<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني هل انتهى الهامش الزمني المسموح به أمريكيا لآل سعود في اليمن؟؟؟؟

 

 

 

هل انتهى الهامش الزمني المسموح به أمريكيا لآل سعود في اليمن؟؟؟؟

 

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

وأخيرا على ما يبدو على الأقل على السطح ان آل سعود قد أسقطوا من حساباتهم الشروط التعجيزية التي استمروا على ترديده للدخول في مفاوضات مباشرة مع الحوثيون وجماعة الرئيس السابق علي عبدالله صالح وربما آخرين لإيجاد مخرج سياسي للازمة اليمنية مبنى على الحوار بين الأطراف المتنازعة. ونحن نقول هنا آل سعود لأنهم هم من يحركون الدمية المسمى بالرئيس هادي المنتهية ولايته أصلا وهم من وضعوا الشروط التعجيزية لحل الازمة والتي كان من أبرزها عودة "الشرعية" ممثلة بالرئيس هادي والانسحاب الكامل للحوثيين والجيش الشرعي اليمني من كافة المدن التي "احتلوها" (وكأنهم اتون من كوكب آخر وليسوا يمنيون) وتسليم الأسلحة التي استولوا عليها!! والحل السياسي المبني على المبادرة الخليجية سبب كل المصائب لأنها تستثني مكون رئيس في المجتمع والنسيج اليمني الاجتماعي والسياسي المتمثل بالحوثيين، الى جانب إبقاء التبعية والعبودية لليمن بكل اشكالها لآل سعود ومشايخ وامراء الخليج الذين يحددون ما يجب ان يكون عليه النظام السياسي وتركيبة الحكومة في اليمن. بعد كل هذا الصلف والاستعلاء والعنجهية والعجرفة  والاستكبار السعودي يطرح التساؤل المشروع ما الذي جعل آل سعود بالقبول أخيرا بمبادرات الأمم المتحدة لجمع الفرقاء اليمنيين في جنيف للتفاوض لإيجاد مخرج سياسي للمشكلة اليمنية والاهم من ذلك الموافقة على وقف العدوان الهمجي ورفع الحصار البري والبحري والجوي الجائر الذي لم ينقطع ولو لساعات محدودة منذ مارس الماضي للان دون شروط مسبقة مع بدء الحوار بين الأطراف اليمنية بإشراف الأمم المتحدة كما تناقلتها وكالات الانباء؟

هذا الإذعان لآل سعود أخيرا لدعوات الأمم المتحدة التي ما فتأت تتسلم الإهانة وراء الأخرى والإهمال وراء الاخر سواء للمبعوث الاممي مباشرة أو للأمين العام بان كي مون مباشرة. فالسعودية أجبرت الأمين العام على استبدال المبعوث الاممي جمال بن عمر الذي أمضى ما يقرب من أربعة سنوات كمبعوثه الخاص لليمن لأنه لم يخضع للإملاءات السعودية وكان قد ابرم اتفاقية بين جميع المكونات اليمنية السياسية وكانوا على قاب قوسين من توقيعها عندما بدأت السعودية بعدوانها الهمجي على اليمن يوم 26 مارس الماضي مما أحبط ونسف الاتفاقية بالكامل لان السعودية لم تكن راضية عنها لأنها وببساطة وربما لأول مرة فتحت الأبواب على تشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة لكل الفرقاء وتفتح آفاقا للنهوض في البلد وتقلل من التسلط السعودي على اليمن ومقدراته.

وعندما دعيت الأطراف من قبل الأمم المتحدة في جنيف يونيو الماضي لحضور مؤتمر تشاوري حول الازمة اليمنية بحضور الأمين العام بان كي مون عملت السعودية على افشال هذا المؤتمر بوضع شروط تعجيزية حول عدد ممثلين من الحوثيين ولا ندري إذا ما تضمن هذا أيضا أسمائهم. وعندما توجه الوفد الى جنيف بطائرة للأمم المتحدة التي جاءت الى عدن خصيصا لنقلهم الى جنيف بعد تسوية مشكلة ممثلين الوفد من الحوثيين مع الأمم المتحدة، اضطرت طائرة الأمم للبقاء عدة ساعات في مطار جيبوتي لان السعودية عمدت على الضغط على مصر لعدم السماح للطائرة المتوجهة الى جنيف باستخدام الأجواء المصرية. واضطرت الطائرة على تغيير مسارها تحت هذه العربدة السعودية ووصل الوفد متأخرا ولم يستطع ان يقابل الأمين العام للأمم المتحدة.  ولم يتوصل جنيف 1 الى أي شيء لان وفد الرياض كان قادما لمناقشة نقطة واحدة فقط كما صرح وزير الخارجية اليمني في "حكومة" الرئيس هادي وهي آلية تطبيق القرار مجلس الامن رقم 2216 ومطالبا بانسحاب الحوثيين وحلفائهم وتسليم الأسلحة والقبول بعودة الشرعية يعني بهادي وحكومته الى صنعاء مع الإبقاء على الحصار الجوي والبحري والبري على اليمن بمعنى إبقاء العدوان السعودي على اليمن. وكان من الواضح ان وفد الرياض لم يأتي للتشاور او فتح حوار بل كان همه الأساسي هو الحصول على استسلام كامل وبدون شروط من الطرف المقابل. لذلك لم يكن هنالك إمكانية لبدء اية عملية سياسية تحت هذا السقف الذي فرضه آل سعود ونطق به الأداة القادمة من الرياض.

امام هذا التعنت السعودي أفشلت كل مساعي الأمم المتحدة ومبعوثها الدولي ولم تعير السعودية اية أهمية الى النداءات المتكررة التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة لوقف القصف الجوي وإطلاق النار طيلة شهر مضان وامعنت طائرات "التحالف العربي" في توحشها وارتكابها المجازر الواحدة تلو الأخرى في محاولة لتركيع الشعب اليمني والاستجابة للشروط التعجيزية التي وضعها آل سعود لوقف العدوان. إزدراء الأمم المتحدة هو الشعار الذي رفعه آل سعود طيلة هذه الفترة فما الذي تغير ولماذا نرى هذا التوجه الجديد؟ هذا ما سنحاول التعرض له في الاتي:

أولا: عندما بدأ العدوان السعودي المبيت على اليمن اعتقد آل سعود ان القضية لن تستغرق الا بضعة أيام او أسبوعين ربما على الأكثر  بعد عمليات قصف سجادي وحصار بري وبحري وجوي. وربما كان تقديرهم ان ادواتهم الداخلية قادرة على حسم المعركة مع الغطاء الجوي والقصف العنيف. ومن الواضح ان العدوان لا يمكن ان يكون قد تم دون دراية كاملة من الإدارة الامريكية والتنسيق معها. وكان العدوان على اليمن هو جانب من الضغط على إيران بشكل غير مباشر وفي نفس الوقت إرضاء لآل سعود وكسب ودهم وخاصة وانهم كانوا وما يزالون ضد الاتفاقية التي وقعت. وربما أعطيت السعودية هذا الهامش من التحرك لتحقيق بعض المآرب لآل سعود ولكن ما يجب ان نؤكد عليه انه حتى هذا الهامش لم يكن له لان يكون لولا انسجامه مع الإطار العام للمنظومة الاستراتيجية الامريكية في المنطقة. المهم ان الرياح سارت بما لا تشتهي السفن كما يقول المثل وبدأت السعودية تغرق رويدا رويدا في المستنقع اليمني بالرغم من وجود قوات إماراتية كبيرة والقيام بتجنيد المرتزقة التي كان آخرهم من الجنود السودانيون ومرتزقة بلاك ووتر من كولومبيا وبريطانيا وأستراليا وغيرها كما اشارت وبشكل واضح الاعداد التي سقطت منهم في باب المندب وغيرها من المناطق مؤخرا. كان آل سعدو وحكام الامارات يأملون بان ضخ مرتزقة جدد قد يساعدهم في حسم معركة تعز التي لم يتقدموا فيها ولأكثر من شهرين والتي كانت استراتيجية لفتح الطريق للقوات الغازية للتقدم نحو الشمال نحو صنعاء حلم ابليس في الجنة. لم تتمكن القوات الإماراتية ولا القوات السعودية بالإضافة الى كل جيوش المرتزقة تحقيق أي اختراق لجبهة تعز، ليس هذا فحسب بل بدأت بخسارة مناطق كانت تحت سيطرتها. ولا شك ان الضربة التي وجهها الجيش اليمني على معسكر قيادة للتحالف الغير مقدس ومرتزقته في منطقة من باب المندب بصاروخ توشكا الروسي الصنع والذي أدى الى سقوط ما يقرب من 150 من قوات التحالف بين قتيل وجريح سيكون له الأثر الأكبر على المعنويات المنهارة لآل سعود ومرتزقتهم. ومن هنا على ما يبدو ان السعودية بدأت تبحث عن مخرج لها من هذه الورطة والمستنقع الذي وقعت فيه.

ثانيا: على الرغم من الصورة التي حاول الاعلام السعودي على وجه الخصوص والخليجي بشكل عام اظهارها امام الراي العام الخليجي بالدرجة الأولى والإقليمي والعالمي على ان التدخل العسكري كان مناصرة "للشرعية" وبطلب من الحكومة الفارة التي اتخذت الرياض مقرا لها، فان حجم الدمار الذي احدثته للدولة اليمنية ولبنيتها التحتية وحجم المأساة الإنسانية والبيئية الكارثية التي تسببها العدوان بقصفه الجوي وبالحصار البري والبحري والجوي المفروض على اليمن والذي اشارت اليه كل المنظمات الإنسانية والاغاثية والطبية والمنظمات الغير حكومية التي لها تواجد على الأرض والتي وثقت بالصورة المباشرة المجازر التي ارتكبت في اليمن من قبل "التحالف العربي" والتي ترقى الى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، اقنعت الكثيرون ان للسعودية اجندة خاصة بها وانها بالتأكيد ليس لها ارتباط بعودة الشرعية المزعومة او لتحقيق الامن والاستقرار لشعب اليمن. فمن يريد الامن والاستقرار لا يدمر البشر والحجر ويعيد البلد الى العصر الحجري او يجعل 80% من سكانه 24 مليون نسمة بحاجة الى المعونة والإغاثة بجميع اشكالها للاستمرار في الحياة. وكما يقولون في لبنان "طلعت ريحة" آل سعود وحلفائهم من دواعش وقاعدة ودول عربية وغربية التي امدتها يالسلاح طيلة فترة العدوان وما زالت. آل سعود اصبحوا يدركون ان أبواب المحاكم الجنائية الدولية ليست بعيدة عنهم وانها قد فتحت أبوابها لاستقبال القتلة ومجرمي الحرب، فهنالك اكثر من طرف حقوقي قد وثق هذه المجازر والتدمير المتعمد للمستشفيات والمدارس والجامعات وغيرها. هذا بالإضافة الى القتل المتعمد للمدنيين بالقصف المستمر للأحياء السكنية والأسواق الشعبية المكتظة والأماكن التاريخية والاثارات النادرة. ولا عجب ان تنشط السعودية وغيرها من الدول الخليجية وخاصة الامارات والبحرين على المستوى الدبلوماسي في الأمم المتحدة لدرء الاقتراحات التي قدمت في سبيل تكوين لجنة محايدة تحت رعاية الأمم المتحدة للاطلاع على الحقائق على الأرض وتقديم تقرير عن التجاوزات والمجازر التي ارتكبت بحق المدنيين وتدمير البنى التحتية، خوفا من توجيه الاتهامات لقوات "التحالف العربي" بما ارتكبته من مجازر حرب ومجازر ضد الانسانية وعلى قول المثل "اللي على رأسه بطحة بيحسس عليها".

ثالثا: ظهور وتمدد المجموعات الإرهابية بما فيها القاعدة وداعش في اليمن حيث أتاح العدوان السعودي-الأمريكي على اليمن والقصف المستمر الى خلق البيئة والمناخ المناسب لهذه المجموعات ان تنتشر انتشار السرطان وتمد سيطرتها على مزيد من المناطق في اليمن. فقد أدى القصف السجادي المتواصل لطائرات التحالف للجيش اليمني واللجان الشعبية القوى الوحيدة كانت تحارب الارهاب على الأرض اليمنية الى إعطاء الفرصة الذهبية لتمدد الارهاب. وقد سيطر تنظيم القاعدة على اكبر المحافظات اليمنية حضرموت التي تشكل 36% من الأراضي اليمنية وسيطرت على مدينة المكلا العاصمة للمحافظة وبالتالي سيطرتها على جزء كبير من الساحل الشرقي لليمن الذي اصبح يستخدم لتهريب السلاح والمخدرات ودخول العناصر الإرهابية الوافدة من الخارج. بالإضافة الى هذه المحافظة فلقد سيطر تنظيم داعش والقاعدة على مناطق من ابين وشبوة والعديد من المناطق الغنية بالبترول والمؤسسات النفطية، والتي تشكل مصدر تمويل لهذه المجموعات الارهابية. وهذه المجموعات الإرهابية تعيش في عصرها الذهبي لان طائرات التحالف لم تقصف مناطقهم البتة. ليس هذا فحسب بل ان قوات التحالف وأنصار الرئيس الفار هادي وحزب الإصلاح وهو حزب الاخوان المسلمين تحالفوا معهم في العديد من المناطق لمحاربة الجيش اليمني واللجان الشعبية. وحتى عدن التي "حررت" بعمليات إنزال بري وقصف وصل الى 400 طلعة في خلال 24 ساعة، أصبح العديد من ضواحيها مسيطر عليه من قبل داعش والقاعدة الذي يستعرضون في شوارعها ويقومون بعمليات اغتيالات لشخصيات سياسية وقضائية وامنية دون تفرقة من هم مع السعودية او الامارات او الحراك الجنوبي. وهنالك توقعات انه بانسحاب القوة الإماراتية المتواجدة في اليمن والتي تشكل العصب الرئيس للقوات الغازية التي تقاتل على الأرض اليمنية فان عدن ستتحول الى مركز وبؤرة لتنظيم داعش. ولم يكن من المستغرب ان تقوم طائرات إماراتية وتركية وسعودية قبل فترة بنقل دفعة من مقاتلي داعش من سوريا للقتال في اليمن. وربما ستشكل عدن احدى المدن الرئيسية التي سيلجأ اليها مقاتلي داعش عندما تبدأ هجرة الارهاب من سوريا. ربما الامر لن يكون بهذه السهولة ولكن الذي يبدو ان ترك عدن لما فيها من هذه العناصر الإرهابية الى جانب رفض القوى الجنوبية ومن ضمنها الحراك الجنوبي عودة او بقاء الرئيس الفار هادي في عدن قد حدا بقوات "التحالف العربي" تكثيف المحاولات للاستيلاء على محافظة تعز لكي يتم نقل "الحكومة الشرعية" والرئيس المنتهية ولايته اليها على أمل ان يتحقق امل ابليس في الجنة للوصول الى صنعاء. قوات "التحالف لا تريد محاربة الارهاب الذي بدأ يسيطر ويتمدد في جنوب وشرق اليمن بالإضافة الى تواجد بعض البؤر له في وسط اليمن. السعودية تشعر أن بقاء قواتها وحربها على اليمن لم يعد مجديا ومع تواجد الارهاب في الجنوب فان قتالهم هذا إذا ما قررت ذلك ونحن نشكك في هذا، فان ذلك يعني الغوص اكثر فاكثر في المستنقع اليمني. ومن هنا فإنها أصبحت تريد مخرجا من هذا، وجنيف 2 قد يعطيها الفرصة لتحقيق ذلك.

رابعا: التطور النوعي على ساحة المعارك في اليمن الذي صاحب تبني الخيارات الاستراتيجية من قبل الجيش اليمني واللجان الشعبية للرد على العدوان الهمجي، بعدما أيقن الطرفين ان أطراف العدوان على اليمن وعلى راسها السعودية والامارات لا يوجد لديهم النية للاحتكام لصوت العقل والكف عن العدوان والاستجابة الى دعوات المبعوث الدولي لرأب الصدع وإيجاد مخرجا سياسيا للازمة، حيث باتت السعودية مصممة على الحل العسكري للازمة. هذا التطور النوعي تمثل ربما في نقطتين أساسيتين. أولهما هو توغل الجيش اليمني واللجان الشعبية في الداخل السعودي والسيطرة على العديد من القرى والبلدات الحدودية في البداية ومن ثم التقدم على محاور عديدة في جيزان ونجران وعسير وهذه جميعها أراضي يمنية تم ضمها في ثلاثينات القرن الماضي. وبينما اكتفى الجيش في البداية بالدخول ومن ثم الخروج من هذه المناطق الحدودية فقد أصبح مؤخرا يدخل الى العمق ويسيطر (او بالأحرى يستعيد جزء من الوطن المسلوب) على القرى والبلدات ويتمركز بها. وأصبح يهدد الرياض والقواعد العسكرية الجوية في الداخل السعودي الذي أصبحت في مرمى مخزون الصواريخ التي يمتلكها. وهذا بحد ذاته أرعب آل سعود وازدادت مخاوفهم من ان يحصل تمرد في الداخل لحجم الضحايا والخسائر الذي منيت به قواته العسكرية. وربما التخوف الأكبر ان يصل السلاح الى المناطق الشرقية المهمشة سياسيا واقتصاديا ويصبح القتال في الداخل بالإضافة الى المناطق الحدودية. ان تخسر في اليمن خير ألف مرة من ان تخسر في الداخل لان ذلك سيؤدي الى زوال العائلة المالكة وان بقيت فإنها ستصبح مسخرة الخليج بعدما ان كانت تتولى زعامته، هذا بالإضافة الى فقدانها المركز الإقليمي الذي ما زالت تحتله على الرغم من تآكله. ,ثاني نقطة في التطور النوعي يعود الى دخول أسلحة جديدة في المعركة استخدمها الجيش اليمني واللجان الشعبية وخاصة الصواريخ الباليستة المطورة والمحلية الصنع. فهذه الصواريخ اثبتت قدرتها على إيقاع خسائر فادحة للقوات الاماراتية والسعودية الغازية ومرتزقتهم. ولنا امثلة على ذلك ما وقع مؤخرا في معسكر شعب الجن بباب المندب الذي تم قصفه بصاروخ توشكا مما أدى الى مقتل 152 جنديا ومقاتلين مرتزقة بالك ووتر وجرح المئات بحسب المصادر اليمنية، الى جانب قصف قاعدة جوية سعودية في جيزان بصاروخ القاهر 1 المصنع محليا، وقد سمع صوت انفجارات في القاعدة نتيجة القصف ولا نملك معلومات بعد عن حجم الخسائر. دخول هذه الأسلحة الجديدة يعني ان الخسائر التي تمنى بها قوات التحالف نتيجة هذا التطور النوعي في الأسلحة المستخدمة ضد جحافل العدوان ستكون في ازدياد، عدا عن انها تدلل على تصميم الشعب اليمني على مقاومة الغزاة.

خامسا : من يشن حربا بهذه الشراسة والكثافة عليه ان يدفع التكلفة المادية لها التي قد تصل الى اكثر من مجرد عشرات من مليارات الدولارات. وإذا ما راينا نوعية الأسلحة المستخدمة من صواريخ موجهة وقنابل عنقودية ونيترونية وطلعات جوية يومية لطائرات ف-16 تصل أحيانا الى مئة طلعة يوميا اذا لم تكن اكثر من هذا، الى جانب البوارج الحربية لفرض الحصار البحري التي ضرب بعضها واصيبت بإصابات مباشرة ، بالإضافة الى ما يدفع للمرتزقة بما فيها الدول والافراد، فان التكلفة عالية جدا. وآل سعود "اهل المكارم" عندما تأتي لدفع الأموال لتدمير الدول الوطنية وجيوشها ولنا على الأقل الأمثلة الساطعة سوريا والعراق مثلا. اما اليمن فما دمره "التحالف العربي" الغير مقدس في اقل من تسعة أشهر يوازي ما دمر في سوريا خلال الخمسة سنوات الماضية. وهذه "المكارم الملكية" تأتي في ظل الانخفاض الحاد في أسعار البترول العالمية والتي لعب آل سعود دورا وعاملا أساسيا في هذا الانخفاض الغير طبيعي وذلك للنيل من مكانة روسيا وإيران اقتصاديا وسياسيا. ولكن كما يقول المثل "جاجة إن حفرت على رأسها عفرت" فتكلفة العدوان باهظة جدا ولم يحسب المعتدين ان الأمور ستطول الى هذه الدرجة وهذا ما حدا بالسعودية الى سحب أكثر من 70 مليار دولار من صناديقها السيادية واستثماراتها هذا بحسب التقديرات المحافظة وربما يكون الرقم أكثر من هذا. ولقد حذر البنك الدولي من الانخفاض في الاحتياطي لمملكة آل سعود. ولا شك ان كل هذه المصاريف الباهظة ستؤثر على المكانة السعودية على الساحة الإقليمية والدولية لأنها اعتمدت على شراء الذمم في سياساتها الخارجية. يكفي ان تتابع صفقات الأسلحة مع فرنسا على سبيل المثال والدور الذي طلب من فرنسا أن تلعبه في مباحثات الدول الست مع إيران حول برنامجها النووي الى جانب الدور في الازمة السورية، فهذه كانت مواقف مقابل الصفقات التي ابرمت. ومع النزيف المتواصل لخزينة آل سعود كان لا بد من التفكير بالخروج من المأزق حتى لا يستمر هذا النزيف الذي لا يبدو انه سيتوقف مع استمرار العدوان.

سادسا: المتغيرات التي عصفت بالمنطقة مع توقيع الاتفاقية بين الدول الست الكبرى وإيران حول برنامجها النووي بالإضافة الى دخول روسيا الى المنطقة بكل ثقلها والذي من الواضح انه ابعد من مجرد تقديم الدعم والمؤازرة الروسية للدولة السورية والجيش السوري في محاربة الارهاب، الى جانب الانتصارات التي يحققها الجيش السوري وحلفاءه على الأرض من دحر الارهاب بكافة اشكاله والوانه العاملة على الأرض السورية. لا بد لهذه المتغيرات الا ان تلقي ظلالها على ما يدور في المنطقة وتغير من المناخ والأوضاع السياسية في المنطقة. فآل سعود ربما أصبحوا يدركون أكثر من أي وقت مضى ان الدولة السورية باقية وان الرئيس الدكتور بشار الأسد باق على الرغم من النعيق الذي ما زلنا نسمعه من أكثر من سياسي سعودي وخاصة وزير الخارجية. وبقاء الدولة السورية وقيادتها السياسية وبقاء الرئيس الأسد على راس الهرم السياسي هو بمثابة فشل لكل ما عمدت واصرت عليه مملكة آل سعود مما يستدعي تغيير ف المشهد السياسي القادم على المنطقة. أضف الى ذلك الدور الإيراني الإقليمي المتصاعد وخاصة بعد التوقيع على الاتفاق حول برنامجها النووي. جميع هذه العوامل مجتمعة لا بد ان تستدعي إعادة الحسابات من قبل مملكة آل سعود وخاصة مع فشلها الذريع في اليمن لعدم تمكنها من تحقيق أي شيء من أهدافها السياسية التي أعلنتها منذ بداية عدوانها على اليمن.

لكل هذه الأسباب والمتغيرات التي ذكرناها هنا فان آل سعود أصبحوا في موقف لا يحسدون عليه ويضع الضغوطات الداخلية والخارجية عليهم لتغير سياساتهم قبل فوات الأوان، وربما على راس أولوياتها هي محاولة الخروج من المأزق والمستنقع اليمني الذي غرقت به بشكل من الاشكال.  وربما ما اشيع في بعض الصحف حول وجود خلافات حادة داخل العائلة المالكة حول الموقف من العدوان وما حمل ويحمل من تأثيرات عليهم، وصل الى دعوة بعض الامراء بالانقلاب على الملك وابنه وزير الدفاع وولي ولي العهد، كما اشارت الرسالة التي سربت الى بعض وسائل الاعلام مؤخرا. وربما هذا أيضا وضع الإدارة الامريكية في موقف وعلى الرغم من دعمها منذ اول يوم للعدوان على اليمن كما يستدل من الإعلان عن تواجد غرفة عمليات مشتركة أمريكية سعودية لإدارة المعركة في اليمن ثاني يوم بالضبط من بدء العدوان يوم 26 مارس الماضي وعن تقديم كافة الدعم اللوجيستي والاستخباراتي وتحديد الأهداف التي سيتم قصفها والسماح بشراء الأسلحة بكافة اشكالها من الشركات الامريكية حتى المحرمة دوليا، نقول وضع إدارة أوباما في تقديم "النصيحة"  لآل سعود ان الهامش الزمني لهم في اليمن قد انتهى. وكان قد البيت الأبيض قد اعلن عن خيبة امله في الأداء السعودي في اليمن "وقلق" الإدارة من حجم الكارثة الإنسانية وكثرة الإصابات بين المدنيين. فهل هذا يعني ان الإدارة الامريكية قد أعطت الضوء الأحمر للهامش الزمني الذي اتاحته للسعودية في اليمن؟ هذا ربما سيتضح في الأسابيع القليلة القادمة.

 

bahij.sakakini@gmail.com

الدكتور بهيج سكاكيني

 

 


 

 

 

تاريخ النشر

16.12.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

16.12.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org