%@ Language=JavaScript %>
النفط والغاز....والنفط الغاز ....ثم النفط والغاز!!!
الدكتور بهيج سكاكيني
لا يحتاج المرء الى كثير من البحث لإدراك أن امتلاك أو السيطرة على مصادر الطاقة الطبيعية المتمثلة بالنفط والغاز، الى جانب السيطرة أو التحكم بخطوط امدادها لإيصالها وبيعها للدول التي لا تمتلك هذه السلع الاستراتيجية، تشكل بمجملها عنصر قوة لمنظومة الدول المتحكمة بهذه السلع وتضعها في مصاف الدول الفاعلة والمؤثرة على الساحات الإقليمية والدولية.
والخبر الجديد (نيو ايستيرن أوت لوك 26 أكتوبر 2015) في هذا المجال والذي من المؤكد انه سيزيد الصراع ويعقد المشهد السياسي والعسكري في سوريا الحبيبة هو اكتشاف احدى الشركات الامريكية الصغيرة في ولاية نيو جيرسي المعروفة باسم Genie Energy آبار نفطية تقدر سماكة الطبقة الزيتية الحاوية على النفط الخام بها بحوالي 350 متر مقارنة مع معدل سمك يتراوح بين 20 الى 30 مترا في أغلب آبار البترول المعروفة عالميا والمتواجدة في البلدان التي تحتوي على هذا المخزون من السلعة الاستراتيجية (هآرتس 8 أكتوبر 2015 ). ولقد تم الاعلان عن اكتشاف هذه الطبقة الزيتية في القسم الجنوبي من هضبة الجولان المحتل منذ عام 1967 وذلك من قبل احد مسؤولي الشركة الامريكية التي أعطيت حق التنقيب والامتياز من قبل الكيان الصهيوني والتي بدأت بأعمال التنقيب عام 2013 .
ولا شك ان هذا الاكتشاف سيضاعف المكانة والاهمية الاستراتيجية لهذه الهضبة مما سيزيد من تمسك الكيان الصهيوني بالجولان المحتل والتي أعلنت إسرائيل ضمه في بداية الثمانيات (1981) ضاربة بعرض الحائط القوانين والأعراف الدولية وهي الخطوة التي ادانتها الأمم المتحدة في قرارات متعاقبة أهمها قرار مجلس الامن 497 عام 1981 الذي اعتبر قرار الضم لاغي وطالب إسرائيل بالتوقف عن " تغير الوقائع في الجولان فيما يخص التركيبة الديمغرافية والمؤسسات والوضع القانوي في الجولان السوري وان تكف خاصة عن بناء المستوطنات فيه". ولقد أكدت الجمعية العمومية على هذا القرار عام 2008 حيث صوت 161 لصالح القرار ولم تصوت ضده الا إسرائيل.
وهنالك أصوات ترتفع الان في داخل الكيان الصهيوني برفع الاستيطان في الجولان المحتل. فقد نادى رئيس حزب البيت اليهودي نفتالي بينيت الذي يشغل منصب وزير التعليم في حكومة العدو الصهيوني بزرع 100000 مستوطن يهودي في خلال الخمسة سنوات القادمة. كما ان هنالك بعض الأصوات تحاول ان تضغط على الإدارة الامريكية للاعتراف بضم الجولان لدولة الكيان الصهيوني " كإجراء مناسب لتهدئة المخاوف الإسرائيلية من الاتفاقية التي وقعت مع إيران بشأن برنامجها النووي". ولا يغيب عن المرء ان هذا بجانب انه وقاحة بكل المقاييس فان الكيان الغاصب قد استخدم وما زال السياسة العدوانية واحتلال أراضي الغير وضم بعضها وابتزاز العالم بأسره سياسيا واقتصاديا واخلاقيا تحت مظلة أمن إسرائيل في الوقت الذي يمارس فيه هذا الكيان وجيشه وقطعان مستوطنيه جرائم الحرب يوميا ضد الشعب الفلسطيني بالإضافة الى مشاركته الفعلية والميدانية في العدوان على الدولة السورية واليمن.
ويأتي هذا الاكتشاف ليزيد تصميم دولة العدو الصهيوني على دعم المجموعات الإرهابية في المنطقة الحدودية من الجولان المحتل وخاصة جبهة النصرة الإرهابية حيث تقوم إسرائيل بتقديم كافة الدعم العسكري واللوجيستي لهذه المجموعة بالإضافة الى تزويدهم بالمؤن وعلاج جرحاهم في مستشفياتها وهو الامر الذي تناقلته بالصوت والصورة العديد من وسائل الاعلام الغربية وحتى الإسرائيلية. ولم ننسى في هذا المجال الزيارات التي قام بها عناصر قيادية مما يسمى "بالائتلاف السوري المعارض" لدولة الكيان الصهيوني واستعداد بعضهم من التخلي عن الجولان المحتل مقابل تدخل إسرائيلي عسكري مباشر لإسقاط الدولة السورية.
ولا شك ان الكيان الصهيوني سيجد له حليفا قويا من داخل هذه الشركة الامريكية وخاصة عندما نعلم بأن مجلس ادارتها ومستشاريها يضم شخصيات مثل ديك تشيني مهندس الحرب على العراق ونائب الرئيس الأمريكي السابق بوش الابن، الى جانب جيمس وولسي وهو رئيس سابق للمخابرات المركزية الامريكية وهو من المحافظين الجدد الى جانب رجل الاعمال اللورد روثشيلد وهو شريك مايكل كودركوفيسكي رجل الاعمال الروسي وأكبر منتقدي الرئيس بوتين. والسيد كودركوفيسكي كان رئيس لشركة بترول روسية (1997-2004 ) وقد كدس ثروة قدرت 15 مليار دولار مستغلا برنامج الخصصة والفساد وحالة الفوضى الذي تلى انهيار الاتحاد السوفياتي، وأمضى مدة 10 سنوات في السجن بعد إدانته بتهم الفساد والتهرب من دفع الضرائب في موسكو قبل ان يخرج بعفو رئاسي من بوتين عام 2013. وقد أطق حركة "روسيا المنفتحة" Open Russia في شهر سبتمبر الماضي وهي حركة تريد أن تأخذ روسيا الى الغرب وترى بان إزاحة بوتين في روسيا شرط أساسيا لتحقيق ذلك، وان النموذج الذي يجب أن تسلكه روسيا هو النموذج الاوكراني (ديلي بيست 10 ابريل 2014). ويرتبط السيد كودركوفيسكي بمؤسسات أمريكية معروفة بقربها من مراكز القرار وتأثيرها على السياسة الخارجية الامريكية مثل مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي وفريدم هاوس وهي مؤسسة لعبت دورا كبيرا في التخطيط الى العديد من الثورات الملونة التي قادتها وزارة الخارجية الامريكية بالتنسيق مع أجهزة المخابرات الامريكية.
شكلت مصادر الطاقة والسيطرة على طرق امدادها وتوزيعها احدى الركائز الأساسية في الحرب والعدوان الإقليمي والكوني على سوريا وذلك لموقعها الاستراتيجي الذي تتمتع به لكونها تشكل جغرافيا موقعا متوسطا بين مصادر استخراج عناصر الطاقة من نفط وغاز وأسواق مستهلكة ومستوردة ومتعطشة لهذه السلع الاستراتيجية ونعني بهذا الدول الأوروبية. وقبل الاكتشاف الجديد في الجولان المحتل وقبل بدء الازمة في سوريا عام 2011 كانت التركيز على سوريا كممر لنقل الغاز الطبيعي الى شواطئ المتوسط خاصة بعد اكتشاف أكبر كميات من الغاز الطبيعي في العالم لغاية الان وذلك على طرفي مياه الخليج العربي بين إيران وقطر.
ففي عام 2009 اقترح امير قطر الاب على الرئيس الأسد اتفاقية يتم بموجبها تمديد خط انابيب غاز من البئر الذي تم اكتشافه في الخليج العربي على الجانب القطري والمجاور لبئر ساوث بارز الإيراني. وكان من المفترض ان يمر هذا الخط عبر الأراضي السعودية والاردنية والسورية ومن ثم الى تركيا وذلك لتزويد الأسواق الأوروبية. ولكن الرئيس الأسد رفض العرض القطري وذلك لأسباب استراتيجية قيل عندها ان ذلك كان لحماية مصالح الحليف الروسي الذي يعتبر المورد الرئيسي للغاز الطبيعي للدول الأوروبية. وفي عام 2010 دخلت سوريا في مباحثات مع إيران والعراق لدراسة مشروع امداد خط لأنابيب غاز بتكلفة 10 مليارات دولار يمتد من بئر بارز الجنوبي عبر الأراضي العراقية والسورية لينتهي على شواطئ المتوسط السورية لتصدير الغاز الى أوروبا. ولقد وقعت الثلاثة دول على مذكرة تفاهم في يوليو 2012 في اللحظة التي بدأت فيها الازمة السورية تمتد الى ضواحي دمشق وحلب. ولقد اثار هذا حفيظة كل من قطر وتركيا التي كانت تأمل في دعم وتأكيد وترسيخ مكانتها ومركزها في عالم الطاقة، وما قد يجره ذلك من استثمارات اجنبية في تركيا مما يدعم اقتصادها.
وكلنا الان يعلم مدى انخراط كل من قطر وتركيا ومنذ اللحظات الأولى في الازمة السورية التي تجلى في خلق المعارضة وتسليحها واحتضانها سياسيا وانشاء المسخ الأول "للمعارضة السورية" الذي سمي المجلس الوطني السوري في 2 تشرين الأول عام 2011 في إسطنبول.
وفي النهاية نود ان نقول إن الطاقة وأمن الطاقة لعب ويلعب دورا أساسيا في الصراع القائم في الإقليم والعالم* انه لا شك ان اكتشاف حقول للغاز الطبيعي وبهذه الكميات الكبيرة في الجولان المحتل سيضيف بعدا جيوسياسيا جديدا في الحرب العدوانية على سوريا، هذا وقد سبق وأن أعلن عن اكتشاف حقول نفطية وابار غاز صخري على الشواطئ السورية.
http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2014/05/01/328200.html*
http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2014/05/03/328453.html*
الدكتور بهيج سكاكيني
تاريخ النشر
29.10.2015
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا |
29.10.2015 |
---|
|
لا للتقسيم لا للأقاليم |
لا للأحتلال لا لأقتصاد السوق لا لتقسيم العراق |
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين
|
|
---|---|---|---|---|
|
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |