<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني الخبث الأردوغاني لن ينطلي على أحد

 

 

الخبث الأردوغاني لن ينطلي على أحد

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

السيد أردوغان لا يكل أو يمل فهو ما زال يحاول أن يدخل في اللعبة الجديدة المسماة "بمحاربة" داعش من قبل ما يسمى "التحالف الدولي"، الذي جمع في مؤتمر باريس للمحاربة المزعومة للتنظيم الإرهابي، صاحب قطع الرؤوس وأكل الاعضاء البشرية، والمقيم لأسواق النخاسة الأسبوعية ربما في العراق، والمدمر لأي صرح حضاري وثقافي وديني في المناطق التي تصل اليها جحافل المغول والتتار الجدد، الذي قام بتجميعهم من المنطقة أو الذين يرسلوا اليه من بقاع العالم من الدول المفترض انها في داخل الائتلاف المزعوم لمحاربته.

وآخر هذه المحاولات ما أعلنه مؤخرا من أن الأكراد في  مدينة عين العرب أو كوباني بالكردية وبالتحديد حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي السوري قد وافق على ادخال 1300 من عناصر الجيش الحر من تركيا الى المدينة للدفاع عنها ومساعدة الاكراد هناك ضد الهجمات المتكررة عليها من قبل تنظيم داعش. وكان أردوغان قد سمح بإدخال 200 مقاتل من البيشمركة العراقية التي تأتمر بأمرة مسعود البرازاني بأسلحتهم الى المدينة للدفاع عنها جنبا الى جنب مع الاكراد السوريون الذين يدافعون عن المدينة. وبعد هذا التصريح لاردوغان، قام رئيس الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري صالح مسلم بنفي أي اتفاق مع تركيا بها الشأن. ليس هذا وفقط بل قامت بعض المجموعات المنضوية تحت ما يسمى "الجيش الحر" بالتعبير عن رفضها بإرسال أي من مقاتليها الى المدينة لمقاتلة داعش.

لا شك ان اردوغان يريد ان يقحم الجيش الحر الذي ترعاه تركيا وقطر في "الدفاع" عن مدينة عين العرب بأي شكل وتحت أي ذريعة حتى يتسنى له ان يحقق بعض المكاسب الجيوسياسية وعودة تركيا الى الساحة من هذه البوابة، فيما إذا ما صمدت المدينة امام الهجمات البربرية، فعندها سيدعي أنه كان طرفا في صد داعش وبالتالي يريد نصيبه من الكعكة. ولا شك ان الاكراد وخاصة قيادة "الاتحاد الديمقراطي" الكردي السوري متنبهة جيدا للمطامع التركية بالأراضي السورية في تلك المنطقة. ولقد بات واضحا الان أنه عندما استدعي رئيس الحزب صالح مسلم من قبل السلطات السورية عند مطلع الاحداث الأخيرة لمناقشة الأوضاع في المدينة، ان الطرف التركي وضع أربعة شروط محددة لمساعدة أكراد سورية في عين العرب، وهي أن يتخلى اكراد سوريا على فكرة الحكم الذاتي او الإدارة الذاتية، والتعاون مع الجيش الحر والانضمام له في محاربة الجيش السوري، والقبول بإقامة منطقة عازلة في المنطقة وأخيرا التنسيق مع السيد مسعود البرازاني، الذي تربطه علاقات وثيقة باردوغان شخصيا. ولقد رفضت هذه الشروط جملة وتفصيلا بالإضافة الى ان قيادة الحزب اعتبرت ان دخول أي قوات تركية الى المنطقة يعتبر بمثابة عدوان يجب مجابهته.

أردوغان ما زال يراوغ في مواقفه وتعامله مع "التحالف الدولي"، أو بالأحرى مع من يدير هذا التحالف ويحدد مساره، الا وهي الولايات المتحدة. واردوغان لم يتراجع عن فكرة إقامة "المنطقة العازلة" ومنطقة "حظر جوي" ويتلاعب بالألفاظ حيث يقول الان انه يريد إقامة "منطقة آمنة"، حتى يعطي الانطباع ان القضية هي قضية إنسانية ليغلف طموحاته في إعادة رسم الخريطة الحدودية مع الدولة السورية. كما أنه لم يسقط فكرة اسقاط النظام السوري فهذه ما زالت على رأس أولوياته ومن ثم فان محاربة داعش، حتى ولو انها تشكل تهديدا امنيا للداخل التركي، فهو يعتبر ان هذا الخطر غير ملح الان، ربما نتيجة الصفقة التي أبرمها مع داعش التي أحيطت ملابساتها، وبنودها، وتفاهماتها، والتي أفضت الى إطلاق سراح المختطفين الاتراك في الموصل بالسرية التامة من قبل أردوغان ورئيس الوزراء داود اوغلو.

قبل أيام، وعندما قامت الطائرات الامريكية بإسقاط بعض الذخائر والأسلحة جوا الى الاكراد في عين العرب، والتي سقط بعضها في الأراضي التي تسيطر عليه داعش "بالخطا "، ازبد اردوغان وارعد كيف ان الولايات المتحدة تسلح حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي تعتبره تركيا امتدادا لحزب العمال الكردستاني في تركيا المصنف إرهابيا من قبل تركيا والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي. وبالتالي السؤال الذي يجب ان يوجه الى اردوغان اذا كان يعتبر أن الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري منظمة إرهابية فكيف يتفاوض معه على ارسال "الجيش الحر" للقتال معه ضد داعش؟ ولماذا أصلا ان حزب العدالة والتنمية الذي يترأس الحكومة التركية يتفاوض مع زعيم حزب العمل الكردستاني أوجلان منذ ما يقرب من أكثر من عام لإيجاد حل سياسي لمشكلة أكراد تركيا؟ والسؤال الاخر لماذا يقيم "الجيش الحر" في تركيا ولماذا تسمح تركيا لدخول عناصر مسلحة للداخل السوري، اليس هذا منافيا للأعراف الدولية ويشكل انتهاكا واضحا للمواثيق الدولية وتعدي على سيادة دولة عضوا في الأمم المتحدة؟ وإذا ما افترضنا نظريا أن السلطان العثماني اردوغان، أنه يريد فعلا مساعدة المدينة المحاصرة فلماذا يرفض دخول بعض أكراد اللذين هم من سكان مدينة العرب والذين اضطروا لترك مدينتهم في بداية الاحداث وما زالوا على الحدود داخل الاراضي التركية؟ اليس هم أولى بالدفاع عن أراضيهم وهم على استعداد أن يقوموا بذلك؟ ولماذا بدل السماح لهم بالدخول يطاردهم الجيش والشرطة التركية بقنابل الغاز المسيل للدموع ويقومون بالاعتداء عليهم؟ أما الاكراد في الداخل التركي فقد اعتدي عليهم بالرصاص الحي وقتل منهم ما يقرب من 30 شخص لأنهم تظاهروا نصرة لبني جلدتهم وللتعبير عن غضبهم للسياسة التي تتبعها الحكومة التركية والجيش التركي تجاه الاكراد. أما قضية ادخال 200 مقاتل من البيشمركة فأنها تدخل في حسابات بين اردوغان والسيد مسعود البرازاني السياسية لاجبار القيادة السياسية في عين العرب للتعامل مع جانب كردي حليف لتركيا ويطمئن له اردوغان.  القصة واضحة ولا تحتاج الى فذلكة متخصص بالعلوم السياسية لربط الأمور، فحتى الانسان البسيط مثلنا يستطيع أن يتفهم انتهازية السيد أردوغان واحلامه بالعودة الى السلطنة العثمانية بأي ثمن. تلك الاحلام التي تبخرت أمام عينيه بسقوط مشروع الإسلام السياسي سقوطا مدويا في مصر، كما تحطمت على الصخرة السورية الصامدة في وجه هجمة برابرة العصر وزبانيتهم بفعل التلاحم بين مكونات الثالوث المقدس الشعب والجيش والقيادة السياسية.

اردوغان يريد ان يعطي فلول للجيش الحر موضعا على الساحة السورية ضمن "الائتلاف الدولي" باعتباره جزء من القوات البرية التي تقاتل داعش والجيش السوري لحصد مكاسب لتركيا وقطر من وراء ذلك. ف "الجيش الحر" تربى وترعرع في بداية الاحداث على ايدي المخابرات التركية والقطرية التي اغدقت مئات الملايين من البترودولار عليه من تجنيد وتدريب وتسليح ومعاشات واغراءات مالية لمرتزقته، قبل أن تحصل الانقسامات الأميبية به وذهاب أكثرية عناصره للانضمام الى المجموعات الإرهابية كالنصرة وداعش التنظيمين التي قاتل معهما جنبا الى جنب، وشاركهم بارتكاب المجازر  الوحشية في اللاذقية ومعلولا وغيرها، وقبل ان تخلي قادته من العسكريين مراكز ومخازن الأسلحة على الحدود التركية بطريقة مشبوهة لتتسلمها المجموعات الإرهابية بكل بساطة. بعض هذه الفلول يصرحون مؤخرا بأنهم على اتصال "بالائتلاف الدولي" المزعوم لمحاربة داعش وعلى أنهم ينسقون معه وطلبوا تقديم الدعم العسكري لهم بتسليحهم. والحقيقة هي أن الولايات المتحدة والسعودية لا تعير لهذه الفلول اية أهمية وتريد ان تبني جيشا خاص بها على الأراضي السعودية والأمريكية، وخاصة بعد تجاربهم المريرة على الساحة السورية وفشلهم الذريع، علهم يفلحون ولن يفلحوا.

وقبل ان نختم لا بد أن نشير الى أن الولايات المتحدة على ما يبدو لا تريد أن ينتهي الامر بحسم الموقف في عين العرب، بل تريد اطالته، ولكنها لا تريد ان تسقط المدينة على الأقل في المرحلة الحالية، وقضية مد مقاتلي "الاتحاد الديمقراطي" الكردي السوري الى جانب أنها رسالة الى اردوغان، فإنها قد تكون اشارة الى أن هنالك من يفكر في دوائر القرار في واشنطن بإمكانية استخدام أكراد سوريا كجزء من قوات عاملة على الأرض السورية لمقاتلة تنظيم داعش لمنع تمدده في مساحات جغرافية غير مسموح بها، الى جانب مقاتلة الجيش العربي السوري. ولكن على ما هو واضح أن المباحثات ما زالت جارية بهذا الخصوص وراء الكواليس وأن القرار النهائي لم يؤخذ بعد. هذا من الممكن ان يفسر إطالة القتال في عين العرب وعدم الحسم لصالح طرف معين، بالإضافة الى تصريحات العسكرين الأمريكيين من أن الوضع حرج ومن الممكن أن تسقط المدينة . فمن الغريب أن تترك قوافل داعش المحملة بالعتاد العسكري بالذخائر، والأسلحة الثقيلة والمدافع أن تأتي من نينوى في العراق وتقطع مسافة ما يقرب من 400 كيلومتر وتصل الى منطقة عين العرب دون أن تتعرض لقصف من الطائرات الامريكية التي تراقب الى جانب الرادارات والاقمار الصناعية الأجواء فوق الاراضي العراقية والسورية 24 ساعة يوميا دون انقطاع، والتي تستطيع التقاط  حتى دعسات الأقدام في التراب. هنالك لعبة قذرة تقوم بها قاذورات هذا العالم وادواتهم من الخدم في المنطقة اليس كذلك؟

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

 

 

 

 

 

 

تاريخ النشر

08.11.2015

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

08.11.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org