهاك القانون الدولي الإنساني التي أفترض أن رعايا بلدان الناتو قد ارتكبوها، وأنني أقبل التطمينات التي قدمها قادة الناتو بأنهم يعتزمون القيام بعملياتهم في جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية في مراعاة كاملة للقانون الدولي الإنساني، وقد ذكّرت الكثير منهم، عندما أتيحت الفرصة، بالتزامهم بإجراء تحقيقات عادلة وبعقلية منفتحة لأي خروج مُحتمل عن تلك السياسة، والتزام القادة بمنعه والعقاب عليه، إذا إقتضى الأمر ذلك".

مؤتمر صحفي موجز للناتو. 16 مايو 1999:

سؤال: هل يعترف الناتو بولاية القاضية أربور على أنشطته؟

جامي شي (الناطق الرسمي باسم حلف الناتو) : أعتقد أنه يتعين علينا أن نميّز بين النظري والعملي. وأعتقد أن القاضية أربور عندما بدأت تحقيقها (مع الصرب)، فإنها قدمت التمويل اللازم لإنشاء المحكمة، إننا بين ممولي الحصّة الأكبر.

كما تعتقد المحكمة - التي أُنشئت في 1993 وكانت الولايات المتحدة الأب الروحي لها، ومجلس الأمن هو الأم ، ومادلين أولبرايت هي القابلة - على الأصول العسكرية لدول الناتو لتعقّب والقبض على المشتبه فيهم الذين تحاكمهم بسبب جرائم حرب. (المصدر السابق).

# والمدّعية العامة الجديدة كارلا بونتي تجبن أمام زعل أميركا :

------------------------------------------------------------

ولم يحدث شيء بالنسبة  للشكوى في ظل "ديل بونتي" أكثر مما حدث في ظل أربور، ولكن في أواخر ديسمبر، وُجِّه سؤال الى ديل بونتي في حديث أجرته معها الأوبزرفر اللندنية، عمّا إذا كانت مستعدة لتقديم إتهامات ضد مسؤولي الناتو. وأجابت: "إن لم أكن مستعدة للقيام بذلك، فلن أكون في المكان الصحيح، ويتعين علي أن أتخلى عن مهمتي".

وعندئذ أعلنت المحكمة أنها استكملت دراسة عن جرائم حرب الناتو المحتملة، وأن ديل بونتي تفحصها، وأن الدراسة رد ملائم على قلق الرأي العام بشأن تكتيكات الناتو "فمن المهم جدا لهذه المحكمة أن تؤكد سلطتها على أي السلطات وجميع السلطات في النزاع المسلح الذي يدور داخل يوغوسلافيا السابقة".

هل كانت هذه إشارة من السماء بأن الألفية الجديدة ستكون ألفية عدالة أكثر مساواة؟ هل يمكن أن يحدث هذا حقا؟

لا، لا يمكن ذلك. فقد جاء من الدوائر الرسمية العسكرية والمدنية في الولايات المتحدة وكندا، الشجب والإنكار والتعبير عن الصدمة والغضب والاستنكار، ووُصِف ذلك بأنّه "مُروّع"... "لايمكن تبريره" ، واستوعبت ديل بونتي الرسالة. فبعد أربعة أيام من صدور الأوبزرفر، أصدرمكتبها بيانا جاء فيه: "إن الناتو ليس موضع تحقيق من قبل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة، وليس هناك تحقيق رسمي في أعمال الناتو خلال النزاع في كوسوفو. ومن غير الضروري أن نضيف أنه لن يكون هناك تحقيق".

لكن الادعاءات المُوجّهة للناتو- التي كان يتم حتى الآن تجاهلها من قبل وسائل الاعلام الامريكية لحد كبير - أصبحت الآن مُعلنة على رءوس الأشهاد- وأصبحت فجأة تحظى بقدر عادل من الأعلام، وأنتقل مساندو القصف الى موقف الدفاع. وكانت الحجة الأكثر شيوعا في دفاع الناتو - وضد الاتهام بارتكاب جرائم حرب- هي أن هذا الادعاء يتعين تمحيصه في ضوء تقارير معينة. فعلى سبيل المثال، أعلن قائد حرب الناتو الجوية - الفريق مايكل شورت - في أحد المراحل:

"لو استيقظت في الصباح وليس لديك كهرباء في منزلك ولا غاز لفرنك ووجدت أن الجسر الذي يوصلك لعملك قد سقط وسيظل قابعا في الدانوب للعشرين سنة القادمة، أعتقد أنك ستبدأ في التساؤل "هييه يا سلويو [أعتقد أنّه يقصد سلودان ميلوسفتش] ، ماجدوى كل هذا؟ ما القدر الذي نستطيع أن نتحمله فوق ذلك؟".

وقالت النيويورك تايمز: "إن الجنرال شورت، يأمل في أن يقوّض الكرب الذي يشعر به الرأي العام اليوغسلافي التأييد الذي تلقاه السلطات في بلجراد".

وفي مرحلة أخرى، أضاف جامي شي المتحدث بأسم الناتو: "لو كان الرئيس ميلوسفتش يريد حقاً توافر المياه والكهرباء لكلّ شعبه، فإن كل ما عليه هو أن يقبل شروط الناتو الخمسة، وعندئذ ستتوقف هذه الحملة".

وبعد قصف الناتو لمبنى المكاتب في بلجراد في أبريل - وهو المكتب الذي يؤوي الاحزاب السياسية ومحطات الأذاعة والتلفزيون و100 شركة خاصة ومايزيد على ذلك- أوردت الواشنطن بوست ما يلي :

"خلال الأيام القليلة الماضية، نُقل عن المسؤولين الامريكيين أنهم أعربوا عن الأمل في أن يبدأ أعضاء الصفوة الاقتصادية في صربيا في الانقلاب على ميلوسفتش بمجرد أن يدركوا قدر ما سيخسرونه باستمرارهم في مقاومة طلبات الناتو".

وقبل إطلاق القذائف على هذا المبنى، حدّد مخططو الناتو المخاطر: تُقدر الإصابات بـ 50 - 100 من موظفي الحكومة/الحزب، وتُقدّر الخسائر المدنية غير المقصودة بـ 250 شقّة في دائرة الانفجار المتوقعة.

وقال المخططون أن نحو 250 مدنيا يعيشون في المباني السكنية المجاورة قد يُقتلون في القصف.

فما الذي لدينا هنا؟ لدينا رجال راشدون يقولون لبعضهم البعض: "إننا سنعمل أ ، ونعتقد أن ب قد تكون هي النتيجة. ولكن أن حدثت ب في الواقع، فقد قلنا مقدّما وسنصرّ بعد ذلك على أن هذا لم يكن مقصودا". (المصدر السابق).

# أمريكا تحتقر القانون الدولي :

------------------------------

في أعقاب الحرب العالمية الثانية، كانت هناك حاجة مُلحّة لإقامة محكمة جنائية دولية دائمة لمحاكمة المتهمين بجرائم حرب، جرائم ضد الإنسانية وإبادة الجنس؟ لكن الحرب الباردة تدخلت في الأمر. وأخيرا، وضعت دول العالم في روما 1998 مشروع ميثاق المحكمة الجنائية الدولية، بيد أن المفاوضين الأمريكيين أصروا على إدراج أحكام في هذا الميثاق تعطي للولايات المتحدة في الأساس سلطة الإعتراض على إقامة أي دعوى من خلال مقعدها في مجلس الأمن. وتم رفض الطلب الأمريكي. وفي المحل الأول فإنه بسبب هذا رفضت الولايات المتحدة أن تنضم إلى 120 دولة أخرى أيّدت الميثاق. أن المحكمة الجنائية الدولية أداة لا تستطيع واشنطن أن تسيطر عليها بدرجة كافية لمنعها من محاكمة العسكريين والمسؤولين الحكوميين الأمريكيين، وقد اعترف مسؤولون أمريكيون كبار صراحة بأن هذا الخطر هو السبب في نفورهم من المحكمة الجديدة المقترحة. ولكن من الواضح أن هذا لم يكن هو الحال بالنسبة للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة. إنه نوع المحكمة الدولية الذي تريده واشنطن. محكمة النظام الدولي الجديد.

وقد لاحظ الصحفي "سام سميث" من واشنطن في 1999 أنه: "يبدو أن محكمة جرائم الحرب الدولية طفقت تأخذ دروسا في الإنفاذ الانتقائي للقانون من شرطة ولاية نيوجرسي. إذ كان مجرمو الحرب الوحيدون الذين أدانتهم هذا الاسبوع من أصحاب الأسماء الأجنبية التي تصعب تهجئتها. ولم يتهم بينهم اسم انجليكاني- مثل كلينتون أو بلير".

وخلال عملياتها العسكرية المُدمّرة في يوغوسلافيا، لم تكن الولايات المتحدة معنية بأمكانية أن يفكر أي شخص في تقديم شكوى ضد الناتو في لاهاي. ومع ذلك، فإننا نعرف الآن أنه في منتصف الطريق خلال الحرب مع يوغوسلافيا, أصدر المكتب القانوني الأعلى في وزارة الدفاع مبادئ توجيهية تُحذّر من إن إساءة إستخدام الهجمات المتعلقة بفضاء المعلومات يمكن أن يعرّض السلطات الأمريكية للاتهام بارتكاب جرائم حرب. وكانت تلك إشارة الى حقيقة أن مسؤولي البنتاجون كانوا يبحثون التدخل في شبكات الكومبيوتر الصربية لإشاعة الاضطراب في العمليات العسكرية والخدمات المدنية الأساسية.

# وتحتقر حلفاءها :

----------------------------

تمسك الولايات المتحدة اليوم بيدها الأوراق الأساسية في اللعبة الكونية بالطبع. فلا يمكن اتخاذ أي قرار جوهري ولا إقرار حل حاسم دون موافقتها. في القارة العجوز الأمريكيون هم الأسياد بالرغم من المقاومات التي تنشأ هنا وهناك في المجال الاقتصادي. إن اتفاقيات دايتون هي تجسيدٌ لعجز الأمم الأوروبية عندما تنفجر أزمة كبرى عسكرية أو سياسية، ألم يجر التوقيع تحت مظلة الولايات المتحدة في 14 كانون الأول 1995 كما قال قادة كروات وصرب وبوسنيين «مسجونون في قاعدة عسكرية» في الوقت الذي كان فيه «الروس والأوروبيون ينتظرون طويلاً عند الباب»؟؟

# رأي شقيق الرئيس ميلوسوفيتش :

---------------------------------

لقد شن حلف الناتو عدوانا بربريا على يوغسلافيا السابقة قبل 10 اعوام. وقد أكد هذا الرأي  بوريسلاف ميلوسيفيتش سفير يوغسلافيا في موسكو آنذاك (وهو شقيق الرئيس الراحل  سلوبودان ميلوسيفيتش الذي توفي في سجن المحكمة الدولية في لاهاي ) والذي استضافه برنامج "حدث وتعليق". وقال السفير انه تحدث من القناة التلفزيونية الروسية الاولى بعد مرور 40 دقيقة على بدء العدوان على بلاده. وأضاف قوله : انني استطيع ان أكرر ما قلته يومذاك وهو انه عدوان غاشم ، اذ تعرضت للهجمات ليست الاهداف العسكرية فقط بل والاهداف المدنية كرياض الاطفال والمدارس ناهيك عن منشآت البنية الاساسية كالمصانع والجسور ومحطات القطار وحتى  السيارات والحافلات.  وقتل في تلك الغارات الوحشية حوالي ألف طفل. وبلغت حصيلة العدوان الاطلسي على يوغسلافيا حوالى 10 الآف قتيل وجريح من العسكريين والمدنيين.  وحدث هذا كله في قلب القارة الاوروبية. وهذه سابقا  خطيرة في العلاقات الدولية ، حيث جرى لأول مرة بعد مرور 50 عاما على صدور ميثاق هيئة الامم المتحدة شن عدوان ضد الامن والسلام في اوروبا بكل تلك الابعاد والمقاييس. لقد كان هذه العدوان خرقا سافرا لميثاق هيئة الامم المتحدة والأعراف الدولية. (جميل حنّا: الحوار المتمدن).

 

# نداء إلى العراقيين :
"إيها العراقيون ، انظروا إلى صربيا لكي تعرفوا ماذا تعني "الحرّية" بالنسبة لكم" :

------------------------------------------------------------------

في مقالته "أربع سنوات من الحرية" (16/3/2003 ولاحظ التاريخ سيّدي القاريء) خاطب الكاتب "شاد ناغل-chad nagel " في العنوان الثانوي العراقيين قائلاً :

"إيها العراقيون ، انظروا إلى صربيا لكي تعرفوا ماذا تعني "الحرّية" بالنسبة لكم" .

ويواصل ضرب المثال الحيّ الذي كان يشاهده في كوسوفو بعد أربع سنوات من "التحرير" الأميركي :

"حقول جرداء مخرّبة .. مدن مدمّرة موحشة كالمقابر تمزّق نسيجها الاجتماعي الى الأبد .. مصانع ممزّقة .. مشاهد تذكّر العالم أنّ الحرب لا يمكن أن تأتي بالنتائج الوردية التي يعد بها من يشنّونها . وهي تذكّر العراقيين الذين يُدمّر وطنهم الآن من قبل طائرات الأميركان وصواريخهم أن يعوا أبعاد ما وعدتهم به أميركا من انها سوف تجلب لهم الحرية والديمقراطية بقوة السلاح .

كوسوفو السابقة كانت تتكون من 2 مليون نسمة قبل التطهير الذي اشتعل بعد قصف الناتو وفي ظلّه .. عاشت حياة كاملة معفية من أي ضريبة على كل شيء في ظل يوغوسلافيا السابقة .. أمّا الآن فباستثناء أربع مجمّعات سكنية قبيحة المنظر لم يحصل أي شيء لها . يتوّسل الناس بالغرب لمنحهم المال لبناء بيوتهم المهدمة بلا نتيجة .. وهم يتجولون كقبيلة تائهة .. فرص العمل ضئيلة لذلك يتقاتل السكان للحصول على فرصة عمل في القاعدة الجوية الأمريكية التي تمتد بامتداد البصر في بريشتينا جنوب كوسوفو .. الآخرون يهاجرون إلى المدن الغربية بأي طريق للعمل بأي أجر .. الدعارة والمخدرات وتهريب الكحول هي التجارة السائدة ..

في بريشينا التي عدد سكانها من 250,000 إلى نصف مليون إنسان تأتي الكهرباء أربع ساعات يومياً .. فقط الفندق الرئيسي هوتيل غراند الذي يقطنه الصحفيون الأجانب والمقاولون تكون الكهرباء مستمرة ولكن على المولّدات .. وحتى هنا لا يأتي الماء الصافي بعد منتصف الليل ..

الآن تأكّد الناس أنّ ما أعلنه الأميركان والناتو عن المقابر الجماعية والإبادة البشرية لم يكن صحيحاً .. والذين يشاهدون الآن في الغرب القصف على العراق يجب عليهم ـن يكونوا مستعدين لسماع خرافات المقابر الجماعية والإبادات البشرية واسلحة الدمار الشامل قبل وبعد العدوان ..

يقول السكان لا أمن ولا أمان .. والمافيا هي المسيطرة .. رئيس الوزراء الصربي حاول التحقيق في الجريمة المنظمة فقتله قنّاص من المافيا برصاصة قبل أن يصعد سيارته .. وإذا كان الناس في بلغراد يترحمون على تيتو وأيامه، فالناس في بلغاريا المجاورة يترحمون على القائد الشيوعي تيودور جيفكوف حيث كانت الشرطة تقوم بواجباتها، والبيوت مدفوعة الأجر، وطلبة المدارس لا يذهبون إلى مدارسهم وفي جيوبهم المخدرات والمسدسات . 

 

# خاتمة : مصّ القضيب جريمة .. قتل الشعوب مأثرة :

----------------------------------------------------

كان المنافقون رافعو شعارات تبجيل السافل كلنتون يقولون : "عندما يكذب كلنتون لا أحد يموت - When Clinton Lied, Nobody Died" . لكن – وضمن أربعة أشهر قصفت إدارة كلنتون السودان "معمل الشفاء" (راجع ؟؟؟؟؟؟؟) وأفغانسان والعراق (بصورة متكررة) ويوغوسلافيا ، وشنت حربا مغطّاة ضدة انغولا والمكسيك وكولومبيا وتيمور الشرقية . وهذه الجرائم ضد الإنسانية تم تسويقها عبر شبكة أكاذيب أمريكية . وبالرغم من ذلك ففي المصح العقلي للساسة الأميركيين كانت مخالفة بيل كلنتون الأسوأ هو الخدمات الجنسية التي قدمتها له المتدربة مونيكا لوينسكي (راجع الحلقة ؟؟؟؟؟) وليس مذابحه الفظيعة للمدنيين الأبرياء في خدمة مصالح شركات السلاح والمؤسسات العابرة للقوميات .

# ملاحظة : الاقتباسات التي بلا مصدر من مصادر أجنبية موجودة أدناه.

# بعض مصادر هذه الحلقة :

---------------------------

#Bill Clinton’s Most Abominable Freedom Fighters Uncloaked

by JAMES BOVARD – COUNTERPUNCH – 2014 .

# Hillary, the Therapeutic Cop

by Alexander Cockburn   counterpunch  - 1999

#The First Lady Syndrome

by Alexander Cockburn And Jeffrey St. Clair

counterpunch – 1999.

#Bill Clinton's War (in Yugoslavia)

The Progressive magazine, May 1999

#When Clinton Lied, Yugoslavia Died

POSTED BY ED GRIFFITH 57SC ON JULY 11, 2015 – no party affiliation - 

#Michael Parenti : The Rational Destruction of Yugoslavia - political archive – 2008

#Hillary, the Therapeutic Cop

by Alexander Cockburn –.

#Genocide in Kosovo?

by Alexander Cockburn And Jeffrey St. Clair – counterpunch – 1999 .

#Liberation Four Years After -
Chad Nagle

وكتاب :

Imperial Crusades: Iraq, Afghanistan and Yugoslavia

by JEFFREY ST. CLAIR - ALEXANDER COCKBURN

متوفّر بي دي أف في المواقع الإلكترونية الأجنبية .

# ملاحظة عن هذه الحلقات :

----------------------------

هذه الحلقات تحمل بعض الآراء والتحليلات الشخصية ، لكن أغلب ما فيها من معلومات تاريخية واقتصادية وسياسية مُعدّ ومُقتبس ومُلخّص عن عشرات المصادر من مواقع إنترنت ومقالات ودراسات وموسوعات وصحف وكتب خصوصاً الكتب التالية : ثلاثة عشر كتاباً للمفكّر نعوم تشومسكي هي : (الربح فوق الشعب، الغزو مستمر 501، طموحات امبريالية، الهيمنة أو البقاء، ماذا يريد العم سام؟، النظام الدولي الجديد والقديم، السيطرة على الإعلام، الدول المارقة، الدول الفاشلة، ردع الديمقراطية، أشياء لن تسمع عنها ابداً،11/9 ، القوة والإرهاب – جذورهما في عمق الثقافة الأمريكية) ، كتاب أمريكا المُستبدة لمايكل موردانت ، كتابا جان بركنس : التاريخ السري للامبراطورية الأمريكية ويوميات سفّاح اقتصادي ، أمريكا والعالم د. رأفت الشيخ، تاريخ الولايات المتحدة د. محمود النيرب، كتب : الولايات المتحدة طليعة الإنحطاط ، وحفّارو القبور ، والأصوليات المعاصرة لروجيه غارودي، نهب الفقراء جون ميدلي، حكّام العالم الجُدُد لجون بيلجر، كتب : أمريكا والإبادات الجماعية ، أمريكا والإبادات الجنسية ، أمريكا والإبادات الثقافية ، وتلمود العم سام لمنير العكش ، كتابا : التعتيم ، و الاعتراض على الحكام لآمي جودمان وديفيد جودمان ، كتابا : الإنسان والفلسفة المادية ، والفردوس الأرضي د. عبد الوهاب المسيري، كتاب: من الذي دفع للزمّار ؟ الحرب الباردة الثقافية لفرانسيس ستونور سوندرز ، وكتاب (الدولة المارقة : دليل إلى الدولة العظمى الوحيدة في العالم) تأليف ويليام بلوم .. ومقالات ودراسات كثيرة من شبكة فولتير .. وغيرها الكثير.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تاريخ النشر

06.11.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

06.11.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org