<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني شرم الشيخ وزيف محاربة الإرهاب

 

 

شرم الشيخ وزيف محاربة الإرهاب

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

تضاربت الآراء والتحليلات حول أسباب تحطم الطائرة الروسية والتي كانت تقل سواح من روسيا وذلك بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ في مصر بعد فترة قليلة من إقلاعها. وتراوحت الأسباب من عطل فني في الطائرة مما أدى الى انفجارها في السماء، الى اصابتها بصاروخ أطلق من الأرض، الى انفجار قنبلة زرعت في الطائرة قبل إقلاعها من المطار. ولقد أعلن تنظيم داعش عن مسؤوليته عن الحادثة التي أودت بحياة جميع ركاب الطائرة وطاقمها الذي تجاوز عددهم 224 شخص.

وتبارت أجهزة الاستخبارات الغربية وخاصة الأميركية والبريطانية في السبب الذي أدى الى تحطم الطائرة في السماء، وحاولت استثمار الحدث المؤلم لأغراض سياسية رخيصة منها على سبيل المثال لا الحصر ان الطائرات الروسية ليست بالمستوى التقني المطلوب أو بالإهمال بصيانة طائراتهم مما يجعلها عرضة للحوادث، الى جانب ان هذا الحادث مرتبط بالدور والدخول الروسي العسكري على خط الازمة السورية. كما ان الأجهزة الأمنية والاستخبارات الغربية اتهمت الدولة المصرية بعدم اتباع إجراءات أمنية مشددة في مطار شرم الشيخ وبدأت تظهر بعض القصص في هذا المجال. وكل هذا قبل ان تبدأ التحقيقات في الحادث أو قبل الانتهاء من الإجراءات والتحقيقات للوقوف على الأسباب الحقيقية وراء الحادث والتي ما زالت جارية للان.

وتشير الطريقة التي عرضت فيها الأسباب وكأن هذه الأجهزة والدول لديها معلومات مسبقة بشكل او بآخر حول حدوث الحدث أو على الأقل بانها كانت تمتلك معلومات تشير الى نية تنظيم داعش بالإقدام على مثل هذه الخطوة. وإذا ما كان هذا صحيحا فانه يطرح التساؤلات لماذا لم تنبه هذه الأجهزة الأمنية واستخبارات هذه الدول التي تدعي بانها تحارب الإرهاب على الأقل نظريا الدولة المصرية أو روسيا وتزودهم ببعض ما عندها فقط؟ وهذا تساؤلا مشروعا لأن الحدث الإرهابي إذا  أثبت أنه كذلك كما بدأت تميل اكثر التخمينات كان موجها الى طائرة مدنية تحمل مدنيين، وبالتالي فان الواجب الإنساني والأخلاقي ان لم نريد اقحام السياسة يستدعي تكاتفا دوليا لدرء أية مخاطر من تكرار مثل هذا الحدث الإرهابي على نطاق أوسع.

علقت الكثير من الدول الغربية رحلاتها الى شرم الشيخ ووضعت القيود على الرحلات الى مصر كما قامت بعضها بإجلاء رعاياها مباشرة من شرم الشيخ كما حدث مع بريطانيا. وقامت روسيا بتعليق كل الرحلات الجوية الى مصر في الفترة الأخيرة وهذا يعني ببساطة ان القيادة الروسية وربما بناء على بعض المعطيات التي حصلت عليها للان انها تأخذ على محمل الجدية احتمال ان يكون تحطم الطائرة نابع من قنبلة زرعت في داخل الطائرة قبل إقلاعها من مطار شرم الشيخ.

وتأتي هذه الحادثة في الوقت الذي به مصر في أمس الحاجة الى نشاط في القطاع السياحي الذي يساهم ما يقرب من 11%  من الدخل القومي للبلد بالإضافة الى ان ما يقرب من 11.1% من القوى العاملة المصرية تشتغل في هذا القطاع الحيوي للاقتصاد المصري. ومما لا شك فيه أيضا ان الوضع الأمني الغير مستقر في مصر نتيجة الارهاب الذي تعاني منه منذ تحرك الجيش والاخذ بزمام السلطة والقضاء على حكم تنظيم الاخوان المسلمين بإزاحة الرئيس مرسي في يوليو 2103 على أثر تحرك المعارضة واتهامه بأخونة أجهزة الدولة المصرية.

وهذا سيتيح الفرصة امام العديد من الدول ممارسة الابتزاز السياسي للنظام في مصر، وهو ما يحدث فعليا من تحت الطاولة. الجميع يعلم ان هنالك دولا إقليمية وخاصة السعودية وتركيا ليس لديها مصلحة في عودة مصر على الساحة العربية والاقليمية ليعود دورها الريادي وثقلها في المنطقة وخاصة مع وجود ملفات ساخنة وعالقة من سوريا الى العراق الى اليمن الى ليبيا وهذا. هذا بالإضافة الى ان هنالك أطرافا دولية وعلى راسها الولايات المتحدة تسعى لعودة مصر ولكن من خلال المظلة الأميركية واستراتيجيتها. والسعودية تريد لمصر ان تكون في صفها بالنسبة للموقف من إيران واليمن وسوريا على وجه التحدي ولذلك فهي قد استثمرت المليارات في مصر والقيادة المصرية والجيش المصري لذلك. وخير دليل على ذلك هو المشاركة المصرية في الحرب العدوانية التي تشنها السعودية على اليمن. حيث ان مصر قد أرسلت طائرات وبوارج حربية للمشاركة في هذه الحرب الهمجية. قد لا تكون المواقف المصرية متطابقة مع الموقف السعودي بالنسبة لسوريا وهذا بالتأكيد نابع من استشعار القيادة المصرية بالخطر الداهم من الارهاب وتنظيم الاخوان المسلمين فيما لو تمكنوا من السيطرة على الدولة السورية. بمعنى ان القيادة المصرية تضع نصب أعينها الامن القومي المصري كأولوية عند مقاربة الاوضاع في سوريا وسبل الحل السياسي للازمة. هذا بالإضافة الى ادراكها ان الارهاب التي تعاني منه مصر هو نفس الارهاب المتواجد في سوريا وعلى انه امتداد ومكمل له ويحمل نفس الغرض والاهداف وهو تدمير الدول الوطنية والجيش.

وقد استخدم الحدث المأساوي من بعض وسائل الاعلام الغربية والحكومات للتحريض ضد روسيا بالقول بان هذه العملية جاءت ردا على التدخل الروسي في سوريا الذي جاء لدعم النظام السوري وبالتحديد لدعم الرئيس بشار الأسد. لم تركز وسائل الاعلام هذه بان الدخول الروسي جاء للقضاء على الارهاب واجتثاثه. واليوم صدر فيديو كما أوردت صحيفة الانديبندنت البريطانية من "الدائرة الإعلامية" لتنظيم داعش في حلب الذي يؤكد ان العملية قام بها تنظيم داعش فرع سيناء وبه اشادة بالعملية والعنوان الذي تصدر الفيديو هو "شفاء النفوس بقتل الروس".

 ولن نستغرب مطلقا فيما إذا تبين لاحقا أن مخابرات وأجهزة امنية إقليمية أو دولية لها يد في الحادث والتخطيط له كأسلوب قذر لمحاربة روسيا والضغط على الرئيس بوتين لسحب قواته الجوية من سوريا أو على الأقل عدم التعرض للإرهابيين المرتبطين بالمخابرات المركزية الامريكية والبنتاغون. وجميع المتابعين للملف السوري أصبحوا يعلمون علم اليقين ان هنالك دولا إقليمية لها علاقات وثيقة بالتنظيم الإرهابي وعلى راسهم تركيا. هذا التنظيم وغيره من المجموعات الإرهابية باتوا لا يعرفون طعم النوم او الراحة وعلى امتداد المساحة السورية وذلك بعد توسيع العمليات الميدانية الأرضية والجوية التي لا شك انها أعطيت دفعة قوية مع دخول روسيا على الخط، مما جاء ليفسد مخططات الأعداء للشعب السوري الذين كانوا يبرمجون لعمليات واسعة من الحدود الشمالية والجنوبية. ومن هنا لا نرى غرابة في ان يكون العمل الإرهابي الذي أقدم عليه تنظيم داعش هو عمل إرهابي استخباراتي شاركت فيه أجهزة امنية واستخباراتية لدول عديدة في محاولة لتحييد الدور الروسي في سوريا أو فرملة المساعدة التي تقدمها للدولة السورية.

ولا شك ان الأيام أو الأسابيع القليلة القادمة ستحمل في ثناياها العديد من التساؤلات حول ما حدث في شرم الشيخ وطبيعته ومن هي الجهة أو الجهات المتورطة في هذا العمل الإرهابي ففي نهاية الامر داعش ما هي الا أداة لتنفيذ ما يريده السيد والمشغل. ولكن من المؤكد أن مثل هذه الاعمال الإرهابية لن تثني روسيا على التراجع عن موقفها وعن دعمها للدولة السورية في محاربتها للإرهاب بل العكس هو الصحيح فان هذا لن يزيد روسيا الا عزما وإصرارا على اكمال المشوار في القضاء على الارهاب ولعل ما سنشهده في الفترة القادمة على الأراضي السورية سيثبت صحة هذا.

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

 

 

 

 

تاريخ النشر

12.11.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

12.11.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org